الاردن يسجل تحسنا في مؤشر مكافحة الارهاب
Terrorism Index in Jordan (TIJ)
الموجز التنفيذي:
هذا هو العدد السادس على التوالي من "مؤشر الإرهاب في الاردن" الذي يصدره سنوياً "مركز شُرُفات لدراسات وبحوث العولمة والإرهاب".
بلغ العدد الاجمالي للعمليات الإرهابية في الأردن خلال الفترة من سنة 1921إلى 31 كانون الأول -ديسمبر 3202م ما مجموعه (168) عملية إرهابية، من ضمنها (138) عملية إرهابية فعلّية، و(30) عملية فاشلة.
لم يُسجل في الاردن خلال عام 2023م اي عملية إرهابية فعلّية أو فاشلة.
استمر تحسّن ترتيب الأردن على "مؤشر الإرهاب العالمي" (GTI) لعام 2023م، للسنة الثانية على التولي حيث جاء بالمرتبة 68 من أصل 163 دولة يغطيها المؤشر، بانخفاضٍ مقداره 10 درجات عن سنة 2022م حين جاء بالمرتبة 58.
بقي الأردن ضمن قائمة الدول الأمنّة حيث جاء في الترتيب (62) من أصلِ (163) دولة في العالم بحسب تقرير "مؤشر السلام العالمي عام 2023".
إن الأحداث، والاتجاهات الجديدة والخطيرة للإرهاب العالمي مثل الحرب في غزة، وتهريب الأسلحة والمتفجرات من الحدود السورية، والتوسع باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي في التجنيد ؛ تدفع الدولة وأجهزتها المختلفة باتجاه استمرار اليقظة والحذر ، والمزيد من المتابعة الأمنية والاستخبارية لمهددات الأمن الوطني ، وإعادة الاهتمام وتفعيل بنود "الاستراتيجية الوطنية لمكافحة التطرف العنيف والارهاب في الأردن" التي صدرت عام 2014م
يُقدم المؤشر موجزاً شاملاً للأحداث، والاتجاهات، والأنماط العالمية الرئيسة لظاهرة الإرهاب في المملكة الأردنية الهاشمية منذ تأسيس المملكة 1921م، مع التركيز بشكل خاص على الأحداث، والاتجاهات العظمى التي رافقت تطور ظاهرة الإرهاب في المملكة.
يستخدم المؤشر المنهج الكلاّني (holistic approach) من خلال الدمج بين أساليب البحث الكمّية، والكيفّية. ويتم إعداد، المؤشر باستخدام الأرشفة الأولية لعددٍ متنوع من المصادر الأولية، والمصادر الثانوية العالمية المعروفة كقاعدة بيانات الإرهاب العالمي (GTD) والمصادر المفتوحة، والمصادر الأردنية المتوفرة.
ويقدم المؤشر موجزاً شاملاً للأحداث، والاتجاهات، والأنماط العالمية الرئيسة في ظاهرة الإرهاب في المملكة الأردنية الهاشمية على مدى السنوات المئة الماضية من عمر الدولة في الاردن، من خلال عملية رصد، وأرشفة ، ووضع علامات ،وهيكلة وتصنيف ،وفرز المحتوى، وتصنيف جميع العمليات الإرهابية منذ تأسيس الأردن، مع تركيزٍ خاص على الأحداث والاتجاهات خلال العقدين الماضين، والتي تتوافق مع صعود، وسقوط تنظيم داعش في العراق والشام ومقتل معظم قياداته الرئيسة، إضافة الى تلاشي خطر تنظيم القاعدة الذي خسر معظم قيادته التاريخية المهمة، وأخرها قتل زعيم التنظيم ايمن الظواهري بغارة جوية أمريكية في كابل في 31 تموز/ يوليو 2022.
لقد اعتمد المؤشر منذ السنة الماضية 2022م اسلوب ادراج "عمليات الارهاب المحبطة "من قبل الاجهزة الأمنية ضمن الاحصائيات السنوية لمؤشر العدد الاجمالي للعمليات الارهابية لما له من أهمية في اعطاء صورة شاملة وحقيقية عن استهداف الإرهاب وجهود الأجهزة الأمنية في احباط تهديد الإرهاب.
ويهدف المؤشر الى تسليط الضوء على خطورة ظاهرة الإرهاب في الاردن، والتوعية المجتمعّية من خطر انتشار خطاب الكراهية، والتطرف العنيف، والإرهاب. والعمل على نشر ثقافة التسامح، والعيش المشترك، ومقاومة الإرهاب بكافة أشكاله. إضافة الى تزّويد صانع القرار السياسي، والخبراء، ومراكز البحث والدراسات، ومؤسسات المجتمع المحلية والعالمية، والمؤسسات التعليمية، بالدراسة والتحليل العلمّي والموضوعي والدقيق لظاهرة الإرهاب العالمي واتجاهاته المستقبلّية، بما يساعد ويساهم في دراسة ومقاومة هذه الظاهرة وحماية السلم الأهلي، والعالمي.
إنّ الإرهاب نوع من العنفِ السياسي، يهدف لتحقيق أغراض وأهداف سياسية. وتقوم به "أطراف فاعلة من غير الدول" لتمّيزه عن إرهاب الدولة. لكنّه يبقى ظاهرة مُعقدة، وليس له تعريف مُتفق عليه في ظل وجود أكثر من 200 تعريف. والإرهاب يتغذى على مصفوفة واسعة من الأسباب والمحركات، لكنّه يزيد، ويتضاعف في مناطق الأزمات والصراعات السياسية والحروب، حتى أصبح أداة من أدوات تنفيذ السياسة الداخلية والخارجية للدول والجماعات.
هناك فوضى مفاهيمّية ومعرفّية عميقة تتجلى في عملية الخلط بين الدراسة العلمّية للإرهاب كحقلٍ دراسي مستقل لظاهرة اجتماعية من جهة؛ وبين "مكافحة الإرهاب" التي تركز على الجوانب العملّية والاستراتيجيات الأمنية والعسكرية من جهة أخرى. حيث نلاحظ أن جلّ ما يتم نشره، والحديث عنه اليوم في الدراسات والأبحاث، وسائل الإعلام يندرج تحت إطار مكافحة الإرهاب. ويغلب عليه مقاربات "تحليل المخاطر" بالمعنى الاقتصادي الكلاسيكي.
هناك فوضى، وخلط متعمد لغايات أيديولوجية، وسياسية بين الإرهاب (أنواعه، واساليبه، وأشكاله) والمقاومة المسلحّة المشروعة للتخلص من الاحتلال والاستعمار، ولقد ظهر ذلك بشكلٍ واضح خلال الحرب في غزة (7 تشرين الثاني -أكتوبر 2023م) بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل. إضافة الى الخلط بين "إرهاب الدولة"، وإرهاب الجماعات والأفراد من خلال أسلوب الذئاب المنفردة.
ليس هناك دولة، أو مجتمع معاصر مُحصّن ضد الإرهاب. ومن المتفق عليه اليوم بين خبراء، ودارسي الإرهاب في العالم بأن الإرهاب هو "الثمرة العفنّة لظاهرة العولمة"، وأنه أصبح ظاهرة معولمّة تتجاوز الحدود الجغرافية والقومية والثقافات، ولا تختص بمنطقة جغرافية أو قومية أو جنسية أو ديانة محددة. وأنه ينتشر اليوم مستفيداً من آليات العولمة التكنولوجية، التي أدت الى نهاية احتكار الدولة كطرفٍ دولي فاعل لاستخدام التكنولوجيا، بحيث زوّدت الجماعات الإرهابية بالقدرات على الدعاية، والتجنيد، والتمويل، والتنفيذ، وبشكلٍ ينافس الدول، بل ويتفوق عليها أحياناً.
كما في السنوات الماضية من نتائج المؤشر؛ لا تزال الأزمات السياسية والصراعات والنزاعات المسلحة المحرك الرئيس للإرهاب، فقد وقعت أكثر العمليات الإرهابية، وأكثر من 90 في المائة من الوفيات الناجمة عن الإرهاب في عام 2023 في بلدان كانت بالفعل تعاني من صراع مسلح. حيث تشارك البلدان العشرة الأولى الأكثر تعرضا للإرهاب خلال العقد الماضي جميعها في نزاع مسلح واحد على الأقل، وجلها من الدول العربية والإسلامية.
أشار تقرير مؤشر الإرهاب العالمي لسنة 2023م الذي يصدره "معهد الاقتصاد والسلام" الى أن الهجمات الإرهابية على مستوى العالم أصبحت أكثر فتكاً مع مقتل 26٪ من الأشخاص في كل حادث. وهو أول ارتفاع من هذا النوع منذ خمس سنوات. ويمكن تفسير ارتفاع هذه النسبة الى استخدام الارهابين لأدوات التكنولوجية المتطورة، وتطور قدرات وخبرات الجماعات الإرهابية مع الزمن.
تاريخ ظاهرة الارهاب في الاردن
- يعكس تاريخ ظاهرة الإرهاب في الأردن الأزمات التي شكّلت مسار تطور الأردن منذ تأسيسه في ٢١نيسان ١٩٢١م. ولذلك فإن الإرهاب في الأردن يخضع لسلوك يشبه "الموجات " دون وجود "اتجاه" (trend)قوي سواءً سلباً أو ايجاباً؛ بسبب تداخل الأزمات والصراعات والأحداث الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية داخل الأردن وخارجه.
وقد أظهر التحليل الكمّي أنّ السبب الرئيس في هذه الحالة هو انغماس الأردن منذ تأسيسه بعمق في سيرورة العولمة. لذلك فقد انعكست عليه تأثيراتها المختلفة سلباً من جهة أنها جعلته منفتحاً، وهشاً احياناً في مواجهة العولمة وتآثيراتها السلبّية.
- إن التحليل الكمّي لظاهرة الإرهاب في الأردن باستخدام "تحليل السلاسل الزمنية" يبين أن تغيّر القيم المشاهدة لظاهرة الإرهاب في الأردن مع مرور الزمن وخلال القرن الماضي من عمر الدولة الأردنية (1921-2023م) جاء نتيجة لتأثير أزمات وعوامل متعددة؛ سياسية، واقتصادية، واجتماعية، وثقافية وتكنولوجية معولمّة أثرت بمجملها بشكل عميق على بنِية وسلوك الدولة والمجتمع. وان الأردن مرّ في تاريخه عبر كافة موجات الإرهاب المعاصر (القومي، اليساري ، الديني ) متأثراً بالأزمات والحروب والصراعات التي عصفت بالعالم ومنطقة الشرق الأوسط منذ الحرب العالمية الأولى حتى اليوم. وهو ما انعكس على "دورة الإرهاب" واتجاهاته التي اتسمت تبعاً لذلك بالموجات، مع بعض الأحداث العرضّية كالحروب وموجات الهجرة واللجوء.
- لكن، ورغم كل الأزمات المتكررة التي واجهها الأردن؛ بقي محافظاً على وضعه ضمن قائمة الدول الأمنّة، حيث جاء في الترتيب (62) من أصلِ (163) دولة في العالم بحسب تقرير "مؤشر السلام العالمي عام 2023" الذي نشره معهد الاقتصاد والسلام في 28 حزيران 2023م.
بلغ العدد الاجمالي للعمليات الإرهابية في الأردن خلال الفترة من سنة 1921إلى 31 كانون الأول -ديسمبر 3202م ما مجموعه (168) عملية إرهابية، من ضمنها (138) عملية إرهابية فعلّية، و(30) عملية إرهابية فاشلة، بمعنى انه تم إحباطها قبل تنفيذها من قبل "دائرة المخابرات العامة" (GID)ومن ضمن العدد الاجمالي للعمليات الارهابية كان هناك (34) عملية نُسبت إلى منفذين مجهولين لم يعلن عن الجهات التي تمثلهم في وسائل الاعلام الرسمية.
لم يُعلن في الاردن خلال عام 2023م عن اي عملية إرهابية فعلّية. كما لم يُعلن عن إحباط اي مخططات ارهابية. لكن كان هناك عملية "متابعة استخبارية" استمرت منذ العام الماضي 2022م وتتعلق بمتابعة أعضاء خلية الحسينّية الارهابية في محافظة معان التي كانت مسؤولة عن استشهاد العميد في الأمن العام / عبد الرزاق الدلابيح و3 اخرين من مرتبات الامن لتي بدأت عام 2022م، وانتهت بتاريخ 9 تموز يوليو 2023م وأسفرت عن مقتل ثلاثة من الارهابين، كان أحدهم متهماً بعملية قتل العميد الدلابيح.
استمر تحسّن ترتيب الأردن على "مؤشر الإرهاب العالمي" (GTI) لعام 2023م، للسنة الثانية على التولي حيث جاء بالمرتبة 68 من أصل 163 دولة يغطيها المؤشر، بمعدل 2.1 عملية في السنة بانخفاضٍ مقداره 10 درجات عن سنة 2022م حين جاء بالمرتبة 58. وهو نفس المعدل السنوي تقريبا الذي توصل اليه مؤشر الإرهاب في الأردن"(TIJ) الذي يصدره "مركز شُرُفات لدراسات وبحوث العولمة والإرهاب".
يتميز الأردن بمعدل منخفض من العمليات الإرهابية مقارنة مع دول أخرى في المنطقة، ولكنه ثابت في المعدل السنوي المتوقع. حيث شهد الأردن عمليتين إرهابيتين (فعلية أو مُحبطّة) في المتوسط سنوياً خلال العقود الثلاثة الأخيرة.
*كانت أشكال، وأنواع، وأساليب الإرهاب، في الاردن تتغير وتتطور بشكلٍ يتماهى مع تطور سيرورة العولمة، خاصة آلياتها التكنولوجية المتجسدة في استخدام شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.
أحداث واتجاهات جديدة
هناك استهداف لكوادر الأجهزة الأمنية (الأمن العام، والمخابرات) والقوات المسلحة وهذا الاتجاه تعمق منذ عام 2021م حتى يكاد أن يُصبح ظاهرة.
شكل اندلاع الحرب في غزة (7 تشرين الثاني- اكتوبر2023) حدثاً خطيراً، وجرس إنذار للأجهزة الامنية المعنية بمكافحة الإرهاب؛ لما قد تشكله تداعيات هذه الحرب من خطرٍ على الأمن القومي الاردني العام القادم 2024م، وفي المستقبل، حيث تشكل مناخات الحرب والصراع بيئة مناسبة لتمويل وتجنيد، ونشاط الجماعات الإرهابية، والذئاب المنفردة، والجماعات القومية والدينية المتطرفة.
شهد العام 2023م اتجاه خطيراً على سلوك عصابات وجماعات تهريب المخدرات من سوريا الى الاردن بدخول انواع، واساليب جديدة للتهريب مثل الطائرات بدون طيار (الدرون) والصواريخ، والمتفجرات. حيث تشكل هذه الاساليب بيئة مناسبة لتجنيد وتمويل الجماعات الإرهابية والخلايا النائمة، وتُسهّل مخططات الذئاب المنفردة. خاصة وأن هناك الكثير من المؤشرات العالمية التي تثبت الترابط الإيجابي بين الإرهاب وعمليات تهريب الأسلحة والمخدرات والجريمة المنظمة في مناطق الحدود.
ما زالت وسائل التواصل الاجتماعي المتعددة هي الأسلوب الأول للدعاية وتجنيد الأعضاء والمؤيدين لتنظيم داعش في الأردن. وهذا ما دلت عليه التحقيقات في العمليات الإرهابية التي جرت خلال السنوات الماضية.
إن الاتجاهات الجديدة والخطيرة للإرهاب العالمي (الحرب في غزة، تهريب الأسلحة والمتفجرات من الحدود السورية، واستخدام وسائل التواصل في التجنيد) تدفع الدولة وأجهزتها المختلفة باتجاه إعادة الاهتمام وتفعيل بنود "الاستراتيجية الوطنية لمكافحة التطرف العنيف والارهاب في الأردن" المُعلنة، التي صدرت عام 2014م. والبحث عن التمويل اللازم لها سواءً من الأمم المتحدة، أو من الدول التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب الذي يشارك فيه الأردن منذ تأسيسه في أيلول - سبتمبر 2014