كونوا أخلاقًا تكونوا أسيادًا
الوقائع الإخبارية:
بقلم الدكتور محمد البدور
جامعة إربد الأهلية/ كلية العلوم التربوية
جامعة إربد الأهلية/ كلية العلوم التربوية
أبنائي الطلبة الأعزاء في جامعتنا الحبيبة، جامعة إربد الأهلية، جامعة الساعين إلى العلم، والتي عشنا فيها عائلة واحدة متحابة، ونحن نودع كوكبة مُجدة من أبنائنا الخرجين داعين الله لهم التوفيق والعُلى ويجعلهم فخرًا لذاتهم وأهليهم، وكذلك ونحن على أعتاب فصل جديد واستقبال زهور يانعة مِن أبنائنا الطلبة الجدد والذين نتشرف بوجودهم معنا وبيننا، أسأل الله العلي القدير لكم التوفيق والسداد في مسيرتكم العلمية والعملية، وأتمنى ألّا أكون قد قصرت وزملائي معكم من الناحية العلمية، حيث بذلنا كل ما بوسعنا لتقديم المعرفة والخبرة العلمية، والعقلية، والنفسية، والانفعالية، والاجتماعية لإضافتها لما تملكون من معارف.
أود أعزائي أن أُقلّب معكم محطات مضيئة، تعلمنا منها الدروس والعبر مع بعضنا البعض في ما مضى من أيام السنة الدراسية، والتي وإن كانت قصيرة زمنيًا؛ فهي غنية زاخرة بجميل المعارف، والمواقف، والتجارب.
إن المعرفة تبدد الجهل كما يبدد النور الظلام، وتذلل مصاعب الحياة عنها إن صممت الأذن وحجبت العين يُشوه إدراكك، ويختلط فهمك، وتضطرب نفسك، فتحتار كلماتك وتغبر رؤيتك ويتشتت قرارك، فلن تسمع الحقيقة ولن تبصرها، ولن تُحدث أخبارها، فتبحر في دياجير الظلام، فالجهل يخدم فطنة العدو ولا أرجو لكم ولنا ذلك.
ولإيماننا بما سبق، فقد حرصنا كل الحرص أن تكونوا قد نلتم من نور المعرفة ما نلتم نفعًا يذوب في ذواتكم؛ ليخرج منها كعطرٍ فواحٍ ساحرٍ آسرٍ للقلوب والعقول رقيًا وعظمةً وطيبًا، نورًا يكسر صخور كل جمود يقيكم حر الضغوط، وبرد اليأس، ولتملكوا نفسًا صلبةً أمام التحديات، ومرونةً إن تذاءبت ريح التغيرات والتغييرات وعبث الخرافات.
أردناكم أحرارًا ساعين للمُغايرة المتمايزة، مبتعدين عن المسايرة الجبانة، والتبعية المذلة، لا تلقون بالاً للتباهي والمبارزة الاجتماعية والتغالب القبلي والاستحقاق الأناني، فتقعوا في دوامة الإرهاق الاجتماعي والهشاشة النفسية، فميزان التفاضل التقوى، والتقوى أخلاق وما دون ذلك يضعك في دائرة جهل وتعصب يُغَّلق العقول، ويعمي القلوب؛ فتسود التفرقة، ويكبل التنازع الحكمة فلا يكتب البقاء.
أحبائي تنافسوا مع ذواتكم حتى تصلوا إلى أفضل نسخة منها، وليكن نهجكم ومنهجكم في ذلك علميًا منطقيًا إبداعيًا نقديًا بناءً ينهض بكم ولكم ولوطنكم.
استمروا نصحًا لا أمرًا ببذل الجهود والسعي الدؤوب للعلم، والذي لا يعادل جماله أي جمال، ولا تضاهي متعة السعي لكسبه أي متعه، العلم المزين بتاج الأخلاق، المرصع بالتواضع وجميل التعامل والشعور بالآخر، فتحجزوا في القلب مقامًا، وفي الغياب وجودًا، وفي الحديث ذكرًا، وفي المكان قربًا، وفي النفس حظوةً، ومستقرًا، فبطيب أفعالك تكون في عقل الآخر حاضرًا.
اقطفوا الكلمة من بساتين الكلمات، وشكوها بجميل الأسلوب؛ فالكلام محتوى ممزوج بأسلوب، فانتبه لأسلوبك تتقن كلامك؛ فيرضى قلب أخيك ويلين، وأعذروا من يزل بها، وإن لم تعلموا العذر، فالتسامح مع الأخطاء من شيم الكبار وأنتم هم.
ولتعلموا أن التشدد للكراهية البغضاء والأحقاد والتَّحاسد يؤرق قلب صاحبه قبل قلب الآخر، وليكن شعاركم قوله تعالى (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين) تطمئن قلوبكم، كونوا أخلاقًا تكونوا أسيادًا، ميزانكم الاحترام بينكم.
ولتعلموا أن التشدد للكراهية البغضاء والأحقاد والتَّحاسد يؤرق قلب صاحبه قبل قلب الآخر، وليكن شعاركم قوله تعالى (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين) تطمئن قلوبكم، كونوا أخلاقًا تكونوا أسيادًا، ميزانكم الاحترام بينكم.
كن سؤولاً أكثر من أن تكون مجيبًا، فإن لم تنجح مجيبًا فلتنجح سائلًا، كن منصتًا أكثر منه متحدثًا؛ يقل خطؤك ويعظم صوابك، وأعلم أن ما تريده من غيرك لك قم به أنت له، لنفسك تجنيه، ولو لم يعجبك ما جنيت غير ما أعطيت.
الحاضر يصنع المستقبل، اجتهدوا بحاضركم يشرق مستقبلكم، الفرص لا تتبخر إنما تذهب للمستعد، كن مستعدًا، سلح ذاتك بالعلم والمهارات؛ لأن خلطة المستقبل تحضر الآن، وقرارات اليوم تبني الغد، وكونوا عونًا وسندًا لأنفسكم، ولكل من تشاركُونهم الحياة، عيشوا أيامكم الجامعية بكل ما فيها علمًا وبحثًا وتطبيقًا والتزامًا ورفقةً؛ فصداقاتها تدوم، وعلاقاتها وإن ضعفت تقوى في لحظة لقاء، وذكرياتها تذكر ولا تنسى، اعلموا أنكم في جامعة أمينة عليكم، تضم قائدًا مميزًا، أحدث فارقًا بالفعل لا بالقول، يشهد له كل منصف حاذق، بالإضافة إلى ما تضمه جامعتكم من كادر إداري وأكاديمي أكْفاء، لا يألون جهدًا ولا يوفرون وقتًا إلا وكان في مصلحتكم وخدمتكم.
وأخيرًا أرجو أن تسامحونا إن قصرنا في المساقات، أو صدر منا كلمة أو سلوك، أو عدم انتباه فيه أي إساءة، وإن كان ذلك فالله يعلم أنه من غير قصد، وإن كتب الله لنا عمرًا أرجو ألّا تترددوا لحظة وبأي وقت بطلب الاستزادة، والاسترشاد، والاستشارة، وسأبذل أنا وزملائي كل مانستطيع وبكل طاقاتنا لتقديم ما تحتاجون إليه، ولله الشكر المُضاهي مننه.
نسأل الله الرزاق البصير أن يُرى سعيكم، فما من ساعٍ بمشيئة الله إلا ونال السعة.
دمتم وأهليكم بحفظ الله.