لضمان أمنها الغذائي.. إيران تُفعِّل ملف الزراعة بالخارج
الوقائع الاخبارية : في ظل التوقعات باندلاع أزمة غذاء عالمية بسبب تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، دفع شبح نقص إمدادات القمح الحكومة الإيرانية إلى التفكير في حلول لضمان أمنها الغذائي المهدد أصلا منذ أعوام بفعل شح المياه.
وبعد أن احتفلت طهران مرارا بتحقيقها الاكتفاء الذاتي في إنتاج القمح، اضطرت إلى استيراده بكميات كبيرة عامي 2014 و2020، وفق المتحدث باسم مصلحة الجمارك روح الله لطيفي، الذي أكد أن بلاده استوردت أكثر من 7 ملايين طن من القمح خلال العام الإيراني الماضي (انتهى 20 مارس/آذار الماضي).
وكشف لطيفي -للجزيرة نت- أن إيران تصنف 25 سلعة ضمن السلع الأساسية منها القمح والشعير والأرز والذرة والسكر والبذور الزيتية والشاي، مستدركا أن بلاده تعتبر مصدرة ومستوردة في آن واحد لبعض هذه السلع حسب الجودة ومواسم الاستهلاك والإنتاج.
وإلى جانب التخطيط لرفع الإنتاج الوطني من القمح والحبوب الإستراتيجية، ترى طهران في التكامل الزراعي مع الدول الغنية بالموارد المائية مخرجا من أزمة اتساع الفجوة الغذائية.
وفي سياق تشكيلها تحالفات زراعية خارج حدودها، سارعت إيران خطواتها لتطبيق الخطط الإستراتيجية لتفادي أزمة الغذاء، واستضافت نهاية الأسبوع الماضي وفدا روسيا حاملا في جعبته مقترحا بشأن زراعة الجانب الإيراني على 100 ألف هكتار من أراضي جمهورية باشكورستان الروسية.
الزراعة بالخارج
وقد أعلن سيرغي غريكوف رئيس الوفد التجاري الروسي، من مقر غرفة طهران للتجارة والصناعة، استعداد بلاده لتقديم الإمكانيات اللازمة للشركات الإيرانية من أجل الزراعة على الأراضي الروسية، مشيرا إلى أنها متوفرة للجانب الإيراني للاستثمار في إنتاج اللحوم وزيت دوار الشمس.
في المقابل، رحب الجانب الإيراني -على لسان مساعد الشؤون الدولية في غرفة طهران للتجارة حسام الدين حلاج- بالمقترحات الروسية وطالب برفع مستوى التعاون التجاري بين الجانبين، مستدركا أن قيمة الصادرات الإيرانية إلى روسيا لم تتجاوز مليار دولار في حين تبلغ الواردات الإيرانية من هذا البلد 3 مليارات.
تخطيط مسبق
وأشار المسؤول الإيراني، في تصريحات صحافية، إلى التحديات التي تواجه قطاع الزراعة الإيرانية بأفغانستان لا سيما في المبادلات المالية، وعبر عن أمله بتجاوز هذه العقبات في التعامل مع روسيا نظرا للتعاون المصرفي بين البلدين، مشددا على أن طهران مستمرة في مشروع زراعة الذرة على الأراضي الروسية ومن المقرر أن تستورد أولى شحنات محاصيلها بعد 4 أشهر.
وكشف عن اتفاق إيراني روسي منذ شهرين بشأن الزراعة على الأراضي الروسية، مؤكدا أن الحكومة وضعت الزراعة العابرة للحدود على جدول أعمالها. في السياق، كشف رئيس مجلس أمناء الجمعية الإيرانية للزراعة العابرة للحدود علي رضواني زاده عن اتخاذ وزارة الجهاد الزراعي خطوات عملية خلال فترة 2016 حتى 2020 في كل من كازاخستان وأوكرانيا وغانا وأذربيجان ودول أخرى.
ووصف رضواني زاده الزراعة بالخارج بأنها أحد طرق تحقق الاقتصاد المقاوم، وانتقد تأخر بلاده في تنفيذ مشاريعها الزراعية خارج الحدود رغم سنها القوانين اللازمة بالمجلس الوزاري في وقت سابق.
وكشف عن اختلاف في وجهات النظر لدى القطاعين الحكومي والخاص بشأن الزراعة في الخارج، موضحا أن وزارة الاقتصاد تفضل الاستثمار في القارة الخضراء في حين القطاع الخاص يرغب بالزراعة في روسيا وكازاخستان وفنزويلا وبعض الدول الأفريقية، لأسباب منها القرب الجغرافي وتقليل النفقات، مما أدى إلى التأخير في تنفيذ مشاريع الزراعة في الخارج.
استثمارات زراعية
ومن أجل التغلب على شبح نقص إمدادات المواد الغذائية، يكشف الخبير الاقتصادي الإيراني محسن ميرزائي عن توجه الحكومة لمعالجة أزمة الغذاء في الداخل والخارج، موضحا أن وزارة الجهاد الزراعي بدأت التعاقد بالفعل مع عدد من المزارعين المحليين لزراعة الحبوب الإستراتيجية لا سيما القمح، وضمنت شراء المحاصيل بأسعار مرتفعة نسبيا.
وانتقد -في حديثه للجزيرة نت- تأخر بلاده في تنفيذ مشاريع تحلية مياه البحار لزراعة المساحات الشاسعة من أراضي جنوب ووسط البلاد، وعبر عن أمله في أن تدفع أزمة الغذاء العالمية الحكومة لمعالجة ظاهرة شح المياه عبر تنفيذ مشاريع تحلية مياه البحر.
ووصف ميرزائي الزراعة العابرة للحدود بأنها محفوفة بالتحديات منها تفشي الأمراض والحروب والعقوبات، مستدركا أن بلاده ترى نفسها مضطرة لمواصلة مشاريع الزراعة في الخارج لضمان أمنها الغذائي ورفد اقتصادها المحاصر بتصدير الفائض منه.
وأضاف أن مشاريع الزراعة بالخارج لا تقتصر على زراعة الحبوب الإستراتيجية وإنما هناك مشاريع أخرى لتربية المواشي وإنتاج اللحوم، مؤكدا أن الزراعة بالخارج سبق وأثبتت فاعليتها في إمداد البلاد بالمواد الغذائية التي يحتاجها المواطن رغم الإخفاقات التي واجهتها في بعض الدول الأفريقية لا سيما إبان تفشي مرض إيبولا.
وشدد ميرزائي على ضرورة عرض ملف الزراعة بالخارج على البرلمان لأن سن القوانين في المجلس الوزاري لا يوفر الدعم الكامل لتنفيذه، موضحا أن الحكومة وبسبب عدم تخصيص ميزانية كافية لم تقدم دعما -خلال الفترة الماضية- سوى لزراعة الذرة والصويا والشعير والبذور الزيتية.