توقف الشركات ورفع الدعم عن الوقود.. الأوكرانيون يواجهون شبح الفقر والبطالة
الوقائع الاخبارية : على حافة الفقر، تقف نسبة قد تتجاوز 90% من الأوكرانيين، وفق تحذيرات وجهتها منظمة الأمم المتحدة، سببها استمرار الحرب وتداعياتها على اقتصاد البلاد.
وقبل المنظمة، جاءت تحذيرات مماثلة وجهتها عدة جهات وشخصيات، لكنها لم تلق -آنذاك- صدى يذكر في المجتمع، قبل أن تتخذ السلطات قرارات مفصلية، حملت مؤشرات فعلية على خطورة الأوضاع.
آخر تلك القرارات وأهمها كانت تحرير أسعار الصرف، التي هوت بسببها قيمة الهريفنيا الأوكرانية أمام الدولار بنسبة 15% خلال ساعات، بعد أن هوت خلال كامل أسابيع الحرب الماضية بنسبة وصلت إلى نحو 22%، لتقارب النسبة الإجمالية 37%.
وهكذا، بات من الصحيح القول إن متوسط دخل الفرد تراجع من نحو 500 دولار شهريا قبل الحرب إلى نحو 350 حتى الآن، وسط بعض التوقعات المتشائمة، بوصول نسبة تراجع الهريفنيا أمام الدولار إلى أكثر من 100%، بما يدخل نسبة كبيرة من الأوكرانيين قائمة من يحصلون شهريا على دخل أقل من الحد الأدنى، الذي كان عند حدود 250 دولارا قبل الحرب.
ويضاف إلى ما سبق قرار رفع الدعم عن المحروقات وإلغاء تحديد سقف أسعارها جزئيا، سعيا للحد من أزمة الإغلاق والنقص الحاد في الإمدادات، ودفع الشركات نحو الشراء بحرية من مصادر أوروبية وعالمية بديلة عن المصادر البيلاروسية و"الروسية العكسية" السابقة.
وهكذا أيضا، قفزت أسعار المحروقات سريعا بنسبة وصلت -حتى الآن- إلى 40%، من دون أن تؤمن الكميات الكافية، وسط توقعات بأن تقفز إلى 100%، لتساوي أسعار بيعها في بلدان المصدر (في حدود 2 يورو).
مبررات ومخاوف
لهذه القرارات ما يبررها وفق خبراء، لكنها تثير مخاوف لدى المواطنين بانعكاسات كبيرة تطرأ على أسعار السلع والخدمات في ظل تراجع الدخل.
يقول أوليكسي كوش، المحلل الاقتصادي في صحيفة "فوكوس" (Focus) للجزيرة نت إن "البنك الوطني اتخذ قرارا صحيحا، فقد أنعش -على سبيل المثال- نشاط شركات النقل الدولي والطاقة، التي تتعامل مع شركائها بالدولار واليورو، وكانت تتعرض لخسائر كبيرة بسبب فارق أسعار التصريف الرسمية وفي السوق السوداء (29.25 هريفنيا للدولار في البنوك ونحو 36 خارجها).
وأضاف "بطبيعة الحال، سترتفع أسعار السلع والخدمات بارتفاع أسعار الوقود، لكنها لن تصل إلى ذات النسب، فأسعار المواد المستوردة قد ترتفع بنسبة 10-40%، لكن أسعار المنتجات المحلية، التي لا تتأثر كثيرا باللوجستيات، لن تتأثر بنسبة تتجاوز 1-4%"، على حد قوله.
وأوضح أن "الجوع لا يهدد الأوكرانيين، فأوكرانيا بلد زراعي، وفي ظل توقف عمليات التصدير، يبقى السوق المحلي، بإمكانياته الواقعية، وحيدا أمام شركات الإنتاج. ذات الأمر حدث مع بداية أزمة 2014، قبل أن تفتح البلاد أسواق التصدير البديلة عن روسيا".
البطالة والفقر
لكن الأمر لا يقتصر على هذه الأمور فقط، بل يتعداها ليشمل حقيقة أن البطالة باتت منتشرة في البلاد أكثر من أي وقت مضى، وشبح الفقر يخيم على السكان.
يقول ماكسيم أوريشاك، الخبير في "مركز التقنيات البديلة" للجزيرة نت "بسبب إغلاق 30% من المصانع والشركات وتسريح أعداد من الموظفين والنزوح عن أماكن الإقامة والعمل، قفزت نسبة البطالة من 7% في 2021 إلى 30%، مع حقيقة أن نصف الأوكرانيين اليوم يعملون بشكل جزئي، أي أننا أمام نسبة بطالة كلية وجزئية تصل إلى 80%".
وأضاف معلقا على تحذيرات الأمم المتحدة حول انتشار الفقر بنسبة 90% "هذه التوقعات المتشائمة للأمم المتحدة تستند إلى تجربة حياة البلدان بعد الحرب، وإلى حقيقة أنه لا يوجد أفق لإنهاء الحرب الحالية".
لكنه أشار إلى أن "مؤشرات الفقر تختلف بين دول وأخرى، فلا تقاس دوما بالدخل اليومي أو الشهري أو السنوي، في الحالة الأوكرانية من الصحيح أن تقاس بالقدرة على تلبية الحاجيات الأساسية".
وتابع "تراجع سعر الصرف وقفزت أسعار الوقود في 2014 بنسبة وصلت إلى 300%، لكن السلطات اتخذت إجراءات عدة لمساعدة وتوظيف العاطلين ورفع الرواتب والحد من التداعيات، وفي 2022 الأمر سيكون أصعب، وستحتاج أوكرانيا إلى مساعدات دولية، مثل تلك التي حصلت عليها ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية".