12885 مشروعاً استيطانياً في الضفة العام الماضي

الوقائع الاخبارية:- كنعان: الاستيطان سلاح الاحتلال في تهويد الاراضي الفلسطينية

- اعمر: الاستيطان جريمة حرب والمحكمة الجنائية مختصة به

- السبايلة: السعي لحملة دولية لايقاف الاستيطان امر غير مجد

يمثل الاستيطان رأس الحربة لدى الاحتلال، لتنفيذ مخططه القائم على تفريغ فلسطين والقدس من أهلها، ومحو الوجود الانساني والحضاري والهوية العربية الفلسطينية الممتدة لقرون طويلة في تاريخ فلسطين المحتلة.

والاستيطان في مناطق الضفة الغربية بدأ منذ عام 1967، بعد أن كانت الضفة خالية تماما من المستوطنات، حيث تم تعديل المنظومات القانونية، عبر اعتماد بعض الأوامر العسكرية غير القانونية، التي تشرّع مصادرة أراض للفلسطينيين لبناء المستوطنات، وبلغ عددها في الضفة مع بداية عام 2023 قرابة 176 مستوطنة و186 بؤرة استيطانية، يسكنها قرابة 726 ألفا مستوطنا، وشكلت المستوطنات ما نسبته 42% من مساحة الضفة الغربية، والاستيطان في الضفة الغربية تسبب في تقليص مساحة فلسطين التاريخية، فلم يبق للفلسطينيين سوى قرابة 15% منها.

وفي معتقد اليمين المتطرف المسيطر على حكومة الاحتلال فإن الاستيطان هو ضمانة استمرار الاحتلال والحفاظ على ما يسمى اسرائيل من البحر الى النهر، ويؤكد ذلك اقامة مؤتمر بعنوان اعادة الاستيطان في غزة، مما يعكس خطورة هذا السرطان الديمغرافي الذي يهدد اقامة الدولة الفلسطينية وبالتالي امكانية تحقيق السلام المأمول.

تزايد الاستيطان بشكل غير مسبوق

ونبه الامين العام للجنة الملكية لشؤون القدس عبدالله كنعان ان الاحصائيات تشير الى أن عدد المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية بما فيها القدس بلغ عام 2023 حوالي (12885) مشروعاً استعمارياً، وكانت حكومة نتنياهو اليمينية الاكثر طرحا لمشاريع الاستيطان منذ عام 2012، ويشمل الاستيطان في الضفة الغربية بما فيها القدس المستوطنات الحضرية (حوالي 67) والريفية (حوالي85)، وفي ذات السياق الاحصائي يُشار الى أن عددها بلغ مع بداية عام 2023 نحو 176 مستوطنة و186 بؤرة استيطانية مقامة على أراضي الضفة الغربية الفلسطينية المحتلة، وقد خصصت الميزانية الاسرائيلية لعام 2023-2024 قرابة 200 مليون دولار لغايات المشاريع الاستيطانية، علماً ان هناك بنود اخرى ذات صلة لم تحدد ميزانيتها مما يجعل المبلغ اكثر ارتفاعاً.

في حين بين الخبير في الشأن الفلسطيني الدكتور جودت مناع ان الاستيطان في الضفة الغربية بما فيه القدس المحتلة يشكل عقبة كأداء ومعضلة لا يمكن تفكيكها ما عطل أي مبادرات للسلام في فلسطين المحتلة، ولم يقتصر تأثير الاستيطان على عملية السلام فحسب بل ألقى بظلاله الثقيلة على الأمن الداخلي الفلسطيني بمجمله من خلال الاعتداءات اليومية على البلدات الفلسطينية والأراضي الزراعية والممتلكات.

واوضح مناع ان الفلسطينيين المجاورون للمستوطنات الإسرائيلية يعيشون في ظروف صعبة تهدد حياتهم اليومية وتعيق أعمالهم الزراعية التي شهدت أحداثاً مريعة لذلك تشكلت لجنة مقاومة الاستيطان وعندما شرعن إسرائيل ببناء جدار توسعي فصل بين الفلسطينيين وممتلكاتهم وفي بعض الأحيان مرافق وخدمات خاصة بهذه القرية أو تلك.

قرارات دولية لم تنفذ

وأكد كنعان ان تخصيص الامم المتحدة للكثير من القرارات والمؤتمرات المعنية بمناقشة عدم شرعية الاستيطان واثره السلبي والخطير على السلام والحياة الكريمة للشعب الفلسطيني لم توفر رادعاً لاسرائيل، واخر هذه المؤتمرات، المؤتمر الذي نظمته لجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف في تموز عام 2023، لافتا الى ان قرارات الامم المتحدة المعنية بالاستيطان عادة ما تجمع بين حق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره وعدم شرعية الانشطة الاستيطانية، وكان من اخر هذه القرارات اعتماد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في نيسان عام 2023 قرارين حول حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وعدم شرعية المستوطنات.

وتساءل كنعان: متى ستكون هذه القرارات المجمع عليها دوليا ملزمة لاسرائيل؟ ومتى ينبغي على اسرائيل وحكومتها اليمينية ادراك ان معادلة الاستيطان والتهجير والتضييق على الشعب الفلسطيني لن ينتج عنها سلام أو استقرار مزعوم؟.

واوضح كنعان أن ما يجري في غزة من مجازر قام بها الاحتلال ارتقى على اثرها الالاف من الشهداء والجرحى والمفقودين والاسرى وتعرض اهلنا فيها لابادة جماعية وحشية، يتزامن معه أيضا مساعي دؤوبة للمضي قدما في الاستيطان في الضفة الغربية والقدس، وفي وقت تستغل فيه اسرائيل انشغال الاعلام والمنظمات الدولية بما يحدث في قطاع غزة من ابادة، الامر الذي يتطلب التنبه له وعدم اغفاله خصوصا أن جماعات الهيكل المزعوم والمؤسسات والشركات الاستيطانية تعمل بشكل متواصل لتفريغ الضفة الغربية من اهلها واحلال المستوطنين مكانهم.

واضاف مناع انه مع إدراكنا للوضع العربي وتراجع تأثيره على القضية الفلسطينية لأسباب تتعلق بطبيعة سياسات الحكومات الإسرائيلية المتعابقة تجاه الاستيطان خصوصا الحكومة الإسرائيلية الحالية التي تضم تحالف اليمين المتطرف، لا بد ان نشير أن الأردن يبذل جهودا دبلوماسية على المستوى الدولي لتقويض عملية الاستيطان الإسرائيلية المستمرة، لكن هذه الجهود تصطدم بالتعنت الإسرائيلي وهو ما أدى إلى توتر العلاقات الأردنية الإسرائيلية على أكثر من صعيد.

مقاومة الاستيطان

واعتبر مناع ان مقاومة الاستيطان فلسطينيا كانت محدودة برغم شجاعة الجمعيات الفلسطينية المناهضة للاستيطان التي تقاوم إلى جانب أهالي البلدات الفلسطينية أية أعمال استيطانية تهدف لتطوير المستوطنات الحالية،لافتا الى ان الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة استمرت بتخصيص موازنات مالية كبيرة لدعم الاستيطان بحجم يفوق قدرات المزارعين الفلسطينيين الذين يفتقرون للدعم بأشكاله كافة.

ولفت مناع الى ان الاستيطان شهد توسعاً غير مسبوق بعد توقيع اتفاق اوسلو في غياب خطة واقعية لمواجهته، مستذكرا المحاولات التي قام بها وزير الاستيطان الشهيد زياد أبو عين والتي كان لها أثرا، ودفع أغلى ثمن هو حياته خلال مشاركته احتجاجا ضد المستوطنين وجيش الاحتلال في أرض تابعة لقرية فلسطينية اقتحمها المستوطنون للاستيلاء عليها.

ونبه مناع للوضع الذي تعيشه مدينة القدس المحتلة فهي جزء من الضفة الغربية المحتلة وتقع تحت وطأة استيطان غير مسبوق في ظل استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة، كما أن المعارضة الدولية للاستيطان في الضفة الغربية تنطبق على القدس إضافة لانتهاكات إسرائيلية تتمثل في الإجراءات العسكرية في المقدسات الإسلامية والمسيحية واعتداءات المستوطنين الإسرائيليين على مواطني المدينة المقدسة.

حملة فلسطينية عربية على مستوى دولي لايقاف الاستيطان

وفي رده حول الطريقة التي يجب من خلالها السعي لايقاف الاستيطان بين مناع نجاح اي خطة فلسطينية لتقويض الاستيطان يبقى رهنا بقدرة الفلسطينيين على الصعيدين الرسمي والشعبي للتأثير في هذا الملف المعقد الذي يتطلب موقفاً عربيا لاحتواء تداعياته من خلال دعم مناهضة الاستيطان بما يضمن صمود أصحاب الأراضي المهددة بالاستيطان وفق برنامج يضمن حقوق الفلسطينيين في أراضيهم بمتابعات قانونية وزراعية وتطوير عمراني خصوصا في المناطق التي يمكن البناء عليها، مستذكرا دور اللجنة الأردنية الفلسطينية المشتركة في ثمانينات القرن الماضي في دعم الإسكانات الفلسطينية الخاصة والعامة ويمكن الاستفادة من تلك التجربة باستئنافها، خصوصا وأن بعض الدول العربية تتميز بموارد طبيعية ودخل وطني يمكنها من تقديم الدعم المطلوب لمثل هذه الخطط بالتعاون مع الأردن لما له من تأثير على المجتمع الدولي.

من جانبه اعتبر المحلل السياسي الدكتور عامر السبايلة ان السعي للقيام بحملة فلسطينية عربية على مستوى دولي لايقاف الاستيطان، خصوصا في هذا الوقت الذي حصلت فيه الرواية الفلسطينية للاحداث على مصداقية عالية لدى الرأي العام العالمي، بالاضافة الى ايجاد ضغط عربي في المحافل الدولية لايقاف الاستيطان امر غير مجد وقد تم تجربته سابقا ولم يتكلل اي سعي الى ايقاف الاستيطان بالرغم من صدور قرارات بهذا الشأن، ودائما كانت في النهاية لا تشكل اي تأثير على ارض الواقع، معتبرا ان توجيه البوصلة نحو الشق القانوني من المسألة لربما تكون اكثر جدوى.

الاستيطان اجراء غير قانوني

وعليه توجهت الرأي بالسؤال لاستاذ القانون الدولي العام في جامعة البترا الدكتور عمر اعمر الذي اكد ان الاستيطان يعتبر جريمة حرب وتعتبر المحكمة الجنائية مختصة بذلك، كما انه مخالف لميثاق الأمم المتحدة، واتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بالاحتلال والمواد ٤٩ و ٥٣ من اتفاقية جنيف الرابعة، بالاضافة الى اتفاقية لاهاي ١٩٠٧، وقرارات مجلس الأمن، والرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية بخصوص الجدار العازل في فلسطين.

واعتبر كنعان انه وفي سياق استمرار القمع والتضييق والاقتحامات الاسرائيلية الشاملة لأهلنا في فلسطين والقدس وكافة المدن والقرى والمخيمات، بما في ذلك العدوان الوحشي على قطاع غزة المحتل، فإن ملف الاستيطان لا يزال من اهم الملفات التي ينبغي على العالم ومنظماته الشرعية التصدي له، وعلى المنظمات الشرعية وأحرار العالم السعي لالزام اسرائيل بتنفيذ القرارات المتعلقة به بما في ذلك قرار مجلس الأمن رقم 2334 الصادر عام 2016 والذي نص على عدم شرعية إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 بما فيها القدس الشرقية، وأعتبر ايضاً إنشاء المستوطنات انتهاكا صارخا بموجب القانون الدولي وعقبة كبرى أمام تحقيق حل الدولتين وإحلال السلام العادل، وطالب القرار بوقف فوري لكل الأنشطة الاستيطانية على الأراضي الفلسطينية المحتلة.

يذكر ان الاستيطان نوع من الاستعمار، إذ هو عملية إسكان واسعة في أرض محتلة، وذلك بذريعة الإعمار وإرساء سيطرة الدولة المهيمنة على الأرض التي ضمتها، وأصبحت تعتبرها جزءا منها، ولكنه يختلف عن الاستعمار في كونه يستند في تبريراته إلى مسوغات دينية وفكرية، و المستوطنات في الضفة الغربية هي تجمّعات سكانية إسرائيلية أقيمت على الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل عام 1967، بدوافع أيديولوجية دينية وعنصرية.