خبراء يؤكدون: مشروع الموازنة محرك رئيس لشراكة القطاع الخاص بالعملية التنموية

الوقائع الاخبارية:قدمت الحكومة مشروع موازنة 2024، بحسب النصوص الدستورية والتي توجب على الحكومة تقديم الموازنة قبل نهاية كانون الثاني من كل عام.

الحكومة بدت متفائلة بحسب ما أعلن وزير المالية محمد العسعس تفاصيل الموازنة، والإنجاز المتوقع ليضاف إلى سلسلة نجاحات اقتصادية أثبتت جدية عملية الإصلاح الاقتصادي التي تنتهجها المملكة منذ سنوات.

فقد توسعت الحكومة في تقديراتها للعام المقبل لمخصصات المعونة النقدية المتكررة للعام المقبل ضمن مشروع قانون الموازنة بقيمة 18 مليون دينار لتصل تقديرا إلى 280 مليون دينار في مشروع الموازنة مقارنة مع 244 مليونا سجلت كإعادة تقدير في موازنة 2023.

وإنحازت موزانة 2024 للطلبة من الأسر المحتاجة والفقيرة برفع المخصصات المالية لهم بنسبة 67% لتصل إلى 20 مليون دينار تقريبا بدلا عن عشرة ملايين سابقا.

الخبير الاقتصادي محمد القريوتي، أكد أن موازنة العام المقبل، ارتكزت على مرتكزات عدة أهمها توقع نسبة نمو 2.7% وللعامين التاليين 3% لكل منهما، ومعدل تضخم عند حاجز 2.6% ينخفض إلى 2.5% للعامين المقبلين.

أما الإيرادات فقد قدرت بمبلغ 10.3 مليار دينار 93% منها إيرادات محلية يضاف إليها إيرادات الوحدات الحكومية بقيمة 852 مليون دينار، فيما ستنمو الإيرادات الضريبية المتوقعة بمعدل 10% وصولا إلى 7.2 مليار دينار من إجمالي الإيرادات المحلية.

وأشار القريوتي إلى أن التقديرات أشارت إلى أن 90% من النفقات الجارية ستغطى من الإيرادات المحلية وهذه خطوة جيدة في التركيز على مبدأ الاعتماد على الذات، يضاف إلى ذلك رفع قيمة المخصصات المرصودة لمشاريع رؤية التحديث الاقتصادي وخارطة تحديث القطاع العام لتصل إلى 348 مليون دينار وهو ما يعزز الالتزام بالمضي قدما بالتحديث.

وبين أن إعداد الموازنة تزامن مع تثبيت التصنيف الائتماني السيادي للأردن طويل الأجل من وكالة "فتش" عند مستوى (BB-) مع نظرة مستقبلية مستقرة، وأيضا التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي على برنامج جديد لمدة 4 سنوات بقية 1.2 مليار دولار موجه إلى الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية وبما يسهم بشكل فاعل في تخفيض تكلفة التمويل مع الوقت حيث قدرت فوائد الدين العام بما يقارب 2 مليار دينار.

وأشار القريوتي إلى أن المساحة التي تستطيع الموازنة التحرك بها محدودة بحكم الكثير من العوامل والتي من أجلها جاءت رؤية التحديث الاقتصادي وتحديث القطاع العام لتعالج مواطن الضعف في الإنفاق والترهل الإداري وأيضا تفعيل الأدوات المحفزة للنمو وتعظيم العوائد، وهذا ترجم بمخرجات الموازنة حيث جرت زيادة النفقات الرأسمالية بشكل واضح.

ودعا إلى أن توجيه هذه الزيادة إلى المشاريع ذات القيمة المضافة التي تخلق تنمية واستمرارية، وبحيث توجه قطاعيا وجغرافيا لتحقيق هذه الأهداف والتركيز على المشاريع ضمن مسؤولية الحكومات تجاه المجتمع للوصول إلى المستوى المريح من الرفاه الاجتماعي، وترك المجال للقطاع الخاص لتنفيذ المشاريع التي تعظم النمو الاقتصادي وبحيث يكون دورها توفير الممكنات حيث إن القطاع الخاص يمتلك المقومات ولكن يحتاج إلى الدعم المستمر في تذليل أية صعوبات وترسيخ المبدأ الحقيقي للشراكة بين القطاع العام والخاص لحصد النتائج المرجوة والقابلة للقياس.

وبين القريوتي أن هناك فرصا كثيرة لا تزال متاحة للتوجه إليها والتوجه إلى أسواق أخرى وفتح أبوابها أمام القطاعات الاقتصادية الأردنية وسلعها المختلفة، واستقطاب أسواق جديدة للسوق الأردني، موضحا أن الدورة الاقتصادية لا تقف في مكان واحد، فالعالم متغير ومتقلب وهناك أحداث كثيرة أثبت الاقتصاد الأردني منعته في مواجهتها ومواجهة كثير من التحديات الصعبة.

كما دعا إلى الاستمرار في بناء منظومة التنمية المحلية للوصول إلى درجة مقبولة من الاعتماد على الذات وتعظيم دور الاستثمار المحلي وتمكينه، والتأكيد على أهمية المتاجرة في المستثمر المحلي وتعظيم أعماله والوقوف معه في وقت الضائقة وعدم تركه في مواجهة تيارات مالية ولوجستية وبيروقراطية تحول دون بقائه قويا مستقرا فهو العمود الفقري للمنعة الاقتصادية وقوة منيعة داعمة لموازنة بلده.

رئيس قسم الاقتصاد بالجامعة الأردنية رعد التل، قال، إن توقعات الموازنة بنيت على افتراض تحقيق نمو اقتصادي سيتأثر بمجريات الأحداث الجارية في المنطقة سواء من ناحية التدفقات الاستثمارية أو تأثر الدخل السياحي وانخفاض الطلب الكلي للاقتصاد، مضيفا أن تحقيق النمو الاقتصادي بهذا المعدل لن يكون بالأمر السهل.

وأعرب التل عن مخاوفه من انخفاض إيرادات المملكة العام المقبل وبالتالي زيادة العجز "الفرق بين الإيرادات والنفقات"، مشيرا إلى أن الحكومة رفعت من مخصصات الإنفاق الرأسمالي بالمطلق في حين أن معظم هذا الإنفاق سيوجه نحو استكمال مشاريع قيد التنفيذ.

وأكد ضرورة التقاط الإشارات "السياسية والاقتصادية والأمنية" المنبثقة من لقاء جلالة الملك عبدالله الثاني مع الحكومة فيما يتعلق بمشروع الناقل الوطني للمياه، الأمر الذي يوجب تغييرا بإدارة السياسة المالية من مبدأ ردة الفعل إلى التعامل من خلال سيناريوهات وتوقعات للمراحل المستقبلية.

وأظهر مشروع قانون الموازنة بنود النفقات الجارية المتوقعة للحكومة العام المقبل، حيث تم رفع مخصصات دعم السلع الغذائية الاستراتيجية إلى 288.5 مليون دينار رصدت للعام المقبل، مقارنة مع 257 مليون دينار معاد تقديرها للعام الحالي.

وبحسب مشروع القانون، ارتفعت النفقات الرأسمالية بقرابة 12% عن مستواها عام 2023 لتصل إلى ما مقداره 1.729 مليار دينار، وهو الأعلى تاريخيا، حيث شكلت مخصصات مشاريع رؤية التحديث الاقتصادي وخريطة تحديث القطاع العام ما نسبته 20.2% من إجمالي هذه النفقات، ومشاريع تنمية وتطوير البلديات ومشاريع اللامركزية 18% في حين شكلت مشاريع الجهاز العسكري وجهار الأمن والسلامة 16.9%، وشكلت مخصصات باقي المشاريع قرابة 45% من إجمالي النفقات الرأسمالية.

وبهذا يكون مشروع موازنة عام 2024 نجح في خفض العجز الأولي وللسنة الرابعة على التوالي، وستتمكن الحكومة من خفض العجز الأولي ليصل إلى 812 مليون دينار وبنسبة 2.1% من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بـ 2.6% عام 2023.

كما سيتراجع إجمالي الدين العام بعد استثناء ديون صندوق استثمار الضمان الاجتماعي إلى ما نسبته 88.3% من الناتج المحلي الإجمالي، لتواصل النسبة الهبوط التدريجي في السنوات المقبلة إلى 85.7% في عام 2026.

وعبر تحفيز النمو وزيادة الإيرادات، قال وزير المالية محمد العسعس؛ إن هذه الموازنة هي الأولى منذ سنوات التي "ترفع الإنفاق الرأسمالي بنسبة 12%، وتركز الحكومة فيه على الشراكة مع القطاع العام والخاص لرفع كفاءة الإنفاق الحكومي، وتحسين خدمات البنية التحتية"، إلى جانب رفع مخصصات شبكة الأمان الاجتماعي وصندوق المعونة الوطنية المخصص للفقراء.

وسيحافظ الاقتصاد، كما يؤكد العسعس على معدلات التضخم المعتدلة والتي تعدّ من أقل المعدلات في العالم، ما يسهم في تعزيز الاستقرار المالي والنقدي وحماية القوة الشرائية للمواطنين.

أستاذ العلوم المالية والمصرفية في الجامعة الهاشمية محمد الدويري ، أكد أهمية تبني سياسة مالية تخدم عملية التخطيط بعيدة المدى، خاصة في ظل التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي يواجها الأردن حاليا، والتي يتلخص أبرزها في تحقيق معدلات نمو اقتصادي.

وأشار إلى ضرورة إعادة النظر في النظام الضريبي الحالي ليكون أكثر عدالة والعمل على زيادة نسبة إلى الناتج المحلي إلاجمالي، وإعادة النظر بمكونات إلايرادات الضريبية، وتخفيف العبء عن كاهل محدودي الدخل، والاستمرار في زيادة كفاءة التحصيل الضريبي.

ودعا الدويري، إلى إعادة النظر في الوضع الراهن لقطاعي المياه والطاقة، وتبني نموذج أعمال أكثر كفاءة، وبما يرفع من كفاءة هذه القطاعات، ويخفض من الديون المتراكمة عليها، من خلال العمل المستهدف والجماعي من قبل مختلف مؤسسات الدولة والقطاع الخاص لجلب االاستثمارات الأجنبية.

كما دعا إلى المحافظة على الاستثمارات القائمة وتشجيعها على التوسع، وتمكين القطاع الخاص، وتسريع تنفيذ المشاريع الاستراتيجية بالشراكة مع القطاع الخاص.

وأشار إلى أهمية احتواء معدلات الدين العام والعجز المالي لتظل ضمن مسارات مستدامة، كي لا تصبح قضية الدين العام المصدر الرئيس لعدم الاستقرار الاقتصادي.