ندوة في “آداب الأردنية” عن التاريخ في الرواية والسينما

الوقائع الاخبارية : استضافت كلية الآداب في الجامعة الأردنية المؤرخ وأستاذ التاريخ العربي الحديث في جامعة القاهرة والرئيس السابق للمجلس المصري الأعلى للثقافة الدكتور محمد عفيفي.

وقال عفيفي إن ظهور فنّي الرواية السينما قدّما للتّاريخ مادّة خصبة، مشيرًا إلى العلاقة الوثيقة جدا ما بين التاريخ والسينما والأدب، واصفًا إيّاها بالعلاقة الشيقة والشائكة في نفس الوقت، وضاربًا المثل بالروايات الكلاسيكية للكاتب جُرجي زيدان، إذ إنّ رواياته أوصلت التاريخ إلى الناس بشكل واسع جدا، كما نوه كذلك إلى أن السينما أخذت في بداياتها بتقديم أفلام تاريخية أو دينية تاريخية، حتى في السينما العالمية.

وقال أيضًا "إننا نحاكم العمل الأدبي أو العمل السينمائي بميزان”، لافتًا إلى أنّ هذه النظرية كانت سائدة لزمن طويل، ومشيرا إلى أن أسئلة ما بعد الحداثة غيرت من هذه النظرة، وطرحت عديدًا من الأفكار والأسئلة الجديدة، موضحا أن الحقيقة نسبية، إذ ليس هناك سردية تاريخية واحدة، بل عدة سرديات.

وأشار إلى أن أسئلة ما بعد الحداثة طرحت فكرة مفادها أنه لا يمكن محاكمة الرواية التاريخية، وأنه ليس من مهمتها أن تقدم التاريخ، موضحا في هذا الصدد أن الرواية والفيلم التاريخيين ليس من مهمّتهما أن يكونا "كتاب تاريخ”، كما بين أن أفكار ما بعد الحداثة تقول، فيما يخُصُّ التّاريخ المُشتغل عليه إبداعيًّا، إنّ هناك مساحات يستطيع أن يعمل عليها الروائي والسيناريست والمخرج، ووصفها عفيفي بـ”المسكوت عنه في التاريخ ” أو ما عُمل على تهميشه، مبيّنًا أن الرواية تعطي مساحة للتحرر أوسع من مساحة المؤرخ المُقيّد بكهنوت القواعد الأكاديمية.

وأضاف عفيفي أن السينما صناعة كبيرة، والمخرج هو الأب الشرعي للعمل السينمائي، موضّحًا أن الأفلام التاريخية غالبا ما تواجه مشاكل أثناء العمل عليها، من أهمها التمويل، حيث إن تكلفة إنتاجها مرتفعة جدًّا، مؤكدا على أهمية الأفلام والمسلسلات التاريخية إذ تعمل على صناعة وعي مجتمعي، ومضيفًا أن تدريس التاريخ في العالم العربي يعتمد على التلقين والتحفيظ ليس إلّا، دون أن يعتمد على الحوار والنقاش وتناقل الأفكار.

ولفت عفيفي إلى أن السينما تحاسب الحُكّام بعد رحيلهم، مشيرًا إلى "الكرنك” سواء الرواية أو الفيلم المأخوذ عن الرواية التي كتبها نجيب محفوظ، منوّهًا إلى أن الفيلم خلق ظاهرة في تاريخ السينما المصرية أُطلق عليها "الكرنكة”.

من جانبه، تحدث عميد كلية الآداب الدكتور مهند مبيضين عن الأعمال التاريخية في الأردن، وعن حضور الرواية والتاريخ جنبًا إلى جنب، من خلال مجموعة من الأعمال الأدبية، مستشهدًا برواية غالب هلسا "بدو وزنوج وفلاحون”، ورواية "أبناء القلعة” لزياد قاسم، وغيرها من النماذج الأدبية والتاريخية.

وعرض المناقشون مجموعة من الأسئلة حول أثر الأدب على التاريخ وفقًا لمعايير الإبداع الأدبي وقضية التأثير على المتلقي وكيفية الوصول إلى الحقائق التاريخية وتأثيرها على الجمهور.

ويُشار إلى أنّ الدكتور محمد عفيفي مصري الجنسية، حاصل على درجة الماجستير عن رسالته التي تناولت الأوقاف في العصر العثماني، ثم على درجة الدكتوراه من جامعة القاهرة عن دراسة حول الأقباط في العصر العثماني. اتسمت الدراسات الخاصة به بالعمل على أرشيفات المحاكم الشرعية والمخطوطات.

وقد تولى عديدًا من المناصب الأكاديمية والثقافية، كما حصل على عديد من الجوائز، منها أحسن رسالة ماجستير في فرعِ التاريخ لعام 1986 قُدّمت له من الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، وجائزة الدولة التشجيعية في العلوم الاجتماعية لعام 2004، وجائزة الدولة للتفوق في العلوم الاجتماعية لعام 2009، وجائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية لعام 2020/2021.