مختصون: أسباب الجريمة متداخلة ومتشابكة
الوقائع الإخبارية: أكد مختصون وخبراء في علم الجريمة أن المجتمع الأردني شهد ارتفاعا وتحولا واضحا في نسب ونوعية الجرائم المرتكبة خلال الفترة الماضية، لافتين الى ما تضج به وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي بين الفينة و الأخرى من حوادث وجرائم مؤلمة وغريبة على المجتمع باتت تشغل الرأي العام وتؤرقه.
وشددوا على أهمية وجود دراسات علمية معمقة للجرائم في الأردن، للوقوف على الاسباب الحقيقية لارتفاع الجرائم التي شهدتها المملكة في الفترة الأخيرة، مشيرين إلى أن الخلافات الاسرية والمالية، اضافة الى اسباب اخرى مجهولة كانت وراء ارتكاب العديد من الجرائم.
وفي الإطار يشير الباحث والمختص في علم الجريمة الدكتور خالد الجبول، الى أن التعاملات بين افراد المجتمع وعلاقتهم مع بعض تؤدي احيانا كثيرة الى خلافات ومشاحنات تكون نتيجتها التسبب في حدوث الجرائم بمختلف اشكالها وصولا الى حالات القتل، معتبرا ان حالة التذمر والسخط لدى البعض كانت الدافع في انحرافهم نحو ارتكاب الجرائم في داخل أسرهم أو في علاقتهم مع زملائهم في العمل والجامعة وحتى مع اصدقائهم.
وأكد الجبول ان الجريمة لا تُعزى لسبب واحد بل هي نتيجة لعدة أسباب متداخلة ومتشابكة، لها علاقة بالظروف والعوامل الاجتماعية والنفسية والاقتصادية، منوها أن تأثير الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي ساهم بارتفاع حالات مختلفة من الجرائم وظهور أشكال جديدة لم يعتدها المجتمع الأردني، من خلال نشر أدق التفاصيل المتعلقة بالجريمة دون أي مراعاة للمبادئ الأخلاقية والمهنية في نشر أخبار الجرائم وتفاصيلها.
وحذّر الجبول من ان النشر غير المسؤول لتفاصيل الجريمة من شأنه ان يؤدى الى استنساخ لجرائم حدثت في مجتمعات أخرى، وتقليدها والاسترشاد بها في تنفيذ جرائم مشابهة لها كما حدث مؤخرا في حادثة مقتل الطالبة الجامعية، مشددا على أهمية الابتعاد عن انتهاك خصوصية الضحايا وأهلهم في ظل ما نشهده من تجاوزات على مواقع التواصل الاجتماعي قد تسيء إلى الضحايا واهلهم مع فبركة أخبار لا صلة لها بالحقيقية.
وأرجع المحامي الدكتور مصطفى عواد، أسباب الجرائم إلى عوامل اجتماعية واقتصادية وعاطفية وقانونية مختلفة تفضي الى نزاعات ما بين الجاني والمجني عليه، مؤكدا أن تشديد العقوبات من اجل الردع ليس فقط هو المسؤول عن منع الجريمة، لافتا إلى ضرورة توفر برامج وقاية نوعية متخصصة بمعالجة الأسباب والعوامل التي تشكل خطرا أو تهديدا ما قبل وقوع الجريمة، ولابد ان تكون هذه البرامج موجهة للفئات المعرضة للخطر أكثر من غيرها في المجتمع.
وتابع عواد: المطلوب من الجهات المعنية الان أن تركز اهتمامها في التصدي للجرائم على الجانب الوقائي لمنع حدوثها، مشيرا الى توصيات المنظمات والمراكز الحقوقية ومنظمة الصحة العالمية بان يكون هناك دوائر ومراكز تعنى في الوقاية من العنف والجريمة.
ولفت الى ان الفقر والبطالة يشكلان حلقة خطيرة كأحد عوامل الخطورة المجتمعية المؤدية الى ارتكاب جرائم القتل سواء داخل الأسرة أو خارجها، موضحا ان العنف الذي تتعرض له المرأة والطفل، إضافة إلى انتشار ظاهرة التعاطي والاتجار بالمخدرات يوفر مناخا مواتيا لارتكاب الجرائم وخاصة القتل والسرقة والاغتصاب.
وركزت أستاذة علم الجريمة الدكتورة كفاح مناصرة، على ما تتعرض له النساء من جرائم عنف واعتداء مفضٍ في احيان كثيرة الى وقوع القتل، مشيرة إلى أن الجرائم المرتكبة بحق النساء والفتيات تمثل خطرا حقيقيا ضمن سلسلة حلقات العنف المتواصلة ضدهن في المجتمع.
وقالت مناصرة:إن جرائم القتل هي نتيجة مؤلمة لتبعات أشكال متعددة من العنف الممارس ضد النساء، مطالبة كافة الجهات المختصة بضرورة التصدي لكل أشكال العنف الذي يمارس ضدهن بكل حزم وجدية.
وأكدت أهمية الجهد النسوي المنظم وللجمعيات الحقوقية في رصد التجاوزات التي تتعرض لها النساء والفتيات في المجتمع، واصدار التقارير الدورية في كشف الحقائق حيال الممارسات المسيئة ضدهن، مشيرة الى أهمية التنسيق مع الجهات الرسمية وغير الرسمية ذات العلاقة لوقف هذه التجاوزات والعنف الذي تتعرض له المرأة في المجتمع.
وتشير مقترحات قدمتها جمعية معهد تضامن النساء الأردني شملت عددا من الإجراءات من أجل الحد و/أو إنهاء جرائم القتل ضد النساء والفتيات خاصة جرائم القتل الأسرية، تشمل: عدم الاستهانة بالعنف البسيط ضد النساء والفتيات والذي قد يؤدي إلى جرائم قتل، إضافة الى عدم قبول التعهد من الأسرة في حال وجود خطورة ولو متدنية على حياة النساء والفتيات، وتقديم المزيد من خدمات الإرشاد للناجيات من العنف خاصة الخدمات الالكترونية، كما دعت الى التوسع في إنشاء دور إيواء للنساء والفتيات المعرضات للخطر، كما طالبت المقترحات إنهاء توقيف النسا? والفتيات إداريا، ورفد المراكز الأمنية بالشرطة النسائية بأعداد كافية وبناء قدراتهن في مجال العنف ضد النساء والفتيات، وإلغاء أي أثر لإسقاط الحق الشخصي في جرائم القتل الأسرية ضد النساء والفتيات والأطفال، مشيرة الى أهمية جمع وتحليل ونشر المعلومات والإحصاءات الوطنية حول العنف ضد النساء والفتيات، وزيادة خيارات وفرص النساء والفتيات للنجاة من العنف الأسري، مع ضمان عدم إفلات مرتكبي العنف ضد النساء والفتيات من العقاب.