عبيدات: أحمل في كف عمر الجامعة الأردنية ستين عامًا من المعرفة

الوقائع الاخبارية : برعاية رئيس الجامعة الأردنية الدكتور نذير عبيدات، نظّم قسم اللغة العربية في كلية الآداب في الجامعة اليوم ندوة علمية بمناسبة مئوية العلامة الراحل الدكتور ناصر الدين الأسد رحمه الله.

وقال عبيدات، في كلمة ألقاها، إن العلاّمة الراحل "الأسد" ولد وعاش ومات مدافعًا عن أجمل اللغات وأكثرها روعة، فهو سادن اللغة العربيّة وحافظها، صاحب الشخصية التي لها في قلوب الأردنيّين مطرح واسع، واصفًا إيّاه بأنّه جمع مثلّث الرّوعة والأناقة، المثلّث الذي تتشكّل زواياه من الجامعة الأردنيّة واللّغة العربيّة وناصر الدّين الأسد ذاته.

وأضاف عبيدات بالقول "تحملني اليوم سحابة من العشق والوفاء، أحمل في كفٍّ عمر الأردنيّة المديد؛ ستّين عامًا من المعرفة والعلم والإنجاز، وفي كفّي الأخرى أحمل أشواق وأحلام وآمال ناصر، مئة عام مشفوعة بأكثر من مئتين وخمسين ألف خرّيج هم هدية الأردنيّة إلى العالم بأسره".

وألقى عبيدات الضّوء على اللغة العربيّة، ثالث الزوايا، مُعبّرًا بالقول إنّها اللّغة التي وسعت كتاب الله لفظًا وغايةً، شاهدةً على أجمل المفردات وأروع ما قالته العرب.

وأكد عبيدات كذلك على أننا نقف اليوم وقفة إجلال لا رثاء، لذاك الرّجل الذي لم يدّخر جهدًا للمنافحة عن العربيّة والدّفاع عنها كلّما هبّت رياح المشكّكين والطّاعنين والمرتابين، لذاك الرّجل الذي أخلص العمر للّغة بحثًا وتحقيقًا وكتابةً وأسئلةً، لذاك الرّجل الذي فتح لتلاميذه باب السّؤال على رحابته، وباب الأجوبة على سعتها.

وتساءل عبيدات في كلمته "كيف لنا أن نسرد سجلّ رجلٍ له في كلّ بلدٍ عربيٍّ نفحةٌ، وصيتٌ طيّبٌ سمته الإرادة؟"، ليكمل بأنّ الأسد "اختصر العروبة بشخصه، وكان تجسيدًا لانتفاء المركز بحركته الدّائمة بين الأقطار، لامًّا شملها وناصبًا الأهداف، تلك التي لم تخطئ مرّةً، فهو من هو، أحد مؤسّسي الجامعة الأردنيّة، وذو الرئاستين؛ إذ تولّى إدارة الجامعة على فترتين مختلفتين، ومنشئ أوّل مدرسةٍ ثانويّةٍ في ليبيا، وعضو مجلس جامعة الدّول العربيّة، وسفير الأردنّ إلى المملكة العربيّة السّعوديّة".

وتابع مُخاطبًا الأسد ومتسائلًا "كيف نكتب عنك وما زلت حيًّا فينا، بإرثك الذي شيّدته كلمةً كلمةً، موقفًا موقفًا؟ مئة عام على ولادتك وولادة الدّولة الأردنيّة، والسّعي إلى العلا لم يفارق الأردنيّين، مئة عامٍ واظبتَ فيها على رؤية المعرفة عابرةً للحدود، فأخذت تؤسّس لها في ليبيا والمملكة العربيّة السّعوديّة والهند والصّين والمملكة المغربيّة وغيرها وغيرها من الأقطار، كيف نكتب عن ذاك كلّه، متظاهرين بأنّك ما عدت بيننا؟ لا، فأنت من أنت، الحاضر أبدًا، وما غيابك إلّا إشارة إلى حجم الفراغ الذي خلّفته، أيّها الأسد الجميل".

من جهته، قدّم عميد الكلية الدكتور مهند مبيضين لمحة عن حياة الأسد الزاخرة بالعلم والمعرفة والحياة، وقال إن الاحتفاء بمئويته يُعدّ احتفاء بالمعرفة والحضور العربي، واحتفاء بالذاكرة التأسيسة للجامعة الأردنية، وهو تقدير من الجامعة لعلمٍ عربي راسخٍ في الأردن.

واستعرض مبيضين أهمية تناول سيرة الأسد من باب إسهاماته العديدة بوصفه أستاذًا جامعيًّا، ومؤسّسًا لعديد من المؤسسات الأكاديمية والمعرفية، وصاحب مروءات ومَبَرّات كبيرة.

فيما تناول الدكتور معاذ الزعبي، في كلمة ألقاها نيابةً عن رئيس قسم اللغة العربية، خلال حفل افتتاح الندوة الذي أدارته الدكتورة مها العتوم، أبرز مناقب الراحل، مشيرا إلى أنه لم يطلب في حياته الدعة ولم يستطبها، ولم يعفِ نفسه من كَدِّ النظر، ولم يُرِح قلبه من تعب الفكر، فما نال الدرجة العليّة والمنزلة السنيّة إلا بعدما أتى في سبيل ذلك على كل سبب نبيل يدعو إلى الرفعة.

إلى ذلك، فقد شارك في الندوة العلمية، التي ترأسها رئيس الوزراء الأسبق عون الخصاونة، كل من الدكتور عبد القادر الرّبّاعي والدكتور صلاح جرار والدكتور عمر الفجّاوي والدكتورة امتنان الصمادي، تحدث كُلّ منهم خلالها عن حياة الراحل الغنية بكل جميل وقيّم في مختلف مناحي حياته الإنسانية والأكاديمية والاجتماعية العلمية منها والعملية.

هذا وتجدر الإشارة إلى أن منظمة اليونسكو قد أدرجت الاحتفال بمئوية ميلاد الكاتب والمفكر الكبير الأستاذ الدكتور ناصر الدين الأسد -رحمه الله- على قائمة احتفالات الذكرى التي تشارك فيها اليونسكو خلال عامي 2022 و2023.

وقد ولد الأسد يوم 13/12/1922 في مدينة العقبة جنوبيّ الأردن، وعمل في مناصب ثقافية في الأمانة العامة لجامعة الدول العربية ومدرّسًا لطلبة الماجستير في معهد البحوث والدراسات العربية في القاهرة، كما كان الرئيس المؤسس للجامعة الأردنية التي عمل فيها مدرّسًا للّغة العربية وآدابها متولّيًا عمادة كلية الآداب ورئاسة الجامعة خلال الأعوام 1962-1968.

وبعد فترة رئاسته الأولى للجامعة الأردنيّة، عُيّن الأسد في منصب المدير العام المساعد المشرف على الشؤون الثقافية في المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في القاهرة بين الأعوام 1968-1977، ثُمّ عمل سفيرًا للأردن لدى المملكة العربيّة السعودية بين عامي 1977-1978، قبل أن يُعاود رئاسة الجامعة الأردنية للمرة الثانية بين الأعوام 1978-1980، كما كان الرئيس المؤسس للمجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية في مؤسسة آل البيت على مدى عشرين عامًا، بين الأعوام 1980-2000، إلى جانب كونه الوزير المؤسس لوزارة التعليم العالي أعوام 1985-1989.