نقص التروية لكبار السن المصابين بالسكري.. خطر يتسلل بظل ضعف الاهتمام

الوقائع الاخبارية:"وضعت أم رفعت قدمها على الكرسي، اقترب الطبيب، أمسك القدم، تفحصها، ضغط بيده خلف الكعب، وضع أداة على الأصابع، طلب منها تحريك قدميها، وسألها إذا شعرت بالألم".

بعد عدة فحوصات، كتب الطبيب على ورقة الفحص، الأدوية الموصوفة لهذه الحالة، وطلب من أم رفعت الالتزام بالتعليمات كافة، والعناية بقدمها، والحرص على أخذ الأدوية في أوقاتها، وعدم إهمال أي جرح أو ألم تشعر به، تجنبا لمزيد من المضاعفات.

حالة أم رفعت في علم الطب تسمى نقص التروية بالأطراف السفلية، وهي حالة شائعة بين مرضى السكري من كبار السن، والتي يؤكد أطباء مرضى السكري والغدد الصماء، أن هذه الحالات عند كبار السن، تحديدا، تتسم بتدني تدفق الدم إلى أجزاء مهمة من الجسم، خاصة الأطراف السفلية والأعضاء التي تعتمد على إمداد دم جيد.

ويشير الأطباء إلى أن السكري يزيد من خطر حدوث نقص التروية، إذ يؤدي ارتفاع مستويات السكر في الدم إلى تلف الأوعية الدموية وتصلبها، ما يقلل من قدرتها على نقل الدم بكفاءة.

وفي ظل التحديات الصحية التي تواجه كبار السن المصابين بالسكري، يظهر نقص التروية كمشكلة خطيرة تتسارع مع تقدم العمر، وتظهر علاماته بشكل واضح على شكل آلام الساقين، الخدر، وضعف العضلات، ويمكن أن يكون لهذه الأعراض تأثيرات كبيرة على نوعية حياة كبار السن، حيث تصبح الحركة صعبة والألم مستمرا.

يقول استشاري الغدد الصماء والسكري، الدكتور رامي سلامة، إن مشاكل التروية تعد من مضاعفات السكر غير المضبوط في الجسم، وأفضل طرق التعامل معها هي الوقاية وضبط السكر حتى نتجنب هذه المضاعفات.

ويضيف سلامة، أنه في حال حدوث مشاكل نقص بالتروية، لا بد للمريض من مراجعة طبيب جراحة أوعية دموية، للتأكد من ضخ الدم في القدمين، وإذا كان هناك تضيقات يتم اللجوء إلى إجراء جراحي لتوسعة الأوعية الدموية المتضيقة، مع وضع دعامات أو شبكات لمنع حدوث التخثرات مرة أخرى، وهذا هو الإجراء الأساسي.

ويذكر سلامة، عدم وجود أدوية حققت نجاحا كبيرا لعلاج هذا المرض، باستثناء أدوية مميعات الدم مثل الاسبرين أو البلافيكس وغيرها، وأيضا أدوية تقليل الكولسترول في الدم، مثل ستاتنز، وهي تقلل من تفاقم المشكلة فقط.

ويؤكد أن حجر الأساس هو ضبط السكر والوقاية من المضاعفات، وبالتالي ننصح المريض في حال إحساسه بأي ألم أو أعراض، بمراجعة الطبيب بشكل سريع مع الاعتناء بالقدمين ومنع حدوث الجروح وتفاقمها.

وتشير الدراسات إلى عدة طرق للوقاية من قدم السكري، وهي ضبط السكر في الدم بشكل جيد، والعناية بنظافة القدم وتجنب الرطوبة التي تشجع نمو الفطريات، عبر تجفيف المريض لقدميه بشكل جيد بعد الوضوء أو الاستحمام، وعدم وجود خياطة بارزة في الجوارب قد تحتك بأصابع القدم وتسبب التقرحات، إلى ذلك، ارتداء حذاء مريح وواسع وعدم لبس الأحذية الضيقة بتاتا، مع الإشارة إلى وجود أحذية خاصة لقدم السكري، كما يجب قص الأظافر بشكل مناسب، وبخط مستقيم بعرض الظفر بحيث تكون أطول قليلا من الأطراف اللحمية للأصابع، مع ضرورة عدم قصها بشكل عميق لأن هذا يؤدي لدخول الجراثيم، وعدم القص بشكل دائري أو منحن، خاصة إبهام القدم (الإصبع الكبير)، لأنه يقود للإصابة بالظفر النامي (الناشب) بالجلد.

من ناحيتها، تقول خبيرة التغذية ربا العباسي، من الضروري التركيز على الوقاية والتحكم في مستويات السكر في الدم بانتظام، كما ينصح باتباع نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة بانتظام لتعزيز الصحة العامة وتحسين تدفق الدم، ولا يمكن تجاهل أهمية زيارات الطبيب المنتظمة لمراقبة ومعالجة أي مشاكل تتعلق بالتروية.

وتشدد على أهمية تناول وجبات صغيرة ومتوازنة على مدار اليوم لتفادي ارتفاع مستويات السكر في الدم، مع تقليل تناول السكريات المضافة والمعالجة، وزيادة استهلاك الخضار والفواكه بشكل عام، والحفاظ على توازن مناسب بين الكربوهيدرات والبروتينات والدهون الصحية، والتحكم في الوزن وممارسة النشاط البدني.

وتذكر العباسي، أن من الأطعمة التي تساعد على زيادة التروية بالجسم الأسماك الدهنية، مثل السلمون والتونة، فهي مصدر جيد لأحماض أوميغا-3 التي تعزز الصحة القلبية والوعائية، وتناول الخضراوات الورقية مثل السبانخ والكرنب، التي تحتوي على فيتامينات ومعادن مفيدة.

وتضيف أن هناك أطعمة تساعد على إعطاء الطاقة كالشوفان والحبوب الكاملة، مما يساعد في التحكم بمستوى السكر في الدم، ويمكن لمريض السكري أكل الفواكه بانتظام بثلاث حصص يومية مع التباعد بينها، ومنها التفاح والحمضيات، كما يمكن له الحصول على بعض المكسرات الصحية مثل بذور الكتان واللوز، فهي مصدر جيد للألياف والدهون الصحية.

وأما في ما يتعلق بالمشروبات مثل الشاي والأعشاب، فجميعها يجب تناولها من دون سكر، وتساعد بمضادات الأكسدة وتعزز صحة الأوعية الدموية، مع الحصول على كمية كافية من الماء الذي يساعد عبى تحسين التركيز والتوازن السائلي.

ويظهر نقص التروية لمرضى السكري بعدة أعراض، مثل آلام حادة أو ناتجة عن التورم قد تشير إلى قلة تدفق الدم، والخدر والشعور بالوخز، وتأثيرات تتعلق بالأعصاب نتيجة لنقص التروية يمكن أن تسبب هذه الأعراض، وضعف العضلات بسبب تأثيره على إمداد الدم والأكسجين للعضلات، بالإضافة إلى تغيرات في لون الجلد خاصة عند التعرض للبرودة، قد تكون علامة على مشاكل في التروية، والبطء في عملية شفاء الجروح أو الجلد المتضرر نتيجة لضعف تدفق الدم، وتورم الأطراف كالقدمين والساقين بسبب احتباس السوائل.

وللسيطرة على مستويات السكر في الدم، وبالتالي، السيطرة على نقص التروية، يجب على المريض، توزيع الوجبات على مدار اليوم، وتجنب الأطعمة الثقيلة في وجبة واحدة، لتحسين إدارة مستويات السكر في الدم، مع اختيار الكربوهيدرات ذات مؤشر السكر الدموي المنخفض، مثل الحبوب الكاملة والخضراوات، الحفاظ على الوزن الصحي الذي يقلل من مشاكل السكري ويحسن التدفق الدموي، وتقليل تناول السكريات المضافة والحلويات، واستبدلها ببدائل صحية مثل الفواكه، إضافة إلى تناول البروتين بشكل متوازن ضمن نظام غذائي يحتوي على كميات مناسبة من البروتين، مثل اللحوم النباتية أو اللحوم الخفيفة، وقياس مستويات السكر في الدم بانتظام واتخاذ الإجراءات الضرورية وفقا لتوصيات الطبيب.