عزايزة: زيادة نسبة الاقتراع في الانتخابات التشريعية المقبلة هدف رئيسي

الوقائع الاخبارية : كشف وزير الشؤون السياسية والبرلمانية الأردني، وجيه عزايزة، وجود تحديّات أمام الحكومة الأردنية من جهة والأحزاب من جهة أخرى، لاستكمال تنفيذ برنامج تحديث المنظومة السياسية قبيل استحقاق انتخابات العام المقبل 2024، بعد أن فرغت الحكومة من تعديل الأطر التشريعية من تعديلات دستورية وإقرار قانوني انتخاب وأحزاب جديدين على مدار نحو عام، بتوجيه مباشر من العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، سعيا لتقديم نموذج ديمقراطي حزبي أردني يتجاوز الهويات المناطقية والفردية والعشائرية.

وتسلسل عزايزة الوزير في حكومة بشر الخصاونة، خلال حديث لـ CNN بالعربية، بأولويات الحكومة منذ الآن وحتى موعد إجراء الانتخابات المقبلة التي أكد الملك مرتين على إجرائها في موعدها مؤخرا.

وأوضح عزايزة أن الأولويات، تشمل مساندة الأحزاب بنيويا وتحسين المناخ العام للحريات، إضافة إلى إيجاد عناصر مؤثرة وفاعلة لرفع نسبة الاقتراع في الانتخابات المقبلة، التي قال إنها إحدى الأهداف الرئيسية "في التفكير العميق للدولة الأردنية".
وقال عزايزة عن الاستعدادات الحالية "نحن الآن في مرحلة التنفيذ بعدما أنجزنا الإطار التشريعي، وهذه المرحلة يحددها أكثر من عامل، أهمها أننا وضعنا الخطط الكفيلة مع المؤسسات والوزارات المعنية بتشكيل الرأي العام للتعاطي مع منظومة التحديث السياسية الملكية، بطريقة تتوافق مع القانون وهي متابعة الآن ومراقبة رسميا".

وفرض قانون الأحزاب الأردني الجديد إجراءات تصويب واسعة وصفها البعض "بالصعبة" على الأحزاب القائمة والناشئة، إذ تقلّص عدد الأحزاب إلى 28 حزبا مرخصا حتى الآن تضم بين صفوفها 41 ألف و221 منتسبا، بحسب بيانات الهيئة المستقلة للانتخاب حتى تاريخه، وكان قد تجاوز عدد الأحزاب 50 حزبا، قبل انقضاء مدة التصويب في مايو/أيار المنصرم، إذ تولت الهيئة بموجب التعديلات الدستورية إدارة ملف الأحزاب قانونيا.

وأحدث صدور قرارات بالحل بموجب التصويب، بحق عدد من الأحزاب لعدم استيفاء الشروط، مثل حزبي "الشراكة والإنقاذ" و"الجبهة الأردنية الموحدة" المعارضين لمضامين منظومة التحديث، ردود فعل متباينة اعتبر بعضها أن عملية تشكّل الأحزاب "مهندسة"، وأن مناخ الحريات في تراجع وغير مهيأ سياسيا، فيما نشأت أحزاب تصدرت سريعا الساحة المحلية بأعداد كبيرة من المنتسبين مثل "الميثاق الوطني "و"إرادة".

ويعود عزايزة في هذا السياق ليؤكد حرص الحكومة على "تيسير وتسهيل بيئة العمل الحزبي وبناء برامجها السياسية وتوسيع قاعدة المشاركين فيها وفي الانتخابات"، مشيرا إلى التوافق الذي تم مع الأحزاب لتوفير قاعدة بيانات مفصّلة لبرامج وخطط الحكومة وإنشاء برنامج للتدريب على الثقافة السياسية للكوادر الحزبية، من خلال تحديد ضباط ارتباط الأحزاب للتنسيق مع الوزارة.

ويعتقد عزايزة أن المشهد الحزبي للآن قد وصل إلى "وضع هرمي معقول" في عملية تشكيل الأحزاب، لكن زيادة الثقة بالعمل الحزبي كما هو مأمول، تتطلب حتما "عملا وطنيا أردنيا، وليس حكوميا فقط خاصة في استهداف فئتي الشباب والنساء"، مبيّنا أن التدرّج في تمثيل الأحزاب في البرلمان حسب منظومة التحديث يعبّر عن إدراك سياسي حقيقي "لإنضاج المسار الحزبي، إذ خصص قانون الانتخاب قائمة عامة مغلقة تضم 41 مقعدا مخصصا للأحزاب في الانتخابات المقبلة، من أصل 138 مقعدا في البرلمان مع إضافة زيادة منتظمة للقائمة الحزبية خلال 10 سنوات.

وأضاف: "قد لا تكون الآمال والطموحات كبيرة في أول دورة انتخابية ونحن ندرك ذلك، ولكن علينا أن نسعى لتحقيق منجز. أعتقد أن هذا الأمر يتحمل مسؤوليته عدة أطراف".

ويجيب عزايزة بوضوح عن شكاوى بعض الأحزاب من عملية التصويب قائلا إن ما تم هو إنفاذ لسيادة القانون، وإن حق اللجوء إلى القضاء الأردني مكفول، معتقدا أن إحدى القضايا الحزبية "ضخمّت" أكثر من اللزوم"، وأن العمل السياسي في كل دول العالم ترافقه تحديّات وإشكاليات

و دعا الوزير عزايزة في الوقت ذاته من وصفهم "بـ المشكّكين" بالمسار الإصلاحي لمنظومة التحديث، إلى الانخراط في العملية السياسية لتبديد حالة الشك لديهم "بدلا من الانتظار" على حد قوله.

وعن حالة عدم الرضا عن مناخ الحريات من بعض القوى السياسية والحزبية مع اقتراب دخول قانون جديد للجرائم الالكترونية حيّز التنفيذ خلال أيام، قال عزايزة : "قد تكون مساحة الحرية المتاحة بحاجة إلى تعزيز وسنعمل على ذلك، لكن لغة الشك لا يمكن تبديدها بين يوم وليلة، ستزول بالتدريج في الممارسة".

وعن موقف الحكومة اليوم، من المعارضة السياسية والحزبية، بما في ذلك حزب "جبهة العمل الإسلامي"، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، قال عزايزة إن الحكومة ليس لديها مخاوف من أية "معارضة سياسية وأن لا أحد يمتلك الحقيقة الكاملة". وأكد أن المعارضة حالة ديمقراطية، طالما التزمت بمظلة الدستور وثوابت "سيادة القانون وسلامة الأمن الوطني"، إضافة إلى "سلامة النسيج الاجتماعي الأردني"، على حد قوله.

وعن انخفاض نسبة الاقتراع العامة في الانتخابات النيابية، التي شكّلت هاجسا لدى الحكومة خلال الانتخابات الماضية التي لم تتجاوز 29.9% وما سبقها، فقد اعتبر عزايزة أن العزوف عن المشاركة في الانتخابات لا يرتبط "بمعايير ديمغرافية أو سياسية" ولا بمكّون اجتماعي بعينه، طارحا "مقاربة مختلفة لتوضيح بعض أسباب العزوف أسماها "بالهرم المقلوب".

وقال عزايزة: "نتحدث عن عمّان والزرقاء وإربد ذات الكثافة السكانية المرتفعة التي تقل فيها نسب الاقتراع عن بقية المحافظات، وفق قاعدة الهرم المقلوب. المناطق التي تشهد نسبة تصويت منخفضة تشهد نشاطا سياسيا متقدما، وتشهد المناطق ذات النسبة المرتفعة في التصويت نشاطا سياسيا أقل يحتاج إلى تعزيز. هذه أول حالة تشخيص أجريناها وسيكون تركيزنا على توسيع قاعدة المشاركة بالتوعية وطرح البرامج، وفي المناطق التي تشهد تصويتا كبيرا سنركّز على تطوير العمل السياسي والحزبي. نحن معنيون بزيادة المشاركة بالمجمل، وتغيير نوعية تشكيلات المجالس القادمة والعمل الحزبي."

ويقلل عزايزة من حقيقة عزوف سكّان عمّان أو غيرها من المدن ذات التنوع الديموغرافي الكبير عن التصويت بالمجمل في الانتخابات لأسباب "سياسية"، قائلا إن العزوف في التجمعات السكانية الكبيرة في المدن مرده إلى توفر الخدمات. وأضاف "أعتقد أن إسقاط البعد السياسي على مسألة العزوف، مجاف للحقيقة، لأن الاهتمامات السياسية للأردنيين من العقبة إلى الرمثا، تكاد تكون متشابهة فيما يتعلق بالتوافقات الوطنية على القضايا السياسية".

وأكد عزايزة أن رفع نسبة الاقتراع في الانتخابات المقبلة ضمن مسار التحديث، هدف رئيسي وأولوية في المرحلة المقبلة، وقال: "زيادة المشاركة في الانتخابات في التفكير العميق للدولة هو إحدى المحطات الرئيسية المهمة، من خلال كيفية إيجاد عناصر فاعلة ومؤثرة في المجتمع وزيادة نسبة الاقتراع".

وعن النموذج السياسي الذي يسعى الأردن إلى ترسيخه في المنطقة، قال عزايزة: "هو مسار إصلاحي، لأن العملية الانتخابية ليست جديدة علينا"، وأضاف: "النموذج المطروح اليوم لمسار الإصلاح في الأردن هو ليس نموذجا للتجريب بل للاستمرارية".