بعد سحبه من دور السينما في بريطانيا.. المغرب يمنع عرض فيلم "سيدة الجنة"
الوقائع الاخبارية : أصدر المركز السينمائي في المغرب، أول أمس السبت، بيانا أعلن فيه عدم منح فيلم "سيدة الجنة" (Lady of Heaven) -الذي يتناول قصة حياة السيدة فاطمة الزهراء ابنة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم- الموافقة على العرض على المستويين التجاري والثقافي.
كما استنكر المجلس العلمي الأعلى، الهيئة الدينية الرسمية المسؤولة عن إصدار الفتاوى، محتوى الفيلم "الذي يتعارض مع ثوابت الإسلام"، وندّد المجلس في بيان له بما جاء في الفيلم، معتبرا أنه "يتضمن تزويرا فاضحا لحقائق ثابتة في التاريخ الإسلامي".
وفي تصريحات لصحيفة "الغارديان" (The Guardian) البريطانية، وصف المنتج التنفيذي للفيلم مالك شليباك منع عرضه في بريطانيا وعدد من الدول الإسلامية مثل مصر والمغرب وباكستان وإيران والعراق، بأنه استسلام للضغط.
أزمة في بريطانيا
جاء المنع في المغرب بعد أيام قليلة من وقف عرض الفيلم في دور العرض السينمائية البريطانية، بعد أن أثار حالة من الجدل والغضب دفعت دور العرض لإيقافه.
واتهم المعارضون صناع الفيلم بالإساءة للإسلام ومحاولة تشويه صورته، إلى جانب انتقاد تجسيد شخصيات الصحابة مثل أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان (رضي الله عنهم).
أخرج الفيلم الإنجليزي إيلي كينج، وكتب السيناريو الكاتب الكويتي ياسر الحبيب، الذي يعيش في لندن منذ سنوات بسبب آرائه الدينية المعادية للصحابة، وسبق سجنه في الكويت.
وتصاعدت الأزمة بعد الاحتجاجات التي قام بها المسلمون في بريطانيا بهدف منع عرض الفيلم، مما أدى إلى سحبه من دور العرض، واضطرت شبكة "سيني وورلد" (cineworld) البريطانية لدور السينما إلى وقف عرضه بعد الحملات والمظاهرات التي اعتبرت الفيلم مسيئا ويؤجج الفتنة بين السنة والشيعة.
وقال المتحدث الرسمي باسم الشركة إنه تقرر إلغاء عرض الفيلم حفاظا على سلامة العاملين والمتفرجين، بعد أن وقع أكثر من 120 ألف شخص عريضة يطالبون فيها بسحبه.
في المقابل، أقالت السلطات البريطانية الإمام قاري محمد عاصم إمام مسجد مكة في ليدز ببريطانيا من منصبه نائبا لرئيس مجموعة عمل حول الإسلاموفوبيا، واعتبرت السلطات منشوره على فيسبوك، الذي وصف فيه الفيلم بأنه يؤذي مشاعر المسلمين، سببا في مظاهرات تحض على الكراهية والعنف، وأن مشاركته بالمنشور تحدّ من حرية التعبير.
دمج الماضي بالحاضر
الفيلم الذي تغير اسمه من "يوم العذاب" إلى "سيدة الجنة"، يعدّ أول عمل فني يتناول سيرة فاطمة الزهراء ابنة الرسول عليه الصلاة والسلام، وقد اختار صناعه الدمج بين الماضي والحاضر من خلال قصة طفل عراقي يدعى "ليث"، الذي قُتلت والدته واسمها فاطمة أمامه بوحشية في بداية الفيلم، وذلك في معركة بين عناصر تنظيم الدولة الإسلامية والقوات المقاومة لهم، فيذهب إلى بيت جدته، التي تقرر بدورها أن تواسيه بأن تحكي له قصة ابنة الرسول فاطمة الزهراء (رضي الله عنها)، التي يعتبرها الفيلم أول ضحية للإرهاب في العالم.
ينتقل العمل إلى شبه الجزيرة العربية والفترة التاريخية التي شهدت لمّ شمل السيدة فاطمة بوالدها النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة، وزواجها من الصحابي علي بن أبي طالب وإنجابها الإمام الحسن والإمام الحسين (رضي الله عنهم)، إلا أن الفيلم لم يتناول قصتها التاريخية المعروفة في الإسلام أو التضحيات التي قام بها الإمام الحسن أو الحسين، لكنه ركز على بعض الروايات المغلوطة التي تضمنت إساءات دينية عن خلافات بين السيدة فاطمة وصحابة الرسول منهم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
وزعم الفيلم أن الصحابيين أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما- أحرقا منزلها، واعتديا عليها بدنيا، مما تسبب في إجهاضها، وبعدها بأسابيع توفيت متأثرة بالإصابة البدنية والحزن الشديد.
مغالطات وأخطاء
اعتماد الفيلم على الروايات المغلوطة، وتجسيد شخصية مثل الصحابي وأول خلفاء المسلمين أبو بكر الصديق رضي الله عنه وقد استولى على أراضي النبي عليه الصلاة والسلام وأموال خيبر عقب الاعتداء على السيدة فاطمة، وقام بقطع وتدمير الشجرة التي تحمل اسمها، وطردها من منزلها لتسكن خيمة صغيرة حتى وفاتها.
ليست هذه هي الإساءات الدينية والمغالطات التاريخية الوحيدة التي تناولها الفيلم، فهناك إساءة دينية أخرى مثل ظهور نساء النبي عليه الصلاة والسلام والمؤمنات وهن يرتدين أزياء عصرية بعيدة عن الملابس التي ميّزت نساء شبه الجزيرة العربية ونساء النبي صلى الله عليه وسلم تحديدا، في ذلك الوقت.
واستخدم الفيلم الذي جسد شخصية النبي محمد صلى الله عليه وسلم وابنته السيدة فاطمة رضي الله عنها، المؤثرات البصرية لتجنب ظهور الوجه واستبداله بهالة من الضوء في الشخصيتين.