ماذا تعرف عن العملات الرقمية المستقرة؟ وهل تهدد عملة "تيثر" صناعة التشفير؟

الوقائع الاخبارية : تعرضت صناعة العملات الرقمية التي تبلغ قيمتها 1.3 تريليون دولار الأسبوع الماضي لأحد أصعب تحدياتها عندما فشلت عملة "تيثر" (Tether) المستقرة -وهي رقم مهم في السوق- في الحفاظ على ارتباطها بالدولار الأميركي.

وأوضحت صحيفة "فايننشال تايمز" (Financial Times) البريطانية أن "تيثر" انخفضت إلى 95.11 سنتا في التعاملات الأوروبية، وهو أقل بكثير من سعر الدولار الواحد الذي تسعى للحفاظ عليه.

وتعافى سعرها لاحقا، لكن الانزلاق النادر بعد أيام من فشل المنافس الأصغر "تيرا يو إس دي" (TerraUSD) أدى إلى هبوط عملة البيتكوين -أكبر الأصول الرقمية في العالم- إلى أدنى مستوى لها منذ أواخر عام 2020.

وقالت مجموعة التصنيف "فيتش" إن المشاكل في "تيثر" و"تيرا يو إس دي" تسلط الضوء على الطبيعة الهشة للعملات المستقرة الخاصة، وستسرع الدعوات إلى التنظيم.

وفي شهادتها أمام الكونغرس، قالت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين إن انهيار" تيرا يو إس دي" أظهر مخاطر العملات المستقرة، التي أصبحت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن والمنظمون الأميركيون قلقين بشأنها على نحو متزايد.

وقالت يلين للمشرعين "لن أصفها على هذا النطاق بأنها تهديد حقيقي للاستقرار المالي، لكنها تنمو بسرعة كبيرة وهي تمثل النوع نفسه من المخاطر التي عرفناها منذ قرون فيما يتعلق بعمليات إدارة البنوك".

تهديد استقرار العملات الرقمية
تلعب العملات المستقرة، التي من المفترض أن تتعقب عملات العالم الحقيقي، دورا مركزيا في استقرار سوق العملات المشفرة الأوسع من خلال تزويد المتداولين بمكان آمن لإيقاف أموالهم بين إجراء الرهانات على العملات الرقمية المتقلبة.

وتلعب تيثر، أكبر مشغل في مساحة العملات المستقرة هذه وتبلغ 180 مليار دولار، دورا مهما في تسهيل التداول عبر سوق العملات المشفرة وتوفر أيضا رابطا مع النظام المالي السائد.

قالت مجموعة التصنيف "فيتش" إن المشاكل في "تيثر" و"تيرا يو إس دي" تسلط الضوء على الطبيعة الهشة للعملات المستقرة الخاصة، وستسرع الدعوات إلى التنظيم.

وتهدف تيثر إلى الحفاظ على ارتباطها بالدولار من خلال الاحتفاظ بمخزون من احتياطيات الأصول التقليدية، وهناك 80 مليار رمز تيثر متداول، وذلك يعني أنه يجب أن يحتوي مخزون العملة على أصول بقيمة 80 مليار دولار، وهو مبلغ يقارن بأكبر صناديق التحوط في العالم، لكن التفاصيل حول كيفية إدارة هذه الاحتياطيات شحيحة، ولا تخضع لعمليات التدقيق بموجب معايير المحاسبة المعترف بها دوليا.

وتعهد باولو أردوينو كبير مسؤولي التكنولوجيا في شركة تيثر بالدفاع عن ربط العملة الرمزية بالدولار، وقال إن الشركة اشترت "طنا" من ديون الحكومة الأميركية، التي ترغب في التخلص منها في هذا الجهد، لكن في مقابلة مع صحيفة "فايننشال تايمز" رفض إعطاء تفاصيل عن مخزون السندات الحكومية الأميركية البالغ 40 مليار دولار لأنه لم يرغب في الكشف عن "صلصتنا السرية".

وفي العام الماضي فرضت لجنة تداول السلع الآجلة في الولايات المتحدة غرامة قدرها 41 مليون دولار على شركة تيثر، بدعوى أن الشركة أدلت بتصريحات "غير صحيحة أو مضللة" بشأن احتياطياتها.

وقال أردوينو أيضا إن مُصدّر العملة المستقرة يعمل على الحصول على تدقيق، لكنه قال إن شركات المحاسبة الكبرى "خائفة جدا من مخاطر السمعة في لمس العملة المشفرة في هذه اللحظة".

وأضاف أردوينو أن التيثر حصلت على ملياري دولار من طلبات الاسترداد في اليوم السابق لانهيارها وهو رقم مرتفع بشكل غير عادي.

وقال إن المجموعة تحولت في المدة الأخيرة من حيازات الأوراق التجارية (نوع من ديون الشركات القصيرة الأجل التي تباع عادة من قبل الشركات ذات التصنيف العالي) إلى سندات الخزانة، وأضاف أن أذون الخزانة تمثل الآن نحو نصف احتياطيات المجموعة البالغة 80 مليار دولار.

العملات الرقمية المستقرة
تعدّ العملات الرقمية المستقرة جزءا أساسيا من عالم العملات الرقمية، وتتميز نظريا بقدرتها على حماية المتداولين والمستثمرين من تقلبات السوق وتكون لها قيمة مرتبطة بالدولار الأميركي أو بأي عملة ورقية أخرى، وذلك يساعد في تقليل التقلبات وتحويلها إلى أموال رقمية قابلة للتحويل بسهولة من بورصة إلى أخرى.

وتختلف العملات المستقرة عن العملات المشفرة الأخرى مثل بيتكوين بأنها مستقرة القيمة أما الثانية فشديدة التقلب، كما أنها تمثل جسرا بين العملات الورقية الحقيقية والعملات المشفرة.

وحسب تقرير لموقع "مودرن دبلوماسي" (Modern Diplomacy)، فإن هناك نوعين أساسيين من العملات المستقرة هما العملات المستقرة المركزية واللامركزية.

العملات الرقمية المستقرة المركزية
عادة ما يكون هذا النوع من العملات الرقمية المستقرة مرتبط بعملات ورقية مضمونة خارج السلسلة وتكون مرتبطة بطرف ثالث كبنك مثلا، ومن أفضل الأمثلة على العملات المستقرة المركزية نجد "التيثر" (USDT) و"كوين بيس" (USDC)، فضلا عن بعض الإضافات الجديدة إلى سوق العملات مثل "تي يو إس دي" (TUSD) و"باكس" (PAX) و"بي يو إس دي" (BUSD) و"جي يو إس دي" (GUSD).

هذه العملات مركزية لأنها أطلقت أو يتحكم فيها من قبل منظمة مركزية يمكن أن تكون إما شركة أو بنكا أو حتى حكومة.

وهذا النوع من العملات الرقمية هو في الأساس عبارة عن سندات دين رمزية يتم نشرها وتداولها على نظام "البلوك تشين" مثل "الإيثيريوم"، وتعمل على تحقيق التوازن بين العرض والطلب من خلال آليات السك والاسترداد.

وفي إطار هذا النموذج يمكن للمستخدمين سك العملات المستقرة عن طريق إيداع العملات التقليدية المعادلة لأمين الحفظ أو استرداد أو حرق النسخ الرمزية للحصول على العملات الورقية مرة أخرى.

ومن أعلى 3 عملات مستقرة مركزية نجد عملة "الثيتر" (USDT) و"ترو يو إس دي" (TrueUSD) التي أطلقت عام 2018 و"دولار الجيميني" (Gemini Dollar GUSD).

العملات الرقمية المستقرة اللامركزية
تعدّ العملات الرقمية المستقرة اللامركزية عملات شفافة بالكامل ولا أحد يستطيع التحكم فيها (عملات رقمية من دون مشغل أو متحكم مركزي خلافا للعملات المستقر المركزية) كما يكون دعم الضمانات فيها مرئيا للجميع لأن الأموال موجودة على نظام بلوك تشين متحقق منه علنا.

ويمكن تقسيم العملات الرقمية المستقرة اللامركزية إلى جزأين: عملات مشفرة مضمونة وأخرى خوارزمية.

ومن أعلى 3 عملات رقمية مستقرة غير مركزية نجد عملة "رمز داي" (DAI Token) التي أُنشئت ودُعم استقرارها من خلال استخدام عملة مستندة إلى "الإيثيريوم" المودع في خزائن "مايكر داو" (MakerDAO)، ثم عملة "إي أو إس دي تي" (EOSDT) وهي عملة مشفرة معروفة تعمل على منصة "إي أو إس" (EOS)، وعملة "ديفي دولار" (DUSD) التي تمنح المستثمرين فرصة لجمع عملات مستقرة مختلفة في رمزها الوحيد وتحمي المستخدمين من أي مخاطر محتملة.