الحكومة تعتبرهم جزءا من الأزمة الاقتصادية.. 70% من موظفي مصر زيادة على الحاجة
الوقائع الاخبارية : لا يخلو حديث حكومي عن توصيف أسباب المشكلة الاقتصادية في مصر طوال العقد الماضي من سببين رئيسيين، وهما الزيادة السكانية السنوية، وتضخم الجهاز الإداري للدولة بالموظفين، باعتبارهما السبب الرئيس في التهام موارد الدولة من جهة وتلاشي أثر التنمية الاقتصادية من جهة أخرى.
وكرر رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إلقاء اللوم على العدد الكبير من الموظفين في القطاع الحكومي والقطاع العام، والذي يتراوح عددهم ما بين 5 إلى 6 ملايين موظف، في زيادة الأعباء على الدولة، مؤكدا أن 70% من العدد الحالي هو زائد على الحاجة.
وقال مدبولي، خلال مؤتمر صحفي للإعلان عن رؤية الدولة للتعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية، مساء الأحد، إن "التحديات البيروقراطية جزء من التحديات التي تواجهها الدولة، في إطار هيكل إداري ضخم ومتضخم على مدار 50 و60 عاما".
وأضاف "نعي تماما أن قوام الهيكل واحتياج الدولة كمعيار كفاءة وإدارة، أننا لا نحتاج أكثر من 30% من الهيكل الإداري الموجود"، مشيرا إلى وضع الحكومة خطة واضحة لرفع كفاءة العاملين، وتعزيز الميكنة والتحول الرقمي.
وتابع "كلما استطعت تقليل الاحتكاك المباشر ما بين المواطن والموظف، يؤدي الأمر إلى تيسير الإجراءات وتقليل احتمالات شبهة الفساد".
ومن المتوقع أن يصل عدد سكان مصر في 2030 إلى 120 مليون نسمة، وهو عدد سكان 15 دولة أوروبية، بحسب مدبولي الذي يعتبره تحديا أمام تحقيق التنمية الاقتصادية للدول.
لا تسريح
في يوليو/تموز الماضي نفى المركز الإعلامي لمجلس الوزراء ما تردد من أنباء بشأن اعتزام الدولة تسريح 6 ملايين موظف بالجهاز الإداري للدولة لتخفيف العبء عن الموازنة العامة للدولة.
وأكد المركز أن العمل جار على وضع خريطة للطاقات البشرية الموجودة بالجهاز الإداري، من أجل تحقيق الاستخدام الأكفأ لتلك الطاقات والعمل على تطوير ورفع كفاءتهم، دون المساس بأي حق من حقوقهم أو تسريح أي منهم، بما ينعكس إيجابا على تحسين جودة الخدمات العامة المُقدمة للمواطنين.
ووفقا للموازنة الجديدة لعام 2022/ 2023، فقد تم تخصيص 400 مليار جنيه لباب الأجور بمشروع الموازنة الجديدة (نحو 19.9% من حجم المصروفات بالموازنة) بزيادة تقترب من 43 مليار جنيه عن التقديرات المحدثة لموازنة العام المالي الجاري لتمويل حزمة تحسين دخول 4.5 ملايين موظف من العاملين بالدولة، بحسب تصريحات وزير المالية، (الدولار يساوي 18.3 جنيها).
تقليص عدد الموظفين
وكان قانون تنظيم عدد الموظفين من أوائل القوانين التي حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي على إصدارها منذ توليه السلطة، ومنذ إقرار قانون الخدمة المدنية ولائحته التنفيذية عام 2014، والتعديلات التي صدرت بعد ذلك في عام 2016، لم تعلن أي وزارة بالجهاز الإداري للدولة عن وظائف إلا وفق القواعد التي نص عليها القانون.
ووفقا لإستراتيجية التنمية المستدامة (رؤية مصر 2030)، فإن الحكومة تستهدف خفض عدد الموظفين إلى 3.8 ملايين موظف عام 2030.
وفيما يتعلق بعدد العاملين في القطاع العام (غير القطاع الحكومي) فقد انخفض عددهم بنسبة 9% على أساس سنوي إلى 695.3 ألف عامل عام 2021، بحسب النشرة السنوية لإحصاء العاملين بالقطاع العام التي أصدرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مارس/آذار الماضي.
وتراجع عدد العاملين بالقطاع الحكومي وقطاع الأعمال العام في مصر بصورة مستمرة على مدار الأعوام الخمسة الماضية، وهبط بأكثر من 15% منذ عام 2017، في ضوء برنامجها للإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي.
واعتمدت الحكومة آلية المعاش المبكر لخفض عدد الموظفين الحكوميين، وحظر التعيينات نهائيا على أبواب الموازنة المختلفة، والحد من الإعلان عن الوظائف في الحكومة، وأدت هذه الإجراءات إلى الاستغناء عن أكثر من مليوني موظف خلال الأعوام المالية الأربعة السابقة.
واعتبر نواب بالبرلمان المصري خلال اجتماع لجنة الخطة والموازنة، الاثنين، أن أكبر مشكلة تواجه مصر حاليا هي الإصلاح الإداري، وهيكلة ووضع معايير للتقييم والأداء، بحسب النائب عبد المنعم إمام أمين سر لجنة الخطة والموازنة.
وتساءل النائب إمام عن كيفية إعادة صياغة وهيكلة الجانب الإداري ليتواكب مع موازنة البرامج والأداء، وإذا ما كان يوجد تنسيق مع جهاز التنظيم والإدارة لوضع مخطط للتقييم.
الحكومة تناقض نفسها
من جهته، وصف المحلل السياسي والاقتصادي محمد السيد رمضان، تصريحات رئيس الحكومة بأنها ليست بالجديدة ومحاولة لإيجاد شماعة بديلة لفشل النظام المتواصل منذ 8 سنوات في تحسين مستوى المعيشة، مؤكدا أن هناك خطة لتقليص عدد الموظفين بالفعل وليس هذا بالأمر الجديد.
وقال رمضان، في تصريحات للجزيرة نت، إنه لطالما كرر المسؤولون أن الزيادة السكانية وتضخم عدد الموظفين هما السبب في كل مشاكل الاقتصاد بمصر، وكان من باب أولى أن تُستغل الثروة البشرية ويطور أداء وكفاءة الموظفين، مشيرا إلى أن قطاعات عديدة تعاني من عجز كبير مثل التعليم والصحة وغيرهما.