إيران تفعّل ممر "شمال – جنوب" الدولي.. هل يصبح بديلا لقناة السويس؟
الوقائع الاخبارية : بعد مضي أكثر من عقدين على توقيع كل من روسيا وإيران والهند عام 2000 على الوثيقة الأولى لإنشاء الممر الدولي للنقل بين الشمال والجنوب (INSTC)، بدأت طهران الأسبوع الماضي بنقل البضائع من ميناء أستراخان الروسي مرورا ببحر قزوين، فميناء أنزلي الإيراني، ثم النقل برا إلى المياه الخليجية، على أن يتم شحن الحمولة بحرا إلى ميناء "نهافا شيفا" الهندي.
ووصف رئيس ميناء ساليانكا الإيراني-الروسي في مدينة أستراخان الروسية، داريوش جمالي، عملية نقل السلع عبر ممر "شمال – جنوب" بأنها تجريبية أولية لاختبار الممر، مؤكدا أن عملية النقل يتم تنسيقها وإدارتها من قبل مجموعة خطوط الشحن الإيرانية الحكومية، ومكاتبها الإقليمية في روسيا والهند، ومن المتوقع أن تستغرق 25 يوما.
ممر دولي
وتتكون الشحنة الروسية من حاويتين بطول 12 ألفا و192 مترا تحملان صفائح خشبية تزن 41 طنا، كانت قد غادرت سان بطرسبورغ في وقت سابق، وهما في طريقهما إلى الهند.
وبالرغم من إيران كانت قد أعلنت تدشين الممر يوليو/تموز الماضي ونقل شحنة ورق من فنلندا إلى الهند، بواسطة شاحنات من ميناء آستارا الإيراني على بحر قزوين إلى المياه الخليجية عبر القطار ثم بحرا إلى الهند، فإن المشروع تعثر لأسباب لم تعلن بعد.
ويبلغ طول الممر الممتد من مدينة سان بطرسبورغ على بحر البلطيق عبر روسيا وبحر قزوين وإيران، والمياه الخليجية حتى المحيط الهندي 7200 كيلومتر، ويقلل من الفترة الزمنية حوالي 20 حتى 30 يوما مقارنة مع الممر التقليدي عبر قناة السويس المصرية، ويقلص تكاليف النقل بمقدار 2500 دولار لكل 15 طنا من الحمولات، وفق صحيفة إيران الرسمية.
ويتكون ممر "شمال – جنوب" من شبكة خطوط بحرية وبرية وسكك حديدية لربط مومباي الهندية بإقليم أوراسيا. ومن المقرر أن ترتبط بالخط الرئيسي للممر خطوط فرعية تخترق وسط آسيا وشرق أوروبا قبل وصوله إلى مدينة سان بطرسبورغ غربي روسيا، ومنها إلى الأسواق الأوروبية برا وبحرا.
أهمية إستراتيجية
وعلى ضوء العقوبات الخانقة التي تتعرض لها كل من روسيا وإيران، فإن أهمية الممر الدولي لا تقتصر على التجارة فحسب، وإنما أخذت أبعادا إستراتيجية وحيوية لكسر الحصار الغربي وإفشال سياسة الضغوط القصوى، وفق الباحث الاقتصادي غلام رضا مقدم.
وأوضح مقدم، للجزيرة نت، أن الممر سبق وتم تفعيله لكن مهمته لم تتجاوز نقل البضائع بين روسيا وإيران منذ 2002 حتى الآن، وذلك بسبب العوائق الفنية وعدم توفر الخطوط البرية والسكك الحديدية اللازمة لنقل السلع بين الموانئ الإيرانية من شمالها إلى جنوبها.
ويرى مقدم، أن ممر "شمال – جنوب" يتميز بقصر وقت النقل وقلة التكلفة وتوفر الأمن بما يحقق أكبر هامش ربح للأطراف التجارية، مضيفا أن بلاده عازمة على جعل الممر جسرا للتجارة العالمية من المحيط الهندي ودول شرق آسيا مرورا بالدول الخليجية ثم القوقاز وأوراسيا وصولا إلى أوروبا الشرقية.
وخلص الباحث الإيراني إلى أن بلاده تتمتع بموقع إستراتيجي في التجارة العالمية حيث تمر عبر أراضيها عدة ممرات دولية من جنوبها إلى شمالها ومن شرقها إلى غربها وبالعكس، مؤكدا أن توفير البنى التحتية اللازمة من شأنها أن تزيد من نصيب طهران من التجارة العالمية.
ترانزيت السكك الحديدية
في غضون ذلك، رعى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، تدشين طريق ترانزيت السكك الحديدية الذي يصل كازاخستان بتركيا وأوروبا، عبر الأراضي الإيرانية، مؤكدا أن إحدى أولويات سياسة بلاده الخارجية تكمن في توسيع العلاقات التجارية عبر الأراضي الإيرانية باعتبارها "الطريق الآمن والسريع وقليل الكلفة".
وفي السياق، استقبلت محطة السكة الحديدية في طهران أول قطار نقل حاويات الترانزيت محمل بصادرات الكبريت من كازاخستان في طريقها إلى تركيا.
من ناحيته، أعلن المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي بهادري جهرمي، في تغريدة له على تويتر، عزم بلاده العمل على إحياء مكانتها التاريخية باعتبارها حلقة الوصل في النقل الإقليمي.
شبكة ممرات لربط الجوار
من جانبه، وصف عالم الاقتصاد الإيراني بهمن آرمان، بلاده بأنها حلقة وصل حيوية بين قارتي آسيا وأوروبا وأنها تقع في قلب عدة ممرات دولية من شأنها أن تلعب دورا فاعلا في التجارة العالمية، منتقدا الحكومات الإيرانية السابقة لعدم استكمالها خط الترانزيت الواصل بين المياه الخليجية والحدود الغربية المشتركة مع تركيا.
وأوضح، للجزيرة نت، أن شبكة الممرات الدولية عبر إيران قادرة على ربط جميع دول الجوار إلى جانب تقريبها المسافات بين دول شرق آسيا وأوروبا الشرقية، واصفا شبكة الممرات عبر الأراضي الإيرانية بالمنافس القوي لقناة السويس المصرية.
ولدى إشارته إلى العقوبات الغربية على روسيا، اعتبر آرمان ممر "شمال – جنوب" حلقة وصل بين مومباي الهندية وسان بطرسبورغ الروسية، ودعا بلاده إلى استكمال خط ترانزيت المياه الخليجية ـ منفذ بازركان الحدودي مع تركيا لرفد الأسواق الأوروبية بالطاقة الإيرانية.