مع ارتفاع الكاز والديزل 40 %.. شتاء الأردنيين الأصعب منذ سنوات

الوقائع الاخبارية:إن كنت من الطبقة الفقيرة أو المتوسطة، فاعلم أنك ستواجه شتاء صعبا مليئا بالتحديات، وعلى رأسها الشعور بالدفء، بحسب خبراء.

التدفئة ستكون تحديا يثقل كاهل الأردنيين لهذا العام، بحسب الخبراء، الذين يرون أن أسعار المحروقات، وتحديدا الكاز، زادت بشكل كبير، إضافة إلى أسعار المواد الأساسية الأخرى التي ما تزال مرتفعة، في حين أن مستوى دخل الأسر في تراجع مستمر، في ظل نمو اقتصادي متباطئ.

وتوقع البعض بأن يكون هذا الشتاء "الأصعب” منذ سنوات، فمداخيل الأسر لم تعد تحتمل أي زيادة على الأسعار.

يأتي هذا في الوقت الذي تسير فيه السياسات الحكومية "عكس الاتجاه”، فهي تصر، بحسب الخبراء، على رفع أسعار المحروقات على مشارف برد الشتاء.

وقد شهدت أسعار الكاز والديزل، العام الحالي، ارتفاعا متواصلا حتى تشرين الثاني (نوفمبر) لتبلغ 860 فلسا للتر؛ حيث إن نسبة الزيادة مقارنة مع أسعار الشتاء الماضي بلغت نحو 40 %، فكان سعر اللتر في ذلك الوقت 615 فلسا.

ووصلت أسعار المستهلك لشهر أيلول (سبتمبر) 2022 الى 108.41 مقابل 102.86 للشهر نفسه من العام الماضي، مسجلة ارتفاعاً نسبته 5.39 %. وقد أسهم في ذلك الارتفاع بشكل رئيسي؛ مجموعة الوقود والإنارة بنسبة 33.30 %، النقل بنسبة 6.90 %، الإيجارات بنسبة 4.48 %، الثقافة والترفيه بنسبة 14.39 % والصحة بنسبة 7.00 %.

وزير تطوير القطاع العام الأسبق الدكتور ماهر المدادحة، أشار الى أن أسعار المحروقات في العالم ارتفعت، وهذا انعكس على جميع الدول، إلا أن وقعها سيكون كبيرا على الأردنيين، خصوصا أن أي ارتفاع على المحروقات ينعكس على كل القطاعات الصناعية والتجارية المختلفة، وبالتالي على أسعار المواد.

وتأتي هذه الزيادة على المحروقات في ظل مرور الاقتصاد بأوضاع سيئة أيضا، فالنمو الاقتصادي بطيء، ومعدلات البطالة والفقر مرتفعة، خصوصا بعد جائحة كورونا.

وقال "إن أي ارتفاع على كلف الطاقة سينعكس على الطبقات المختلفة وسيزيد نسبة ما يخصص للمحروقات من ميزانيات الأسر، وبالتالي سيؤثر هذا على المستوى المعيشي وقدرته على توفير الطاقة”.

ومن جهته، أشار زيان زوانة الى أنه، وبالرغم من أن صعوبة الشتاء لم تعد بالجديدة على الأردنيين خلال الأعوام الأخيرة الماضية، إلا أنها ستكون الأصعب لهذا العام في ظل ارتفاع الأسعار وتراجع الدخول.

ويرى زوانة أن هذا الشتاء لن يكون صعبا على الأردنيين فقط، فهو صعب على بلدان العالم أجمع، مع اختلاف ظروف ومستوى الدخول والإجراءات في كل بلد. وفي الأردن، سيكون الوضع كذلك صعبا، لا سيما على الأسر من الطبقات المتوسطة والفقيرة، خصوصا مع زيادة مصاريف الشتاء المتعلقة بتوفير التدفئة والمواد الأساسية التي ارتفعت أسعارها خلال الأشهر الأخيرة.

ويشير الى أن كثيرا من الأسر من الطبقة المتوسطة خصوصا كانت قد انتقلت في الأعوام الماضية من التدفئة المركزية الى التدفئة على الكهرباء، لكن وبعد أن رفعت الحكومة أسعار الكهرباء اتجهت الى مدافئ الغاز والكاز الصغيرة.

أما الأسر الفقيرة، فلم يكن لديها خيار سوى التدفئة على الكاز والحطب، واليوم ومع ارتفاع الكاز ونحن على أبواب الشتاء، سنشهد ظواهر لم نكن نشهدها سابقا.

يشار هنا الى أن الأرقام المحلية الرسمية تشير الى أن معدل الفقر في المملكة لدى الأردنيين يبلغ 15.7 %، للعام 2017-2018، فيما تشير توقعات البنك الدولي الى زيادة على المدى القصير في معدل الفقر الوطني بمقدار 11 نقطة مئوية بالنسبة للأردنيين، ليصل الى حوالي 27 %.

ويدعم ذلك ما جاءت به دراسة نشرت في آب (أغسطس) من العام الماضي صادرة عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف”؛ إذ أشارت الى أن معدل دخل بعض الأسر في الأردن انخفض، وتضاعف عدد العائلات التي يقل دخلها الشهري عن 100 دينار أردني (140 دولارا) منذ انتشار جائحة كورونا.

ويتفق أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك الدكتور قاسم الحموري مع سابقيه؛ حيث توقع أن "يكون الشتاء خانقاً”، على الأصعدة كافة للأسر الفقيرة؛ حيث سنشهد، إضافة الى عدم قدرة الأسر على تأمين التدفئة اللازمة لها، "حالات اختناق” نتيجة التوجه الى وسائل تدفئة غير آمنة.

ووفقا للحموري، فإن السياسات الحكومية ما تزال تسير بعكس الاتجاه، فالفقر والبطالة في ارتفاع مستمر والوضع المعيشي للأسر في تراجع، فيما تسير السياسات الحكومية بعكس الاتجاه، فمؤخرا قامت برفع أسعار الكاز والديزل.

ويعول الحموري اليوم و”بعيدا عن السياسات الحكومية” على التكافل الاجتماعي الذي سيخفف على الأسر المحتاجة، حتى يمر الشتاء بأقل الأضرار.

يشار إلى دراسة "يونيسف” التي جاءت حول التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه الأطفال والشباب الأكثر هشاشة وأولياء أمورهم في الأردن خلال جائحة كورونا، وأوضحت أن 28 % من العائلات لديها تمويل يكفي لأسبوعين فقط لإعالة أنفسها، وأن 68 % من العائلات تعطلت أعمالها بسبب الجائحة.

وأشارت الدراسة، التي شملت عائلات أردنية وسورية، إلى أن "28 % من الأطفال يذهبون إلى فراشهم جياعا أثناء حظر التجول، وانخفضت النسبة لتصل إلى 15 % بعد فك حظر التجول”.