جهات مجهولة تشتريه.. ما مصير زيت الطهي المستعمل بمصر؟

الوقائع الاخبارية : حذر نواب برلمانيون من ظاهرة شراء جهات مجهولة زيوت الطعام المستعملة من المصريين نظير مقابل مالي، مشيرين إلى إعادة استخدام تلك الزيوت بطرق غير آمنة ما يشكل خطورة بالغة على صحة المواطنين.

وانتشرت عبر التطبيقات الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي إعلانات تروج لشراء الزيوت المستعملة من ربات البيوت مقابل مبلغ مالي مغرٍ أو زجاجات زيت جديدة، وتلقى تفاعلا من الجمهور المستهدف.

وتتفاوت أسعار الزيوت المستعملة وفق الجهة المعلنة، فمنها يعرض شراء لتر الزيت مقابل 3 جنيهات، ويصل في بعض الأحيان إلى 20 جنيها (الدولار نحو 18.65جنيها).

بالتوازي تتوالى الأخبار عبر وسائل الإعلام المحلية حول ضبط الأجهزة الرقابية أطنان من الزيوت مجهولة المصدر في حيازة أشخاص استعدادا لعرضها بالأسواق.

ويصل حجم استهلاك مصر من الزيت نحو 2.4 مليون طن سنويا، بمعدل 20 كيلوغراما للفرد، ويتم استيراد حوالي 67% من احتياجات البلاد للزيوت، وفق تصريحات رئيس شعبة الزيوت باتحاد الصناعات.

لكن تقرير حديث صادر عن وزارة الزراعة الأميركية، أكد ارتفاع واردات مصر من الزيوت النباتية خلال العام الجاري، حيث سجل نحو 1.97 مليون طن مقابل 1.77 مليون طن العام الماضي، في حين سجلت 1.94 مليون عام 2020.

تحرك برلماني
ومع توسع ظاهرة شراء الزيوت المستعملة، تقدمت عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، ميرال الهريدي، بطلب إحاطة موجه إلى وزراء الصحة والتنمية المحلية والتموين والبيئة، بشأن إعادة تدوير زيوت الطعام المستعملة، والأضرار الصحية المترتبة على إعادة استخدامها.

ونقلت الهريدي في الطلب المقدم إلى مجلس النواب شكاوى مواطنين من انتشار باعة جائلين في الشوارع يستهدفون شراء زيوت الطعام المستعملة.

وأضافت "بالبحث توصلنا إلى ظهور عدد كبير من الأشخاص الجوالين في الشوارع في الآونة الأخيرة معلنين استعدادهم لشراء كافة أنواع زيوت الطعام المستعملة بأسعار تتراوح بين 10 و15 جنيها للكيلو الواحد، دون تحديد سبب شرائهم لها".

وأوضحت النائبة البرلمانية أن عددا كبيرا من المواطنين تفاعل مع عروض شراء الزيت المستعمل، لافتة إلى تحذير تقارير إعلامية من مصانع مجهولة تتولى إعادة تدوير الزيوت عبر استخدام مادة تسمى "تراب تبييض الزيوت" أو "الإسمنت الهندي".

واستطردت "تلك المادة تؤدي إلى تبييض لون الزيت المستعمل وإعادته إلى لونه الطبيعي مرة أخرى وتحسن من خواصه الظاهرية ما يسهل عملية إعادة بيعه مرة ثانية إلى محال الأطعمة السريعة ومصانع إنتاج البطاطس المقلية، والمواطنين بالأسواق الشعبية".

واختتمت الهريدي بتحذير من تلك الزيوت المعاد تصنيعها على صحة المواطنين، واصفة إياها ببؤرة من السموم المسرطنة.

إلى ذلك تقدم النائب البرلماني أيمن محسب، بطلب مناقشة عامة بشأن استيضاح سياسة الحكومة لدعم إعادة تدوير زيوت الطعام المستعملة لإنتاج الوقود العضوي.

وقال إن الزيت المستعمل يضر بالبنية التحتية، موضحا أنه يتسبب في سد مواسير الصرف، فنتيجة لزوجته العالية يحدث بطء في عملية التصريف ويلتصق بالمواد الصلبة العالقة فيكون كتلا ضخمة داخل المواسير.

زيت مستعمل المصدر: صحافة مصرية
أطلقت وزارة البيئة مبادرة لحث المواطنين على عدم سكب زيت الطعام المستعمل في أحواض الصرف (الصحافة المصرية)
كما أكد محسب أن الزيت المستعمل غير قابل للتحلل السريع بيولوجيا، ما يجعل عملية تنقية مياه الصرف أعقد وأكثر تكلفة، وتابع "تلك الأضرار أدركتها وزارة البيئة فأطلقت حملات لتجميع زيت الطعام المستعمل للتخلص منه بطريقة آمنة أو إعادة استخدامه في غير أغراض الطبخ مقابل حوافز تشجيعية".

وقبل نحو عامين، أطلقت وزارة البيئة مبادرة تستهدف جمع زيوت الطهي المستعملة في البيوت لأهداف بيئية، بالتعاون مع إحدى شركات الطاقة المتجددة.

لكن اقتحم مجال تجميع الزيت المستعمل ما سماه النائب البرلماني مصانع "بير السلم" والتي تستخدمه في الطهي مرة أخرى، وطالب بفرض رقابة صارمة على تلك المصانع من جانب الجهات المعنية.

مبادرة حكومية
وقبل نحو عامين، أطلقت وزارة البيئة مبادرة لحث المواطنين على عدم سكب زيت الطعام المستعمل في أحواض الصرف أو إلقائه بسلاسل القمامة، مقابل التخلص منه بطريقة صحية.

وبالتعاون مع خدمة "غرين بان" (Green Pan) المقدمة برعاية شركة "تجدد" للطاقة المتجددة، تشرف وزارة البيئة على جمع الزيت المستعمل ثم إعادة تدويره لإنتاج الوقود الحيوي كبديل للطاقة، ومنتجات أخرى مثل الجليسرين والصابون.

ووفقا لإعلانات "غرين بان" على منصات التواصل الاجتماعي، يتم استبدال الزيت المستعمل من خلال حجز موعد عبر الموقع أو التطبيق الإلكتروني عند تجميع عدد معين من كيلوات الزيت بحوافظ تشجيعية، مقابل 5 لترات من الزيت المستعمل يحصل المواطن على زجاجتين من الزيت الجديد مع زجاجة لسائل تنظيف الصحون، وتغطي المبادرة محافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية والشرقية والفيوم والغربية.

وقالت العضو المؤسس لشركة تجدد للطاقة المتجددة، مريم عفيفي، إن الزيوت المستعملة تدخل في إنتاج الوقود الحيوي المعروف بتقليل الانبعاثات الكروبونية، ما يساعد في تخفيض نسب التلوث في الهواء.

وأوضحت -في تصريحات متلفزة – أن قارة أوروبا تعد سوقا كبيرا للوقود الحيوي "كل لتر من السولار يحتوي على 20% من الوقود الحيوي"، مضيفة أن الشركة تُصدر كل كميات الزيوت المجمعة بعد معالجتها بشكل مبدئي داخل مصر.

وحذرت عفيفي من الجهات المجهولة التي تجمع الزيوت من البيوت والمحال والمطاعم، مؤكدة ضرورة الاطلاع على الترخيص الصادرة من وزارتي الصحة والبيئة قبل تسليم الزيوت المستعملة لتلك الجهات.

مخاطر صحية
من جانبه حذر المفتش بمديرية الصحة بمحافظة البحيرة، محمد مقرش، من استخدام الزيوت المعاد تدويرها في الطهي، حيث تسبب أضرارا بالغة على الكلى والقلب وتؤثر بشكل سلبي على كفاءة الجهاز المناعي.

وأكد -في تصريحات صحفية- انتشار ظاهرة خلط زيت الطعام المستعمل بمواد معينة للتخلص من الشوائب والرائحة الكريهة عن طريق ورش مجهولة تعمل بدون ترخيص.

وأضاف أن المطاعم التي ترغب في توفير ثمن الزيوت الآمنة تكون زبونا لتلك الأنواع رخيصة الثمن لكنها خطرة على الصحة.

تخوف المواطنين
وعبر منصات التواصل الاجتماعي أبدى عدد كبير من المواطنين تخوفهم من مصير الزيوت المستعملة التي تعمل على تجميعها جهات مجهولة نظير مبالغ مالية مغرية، مطالبين الجهات المعنية بالتدخل والرقابة على تلك الجهات التي أصبحت تلقى رواجا في الآونة الأخيرة مع زيادة التضخم.

وفي مايو/أيار الماضي، ارتفعت أسعار عدد من أصناف الزيوت ارتفاعا بمتوسط نحو 23% في سعر الزجاجة الواحدة، واعتبر مسؤولون حكوميون أن ذلك أحد تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.