حقوق الطفل: إقرار القانون لم يوقف جدل المادة 17

الوقائع الإخبارية: اعتبرت أصوات حقوقية أن التغيير الذي طرأ على نص المادة 17 من مشروع قانون حقوق الطفل، يعد "انتكاسة في الحراك الحقوقي الذي ألح لإقرار مشروع القانون وفق المواد التي أدرجت في مسودته”.

وفيما ثار جدل سبق تصويت مجلس النواب قبل أكثر من أسبوعين على مواد مدرجة في مشروع قانون الطفل، تتعلق بالحرية الشخصية للطفل واحترام خصوصيته وآليات لجوئه إلى الجهات المختصة في حال تعرضه إلى عنف أسري، جاءت المادة 17 التي عدل نواب على صيغتها من دون أسباب واضحة.

ووفق مسودة مشروع القانون كانت قد نصت المادة 17 على: "تلتزم المؤسسات التعليمية بما يلي: تمكين الطفل ووالديه أو الشخص الموكل برعايته في القرارات المتعلقة بالنظام المدرسي ووضعه الدراسي”، لكن قام بعض النواب بشطب كلمة "والديه” واستبدلوها بكلمة "وليّه”، التي تعني وفق قانون الأحوال الشخصية في مادته 223: الأب أو الجد للأب أو وصي الأب أو الوصي الذي تعيّنه المحكمة.

وهذا ما اعتبره حقوقيون "خطوة تعيد ما تحقق من إنجازات في الدفاع عن حقوق المرأة الأردنية عشرات الخطوات إلى الخلف”.

وبدا الاستياء من خلال حديث هؤلاء الحقوقيين لـ”الغد” ومنهم العين الدكتورة رابحة الدباس، التي أبدت استغرابها من تصويت مجلس النواب بالأغلبية على التعديلات التي أجروها على المادة 17 من مشروع قانون حقوق الطفل.

وشددت الدباس على أن حق الأم في المشاركة في الرعاية التعليمية لأبنائها في المدرسة هو حق نصت عليه المادة 184 من قانون الأحوال الشخصية، التي أكدت الحق المشترك بين والدي الطفل في الرعاية، دون انفراد طرف بها، وبالتالي فهذا الأمر "نابع من المصلحة الفضلى للطفل”.

وأشارت الدباس إلى أن ما يثبت أهمية الإبقاء على مصطلح "والديه” في مشروع قانون الطفل ما ورد أيضاً في قانون الأحوال الشخصية في المادة 226 الذي أجاز للأم في باب الولاية تقييد سلطة الولي أو الوصي في التصرف في المال المتبرع به وإدارته بما لا يضر بمصلحة القاصر.

واعتبرت أنه "لا داعي للتخوف من إبقاء مصطلح الوالدين بما ينسجم مع كثير من النصوص القانونية التي يُكمل بعضها البعض وتنسجم مع الدستور الأردني الذي يكفل المساواة في الحقوق والواجبات بين الأردنيين”.

وقدمت المحامية والحقوقية نور الإمام لـ”الغد” مطالعة قانونية للتعديل الذي طرأ على نص المادة 17 من مشروع قانون الطفل، وذكرت أن هذا التعديل: "حرم الأم من دورها في توجيه الطفل ودورها في الرعاية الذي منحتها إياه القوانين الأخرى، وهذا ما يعتبر سلبا لدور الأم الأساسي في تربية الأطفال، فعلى سبيل المثال لن يعتد بحضور الأم لاجتماع أولياء الأمور، ولا في التوقيع على إجازة الشهادة المدرسية للطالب، وهذا من أبسط الأمور”.

وقالت الإمام إنه لقد تم تعديل قانون العقوبات عام 2017 بإضافة الفقرة ج/62 على إثر حادثة توفيت فيها طفلة قبل إجراء عملية جراحية لها نتيجة تعنت الأب في القدوم للمستشفى نتيجة وجود خلافات بينه وبين الأم، ما دفع المشرع لمنح الأم صلاحية الموافقة على إجراء العمليات الجراحية، كما أن المشرع في قانون الأحداث منح الأم الحق في تقديم الشكوى عن الحدث كون الأب قد يكون غير موجود أو على خلاف مع الزوجة أو قد يكون المعتدي.

ووفق النصوص السابقة، تقول الإمام: "نجد بأن المشرع راعى مصلحة الطفل الفضلى في النصين السابقين، وأيضاً منح الأم دورها القانوني في متابعة أطفالها ورعايتهم، ومن المستهجن أن يسلب منها هذا الدور في التعليم”.

وناشدت الإمام ألا يصادق جلالة الملك على القانون، باعتباره صاحب الصلاحية بإعادة القانون إلى مجلس النواب، اضافة الى أن القانون يخالف توجهات الملك في الأوراق النقاشية التي تؤكد دور المرأة في المجتمع، مطالبة بأن يتم تعديل المادة بإضافة (وليه أو أحد الوالدين) لتشمل الأم، وأن لا ينتقص من حقها في التربية والرعاية، ومواءمة النص للمنظومة التشريعية في قانوني العقوبات والأحداث.

كما دعت إلى أن يتم اصدار تعليمات توضيحية عن وزارة التربية والتعليم بالاعتداد بدور الأم في كل ما يتعلق بالمتابعات المدرسية.

وفور تصويت مجلس النواب على الموافقة على التعديلات التي أجروها على المادة 17، انطلقت حملة نسوية حقوقية تحت شعار "رعاية مشتركة”، حيث اعتبرت في بيان صادر عنها أن: "الموافقة على هذا التعديل بحصر القرار فيما يتعلق بتعليم الأبناء بالولي هو قرار مجحف، وغير مبني على أسس موضوعية، ولا يصب في مصلحة الأبناء وبنائهم النفسي والسلوكي والاجتماعي، علاوة على أنها ستزيد من حالة الاحتقان والمشاحنة بين الوالدين على حساب مصلحة الأطفال الفضلى خاصة في حالة انفصال الأبوين”.
وتساءلت الحملة إن كان هذا التعديل تم بناء على دراسة واقع الحال، خصوصا أن غالبية الدراسات تؤكد أن الأم غالبا ما تتحمل العبء الأكبر في متابعة شؤون الأطفال الأكاديمية.

كما تساءلت حول ما إذا أخذت التعديلات بعين الاعتبار الأوضاع التي يكون فيها الولي غائبا كحالات الوفاة والسفر، مشيرة إلى أن التعديل "يتنافى مع المصلحة الفضلى للطفل، لأنه قدم رغبات الولي على مصلحة الطفل”.

كذلك أصدرت الحملة بياناً تعليقاً على المادة 17 ذكرت فيه: "لم تجد لجنة تعديل قانون الطفل ومجلس النواب الموافق على هذه التعديلات أي حرج بإلزام والدي الطفل أو الشخص الموكل برعايته بإلحاقه بالتعليم الإلزامي في حين حيّدت دور الأم من المشاركة في القرارات المتعلقة بالنظام المدرسي ووضعه الدراسي”.

وقالت إن "الأم حسب القانون ملزمة بأعمال الرعاية كتسجيل الطفل في المدرسة، وتحضيره يومياً للذهاب إليها ومراقبة التزامه بها، لكنها لا تملك الحق بالمشاركة باتخاذ أي قرار يتعلق بالنظام المدرسي ووضعه التعليمي، فحسب القانون دور المرأة يتعلق بتقديم الرعاية فقط!”.