مبارك لطلبة جامعة إربد الأهلية تخرجهم

الوقائع الاخبارية:بقلم الطالب: بهاء الدين القضاة/ جامعة إربد الأهلية- كلية القانون

الأساتذة الكرام أعضاء الهيئتيْن التّدريسيّة والإداريّة، إخواني وأخواتي خرّيجي جامعة إربدالأهلية، أصحاب المشهد البهيّ، يحلو لي أن أزجي إليكم أحسن تحيّة في هذه اللحظات الّتي تتواشج فيها بشائر السّعد بتخرّجكم في جامعة إربد الأهلية مع العبرات المترقرقة من مآقي أهليكم، وإنّي لأحسّ بمشاعر كلّ واحد فيهم، فقد تملّك آباءكم من النّصب والتّعب ما لا تقوى شمّ الجبال على تحمّله، إذ أنفقوا الجهود وأقاموا الليل وأقعدوه، وهم على راحتكم ساهرون، وإلى هذه الإشراقات متطلّعون، وأمّا أمّهاتكم الصّابرات، فحدّثوا عن عظمتهنّ وما لقين من العنت والإصْر، نعم، لقد رأين في حبّكم المرّ كلّه، ولكنّهنّ يستعذبن من أجلكم العذاب، حتّى أسغْنه في حلوقهنّ ماء عذبًا زلالًا، وإنّي من موقعي طالباً في كلية القانون بجامعة إربد الأهلية، أبعث إلى الآباء والأمّهات كريم التّحيّات وأزهى التّهنئات، فيوم تخرجكم يوم غبطة، وإنّكم به لحقيقون.

زملائي وزميلاتي الخرّيجين، إنّ كلماتي هذه مصروفة حروفها إلى ألبابكم، ويجمل بكم أن تلتفتوا إلى قولي الّذي أرجو أن يكون لكم فيه كبير النّفع، فقد عشتم في جامعتكم إربد الأهلية بضعة أعوام، وتلقّيتم فيها أحسن التّلقّي، تتلمذتم لأساتذتكم المتفوّقين، واستمعتم إلى نصحهم، وكان لكم في كلّ واحد منهم أسوة حسنة، وحري بكم أن تتّخذوا ما نهلتم من علومهم منارات بها تستضيئون، وواحات علم بها تستظلّون، فما ضنّوا عليكم بمعلومة، ولا أحجموا عن عونكم طرفة عين، وإنّي بغامر فرحهم بكم لواثق، لأنّكم غرسهم الّذي غرسوه أوّل مرّة، حتّى غدا الغرس غراسًا يانعة، وأشجارًا باسقة، فكونوا كالنّخيل، وترفّعوا عن صغائر الأمور، وارتفعوا في علومكم، ولا تلقوا آذانكم إلّا إلى الرّفيع من القول، فأنتم منشود الأمل، ولا تنسوا إربد الأهلية ومرابعها، فقد صنعتم فيها أجمل الذّكريات، وتمشّيتم في دروبها، ولكم في كلّ مكان فيها نبيل التّذكرة، وإنّ من المروءة أن تحفظوا هذه اللحظات في أفئدتكم، وأن تحدّثوا عنها وتوثّقوها في قابل أيّامكم.

وأمّا وطننا الأثير المملكة الأردنيّة الهاشميّة، فاجعلوا ترابه تاجًا على رؤوسكم، ولا أراني هنا إلّا مذكّرًا، لعلمي بما انطوت عليه نفوسكم من حبّ للأردنّ وقيادته الهاشميّة الفذّة، الّتي تحبّكم، وعن منجزاتكم تتحدّث، وعلى نُبلكم تتكلّم.

زملائي وزميلاتي الأكارم من مختلف كليات وأقسام الجامعة، ولا أنسى أن أبيّن لكم أنّكم لمعالي الأمور مندوبون، فعلمكم لا يتوقّف عند ما حصّلتموه، فقد علّمكم أشياخكم المبادئ الأولى، وهيّأوكم إلى أن بلغتم هذه السّاعة، لتشرقوا ببهجتكم في كلّ مشرق، فلا تغربْ لكم شمس، ولا يأفل لكم قمر، ولا يغبْ منكم خيال ولا ظلّ، واجعلوا نجومكم بالعلم وضّاءة، وتزّوّدوا من العلوم ما يجعلكم سادة في التّميّز، فهذا زمان لا مكان فيه للخمول، ولا شأن لنا بالكسالى، وإن لم تطمح نفس الواحد منكم إلى كلّ جديد في علمه، فسيكون شأنه ما لا أرضاه ولا ترضونه، بل ما لا يرتضيه معلّموكم ولا أهلوكم ولا أردنّكم، وإنّي متّخذ من النّازلة الّتي بنا حاقت حوليّن كامليّن مثالًا، فقد والله رأينا جميعًا حين غلّقت دوننا الأبواب، وتعطّلت الأسباب، وبلغت القلوب الحناجر، والبشريّة كلّها في صمت مريب، ولا تدري ما الأقدار بنا صانعة، والرّقاب إلى النّتائج العلميّة لهزيمة ذلك الفيروس الرّجيم مشرئبّة، حتّى جاء البشير بالخبر، إذا كان العلم هو الّذي ملك الحلّ، لا الخرافات ولا الأساطير، ولا النّازل من الوصفات الّتي تتحدّث عن وصفات طبّيّة بديلة، كنزع شعرة من ظهر بعير، أو رقعة من جلد المعز، وإنّما ابتهلت هذا لأقول لكم: إنّ بحوثكم العلميّة هي الّتي ستقدّم لنا الحلول إن ألمّت بنا الخطوب، فالبحثَ البحثَ، ولا تركنوا إلى الدّعة، ولتكن هممكم إلى كلّ رفيع وثّابة، وتذكّروا معي علمائنا العرب والمسلمين الّذين اختلط ليلهم بنهارهم، وهم يعيشون عصورهم في تلكم الأزمنة، وانظروا إلى ما خلّفوه لنا من المصنّفات اللطيفة في علوم الطبيعة والاجتماع، فلم يستغشوا ثيابهم، ولم يناموا على خدر، بل ارتقت عزائمهم إلى حلّ كل عويص يواجههم، وكانوا في خلق الإنسان يتفكّرون، فقد قال شيخ المعرّة:

عجبي للطّبيب يلحد بالخالق من بعد درسه التّشريحا

وقال معظّما هذا الإنسان الّذي ستتعاملون مع جسده:

وتحسب أنّط جِرْم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر

إنّ المطلوب منكم زملائي الكرام لكبير، فبعد أن تأخذوا حظّكم من الجذل والحبور، مع أهليكم وأحبّائكم، انصرفوا إلى تدبّر أحوال النّاس في زماننا، واهتفوا بمراكز البحوث في أرقى الجامعات العالميّة، ولا تقفوا عند حدّ اللحظة، فالطّريق أمامكم طويل ويطول، ولن تبلغوا مرادكم إلّا بالإيمان بالله وبالصّدق وعلوّ الهمّة، فكم من طالب تخرّج وبقي علمه على قدر ما تلقّى في الدّروس الأولى، وكم من طالب علم حلّق وما قصّر، فأعلى شامخ بنيانه، وجعل نفسه أحدوثة المجالس في علمه وفي خلقه.

وأودّ في كلماتي هذه أن أنصح لكم نصحيْن: أمّا الأوّل، فهو بسماتكم الجميلة أمام المستفيدين من علومكم، فلا تبخلوا بها عليهم، لأنّ المرء حين يفيء إليكم مهما عظم شأنه، ينظر إليكم أنّكم كريم الملتجأ، وعندكم دافئ الكلمات، مع مرّ الحياة، فابدأوهم برقيق البسمات، وطمئنوهم، ولا تتوقّعوا ما لهذا من سميح الأثر لديهم، وأمّا الأمر الآخر، فكونوا أعوانًا للمعوزين الثّكالى، وخذوا بأيديهم، فهم إلى رأفتكم ناظرون، ولحدْبكم ظامئون.

أيّها الكوكبة المضيئة في جامعة إربد الأهلية، ألقيت إليكم بعض الخواطر الّتي جالت في ذهني، وأرجو أن تأخذوها بقوّة، وفرحي بكم أيّها الخريجين والخريجات وبأهليكم ومحبّيكم غير محدود، فاهنأوا بما أفاء الله عليكم.