العقوبات الغربية على روسيا تضيق الخناق على النفط الإيراني
الوقائع الاخبارية : لم تكن إيران بمنأى عن تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا -التي أدخلت سوق الطاقة العالمية في فوضى- إلا أن تواصل فرض العقوبات الغربية على موسكو، وخشية الأخيرة من أن تطال العقوبات قطاعها النفطي، دفعها إلى التوجه نحو أسواق شرق آسيا، الوجهة الرئيسية للنفط الإيراني.
وبعد أن بلغت صادرات النفط الإيراني إلى الصين مستويات قياسية حتى بداية عام 2022، تراجعت في أبريل/نيسان الماضي -وفق التقارير العالمية- ما أثار خشية بعض الأوساط الإيرانية من أن يضيق التوجه الروسي نحو الشرق على صادرات بلادهم إلى هذه الدول.
تقارير عالمية
وأظهرت التقييمات الأولية لفورتكسا أناليتكس، أن الصين استوردت قرابة 650 ألف برميل يوميا من الخام الإيراني في أبريل/نيسان الماضي، أي أقل بقلیل من حوالي 700 ألف برميل يوميا في مارس/آذار الماضي، وفق ما نشرته وكالة رويترز.
وقدرت شركة كبلر لتحليل البيانات، مبدئيا صادرات إيران في أبريل/نيسان عند 575 ألف برميل يوميا، انخفاضا من 840 ألف برميل يوميا في المتوسط بالربع الأول من 2022، لكنها تتوقع تعديل كميات أبريل/نيسان في الأسابيع المقبلة.
ووفقا لوكالة رويترز فإن واردات الصين المنقولة بحرا من روسيا قفزت 16% في أبريل/نيسان الماضي مقارنة بمارس/آذار إلى حوالي 860 ألف برميل يوميا، أعلى مستوى منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي.
خسارة الزبائن
من جانبه، أكد رئيس نقابة مصدري النفط والغاز والبتروكيمياويات حميد حسيني، أن التقارير العالمية تؤيد ما نشر عن تراجع صادرات النفط الإيراني إلى الصين، ولم يستبعد أن تستولي روسيا في الفترة القصيرة المقبلة على حصة إيران من صادرات النفط إلى الصين.
وشدد -في حديثه للجزيرة نت- على أن الحرب الروسية على أوكرانيا أدخلت سوق النفط والبنزين والغازولين والغاز المسال في حالة فوضى، موضحا أن بلاده خسرت بعض زبائنها في ميناء جبل علي الإماراتي، لأن الروس يعرضون بيع مادة "بيس أويل" (Base Oil) بـ800 دولار، في حين كانت إيران قد اتفقت مع أحد الزبائن على بيعها بسعر 1130 دولارا.
واعتبر حسيني دول جنوب شرق آسيا سوقا محتملة للطاقة الروسية وقد تخسرها طهران مستقبلا، كاشفا عن أن بعض زبائن إيران أضحى يشترط أسعارا أرخص لشراء الغاز الإيراني المسال عقب الأزمة الأوكرانية.
وأوضح أن أسعار الطاقة في بعض الدول الجوار أصبحت تتأثر بالأسعار الروسية، مؤكدا أن أفغانستان أعلنت مؤخرا أنها لن تستمر بشراء الغاز المسال من إيران، إلا إذا كان سعره بحدود 450 دولارا، في حين كانت طهران تبيعه بسعر 600 إلى 700 دولار إلى باكستان وأفغانستان.
السوق الأوروبية
وفيما يبدو بدأ النفط الإيراني يواجه صعوبات في العثور على مشترين، تحدث نائب وزير النفط الإيراني مجيد تشغني عن عزم بلاده دراسة إمكانية تصدير إنتاجها من الغاز الطبيعي إلى أوروبا، مستدركا أن "المساعي لم تتوصل إلى نتيجة بعد".
ونقلت وكالة أنباء وزارة النفط الإيرانية (شانا) عن تشغني قوله إن طهران وبغداد وقّعتا مذكرة تفاهم قبل أسابيع لزيادة صادرات الغاز من الجمهورية الإسلامية إلى العراق.
وفي السياق، حث الباحث في الاقتصاد السياسي بيمان يزداني، بلاده على تعزيز علاقاتها التجارية مع الدول الجوار ومدها بالطاقة على غرار العراق وتركيا، تزامنا مع العمل على إحياء الاتفاق النووي ورفع العقوبات الأميركية.
وتوقع يزداني -في حديثه للجزيرة نت- بفتح العديد من الأسواق العالمية – ولا سيما الأوروبية- أبوابها أمام الطاقة الإيرانية في حال حلحلة القضايا الشائكة في الملف النووي الإيراني، واصفا مستقبل صادرات الطاقة الإيرانية بأنها واعدة، علی حد قوله.
تخفيضات وحلول
واستدرك الباحث الإيراني بأن بلاده تفتقر إلى البنى التحتية اللازمة لبيع طاقتها إلى الدول الأوروبية، مؤكدا أن طهران ستعمل سريعا على إيجاد حلول لرفع صادراتها من البترول والغاز والبنزين وسائر المشتقات النفطية، فور إحياء الاتفاق النووي.
ووصف يزداني، سوق الطاقة بأنها تنافسية، وأنه يحق لروسيا أو أي دولة أخرى أن تخصص تخفيضات لزبائنها، مؤكدا أنه لا يخشى على الطاقة الإيرانية أن تنافسها نظيرتها الروسية في أسواق شرق آسيا لأن طهران سبق وابتكرت حلولا لبيع طاقتها وضمان وصولها إلى زبائنها، وهذا ما جربته بنجاح مع كل من لبنان وفنزويلا.
وأشار إلى زيارة نائب رئيس الوزراء الكوبي ريكاردو كابريساس، المتواصلة إلی طهران، مضيفا أن الأخيرة وهافانا وقعتا على خارطة طريق لمقايضة السلع بين البلدين، مشددا على أن مقايضة النفط بالسلع التي تحتاجها إيران تشكل حلا لرفع صادراتها من الطاقة إلى الدول الأخرى.
وكان النائب الاقتصادي لوزير الخارجية الإيراني مهدي صفري أكد أن إيران وكوبا اتفقتا على مقايضة النفط مع الحبوب بشكل منهجي، مؤكدا أهمية السوق الكوبية لتصدير المنتجات الإيرانية.