من بين الدول الأكثر فسادا في العالم.. العراق يكافح المشاريع الوهمية باستعادة 60 مليار دولار
الوقائع الاخبارية : عانى العراق كثيرا من المشاريع الوهمية بعد الغزو الأميركي للبلاد عام 2003، التي سببت خسائر بمليارات الدولارات، نتيجة استيلاء اللجان الاقتصادية للأحزاب السياسية الحاكمة على بعض المشاريع في الدولة العراقية، بعد أخذ الأموال دون إكمال تلك المشاريع.
وحدد ديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة، في تقاريرهما، وجود مشاريع متلكئة، أضرت بإمكانيات الدولة العراقية وساهمت في خسائر مالية للبلاد، والمشاريع الوهمية هي التي تنفق أموالها ولكن لا يوجد لها أثر على الأرض.
وقال عضو اللجنة المالية النيابية جمال كوجر، للجزيرة نت، إن المشاريع الوهمية ارتفعت نسبتها في السنوات السابقة، بعد أن كانت هناك أموال كبيرة في الدولة العراقية، مشيرا إلى أن بعض الوزارات أحالت المشاريع إلى الشركات، وقامت هذه الشركات بسحب الأموال دون تنفيذ المشروع. وأضاف أن الخطوات التي اتخذتها مؤسسات الدولة في مكافحة المشاريع الوهمية تعتبر جيدة، وتحافظ على المال العام، بعد أن أهدرها الفاسدون في الفترة الماضية.
ويصنف العراق ضمن الدول الأكثر فسادا في العالم، إذ احتل المرتبة 157 عالميا، ضمن مؤشرات مدركات الفساد الذي أصدرته منظمة الشفافية الدولية عام 2021.
فساد منظم
وكانت رئيسة هيئة الاستثمار سهى النجار تحدثت في وقت سابق عن استعادة أكثر من 400 ألف دونم من أراضي الدولة كانت محجوزة تحت مظلة المشاريع الاستثمارية الوهمية وغير المنجزة، التي تقدر بقيمة 90 تريليون دينار (أي ما يعادل 62 مليار دولار).
وفي هذا الصدد يقول الخبير الاقتصادي، باسم جميل أنطوان، للجزيرة نت، إن المشاريع الوهمية حصلت لأسباب متعددة، منها الفساد المستشري في البلاد، والجهل بقضايا الاستثمار وقلة الخبرة، مضيفا أن هيئة الاستثمار حذفت أكثر من ألف مشروع وهمي قبل عدة أشهر.
وأكد أن وزارة التخطيط أقرت بوجود 6 آلاف مشروع أخذت أموالا من الدولة ولم ينفذ المشروع، مشيرا إلى أن تأسيس منصة خطابات الضمان هو العامل المهم في الحد من المشاريع الوهمية، لأن الشركات التي تقدم تحتاج إلى خطاب ضمان من قبل المصارف مما أصبح صعب الحصول عليه إلا بعد موافقة البنك المركزي.
ونوه إلى أن القضاء على المشاريع الوهمية خطوة مهمة نحو القضاء على الفساد المالي والإداري المستشري في جميع مؤسسات الدولة، لافتا إلى أن إعادة ضخ الأموال التي تستحصل من المشاريع الفاسدة في مشاريع أكثر إنتاجية ستساهم في تشغيل الأيدي العاملة.
أنقذت الاقتصاد
ونظمت رابطة المصارف الخاصة، قبل أيام في بغداد، ندوة حول منصة خطابات الضمان التي أنشأها البنك المركزي العراقي، وتضمنت عرض النتائج التي تحققت منذ إنشائها وحتى الآن.
وقال غزوان علي حسين معاون مدير دائرة الصيرفة في البنك المركزي خلال الندوة، إن "منصة خطابات الضمان أصدرت منذ إنشائها وحتى نهاية عام 2021 أكثر من 30 ألفا و704 خطابات ضمان، بإجمالي تجاوز 9.3 تريليونات دينار".
وأوضح أن "منصة خطابات الضمان تؤدي دورا مهما في تنظيم المسائل التعاقدية بين الجهات المستفيدة والزبائن، وتقوم بحماية الجهات الحكومية والقطاع الخاص، من الشركات المتلكئة من تنفيذ المشاريع، كما أنه يزيد من إيرادات القطاع المصرفي".
وتابع أن "خطابات الضمان كانت تعاني من مشاكل كبيرة تتمثل بالاحتيال على دوائر الدولة، عبر إصدار الخطابات خارج السجلات المصرفية، ولكن إنشاء هذه المنصة قضى على جميع المشاكل وحد من الفساد".
ولكن للمؤسسات الرقابية لمكافحة الفساد رأي آخر، وهو أن المشاريع المتلكئة كانت تجري بالاتفاق بين الأحزاب السياسية التي تقوم باختيار الوزراء.
وقال رئيس مؤسسة النهرين لدعم الشفافية والنزاهة، محمد رحيم، للجزيرة نت، إن معظم أموال المشاريع التي استولت عليها بعض الشركات الفاسدة، كانت عبر تصدير خطابات ضمان غير شرعية، تقبلها الدولة، وعندما تتلكأ الشركة في تنفيذ المشروع، تطالب الدولة بأموال خطاب الضمان لكن لا يوجد أي صحة له على أرض الواقع.
وأضاف أن إنشاء منصة خطابات الضمان خطوة مهمة في مكافحة الفساد، وإبعاد الشركات السيئة وغير الرصينة، من المشاريع الحكومية في المستقبل، موضحا أن عدد المشاريع الوهمية كبير جدا، وتحتاج الدولة إلى قرارات أكثر جديدة لمكافحة هذا الأمر.