مع انهيار اقتصاد بلادهم.. السريلانكيون يلجؤون إلى الطهي على الحطب

الوقائع الاخبارية : تعاني معظم دول العالم من ضغط اقتصادي كبير، تحاول أن تحتويه الدول الكبرى، في حين أن تبعاته تتضاعف في الدول النامية والصغيرة، حيث تسببت الأزمات العالمية المتتالية، مثل كوفيد-19 والحرب الروسية الأوكرانية، في الضغط على الاقتصاد الدولي بشكل كبير.

وفي تقرير نشره موقع "بارونز" (Barrons)، قالت الكاتبة أمل جياسينجي إن سريلانكا التي تعد غنية نسبيا تعاني اليوم من أزمة اقتصادية حادة ونقص في السلع والخدمات، بدءا من الأدوية وانتهاء بالغاز، مما دفع المواطنين إلى التوقف عن استخدام الغاز والطهي باستخدام الحطب.

وحسب الكاتبة، فقد بدأ السريلانكيون في اللجوء إلى هذا الحل بداية العام الجاري بعد انفجار أكثر من ألف مطبخ في جميع أنحاء البلاد، مما أسفر عن مقتل 7 أشخاص على الأقل وإصابة مئات آخرين، والسبب هو أن الموردين كانوا يتطلعون إلى خفض التكاليف وزيادة نسبة البروبان، مما رفع الضغط إلى مستويات خطيرة وسبب الانفجارات. واليوم أصبح الغاز إما غير متوفر أو مكلفا للغاية بالنسبة لمعظم الناس، وذلك إلى جانب أشياء أخرى كثيرة في الدولة التي يبلغ عدد سكانها 22 مليون نسمة.

وحاول البعض اللجوء إلى المواقد التي تعمل بزيت الكيروسين، لكن الحكومة لم تكن لديها ميزانية كافية لاستيراده إلى جانب البنزين والديزل، الذي يشهد أيضا نقصا في المعروض. في المقابل، صُدم أولئك الذين اشتروا المواقد الكهربائية عندما فرضت الحكومة انقطاعا طويلا في التيار الكهربائي بسبب نفاد الأموال اللازمة لاستيراد الوقود الضروري لتشغيل المولدات.

وذكرت الكاتبة أن نيلوكا هابوراتشي (41 عاما) نجت بأعجوبة، عندما انفجر موقد الغاز الخاص بها بعد طهيها وجبة الغداء أغسطس/آب الماضي، وتقول هابوراتشي "لحسن الحظ، لم يكن هناك أحد في ذلك الوقت، لقد تناثرت قطع الزجاج في أرجاء المكان بعد انفجار الموقد الزجاجي، لن أستخدم الغاز بعد اليوم للطهي، لأنه ليس آمنا، ونحن الآن نستخدم الحطب".

ووفقا للكاتبة، أفادت كاروناواثي، مالكة أحد المطاعم، والبالغة من العمر 67 عاما، بأنها انتقلت أيضا إلى استخدام الخشب حتى لا تضطر إلى إغلاق مطعمها، وقالت كاروناواثي "نعاني بسبب استنشاق الدخان عند الطهي بالحطب، لكن ليس لدينا خيار آخر، ولكن يصعب العثور على الحطب، كما أنه أصبح مكلفا للغاية".

سوء الإدارة الاقتصادية
لطالما كانت سريلانكا دولة ذات دخل متوسط، إذ يقارن ناتجها المحلي الإجمالي للفرد بالفلبين، وكانت الهند المجاورة تحسدها على مستويات المعيشة المسجلة. ولكن مع سوء الإدارة الاقتصادية وتأثر صناعة السياحة الهامة التي زعزعها فيروس كوفيد-19، نفدت من الدولة الأموال اللازمة لدفع ثمن معظم الواردات، ومن المرجح أن يستمر هذا الوضع المتأزم لبعض الوقت، وذلك وفقا لتصريح رئيس الوزراء رانيل ويكرمسينغ في البرلمان -الثلاثاء الماضي- حيث قال "سنواجه صعوبات في عام 2023 أيضا".

وأضافت الكاتبة أن التضخم غير الرسمي يأتي الآن في المرتبة الثانية بعد زيمبابوي، وتقدر الأمم المتحدة أن نحو 80% من الناس يقللون عدد وجبات الطعام، لأنهم غير قادرين على تحمل تكاليف الطعام.

وتبين الكاتبة أنه قبل الأزمة كانت جميع الأسر في العاصمة السريلانكية كولومبو تقريبا قادرة على تحمل تكلفة استخدام الغاز، لكن قاطعي الأخشاب، مثل سيليا راجا، يشهدون اليوم تجارة مزدهرة؛ فيقول راجا إن موردي الأخشاب في الأقاليم ضاعفوا أسعارهم بسبب الارتفاع الحاد في الطلب والارتفاع الهائل في تكاليف النقل.

علاوة على ذلك، يمكن أن يكون البحث عن الخشب داخل الغابات الموبوءة بالثعابين والحشرات أمرا خطيرا، وفقا للكاتبة؛ ففي الأسبوع الماضي، توفي أب لـ3 أطفال بسبب لسعات الدبابير في وسط سريلانكا وتم نقل 4 آخرين إلى المستشفى.

وتوضح الكاتبة أن الطلب يتزايد أيضا على الطاقة البديلة، إذ شهد رائد الأعمال رياض إسماعيل (51 عاما) ازدهارا في مبيعات موقد الحطب العالي التقنية الذي اخترعه عام 2008، حيث قام بتوصيل مروحة كهربائية صغيرة تعمل بالبطارية لنفخ الهواء في موقد على شكل برميل، لضمان احتراق الحطب بشكل أفضل، وبالتالي تقليل الدخان والسخام الذي ينتج عن طريقة حرق الحطب التقليدية.

ويَعِد منتجا إسماعيل، "إيستوف" و"جاناليبا"، اللذان يستخدمان فحم جوز الهند، بتوفير 60% على الأقل من التكلفة مقارنة بالطهي باستخدام الغاز، وأصبح كل من موقديه، اللذين يكلفان نحو 20 دولارا و50 دولارا على التوالي، الأكثر مبيعا حتى أن المشترين أصبحوا مضطرين إلى الانتظار ضمن قائمة انتظار طويلة بسبب كثرة الطلبات.