"جيري آند مارج غو لارج" كوميديا خفيفة للأوقات العائلية السعيدة

الوقائع الاخبارية : "جيري آند مارج غو لارج" Jerry & Marge Go Large، فيلم سيرة ذاتية كوميدي أخرجه ديفيد فرانكل، عن سيناريو مُستوحى من قصة حقيقية للمؤلف والصحفي الأميركي جاسون فاجون، تدور أحداثه على مدى 96 دقيقة، حول عائلة جيري (بريان كرانستون)، ومارج (أنيت بينينغ).

وقد وصفه الناقد السينمائي بريان تاليريكو، بأنه "دراسة شخصية رائعة عن زوجين يُفاجآن بقصة غير متوقعة، في وقت متأخر من الحياة".

زوجان لطيفان من الغرب الأوسط الأميركي، حيث بلدة إيفارت بولاية ميشيغان؛ يبحثان عن موطئ قدم، بعد أن أجبرتهما الظروف على اتباع أنماط حياتية جديدة؛ فيدخلان من الباب الخلفي للرأسمالية، في محاولة لاقتناص فرصة لضخ الأموال في بلدتهما المتعثرة.

"فرغم تقدم سنهما، لكنهما يتمتعان بحيوية تُظهرها بعض لقطات الأحذية الرياضية التي يُفضلها الأب، والجينز الذي ترتديه الأم"؛ كما تقول الناقدة ناتاليا وينكلمان.

بالإضافة إلى ما تقدمه بينينغ من لوحات جميلة، وهي تصور حالة امرأة تريد خوض مغامرات جديدة مع زوجها المحبوب للغاية؛ المُولع بأطفاله، المهووس بالأرقام، المُنشغل برفاهية أصدقائه وجيرانه، وفعل ما في وسعه لمساعدتهم، والمُحب لزوجته مارج أكثر من أي شيء آخر؛ بعد أن وجد نفسه في مواجهة الفراغ، لتقاعده عن العمل الذي كان يذهب إليه كل يوم لأكثر من 4 عقود.

رحلة البحث عن ثغرة
الفيلم الذي عُرض لأول مرة في مهرجان تريبيكا السينمائي 2022، منتصف الشهر الماضي؛ يبدأ بتقاعد جيري بعد 42 عاما من الانتظام في الوظيفة، وبعد أن وفرت كفاءته وموهبته في الأرقام، أموالا ضخمة للشركة على مدار سنوات عمله بها. ثم محاولة زوجته مارج تشجيعه على الاستمتاع بسنواته الذهبية؛ وإقدام ابنه بن (جيك ماكدورمان)، وابنته دون (آنا كامب) على شراء قارب له؛ لكنه يُتلفه قبل استخدامه، ويركله من الغضب والإحباط، عندما يسقط من فوق المقطورة، ويتعطل محركه، في مشهد مضحك للغاية.

ولأنه يحتاج إلى كل سنت الآن، ولأن التقاعد جاء أسرع قليلا مما كان يأمل، ولأنه مخلوق يتميز بالدقة الشديدة والعمل الدؤوب، ومجرد التفكير في الجلوس عاطلا يجعل صبره ينفد؛ فقد ظل جيري يُرهق دماغه في التفكير والبحث حتى صادف في أحد الأيام كتيب اليانصيب ميشيغان، على طاولة العشاء في أحد مطاعم البلدة؛ فأعمل عقله العددي الخارق في البحث عن "ثغرة قانونية" في نظام اليانصيب الوطني الذي يُباع في جميع أنحاء الولايات المتحدة، يمكن أن تكون في صالح المشتري، في حال شرائه المزيد من التذاكر، ولم يستغرق منه الأمر أكثر من 3 دقائق، حتى اكتشفها.

المغامرة الجنونية
تُشّجع مارج زوجها جيري على خوض مغامرته الجنونية، مع أنه أخفاها عنها في البداية، ورغم خوفها من مخاطرها المحتملة فقد انخرطا في شراء آلاف التذاكر، وحض أصدقاء من مدينتهم مثل ستيف (لاري ويلمور)، وهوارد (مايكل ماكين)، على أن يحذوا حذوهما. قبل أن ينتقلا إلى ولاية أخرى لاستئناف مخططهما، ويرقصان في المتاجر، وينجحان في إقناع بيل (راين ويلسون)، العامل في إحدى محطات الوقود بالمشاركة في المغامرة.

ويبدأ جيري في كسب الكثير من المال من ثغرة اليانصيب، ويفوز في المرة الأولى بأرباح بلغت 45%، ويستثمر ما يصل إلى 720 ألف دولار في المرة الواحدة. وهو يفعل هذا مُعتقدا أنها مجرد لعبة رياضية نقية وبسيطة"، على حد قول الناقد أليكس ميتشل.

لذا، حرص جيري على إشراك الجيران والأصدقاء والزملاء من سكان المدينة في استثمار هذه الأموال؛ واستطاع جعل المتقاعدين أثرياء، من خلال منحهم الفرصة لإقامة أعمال تجارية جديدة، من أجل إعادة الروح إلى بلدتهم الصغيرة، وتنظيم مهرجان محلي لموسيقى الجاز؛ إذ إن المال هو أمر ثانوي بالنسبة لجيري، أما أهل البلدة فهم في مقدمة اهتماماته.

وتمضي الأحداث، "دون أن يتوقع جيري ظهور خصوم انتهازيين، يُنغصون عليه فرحته بالنجاح، لسبب غير مفهوم"، كما يقول تاليريكو.

خطأ قاتل
خلا الفيلم من وجود شرير أو خصم حقيقي، واكتفى بالمراهق تايلر (أولي شليزنغر)، الطالب في هارفارد، "كشرير مصطنع؛ يُجسد شخصية جشع يريد كل شيء لنفسه"، وفقا للناقد بيل نيوكوت.

وبعد أن أضاف كرانستون وبينينغ مصداقية إلى الجزء الأول من الفيلم، وانطلقوا بشكل كبير؛ إذا بالمشاكل تبدأ مع ظهور مجموعة من المراهقين من طلبة جامعة هارفارد المدللين الأثرياء، بقيادة تايلر؛ اكتشفوا الثغرة نفسها في نظام اليانصيب، واشتروا ما يكفي من التذاكر لرفع الجائزة الكبرى إلى مليوني دولار؛ مما أدى إلى تراجع لم يكن جيري يتوقعه، كما لم يتوقع أن يبذل هؤلاء المراهقون قصارى جهدهم لإخراجه هو وزملائه من اللعبة؛ حتى أصبحوا يُشكلون خصما مُملا له، وهو ما ألقى بظلاله على مسار الأحداث، و"جعل الفيلم أقل عمقا مما كان متوقعا منه في البداية".

ورغم حكايته اللطيفة، التي لا ينقصها السحر بشكل عام، والأداء الحقيقي للممثلين الذين حافظوا على تماسك الفيلم؛ فإن هذا لم يستمر طويلا. وكأن كاتب السيناريو براد كوبلاند، والمخرج ديفيد فرانكل، لا يثقان في قدرة جيري ومارج على مواصلة الإمتاع حتى النهاية، فأفسدا قصتهما الحلوة بخطأ قاتل؛ "عندما قررا إقحام أعداء غير ضروريين، جعلوا الفيلم يتخلى عن الدقة بدءا من نصفه الثاني، ويتحول تدريجيا إلى فيلم تلفزيوني أقل إثارة"؛ بحسب رأي تاليريكو.

لكن الناقد سيدانت أدلاخا، يقول إنه رغم ذلك، يبقى "فيلما لائقا، وغير مسيء، ومن الصعب كُرهُه؛ بعد أن أظهر فيه جيري ومارج إحساسا باللطف والرحمة، وتميزا بنمط أزياء متواضع، وسلوك مهذب، وأداء دافئ بما يكفي لتخطي هذه الغلطة العرضية".