الدولار الرقمي.. هل تأخرت أميركا في سباق العملات المركزية المشفرة؟
الوقائع الاخبارية : تحاول العديد من الدول السيطرة على ظاهرة العملات الافتراضية عبر منع التعامل بها وتجريمها، كما تسعى في الوقت ذاته لإصدار عملات رقمية مركزية تمثل عملتها المحلية، لتأكيد سياداتها في إصدار النقود، ومواجهة الاحتيال وتبييض الأموال.
الولايات المتحدة اتخذت مؤخرا خطوة كبيرة نحو إطلاق عملة رقمية للبنك المركزي؛ إذ أوصت وزارة الخزانة بالمضي قدما في تطوير عملة رقمية للبنك المركزي كجزء من أول إطار شامل للبيت الأبيض على الإطلاق بشأن التطوير المسؤول للأصول الرقمية.
وحسب موقع "أتلانتيك كاونسل" (Atlantic Council) الأميركي، فإن إطار العمل يتبع الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس الأميركي جو بايدن بدءا من مارس/آذار الماضي، والذي لم يحدد نهج الحكومة للأصول الرقمية فحسب، بل طلب أيضا من العديد من الوكالات الحكومية صياغة توصيات سياسية لهذا النهج، ومعالجة كافة الجوانب، بدءا من الدولار الرقمي وصولا إلى لوائح العملة المشفرة.
وتسعى وزارة الخزانة لتواصل أكبر مع الدول الأخرى، ومشاركة الخبرات حول العملات الرقمية، والمساعدة في وضع المعايير الدولية؛ حيث تدرك أن من المصلحة الوطنية إنشاء "دولار رقمي"، رغم المخاوف المتعلقة بالأمن القومي.
وبينما تقوم الصين بإنشاء عملتها الرقمية الخاصة، فإن الولايات المتحدة تريد التأكد من أن النموذج الذي ينتشر في جميع أنحاء العالم هو النموذج الذي يحترم القيم الديمقراطية، لكن من أجل القيام بذلك فإن واشنطن تحتاج إلى طرح نموذجها الخاص، وهو ما تقول عنه وزارة الخزانة إنه أولوية للحكومة الأميركية.
وبدأت سابقا مجموعة من 7 بنوك مركزية كبرى -من بينها مجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي- تحديد الشكل الذي قد تبدو عليه العملات الرقمية، في مسعى للحاق بدور الصين الريادي.
وإلى جانب مجلس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي) وبنك إنجلترا، فإن البنوك السبعة التي تحالفت مع بنك التسويات الدولية تشمل البنك المركزي الأوروبي، والبنك الوطني السويسري، وبنك اليابان المركزي.
تأخر الدولار الرقمي
وأشار موقع "أتلانتيك كاونسل" إلى أن أكثر من 100 دولة تمثل 95% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي تدرس موضوع إصدار العملات الرقمية. ومع تصعيد الولايات المتحدة نشاطها؛ ستسأل جميع هذه البلدان تقريبا عما ستأتي به واشنطن وتتأكد من عمل عملاتها مع العملة الاحتياطية العالمية. كما أن روسيا تلعب دورا في هذا أيضا، ففي أعقاب الحرب الروسية على أوكرانيا وعقوبات مجموعة السبع، بدأت العديد من الدول استكشاف طرق للتغلب على نظام التحويل المالي الدولي القائم على الدولار.
ومن المقرر أن يدخل اليورو الرقمي الإنترنت في منتصف العقد، في حين سيتأخر الدولار الرقمي عنه بكثير. وتتمثل الخطوة الأولى في بناء نموذج ناجح، ثم سيتعين عليها تجربة النموذج، ثم الانتقال في النهاية من النموذج التجريبي إلى الإطلاق.
تجدر الإشارة إلى أن الصين بدأت عملها في هذا الأمر عام 2016، ولا تزال في المرحلة التجريبية، ومن شأن اليوان الرقمي تعزيز قدرة الصين التنافسية على الصعيد العالمي، ومركزها القوي في المفاوضات العالمية على حد سواء، في حين لا يزال الدولار الرقمي متأخرا.
وتبقى المنافسة بين الدولار الرقمي المنتظر وباقي العملات الرقمية في إطار المنافسة التقليدية بين أميركا ودول أخرى مثل الصين واليابان، وإن كانت المنافسة ستظل محكومة بكون أميركا المنتج الأكبر للتكنولوجيا، والمسيطر بنسبة كبيرة على المقدرات الاقتصادية العالمية.
وثمة أمر مهم يتعلق بمستقبل الدولار الورقي؛ فمن الصعب أن يتلاشى وجود الدولار الورقي في الأجلين القصير والمتوسط، بسبب ضعف البنية التكنولوجيا لدى العديد من الدول، بل والأفراد، فكما هي الحال في العملات الافتراضية، كونها تخص عددا شديد المحدودية من المتعاملين بالسوق العالمية، فإن الدولار الرقمي سيكون كذلك في بدايته، ولفترة ليست قصيرة.