تزايد منتفعي الأعمال الخيرية في رمضان يصطدم بتعدد البيانات

الوقائع الاخبارية: يعد شهر رمضان المبارك بوابة استثنائية لتكثيف العمل الخيري ومكافحة الجوع، على مستوى تأمين العائلات والأسر المحتاجة والأفراد بالإعانات النقدية والعينية وكذلك تأمين الحصص الغذائية لهم، وفق معايير وضوابط منهجية ومدروسة، بالاستناد إلى قواعد البيانات المتوفرة لدى الجهات المختلفة.

وتعتمد الجهات والجمعيات الخيرية في تقديم مساعداتها، على قواعد بيانات خاصة بها، فبعضها ربما يستند إلى معايير وبيانات صندوق المعونة الوطنية ووزارة التنمية الاجتماعية أو معايير مؤشرات عالمية، مع وجود احتمالات لازدواجية الحصول على المعونة وبما لا يساعد على الوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من المحتاجين.

ويتطلب توزيع الإعانات أو التبرعات على مدار العام، وخاصة خلال شهر رمضان، سلسلة من الموافقات والإجراءات المرتبطة بوزارة التنمية الاجتماعية وفق أحكام قانون الجمعيات والأنظمة ذات العلاقة.

وكشفت وزارة التنمية الاجتماعية، من خلال مساعد الأمين العام للوزارة، عامر الحياصات، عن توجه الوزارة إلى إنشاء منصة الكترونية تشمل كل قواعد البيانات لدى الجمعيات الخيرية والشركاء، بهدف تأمين معلومات كافية عن المستفيدين من الإعانات على مدار السنة بالتعاون مع الجمعيات الخيرية والشركاء.

وفي هذا السياق، قال أمين عام اتحاد الجمعيات الخيرية الدكتور عاطف عضيبات "إن هناك حاجة إلى مزيد من التشبيك سواء بين الاتحاد العام أو المؤسسات والجمعيات الأخرى فيما يخص قواعد البيانات المتعلقة بالمنتفعين، للحد من الازدواجية في رقعة الإعانات وشمول أكبر شريحة ممكنة خاصة في شهر رمضان”.

وبين عضيبات، في تصريحات أن شهر رمضان هو عنوان التكافل والتراحم وعمل الخير، وأن الاتحاد هذا العام، على سبيل المثال، ارتأى اعتماد آلية القسائم الشرائية للمنتفعين وفقا معايير محددة، في مقدمتها التعطل عن العمل، معتبرا أنها الوسيلة الفضلى بالنسبة للاتحاد حتى لا يساء استخدام المعونات.

وأوضح أن الاتحاد خصص من موازنته لشهر رمضان توزيع 100 ألف دينار على هذه القسائم، بما يضمن شراء المواد الأساسية للعائلات بقيمة 30 دينارا أردنيا لكل قسيمة.

ورأى أن تنسيق الجهود في العمل الخيري هو مطلب رئيسي للعاملين في هذا القطاع، قائلا "إنه لا يوجد تنسيق عالي المستوى وطنيا لتوسيع قاعدة المستفيدين، خاصة فيما يتعلق بقواعد البيانات، وإن كانت هناك آلية الرجوع إلى الأرقام الوطنية للمنتفعين”.

ولفت إلى ازدواجية الحصول على إعانات بسبب ضعف قواعد البيانات أحيانا أو عدم دقتها، ما يسهم في حرمان مستحقين لصالح تكرار المعونات لمنتفعين آخرين ومن جمعيات خيرية أو هيئات إغاثية أخرى.

ولفت عضيبات إلى أن قرارا تم اتخاذه مطلع العام الحالي في الاتحاد، بتأسيس الصندوق الأردني للعمل الخيري مع صندوق المعونة الوطنية لمعالجة مسألة الازدواجية، مضيفا: "لدينا تنسيق مع العديد من الجهات، ولكننا بحاجة إلى مزيد من المأسسة في قواعد البيانات ودراسة الحالات ليكون العمل وفق مسار أفقي للمستحقين”.

وبالرغم من توفر قواعد بيانات مرتبطة بمؤسسات مثل المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي وصندوق المعونة الوطنية، إلا أنه، برأي عضيبات، هذه البيانات أحيانا لا تكون كافية.

وخصص الاتحاد لشهر رمضان، ما قيمته 96 ألف دينار موزعة على قسائم شرائية، منها (72 ألفا) لاتحادات المحافظات الـ12 وبواقع 200 قسيمة لكل اتحاد، إضافة إلى 200 قسيمة شرائية ستتوزع من خلال صندوق المعونة الوطنية.

وفي الإطار، تعمل مؤسسة "تكية أم علي” المتخصصة في برامج الإطعام ومكافحة الفقر الغذائي وفق معايير منهجية تزاوج بين معايير الفقر الغذائي العالمية، والمعايير الوطنية، واستطاعت منذ تأسيسها منذ نحو عشر سنوات، بناء قاعدة بيانات عامة تضم 150 ألف منتفع خلال تلك المدة.

وتقول مديرة الإعلام والعلاقات العامة في التكية، روند الناطور، إن جائحة كورونا ما تزال تلقي بظلالها على اتساع رقعة الشرائح المستحقة ضمن برامج الإطعام في المؤسسة، وكذلك بالنسبة للطرود الخيرية المخصصة لشهر رمضان.

وبينت الناطور أن قواعد البيانات التي تعتمدها التكية أنشئت وفقا لأسس ومعايير صارمة، من أهمها معيار دخل الفرد الشهري المرتبط بتأمين الاحتياجات الأساسية له، والبالغ بحسب المعيار العالمي 14 دينارا كصافي "دخل” للفرد شهريا فما دون، قائلة إن 47 % من المستفيدين من مشروع مكافحة الفقر الغذائي ينطبق عليهم أقل من الحد الأدنى المذكور. وأوضحت أن لدى التكية حاليا 22 ألف عائلة معتمدة لبرنامج الطرود الغذائية شهريا، وهناك 28 ألف عائلة أخرى على قوائم الانتظار.

وتؤكد أن العمل الخيري الذي تقوم به التكية، يختلف في أهدافه عن المؤسسات الخيرية الأخرى، وأنها بطبيعة الحال لديها شراكات مع نحو 7 جهات ونوافد أخرى ونحو 300 جمعية خيرية تقوم بالتشبيك معها خلال شهر رمضان لبرنامج الإفطارات.

وفيما يتعلق بشهر رمضان، كشفت الناطور عن تزايد أعداد المستحقين لوجبات الإفطار هذا العام الذي شهدت بعض أيامه الأولى إقبال نحو 4 آلاف صائم في اليوم الواحد، فيما لم تتجاوز الأعداد العام الماضي 1500.

وتعتقد الناطور أن الازدواجية في المعايير غير واردة، لاعتبارات تتعلق بطبيعة عمل واختصاص التكية وهو الإطعام، منوهة إلى أنها تطبق 3 معايير أساسية، من بينها معيار التملك بعد معيار صافي الدخل.

إلى ذلك، قال رئيس الهيئة الإدارية المؤقتة لجمعية المركز الإسلامي، الدكتور جميل الدهيسات "إن الحديث عن مأسسة قواعد البيانات حاجة ملحة لتعدد الجمعيات المختصة في العمل الخيري التي تناهز 5 آلاف جمعية”، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن "معالجة الازدواجية” تحتاج إلى "دراسات معمقة ومنهجية”، لاعتبارات اقتصادية وتفاقم أعباء الناس وحاجاتهم الأساسية.

وبين الدهيسات، أن المعونات بمختلف أشكالها تتطلب تنظيم مسارات العمل أو تطويرها لتغطية احتياجات المستحقين، بما في ذلك التوجه نحو المشاريع الصغيرة للعائلات والأفراد، بما يضمن اكتفاء على المدى الطويل. ورأى أن العدد الهائل للجمعيات والعاملين في هذا القطاع، قد يستدعي من المؤسسات الكبيرة ووزارة التنمية الاجتماعية مأسسة قواعد البيانات بهدف "معالجة الازدواجية أو مأسستها” بطريقة أفضل.

وقال "إن المنظومة متشابكة والتنظيم مطلوب، ونحن في الجمعية يتضح لنا استفادة البعض من برامجنا ومن برامج غيرنا، ولا نستطيع أحيانا أن نوقف دعمنا بسبب تفاقم احتياجات الفرد الأساسية والعائلات في التعليم والكفالات والتبرعات والطرود وغيرها”.
وبين أن لدى الجمعية، على سبيل المثال، 31 ألف كفالة لأيتام، وأنه من المتوقع أن تنفق ما يقارب 6 ملايين دينار في شهر رمضان فقط على برامج الإعانات والمساعدات المختلفة في الوقت الذي أنفقت فيه في رمضان قبل الماضي نحو 8 ملايين دينار، مقابل 7 ملايين العام الماضي.
ورأى أن الدراسات قد تحتاج إلى سنوات، من أجل مأسسة هذه البيانات، مشيرا إلى أن أي دراسة لا بد أن تهدف إلى "توسيع الاستفادة” وتطويرها، على غرار الشروط التي تضعها الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية في الكويت ضمن برامجها مع جمعية المركز الإسلامي، القائمة على المشاريع الصغيرة مقابل المعونات.

وبالنسبة للطرود، أشار الدهيسات إلى أن الجمعية خصصت لشهر رمضان توزيع نحو 15 ألف طرد بقيمة 300 ألف دينار.

وبالعودة إلى وزارة التنمية الاجتماعية، قال الحياصات، حول آليات متابعة تبرعات ومساعدات رمضان إلى المستحقين "إن تنظيم آليات جمع وإنفاق تبرعات شهر رمضان مرتبط بمنظومة تشريعية وفق أحكام قانون الجمعيات والأنظمة الأساسية للجمعيات التي ينص باب خاص فيها، على وجوب تقيد الجمعية بالحاكمية الرشيدة في جميع مراحل عملها استنادا لأحكام النظام المحدد لأحكام الأنظمة الأساسية للجمعيات”.

وكشف الحياصات عن توجه الوزارة إلى إطلاق منصة الكترونية بالتعاون مع وزارة الاتصالات من أجل مأسسة قواعد البيانات لدى كل الجمعيات الخيرية، وذلك لمأسسة العمل الخيري وضمان وصوله إلى أكبر شريحة ممكنة من المستفيدين.

وبين أن العمل سيكون على المنصة هذا العام ولن يرتبط فقط بشهر رمضان، بل لتنظيم العمل على مدار العام، منوها إلى أن قواعد البيانات المتعلقة بـ”كفالات الأيتام” ستكون بداية المأسسة وبالتعاون مع الشركاء والجمعيات الخيرية بطبيعة الحال.

وأوضح أن الهدف من إنشاء هذه المنصة، هو مساعدة الشركاء في تنظيم آليات توزيع المساعدات والمعونات، لتكون لديهم رؤية واضحة ومعلومات كافية عن كل مستحق وعن الجهات التي تمت الاستفادة منها، مع الأخذ بعين الاعتبار أن لكل جهة معاييرها في تقديم المساعدات.

وبين الحياصات، في السياق أيضا، أن مصادر المساعدات لدى الجمعيات، على مدار العام أو في رمضان المبارك إما أن تكون بتمويل ذاتي من الجمعية أو بتبرع من شخص محلي أو أجنبي، مشيرا إلى أن الرقابة على مصدر كل تبرع له آلية مختلفة عن الآخر.

ويمنح قانون الجمعيات النافذ، الوزارة المختصة، الحق في الإشراف على شؤون الجمعيات، وفقا للحياصات، بحسب أحكام المادة 2 التي تنص على أن "الوزارة المختصة، الوزارة أو المؤسسة الرسمية العامة التي يحددها المجلس لتتولى الإشراف على الجمعية ومتابعة شؤونها وفق أحكام هذا القانون”.

وتتمثل "الرقابة” هنا، في مفهوم المتابعة والتقييم والتدقيق لأداء الجمعيات بدلا من مصطلح الرقابة، وذلك انسجاما مع طبيعة عمل الجمعيات الخيري، بحسب الحياصات.

وقال "تتم متابعة وتقييم أداء الجمعيات من خلال الوزارة والمركز والمديريات التابعة لها والبالغ عددها (41) مديرية في مختلف مناطق المملكة، من خلال مدى التزام الجمعية بسلامة الإجراءات القانونية والإدارية والمالية المتخذة من قبلها بتسيير أعمالها وفقا لأحكام القانون ونظامها الأساسي، ومنها نشاط المساعدات، وكفاءة عملية التوزيع من خلال مؤشر عدد الشكاوى التي ترد بخصوص ذلك”.

وتعمل الوزارة على إصدار التعاميم الناظمة للعمل بحسب المستجدات ومنها ما يتعلق بالمساعدات وتوزيعها والتأكد من مدى صلاحيتها ومنع التصوير للمنتفعين، كما تعد الهيئات العامة في الجمعيات بما تمتلكه من صلاحيات، الجهة الأولى صاحبة الولاية العامة بتقييم أداء الهيئة الإدارية للجمعية، والمصادقة على القرارات، وفق الحياصات.

وأضاف، أن التقارير السنوية التي تلتزم الجمعية بتقديمها، من تقارير إدارية ومالية، تتضمن إنجازات الجمعية وأنشطتها في السنة السابقة ومصادر إيراداتها وأوجه الإنفاق، تندرج ضمن آليات المتابعة، إضافة الى أي بيانات تتطلبها الأنظمة والتعليمات الصادرة بمقتضى أحكام هذا القانون، وبناء عليه يتم تقييم أدائها، وفي حال وجود ملاحظات يتم طلب إيضاحات بذلك.

وأشار إلى أن التشريعات الناظمة لعمل الجمعيات توفر مزايا تعطي المرونة للجمعية لممارسة أعمالها وتنفيذ البرامج والأنشطة المرتبطة بتحقيق أهدافها.