خبراء: تثبيت التصنيف الائتماني وبرنامج صندوق النقد يؤكدان سلامة المسيرة

الوقائع الاخبارية:في ظل حال عدم الاستقرار الإقليمي أعلنت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني تثبيت التصنيف الائتماني السيادي للأردن طويل الأجل بالتزامن مع توصل خبراء صندوق النقد الدولي والحكومة إلى اتفاق بشأن برنامج للإصلاحات الاقتصادية والهيكلية مدته أربع سنوات، بقيمة تبلغ نحو 1.2 مليار.

هذان الحدثان يؤكدان أن الأردن محمي بمظلة دولية وشهادة على منعة اقتصاده، وفق ما أكده خبراء اقتصاديون.

وأعلنت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني أخيراً تثبيت التصنيف الائتماني السيادي للأردن طويل الأجل ليبقى عند مستوى «BB-» مع نظرة مستقبلية «مستقرة».

وبهذا الصدد أكد وزير المالية الدكتور محمد العسعس أن تثبيت التصنيف الائتماني للأردن في ظل ظروف عدم الاستقرار الاقليمي «يمثل شهادة على منعة الاقتصاد الأردني». وأكد الاستمرار في اتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على الاستقرار المالي «بدون المساس بالطبقة الوسطى أو رفع العبء الضريبي على المواطن».

وتوصل خبراء صندوق النقد الدولي والحكومة الأسبوع الماضي إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن برنامج للإصلاحات الاقتصادية والهيكلية، مدعوماً ببرنامج جديد للصندوق الممدد (EFF) مدته أربع سنوات، بقيمة تبلغ 1.2 مليار دولار.

وكان أداء الحكومة قويا على الدوام على مدى السنوات الماضية فيما يتعلق ببرنامج «تسهيل الصندوق الممدد» (EFF). وحافظت المملكة على استقرار الاقتصاد الكلي في مواجهة الصدمات الخارجية المتعاقبة، وخفَّضَت من الاختلالات في المالية العامة والميزان التجاري، كما حافظت على إمكان الوصول إلى الأسواق المالية مع المحافظة على تعزيز شبكات الحماية الاجتماعية. وأحرزت تقدما كبيرا في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية لتعزيز النمو الشامل.

وسيستمر البرنامج الجديد في دعم الأردن في مواجهة أي صدمات جديدة، مع التركيز على مواصلة سياسات الضبط المالي لوضع الدين العام على منحنى منخفض مستمر والحفاظ على الاستقرار المالي والنقدي وتسريع وتيرة الإصلاحات الهيكلية لدعم النمو وتعزيز خلق فرص العمل.

رسالة طمأنة للمانحين والمستثمرين

يقول الخبير الاقتصادي حسام عايش إن البرنامج الموقع مع الصندوق سيبني على عدة محاور؛ أهمها رؤية التحديث الاقتصادي. حيث جاء هذا البرنامج لدعم أهداف الرؤية في النمو الاقتصادي وفرص العمل والاستقرار المالي والنقدي في تطوير المالية العامة وضبط الإنفاق. وجاء ليقدم رسالة للمستثمرين في استمرار العمل مع الصندوق وفق ضوابط تسمح بالمحافظة على التصنيف الائتماني وتطويره للأمام والعمل على تطوير سياسات النمو الاقتصادي.

ويلفت عايش الى أن البرنامج مع صندوق النقد يعمل على الاستمرار في النمو الاقتصادي للأردن؛ حيث أن هذا النمو، وفق المراجعة السابعة، سيبلغ النمو بحدود 2.6 بالمئة العامين الحالي والمقبل آخذاً بالاعتبار الأوضاع الجيوسياسية في المنطقة.

ويؤشر إلى أن البرنامج يقدم رسالة طمأنة بأن الأردن محمي بمظلة دولية في حال اتجهت الأوضاع الاقتصادية إلى الأسوأ إضافة إلى أن المملكة ماضية في سياستها المتعقلة بالاستقرار المالي والنقدي وربط الدينار بالدولار ومواجهة التضخم وإيجاد فرص العمل.

ويلفت إلى أن الصندوق أشار إلى ضرورة أن يلعب القطاع المصرفي والمالي دوراً أكبر في العملية الاقتصادية، موضحا أن حجم البرنامج (1.2 مليار دولار من القروض التي سيوفرها للحكومة) تساوي 270 بالمئة من حصة عضوية الأردن لدى الصندوق.

ويرى عايش أن أهمية البرنامج أو الإعلان عنه «أنه جاء في ظل ظروف استثنائية بسبب التطورات الاقتصادية العالمية والعدوان على غزة».

تعزيز للثقة رغم التحديات

من جانبه، يشدد الخبير الاقتصادي والمالي زياد الرفاتي على أهمية زيارة بعثة صندوق النقد الدولي المملكة وإجراء مراجعة للمرحلة السابعة والاتفاق على برنامج جديد تتزامن مع نشوء ظروف ومخاطر سياسية واقتصادية وأمنية وديموغرافية تشهدها المنطقة لم تكن قائمة في فترات المراجعات السابقة.

ويشير الرفاتي إلى أبرز التحديات الإقليمية وهو العدوان على غزة، ومخاطر اتساع رقعتها والتدخل فيها من قبل أطراف أخرى وإن لم تصل بعد الى مرحلة الاشتباك المباشر وآثارها على المنطقة والإقليم وأوروبا والعالم وفق تحذيرات المؤسسات التمويلية الدولية والبنوك الاستثمارية العالمية بهذا الخصوص.

ويذكر أن مديرة صندوق النقد الدولي عبرت عن شعورها بالقلق بسبب مركز هذه الحرب والخسائر المأساوية في الأرواح وأن التصعيد الراهن يهدد بتدمير النشاط الاقتصادي وتقليصه في المنطقة.

كما أن ما يحدث في المنطقة يأتي في وقت يتباطأ فيه النمو وأسعار الفائدة مرتفعة، والعالم تحت صدمات اقتصادية جديدة والنمو الاقتصادي العالمي سيبقى لأعوام متباطئا، والأنظمة الضريبية في دول المنطقة تحتاج إعادة تصميم لتوسيع قواعدها وتقليص أوجه الخلل وتجديد نظم التعليم والتدريب، ووجوب أن تعمل تلك الدول على زيادة مشاركة المرأة في سوق العمل واستخدام الاستثمارات الخضراء كمحرك لتوليد فرص العمل، والصندوق يحتاج لزيادة موارده المالية بنسبة 50%.

ويوضح الرفاتي أن مؤسسات مالية عالمية رائدة أظهرت أن مخاوف تحول الحرب صراعا إقليميا تلقي بظلالها على الاقتصاد العالمي وتهدد بإشعال أسعار الطاقة والغذاء وتحذر من أن التعافي الهش للاقتصاد العالمي قد يتراجع، وما يحدث في الشرق الأوسط فيما يخص أسواق الطاقة لن يبقى ضمن المنطقة فقط وسيكون له تأثيرات عالمية.

وتزامن هذا مع تأكيد وتثبيت وكالة فيتش السبت للتصنيف الائتماني للأردن عند درجة BB- مع نظرة مستقبلية مستقرة ما يعكس الثقة بالاقتصاد الأردني في وقت خفضت وكالة موديز تصنيف العديد من دول العالم ومنها الولايات المتحدة الأميركية إلى سلبية.

إعادة النظر بالسياسات المالية

ويدعو الرفاتي في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها المنطقة، إلى إعادة النظر بالسياسات المالية لتجنب انخفاض الإيرادات العامة عن مستهدفاتها في الموازنة العامة واستدامتها لمواجهة النفقات وضبط وترشيد الإنفاق العام ورفع كفاءته وللحد من الحاجة للاقتراض للحفاظ على مستويات الدين العام ضمن حدود الموازنة وفي ظل مستويات الفائدة المرتفعة المتوقع أن تبقى كذلك حتى عام 2026 أي خلال مدة البرنامج الجديد.

ويذكّر بأن البنك المركزي الأوروبي أعلن الأربعاء أنه من السابق لأوانه مناقشة تخفيض أسعار الفائدة وأنه من المتوقع تباطؤ التضخم إلى مستهدفه 2% عام 2025

مراجعة السياسة الضريبية

ويرى ضرورة إعادة النظر في البرنامج الجديد بالعبء الضريبي بمختلف مكوناته من أنواع الضرائب ولو وفق جدول زمني تدريجي يمتد على «خمس سنوات كمقترح»، لتخفيف ذلك العبء وللتقليل من اعتماد الموازنة على الإيرادات الضريبية التي تصل إلى مستويات مرتفعة تبلغ 70% من الإيرادات المحلية ولتحسين مستويات الدخل والمعيشة.

وهذا بتقديره يستدعي حفز النمو للقطاعات الاقتصادية تحديدا لزيادة فرص العمل ومساهمتهم في الاقتصاد والإنتاج وتنويع مصادر الإيرادات غير التقليدية من مختلف القطاعات وتعزيز أدوات ووسائل مكافحة التهرب والتجنب الضريبي والجمركي.

جذب الاستثمارات

ويعتبر الخبير الاقتصادي والمالي وجدي المخامرة أن تثبيت التصنيف الائتماني للأردن عند نظرة مستقبلية مستقرة من قبل وكالة وذات مصداقية مثل فيتش، هو بمثابة شهادة على استقرار الاقتصاد الوطني وسيره على الطريق الصحيح، وبأن عملية الإصلاح الاقتصادي لدينا آتت أُكلها.

ويعتقد مخامرة أن عملية الإصلاح الكبرى التي يشهدها اقتصادنا حاليا، وستتوسع في الفترة القادمة، سيضمن بقاء الأردن في منطقة إيجابية بالرغم من تأثيرات أزمة غزة على الاقتصاد الوطني على المدى المتوسط.

ويؤكد المخامرة أن من شأن هذا التصنيف أن يلعب دورا مهما في استقطاب الاستثمارات الاجنبية إلى المملكة وسيحفز القرار الاستثماري لدى المستثمرين المترددين، إضافة إلى أن ذلك بمثابة «شهادة حسن سلوك» ستسهل على الأردن الحصول على القروض والمنح من المؤسسات المالية الدولية وغيرها من الجهات المانحة، وهذا سيدعم استدامة نشاط دورة الاقتصاد الوطني.

كما أن نجاح الأردن في إنهاء المراجعة السابعة من برنامج الإصلاح الاقتصادي الجاري تنفيذه بالتعاون مع الصندوق، وتوصله بنجاح إلى برنامج جديد مع الصندوق بقيمة إجمالية تصل إلى 1,2 مليار دولار، يشكل مؤشرا على التزام الأردن بتنفيذ سياسات مالية ونقدية سليمة وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية