أزمة العقارات.. كيف يمكن أن تقضي على النمو العالمي في 2023؟
الوقائع الاخبارية : يواجه قطاع العقارات في أجزاء مختلفة من العالم تحديات يمكن أن تؤثر بشكل حاسم على النمو الاقتصادي العالمي، فقد ينخفض -في أسوأ السيناريوهات- بنسبة 0.3% في عام 2023، متأثرا بتراجع سوق العقارات وانخفاض الاستثمارات في القطاع وتشديد شروط الائتمان.
وبعد سنوات من الازدهار، تُظهر سوق العقارات الدولية أوجه تشابه مع الوضع الذي سبق الأزمة المالية الكبرى في 2007-2008، حسب صحيفة "لوتون" (Le Temps) السويسرية.
ففي الولايات المتحدة، تقترب أسعار الفائدة على الرهن العقاري من عتبة 7% مسجلة ارتفاعا بأكثر من الضعف في أقل من عام، بينما زادت بشكل حاد في بريطانيا العظمى لتصل إلى 4% -وهو مستوى قريب من مستوى سنة 2003- مقابل 2.5% في منطقة اليورو حيث تضاعفت منذ فترة أبريل/نيسان ومايو/أيار، وذلك وفقا لشركة "أكسفورد إيكونوميكس" الاستشارية.
وفي الصين، يشهد قطاع العقارات هذا العام أزمة غير مسبوقة منذ أواخر حقبة التسعينيات من القرن الماضي، إذ تكافح معظم شركات التطوير العقاري الصينية لإعادة تمويل سنداتها المحلية، وسط انخفاض بأسعار المساكن خلال الأشهر الـ11 الماضية.
ففي السنوات العشر التي أعقبت الأزمة المالية العالمية، ارتفعت نسبة الدين الداخلي للصين إلى الناتج المحلي الإجمالي من نحو 150% إلى أكثر من 250%، ومن ثم زادت ديون الأسر والحكومات المحلية وشركات التطوير العقاري والشركات الحكومية بشكل أسرع، مما خلق دينامية محفوفة بالمخاطر، وتكبدت بذلك شركات التطوير العقاري الكبرى ديونا هائلة.
تحديات قطاع العقارات
حسب ما توصل إليه آدم سلاتر كبير الاقتصاديين في "أكسفورد إيكونوميكس" في دراسة حديثة، فإن ارتفاع أسعار الفائدة على الرهن العقاري من العوامل التي أسهمت في تراجع ثقة جيل من مالكي المنازل الذين كانوا يعتقدون أن أسعار الفائدة ستبقى منخفضة إلى الأبد.
ويتوقع صندوق النقد الدولي أنه سيتراجع إلى 2.7% في السنة المقبلة، وهو أدنى مستوى له منذ عام 2001، باستثناء فترات الأزمة المالية والجائحة.
ووفقا لـ"أكسفورد إيكونوميكس"، قد ينخفض هذ الرقم إلى 0.3% في ظل 3 عوامل: تراجع أسعار المنازل بنسبة 10%، والاستثمار السكني بنسبة 10%، وتشديد شروط الائتمان 5 مرات أقل مما لوحظ خلال الأزمة المالية لعام 2008.
إذا تحقق الخطران الأولان فقط سيصل النمو إلى 0.7%، وسيبلغ النمو 1.3% إذا أصبح تراجع أسعار المنازل حقيقة واقعة في 22 من الاقتصادات الكبرى في العالم. مع ذلك، تتوقع شركة الاستشارات البريطانية بلوغ معدل نمو الاقتصاد العالمي 1.5% في عام 2023.
تراجع الأسعار فعليا
بدأت الأسعار في الانخفاض عبر المحيط الأطلسي، فانخفض مؤشر "كيز شيلر" الذي يحظى بمتابعة عالية بين شهري يونيو/حزيران ويوليو/تموز للمرة الأولى منذ عام 2012 وبعد عامين من الزيادات الشهرية الملحوظة.
وفي الوقت نفسه، انخفض المؤشر الذي تقيسه منظمة ضمان الرهن العقاري الأميركية "فريدي ماك" في الأشهر الثلاثة الماضية، وهو الأول منذ عام 2011.
إجمالا، 9 من أصل 18 سوقا من أسواق الاقتصاد المتقدم التي حللتها "أكسفورد إيكونوميكس" تشهد انخفاضا في أسعار العقارات حسب تقديراتها.
وحسب العديد من الدراسات الأكاديمية، فإن تراجع أسعار المنازل بنسبة 10% سيؤدي إلى انكماش بنسبة 0.4 إلى 0.5% في استهلاك وإنفاق الأسر في الاقتصادات المتقدمة.
وفي الولايات المتحدة، بلغ مؤشر ثقة مطوري العقارات أدنى مستوياته منذ عام 2012، بعد أن انخفض أكثر مقارنة بالعام الذي سبق أزمة عام 2008. ونتيجة لذلك، تقلصت مبيعات المنازل القائمة بنسبة 25% تقريبا خلال عام واحد.
وهناك عاملان سيكونان حاسمين في الفترة القادمة في سوق العقارات، هما مدى ارتفاع البطالة (وهو العامل الذي سيحدد إذا كان أصحاب المنازل سيضطرون إلى البيع بأسعار أقل)، ودرجة تحمل الأسر لتقلب أسعار الفائدة على الرهن العقاري أو المعدلات الثابتة التي سيتم تحديدها عند مستويات أعلى بكثير.