التوحد: "الدماغ المُصغَّر" له صلة رئيسية محتملة بهذا الاضطراب

الوقائع الاخبارية : اضطراب طيف التوحد هو حالة ترتبط بنمو الدماغ وتؤثر على كيفية تمييز الشخص للآخرين والتعامل معهم على المستوى الاجتماعي، مما يتسبب في حدوث مشكلات في التفاعل والتواصل الاجتماعي.

يبدأ اضطراب طيف التوحد في مرحلة الطفولة المبكرة ويتسبب في نهاية المطاف في حدوث مشكلات على مستوى الأداء الاجتماعي، في المدرسة والعمل، على سبيل المثال.

اكتشف علماء مايو كلينك وجامعة ييل، من خلال استخدام نماذج "الدماغ المُصغَّر" البشرية المعروفة باسم العضيات، أن جذور اضطراب طيف التوحد قد تكون مرتبطة باختلال توازن الخلايا العصبية المحددة التي تلعب دورًا حاسماً في كيفية تواصل الدماغ ووظائفه. 

وتُعرف الخلايا المحددة باسم الخلايا العصبية القشرية الاستثارية، وقد نُشرت الدراسة الجديدة في مجلة نيتشر نيوروسينس.

طيف التوحد: نتائج الدراسة الجديدة
وجد الفريق خللاً غير طبيعي في الخلايا العصبية الاستثارية في الدماغ الأمامي للأشخاص المصابين بهذا الاضطراب، ويتوقف هذا الأمر على حجم الرأس.

يشير الدكتور ألكسيج أبيزوف، أحد معدي الدراسة البارزين، والحاصل على درجة الدكتوراه والباحث في علم الجينوم في قسم علوم الصحة الكمية في مركز مايو كلينك للطب الفردي قائلًا: "سمحت لنا هذه التقنية العضوية بإعادة إحداث التغيير في نمو الدماغ الذي حدث لدى المرضى عندما كانوا في الرحم، والذي يُعتقد أنه وقت نشوء اضطراب طيف التوحد".

ما هو اضطراب طيف التوحد؟

اضطراب طيف التوحد هو حالة عصبية تؤثر على الطريقة التي ينظر بها الناس إلى الآخرين ويتفاعلون معهم، مما يؤدي إلى تحديات في التواصل الاجتماعي والسلوك. ويؤكد مصطلح "الطيف" على مجموعة واسعة من الأعراض وشدّتها، ويشمل التوحد، ومتلازمة أسبرجر، واضطراب الطفولة الانحلالي، وشكل غير محدد من اضطراب النمو المنتشر.

تقدر منظمة الصحة العالمية أن حوالي طفل واحد من كل 100 طفل في جميع أنحاء العالم مصاب بالتوحد.

ما هو "الدماغ المُصغَّر"؟
لأغراض الدراسة، ابتكر العلماء لأول مرة نماذج مصغرة ثلاثية الأبعاد تُشبه الدماغ، تسمى "العضيات". وقد بدأت مجموعات الخلايا بحجم حبة البازلاء كخلايا جلدية من الأشخاص المصابين باضطراب طيف التوحد. ووُضِعت الخلايا الجلدية في طبق الزرع و"أعيد برمجتها" إلى حالة تشبه الخلايا الجذعية، والتي تُعرف باسم "الخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات".

 كذلك يمكن استمالة هذه الخلايا المسماة بالخلايا الرئيسية لتتحول إلى أي خلية في الجسم، بما في ذلك خلايا الدماغ. 

بعد ذلك، استخدم العلماء تقنية خاصة تُسمى تسلسل الحمض النووي الريبي (RNA) أحادي الخلية لدراسة أنماط التعبير الجيني لخلايا الدماغ الفردية. حيث قاموا بفحص 664,272 خلية دماغية في ثلاث مراحل مختلفة من نمو الدماغ على وجه الإجمال.

اكتشف العلماء أيضًا أن عدم توازن الخلايا العصبية ينجم عن تغييرات في نشاط جينات معينة تُعرف باسم "عوامل النسخ"، والتي تلعب دوراً مهمًا في توجيه نمو الخلايا خلال المراحل الأولى من تكوين الدماغ.

التوحد: طريقة جمع الأدلة
تعتمد هذه الدراسة على 13 عاماً من الدراسات المنشورة حول اضطراب طيف التوحد من جانب الدكتور أبيزوف ومعاونيه، ومنهم عالمة الأعصاب في جامعة ييل الدكتورة فلورا فاكارينو. في إحدى الدراسات الرائدة، أظهروا اختلافات جزيئية في العضيات بين الأشخاص المصابين بالتوحد وأولئك الذين لا يعانون من التوحد وقاموا بتحرير عامل نسخ معين يُسمى FOXG1 كسبب أساسي للاضطراب.

يوضح الدكتور أبيزوف قائلًا: "يعد التوحد مرضاً وراثياً في الغالب. ويتمثل هدفنا في القدرة على تحديد مخاطر الإصابة باضطراب طيف التوحد وربما منعه عند الجنين باستخدام الاختبارات الجينية قبل الولادة. ومع ذلك، سيتطلب هذا معرفة مفصلة حول كيفية انحراف تنظيم الدماغ عن مساره أثناء النمو. وهناك العديد من الجوانب التي يمكن أن تساعد فيها العضيات في هذا الاتجاه".