مصر وقطر.. استثمارات مرتقبة في قطاعات اقتصادية واعدة

الوقائع الاخبارية : دشنت زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى مصر، ولقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي؛ مرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين التي تتصدرها ملفات عدة، يأتي في مقدمتها الملف الاقتصادي.

وتناولت المباحثات في قصر الاتحادية بالعاصمة القاهرة السبت الماضي سبل تطوير العلاقات بين البلدين، لا سيما في مجالات الاستثمار والطاقة والدفاع والثقافة والرياضة، وفق وكالة الأنباء القطرية.

وعدّت صحيفة الأهرام المصرية (حكومية) أن زيارة أمير قطر إلى مصر تؤسس لمرحلة جديدة، مشيرة إلى أنها تعد الأولى منذ 7 سنوات شهدت فيها العلاقات الثنائية مرحلة من الجمود، والثانية له بعد مشاركته في أعمال القمة العربية بشرم الشيخ عام 2015.

وحسب بيان المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية السفير بسام راضي، تم التوافق على تطوير التعاون الثنائي في مختلف المجالات، خاصة في قطاعات الطاقة والزراعة، إلى جانب التعاون الاستثماري وتنشيط حركة التبادل التجاري، وما يتعلق بتعزيز تدفق كافة الاستثمارات القطرية إلى مصر.

وتعد قطر مستثمرا رئيسيا بمصر في جميع القطاعات، وفق تصريحات سفير دولة قطر بالقاهرة سالم بن مبارك آل شافي لوكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية (رسمية).

ويرى خبراء ومحللون اقتصاديون أنه ليس هناك أفضل من هذا الوقت لبدء ضخ الاستثمارات القطرية في السوق المصري عبر العديد من القطاعات الواعدة في البلاد، خاصة مع حاجة الاقتصاد المصري للمزيد من الاستثمارات الجادة، في ظل موجة التضخم العالمية والتداعيات الاقتصادية السلبية للحرب الروسية في أوكرانيا.

ما أهمية الزيارة؟
تكتسب هذه الزيارة -التي تتوج جهودا استمرت أكثر من عام لإعادة العلاقات بين البلدين إلى مجراها الطبيعي- أهمية خاصة وتوقيتا مهما؛ إذ تأتي في وقت يشهد فيه الوضع الاقتصادي في مصر حالة من عدم الاستقرار هذا العام نتيجة تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وجائحة فيروس كورونا.

وارتفعت أسعار السلع الغذائية والطاقة بشكل حاد عالميا بالتزامن مع خروج أكثر من 90% من استثمارات الأجانب في أدوات الدين بمصر خلال الشهور الماضية، واتباع الولايات المتحدة سياسة نقدية تشددية لمواجهة أسوأ موجة تضخم بالبلاد منذ عقود، حسب وزير المالية المصري محمد معيط.

العد التنازلي لعودة العلاقات
كانت البداية في الخامس من يناير/كانون الثاني 2021 بإصدار بيان عن القمة الخليجية 41 بمدينة العلا (شمال غربي السعودية)، معلنا نهاية أزمة حادة اندلعت منتصف 2017 بين قطر من جهة وكل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر من جهة أخرى.

وفي 23 يونيو/حزيران من العام ذاته، قررت مصر تعيين عمرو الشربيني سفيرا فوق العادة لدى قطر، وتلاه بنحو شهر قرار من الدوحة بتعيين سالم بن مبارك آل شافي سفيرا فوق العادة مفوضا أيضا لدى القاهرة.

وتمخضت اللقاءات الماراثونية بين مصر وقطر عن الاتفاق -في نهاية مارس/آذار الماضي- على مجموعة من الاستثمارات والشراكات بمصر بإجمالي 5 مليارات دولار في الفترة القادمة، حسب بيان لرئاسة مجلس الوزراء المصري.

البيان لم يوضح المجالات التي ستُضَخ بها تلك الاستثمارات أو موعد إبرام الصفقات، لكن وزيرة التخطيط المصرية هالة السعيد قالت لوكالة بلومبيرغ الأميركية إن صندوق الثروة السيادي القطري سيستحوذ على أصول.

وهو ما اتفق معه الخبير الاقتصادي علي الإدريسي، حيث قال -في تصريحات صحفية- إن الاستثمارات (القطرية) ستكون موجهة نحو أصول، وسوف تنتج عنها زيادة في الإنتاج والمساهمة في زيادة نمو المعدلات الاقتصادية.

بموازاة ذلك، أعلنت شركة قطر للطاقة -في بيان لها- إبرام اتفاقية للاستحواذ على حصة قدرها 40% في منطقة استكشاف مملوكة لشركة إكسون موبيل الأميركية، في منطقة امتياز شمال مراقيا البحرية في البحر الأبيض المتوسط.

وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، دخلت قطر للطاقة -لأول مرة- إلى قطاع التنقيب عن النفط والغاز في مصر، باستحواذها على حصة قدرها 17% في منطقتين للتنقيب عن النفط والغاز تديرهما شركة شل في البحر الأحمر.

تحويلات المواطنين بين مصر وقطر
تعد تحويلات المصريين بالخارج أحد أهم الموارد الدولارية للبلاد، وسجلت قيمة تحويلاتهم من قطر 1.34 مليار دولار خلال العام المالي 2019-2020 مقابل 1.29 مليار دولار خلال العام المالي 2018-2019.

في حين بلغت قيمة تحويلات القطريين العاملين في مصر 2.8 مليون دولار خلال العام المالي 2019-2020 مقابل 4.9 ملايين دولار خلال العام المالي 2018-2019 بنسبة انخفاض قدرها 43.5%.

الاستثمارات لم تتوقف
رغم جمود العلاقات السياسية بين البلدين منذ يوليو/تموز 2013، فإن استثمارات قطر في مصر تطورت خلال السنوات الأخيرة، وبلغ آخر رقم معلن عن الاستثمارات في الربع الأول من العام المالي الجاري 121.8 مليون دولار، حسب بيانات البنك المركزي المصري.

وارتفعت الاستثمارات القطرية في مصر خلال العامين الماضيين بشكل ملحوظ مقارنة بالأعوام السابقة؛ إذ بلغت 507.9 ملايين دولار في 2020-2021، و678.3 مليون دولار في 2019-2020، مقارنة بنحو 373.2 مليون دولار في 2018-2019، ونحو 165 مليون دولار في 2017-2018، ونحو 169.4 مليون دولار في 2016-2017.

وتتنوع الاستثمارات القطرية في مصر -حسب صحف ومواقع محلية- بين البنوك والعقارات. ويعد بنك قطر الوطني (QNB) وشركة الديار العقارية أبرز الاستثمارات في هذين القطاعين، بجانب مساهمة شركة قطر للطاقة عبر شركة التكرير العربية باستثمارات في مشروع مصفاة الشركة المصرية للتكرير.

وحسب تصريحات صحفية للخبير الاقتصادي ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والاجتماعية عادل عامر، شكلت استثمارات قطر ثلث استثمارات دول الخليج في مصر، في فترات سابقة، وذلك من خلال مشاريع المعمار والنفط والغاز الطبيعي ومشاركتها في المشروعات الزراعية.

باب الاستثمار الكبير
بات الباب مفتوحا على مصراعيه أمام زيادة التبادل التجاري بين البلدين، خاصة مع تدني قيم هذا التبادل، إذ سجل التبادل التجاري بين البلدين 44.8 مليون دولار خلال عام 2021 مقابل 25.4 مليون دولار خلال عام 2020 بنسبة ارتفاع قدرها 76.4%.

وبلغت قيمة الصادرات المصرية إلى قطر 4.5 ملايين دولار خلال عام 2021، وسجلت قيمة الواردات المصرية من قطر 40.3 مليون دولار خلال عام 2021، طبقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

ويعتقد الخبير الاقتصادي ممدوح الولي "أن قطر ستتجه نحو الاستحواذ على بعض الأصول في مصر التي ترغب الإدارة المصرية في بيعها، مع توجه الحكومة الجديد إلى استبدال الودائع الخليجية التي حصلت عليها إلى استثمارات".

وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف الولي أن العلاقات بين البلدين أخذت دفعة قوية مع تبادل زيارات بين مسؤولي البلدين على أعلى مستوى خلال الشهور الأخيرة، والإعلان عن استثمارات وشراكات بـ5 مليارات دولار، والتي توجت بزيارة أمير قطر إلى القاهرة إيذانا ببدء مرحلة جديدة عنوانها الاستثمار والتبادل التجاري.

ذراع قطر الاستثمارية
الأسبوع الماضي، زار وزير المالية المصري محمد معيط الدوحة، وشارك في منتدى قطر الاقتصادي تحت شعار "تحقيق المساواة في معادلة التعافي الاقتصادي العالمي"، وخلال المنتدى استعرض الوزير فرص الاستثمار في مصر.

وأكد معيط أن بلاده تتطلع لزيادة الاستثمارات الخليجية -بما فيها القطرية- مع تحويل الودائع الخليجية إلى استثمارات حقيقية تستفيد من الفرص التنموية الواعدة المتاحة بمختلف المجالات، والمناخ المحفز للأعمال.

ومنتصف الشهر الجاري، قال السيسي -خلال حواره مع عدد من الإعلاميين بمدينة السادات (شمال القاهرة)- إن بلاده تحاول أن تجعل هذه الودائع (الخليجية) استثمارات، ونحن لدينا مشروعات كثيرة، فمصر بها 100 مليون وفرص كثيرة، سواء كاستثمار مشترك أو منفرد.

وكشف وزير المالية المصري عن أن وثيقة "سياسة ملكية الدولة" الجديدة تهدف إلى زيادة مشاركة القطاع الخاص في الاستثمارات العامة من 30 إلى 65% في السنوات الثلاث المقبلة، مشيرا إلى أن الحكومة تخطط للتخارج من 79 قطاعا، وتقليل استثماراتها في 45 قطاعا آخر، وجذب 40 مليار دولار من الاستثمارات خلال السنوات الأربع المقبلة.