هل تُصلح التأشيرات الذهبية للمستثمرين في روسيا ما أفسدته الحرب؟

الوقائع الاخبارية : وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على قانون متعلق بـ"التأشيرات الذهبية"، والذي بمقتضاه يتم منح تصريح إقامة للأجانب الذين استثمروا 30 مليون روبل في مختلف قطاعات الاقتصاد الروسي، بما في ذلك العقارات، ومن المتوقع دخوله حيز التنفيذ بداية من أول العام المقبل.

في هذا التقرير الذي نشرته صحيفة "إزفيستيا" الروسية يقول ديمتري ميغونوف إنه على عكس الأفضليات المشابهة التي توفرها مختلف البلدان -بما في ذلك الملاذات الخارجية التقليدية للمغتربين أصحاب رؤوس المال- فإن القانون في روسيا سيكون محدود التأثير، غير أنه يصب في مصلحة العديد من الأشخاص غير المقيمين الراغبين في القيام بأعمال تجارية في روسيا.

مخطط العمل
ويضيف الكاتب أن منح تصريح الإقامة أو الجنسية بفضل الاستثمار ممارسة رائجة منذ فترة طويلة داخل جملة من البلدان مثل قبرص ومالطا والبرتغال، مع العلم أن 19 من أصل 27 دولة في الاتحاد الأوروبي تعتمد القواعد المنظمة لإصدار التأشيرات الذهبية، والتي تختلف شروطها من دولة إلى أخرى، فمثلا في مالطا من أجل الحصول على الجنسية يكفي العيش في الجزيرة لمدة 36 شهرا واستثمار 600 ألف يورو في صندوق التنمية الوطنية.

أما في قبرص فيتطلب الحصول على الجنسية استثمار مليوني يورو في مجال العقارات والتبرع بمبلغ تناهز قيمته 100 ألف يورو لصندوقين حكوميين، والحصول على جواز سفر بشكل آني، وبالنسبة للبرتغال لا تُمنح الجنسية بمجرد استثمار مبلغ من المال، إذ ارتأت الدولة منح تصريح إقامة للأجنبي الذي تعدى حجم استثماراته فيها 280 ألف يورو.

في المقابل-وفقا للكاتب- بدأت بعض الجهات تطالب بتشديد إصدار تصاريح المواطنة والإقامة في أوروبا في الأشهر الأخيرة، ولعل خير مثال على ذلك تقديم بروكسل مبادرة تنادي بمنع إصدار "جوازات السفر الذهبية" بتاتا، وفرض قيود صارمة على إصدار "التأشيرات الذهبية" في مارس/آذار من العام الجاري، إلى جانب عدم منح تصريح إقامة لمن اقتصر مجال استثماره على العقارات فقط، وبالإضافة إلى ذلك تتولى وكالات إنفاذ القانون النظر في جميع طلبات التصريح بالإقامة، كل واحد على حدة.

وقد فرض الاتحاد الأوروبي ضرورة موافقة جميع الدول الأعضاء في الاتحاد وليس فقط الدولة التي أصدرت الوثيقة على الاستثمارات المنجزة بمساعدة التأشيرات الذهبية، وهو ما صعب الأمر على المستثمرين الراغبين في الحصول على شهادات إقامة في العديد من الدول الأوروبية.

أسهل من أي مكان
وبحسب الكاتب، على عكس الاتحاد الأوروبي تبحث روسيا عن طرق لجذب المستثمرين من خلال مخططات مبسطة لإصدار تصاريح الإقامة، بما في ذلك القانون الذي وقعه الرئيس، فبينما يفرض القانون المعمول به حاليا وجود المستثمر مدة لا تقل عن عام ونصف من أجل الحصول على تصريح إقامة يقلص القانون الجديد هذه المدة بشكل كبير، ويناهز حجم إجمالي الاستثمار المطلوب للحصول على "تأشيرة ذهبية" 30 مليون روبل، ويختلف حسب اختلاف المكان، إذ تفرض شبه جزيرة القرم ومنطقة الشرق الأقصى حجم استثمار أقل مقابل الحصول على التأشيرة الذهبية.

ووفقا للكاتب، يرى ديمتري فولفاتش نائب وزير التنمية الاقتصادية الروسي أن القانون قادر على جذب بين 300 و400 مستثمر أجنبي إلى روسيا في السنة الأولى من اعتماده، مرجحا إمكانية تضاعف هذا العدد في السنوات الثلاث المقبلة.

وتناهز قيمة الأموال التي سيتم جذبها في السنة الأولى -بحسب تقديرات فولفاتش- حوالي 12 مليار روبل، مع إمكانية ارتفاعها إلى حدود 40 مليار روبل.

ونسب الكاتب إلى مارك جويخمان كبير المحللين في مجموعة "تيلي تريد" (Teletrade) أن صياغة القانون تمت بداية العام الماضي، ولا علاقة له بالتوترات الجيوسياسية الراهنة وما تلاها من أزمة اقتصادية، غير أن الظرف الراهن عجّل التصديق عليه.

ويستبعد جويخمان إمكانية اهتمام المستثمرين الغربيين بالحصول على تصريح إقامة مقابل إنشاء استثمارات، مرجحا أن تحظى هذه الفكرة باهتمام المستثمرين من عدد من بلدان رابطة الدول المستقلة التي تسعى روسيا في الوقت الراهن إلى تطوير العلاقات معها.

بدوره، يرى يفغيني ميرونيوك المحلل في مؤسسة "فريدوم فاينانس" (Freedom Finance) أن الطلب على الاستثمار في روسيا قد ينمو في ظل تراجع فرص الاستثمار في شبه جزيرة القرم ومنطقة الشرق الأقصى الفدرالية.

وعلاوة على ذلك يستطيع المتقدمون للحصول على الجنسية الروسية -خاصة المستثمرين في مجال السندات المالية الإقليمية أو المساهمين في الشركات الإقليمية- العيش في مناطق أخرى غير منطقة الاستثمار.

شروط الجوار
ووفقا للأستاذ المساعد في قسم العلوم السياسية بكلية الدراسات السياسية ميخائيل بوردا، يحظى القانون الجديد باهتمام رجال الأعمال الصينيين الذين يتوافدون على منطقة الشرق الأقصى من أجل تطوير أعمالهم وتأسيس الشركات هناك، بالإضافة إلى بعض المستثمرين من الهند وإيران وتركيا.

وإلى جانب ذلك يمكن للروس الذين يمتلكون جوازات سفر أوروبية أو أميركية وقرروا العودة إلى روسيا وتأسيس بعض الأعمال فيها الحصول على التأشيرة الذهبية، ولا سيما أن رحيل العديد من الشركات الغربية يخلق ظروفا مواتية للاستثمار هناك.

وبحسب الكاتب، يرى جويخمان أن موسكو وسان بطرسبورغ أكثر الأماكن التي قد تجذب انتباه المستثمرين الذين يركزون بشكل أساسي على قطاع العقارات السكنية، فيما قد يعتمد بعض المستثمرين على تطوير أعمالهم من خلال الاستثمار في مجال التجارة والخدمات واكتساح الأسواق التي غادرتها الشركات الغربية، خاصة في قطاع الأعمال الصغيرة والمتوسطة الحجم.

وفي نهاية التقرير ينقل الكاتب عن بوردا قوله إن المستثمرين الراغبين يمكن أن يستفيدوا من المشاركة في إنتاج مكونات معينة في قطاع الصناعة التحويلية من "التأشيرات الذهبية".