تكرار حوادث "التسمم" في جرش .. أين الخلل؟

الوقائع الاخبارية :على الرغم من تأكيدات الجهات المختصة على قيامها بالاجراءات الصارمة بفرض الرقابة والمتابعة المستمرة على الغذاء والمياه في جميع محافظات المملكة إلا ان تكرار حوادث «التسمم» في محافظة جرش أثار تساؤلات عديدة؟!.

وفي الوقت الذي تؤكد فيه وزارة الصحة على اجرائها الفحوص اللازمة لمياه الشرب والأغذية بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، اعتبر مختصون ان حدوث حوادث التسمم المتكررة سيما في «جرش»، يدل على وجود خلل ما سواء كان متعلقا بعدم وجود برامج معدة من قبل الجهات المعنية للمتابعة والرقابة والزيارات الميدانية على المؤسسات الغذائية او المطاعم ومحلات المياه، أو انخفاض الوعي والثقافة الصحية لدى البعض.

وكان حوالي 41 شخصا راجعوا مستشفى جرش الحكومي منذ الخميس الماضي يشتبه بإصابتهم بالتسمم، وقد بينت النتائج الأولية للعينات أنهم مصابون ببكتيريا «إي كولاي»، والتي تتواجد غالبا في مصادر المياه، مما أدى لإيقاف عمل عدد من المنشآت بالمحافظة احترازيا، حتى يتم التقصي عن مصدر البكتيريا.

وقال الأمين العام للرعاية الصحية والأوبئة بوزراة الصحة الدكتور رائد الشبول في تصريحات صحفية: إن نتائج فحوصات مصادر المياه في محافظة جرش أظهرت أنها «سليمة وغير ملوثة»، وأن جرش أصبحت من البؤر الساخنة.

مدير مديريات المختبرات في وزارة الصحة الدكتور محمود الغزو، أكد في تصريح نقلته "الرأي"، أن النتائج النهائية لعينات مأخوذة من حوالي «35» مريضا اشتبه بتسممهم في جرش، سيتم الإعلان عنها صباح اليوم، وعلى إثر هذه النتائج سيحدد أسباب التسمم.

وأضاف: ان العينات وصلت الى المديرية، لمعرفة أسباب تسمم هؤلاء الأشخاص، بالإضافة لطبيعة الجرثومة المسببة لذلك، مؤكدا ان مصلحة المواطنين وصحتهم فوق أي اعتبار، وسيتم الإعلان عن النتائج لمعرفة مكامن الخلل وليأخذ المواطنون حذرهم مستقبلا.

واستبعد الغزو ان تكون المياه هي المسببة لحدوث التسمم، كونه يتم تعقيم الابار بصورة مستمرة من قبل سلطة المياه، مرجحا ان العامل البشري بعدم الالتزام بالنظافة هو المسبب لذلك، لكن في الوقت ذاته فان الحكم النهائي سيكون بعد ظهور نتائج العينات.

وبين ان العينات التي وصلت المديرية تشمل مختلف الأعمار، لكن بعض العينات تطغى عليها فئة الأطفال، الى جانب كبار السن.

وعن حدوث الحالات المتكررة للتسمم في «جرش» او المحافظات الأخرى، أكثر من حدوثها في العاصمة عمان، علق الغزو أن الرقابة على الغذاء والمياه هي مستمرة في كافة محافظات المملكة، ولكن ربما تكون الكثافة السكانية سببا في ذلك، حيث ان 70% من الكثافة السكانية موجودة في عمان، وبالتالي حالات التسمم في المحافظات الصغيرة تنتشر وتظهر بشكل أسرع، على عكس المحافظات الكبيرة.

من جهته أشار دكتور الإدارة الصحية والتخطيط الاستراتيجي عبد الرحمن المعاني، إلى وجود مشكلة بخصوص الرقابة على الغذاء والمياه بالمحافظات، حيث ان بعض الفروع لمؤسسة الغذاء والدواء ببعض المحافظات غير مفعلة كجرش، وتتولى مديريات الصحة فيها أمور الرقابة والمتابعة في مجالي الغذاء والماء لتنظيم العمل الميداني.

وحسب قانون الغذاء المطبق بالمملكة، فإن صاحب الصلاحية بالرقابة على الغذاء وفق المعاني هي مؤسسة الغذاء والدواء، سواء في العاصمة او باقي المحافظات، مما أدى لظهور خلل في المتابعة في المحافظات التي لا توجد فروع لها فيها.

وبين ان جرش تتميز بموقع جغرافي وسياحي متميز، ويرتادها السياح من خارج المحافظة، وبالتالي يجب ان يكون هناك برنامج للزيارات الميدانية والمتابعات على المؤسسات الغذائية والمطاعم ومحلات المياه فيها، خصوصا في فصل الصيف، مبينا انه لا يوجد برنامج معد مسبقا لتطبيق هذه المتابعات والزيارات، إنما نوع من انواع الفزعات والتحركات الآنية نتيجة حدوث حوادث تسمم.

وأوضح المعاني ان حدوث حالات التسمم المتكررة سنويا في جرش، يدعونا لوضع إصبعنا على الخلل، إذ لا بد من المتابعة الحثيثة والمستمرة، والزيارات الاستباقية للمؤسسات التي لها علاقة بالغذاء والمياه، وتدريب الكوادر فيها، والالتزام بزي رسمي، مع الرقابة بالتزام المحلات والمطاعم بالنظافة الشخصية.

أما دور المواطن كما أوضح المعاني، فهو مهم ايضا بالتوازي مع دور الجهات الرسمية، وهي مسؤولية مشتركة بينهما، حيث لا بد من اطلاعه على الثقافة الصحية والغذائية والوعي بها، وان يكون لديه عين المراقبة على بائعي الغذاء والأغذية والمياه او حتى المطاعم التي يرتادونها.

ومن الأمور التي يجب ان ينتبه اليها المواطن لتجنب التسمم، هي التأكد من انتهاء مدة صلاحية الغذاء الذي يشتريه، بالإضافة لوجود علامات محددة تدل على انه غير مناسب وفاسد كوجود انتفاخ بالمادة، وعدم ابقاء بعض الأغذية كاللحوم والدجاج في الشمس، ناهيك عن مراقبته لمدى نظافة المطعم او المحل ومقدمي الخدمة فيه، ومدى تقيدهم بمعايير السلامة العامة، وتقديم شكوى للجهات الرسمية في حال حدوث تجاوزات معينة.