تقرير: إسرائيل تستخدم طائرات كوادكابتر لإعدام الفلسطينيين
الوقائع الإخبارية : - قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إنه وثق استخدام الجيش الإسرائيلي طائرات مسيّرة صغيرة الحجم (كوادكابتر) في إطلاق نار مباشر تجاه فلسطينيين واغتيالهم وإيقاع إصابات في صفوفهم، في إطار جريمة الإبادة الجماعية المستمرة منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي.
وأكد المرصد الأورومتوسطي في بيان له، أن الجيش الإسرائيلي كثّف من استخدام طائرات "كوادكابتر" التي يتم تسييرها إلكترونيًّا عن بُعد، كأداة اغتيال وإيقاع أذى في صفوف الفلسطينيين، بعد أن كانت مهمتها مقتصرة على العمل الاستخباري.
وقال الأورومتوسطي إن الجيش الإسرائيلي يصعد من تنفيذ عمليات القتل العمد والإعدام غير القانونية بحق المدنيين الفلسطينيين من خلال القنص وإطلاق النار من طائرات مسيرة في مختلف مناطق قطاع غزة، إلى جانب استمراره في قتل الفلسطينيين على نحو واسع من خلال القصف الجوي والمدفعي على المناطق السكنية.
وأبرز أن عمليات الاغتيال والإعدام والقنص التي ينفذها الجيش الإسرائيلي في مراكز الإيواء والمستشفيات والشوارع والمناطق السكنية المأهولة كان استهدف فيها بشكل أساسي مدنيين عُزل، دون أن يشكلوا مصدرًا لأي تهديد أو خطر، أو أن يشاركوا بالأعمال القتالية بأي شكل من الأشكال.
ووفقًا للتحقيقات التي أجراها المرصد الأورومتوسطي، فإنه يشتبه باستخدام الجيش الإسرائيلي للطائرات المسيرة القاتلة الصغيرة المجهزة برشاشات وصواريخ من فئتي Matrice 600 وLANIUS ، وهي طائرات مسيرة متعددة الاستخدامات وعالية القدرة على التحرك، ومصممة للتشغيل على المدى القصير، ويمكن للنظام الخاص بها استكشاف المباني ورسم الخرائط تلقائيًا لاكتشاف الأهداف المحتملة، فيما يمكن أن تحمل حمولات قاتلة أو غير قاتلة، وهي قادرة على أداء مجموعة واسعة من المهمات للقوات الخاصة والعسكرية.
ووثق الأورومتوسطي مقتل عشرات المواطنين جراء إطلاق نار من هذه النوع من المسيرات، إما عن طريق إطلاق النار المباشر تجاه الأفراد، أو من خلال إطلاق النار العشوائي تجاه التجمعات، حيث يجري تركيب بندقية رشاشة أسفل الطائرة والتحكم فيها آليًّا.
بتاريخ 12 شباط/فبراير، وثق الأورومتوسطي مقتل الشقيقين "مهيب أسامة عز الدين أبو جامع" (19)، و"إلياس أسامة عز الدين أبو جامع" (17)، وهو من ذوي الإعاقة الحركية والعقلية، في مخيم الشابورة في رفح، جنوبي قطاع غزة.
بتاريخ 12 شباط/فبراير، وثق الأورومتوسطي مقتل الشقيقين "مهيب أسامة عز الدين أبو جامع" (19)، و"إلياس أسامة عز الدين أبو جامع" (17)، وهو من ذوي الإعاقة الحركية والعقلية، في مخيم الشابورة في رفح، جنوبي قطاع غزة.
وفي إفادة لفريق المرصد الأورومتوسطي، قال والد الشقيقين "أسامة": "في الليل، حوالي الساعة 1:45، سمعنا صوت إطلاق نار حولنا. كنا في الخيام ولم نكن نعرف ماذا يحدث، خرجت لأرى ماذا يحدث، وجدت الجميع يركض ويهرب. كان أبنائي استيقظوا على صوت إطلاق النار ويسألون ماذا يحدث. دخلت بعدها بأقل من دقيقة، ليبدأ إطلاق النار فوقنا من طائرة كوادكابتر، على خيمتنا مباشرة. أصبت أنا وقُتل اثنان من أبنائي، أحدهم معاق حركيًّا وعقليًّا. بعدها خرجنا من الخيمة وركضنا حتى أحافظ على ما تبقى من أبنائي أحياء. دخلنا إلى منزل أحدهم، وبقيت أنزف لمدة 3 ساعات حتى وصل الإسعاف وذهبت إلى المستشفى. أخذوني إلى المستشفى الكويتي الذي لم يتمكن من تقديم العلاج لي، فنقلوني بعدها إلى مستشفى أبو يوسف النجار ]في خانيونس[، حيث أخاطوا لي الجرح وأبقوا الشظايا داخلها، وقالوا إنهم سيتابعونها لاحقًا ]بسبب حالة الطوارئ[."
وفي اليوم ذاته، وثق الأورومتوسطي مقتل الطفل "محمود علاء عوض العصار" (16 عامًا) وشقيقته "أسماء علاء عوض العصار" (21 عامًا) جراء إطلاق النار تجاههما من طائرة كوادكابتر إسرائيلية شمال مخيم بدر شمال غرب مدينة رفح.
ووثق الأورومتوسطي في 8 شباط/فبراير الجاري، مقتل فلسطينيين اثنين وإصابة ثالث بجروح خطيرة جراء إطلاق نار من طائرة كوادكابتر على مدرسة تؤوي نازحين في محيط مدارس "العودة" شرق خانيونس، جنوبي قطاع غزة.
وأشار إلى مقتل مدني فلسطيني في اليوم ذاته خلال تواجده على سطح مجمع "ناصر" الطبي في خانيونس، جراء إطلاق نار من طائرات كوادكابتر إسرائيلية خلال محاولته التقاط إشارة الإنترنت بالتزامن مع حصار الجيش الإسرائيلي للمستشفى.
كما وثق قبيل ظهر الثلاثاء 4 شباط/فبراير، مقتل "محمد دياب عبد القادر برهوم" جراء إطلاق نار عليه من طائرة كوادكابتر خلال توجهه لإطعام أغنامه في بلدة "النصر" شمالي مدينة رفح.
ووثق المرصد الأورومتوسطي مقتل أربعة فلسطينيين منهم طفلان في 21 كانون ثانٍ/يناير في إطلاق طائرات كوادكابتر النار نحو جامعة "الأقصى" التي تؤوي آلاف النازحين غرب خانيونس.
وبتاريخ 11 كانون ثانٍ/يناير، وثق الأورومتوسطي مقتل أكثر من 50 فلسطينيًّا وإصابة عشرات آخرين، بعدما استخدم الجيش الإسرائيلي هذا النوع من الطائرات المسيرة لإطلاق النار تجاه فلسطينيين تجمعوا لاستلام كميات من الطحين عبر شاحنات تتبع للأمم المتحدة.
ووفق الشهادات التي جمعها الأورومتوسطي، فإن عشرات السكان تجمعوا على شارع "الرشيد" غربي مدينة غزة بانتظار وصول الشاحنات التي تقل الطحين، قبل أن يفاجأ الجميع بقدوم طائرات مسيرة من نوع كوادكابتر بدأت بإطلاق النار تجاههم وأوقعت عددًا كبيرًا من الشهداء والجرحى في صفوفهم.
وبيّن أن السكان هربوا من المنطقة ونقلوا من استطاعوا من الجرحى، فيما بقي القتلى في المكان. وفي وقت لاحق من اليوم ذاته، وصلت الشاحنات ليعود مئات السكان للتجمع مجددًا لمحاولة استلام حصة من الطحين، في وقت يعاني مئات الآلاف شمالي وادي غزة من الجوع للشهر الرابع على التوالي.
وتكررت بعد ذلك حوادث إطلاق نار مماثلة ما لا يقل عن ستة مرات في المنطقة ذاتها، وقرب منطقة دوار "الكويت" على طريق "صلاح الدين" جنوب مدينة غزة، ما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات.
وأبرز الأورومتوسطي كذلك توثيق مقتل الطفل "أمير عودة" (13 عامًا) في 24 كانون أول/ديسمبر 2023، بعد إصابته بعيار ناري في صدره، جراء إطلاق طائرة مسيرة كوادكابتر النار تجاهه خلال وجوده في غرفة بمقر جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في خانيونس.
وفي إفادة لفريق الأورومتوسطي، قال والده الطفل: "أمير كان يلعب مع أبناء عمه داخل غرفة في الطابق الثامن من مبنى جمعية الهلال الأحمر التي نزحنا إليه، قبل أن يصاب فجأة بعيار ناري أطلقت طائرة كوادكابتر عبر نافذة الغرفة. كان أمير مصابًا في الجانب الأيسر من صدره، وحملته ونزلت فيه إلى مستشفى الأمل الذي يقع ضمن مبنى مقر الجمعية، وهناك أعلنوا وفاته."
وأشار الأورومتوسطي إلى أنه وثق يوم السبت 3 شباط/فبراير 2024، إطلاق طائرة مسيّرة إسرائيلية، صاروخًا، تجاه شخص يقود دراجة كهربائية صغيرة الحمل، خلال سيره على بعد عدة أمتار باتجاه الجنوب في تقاطع شارع فلسطين مع شارع الثورة في مدينة غزة. أدى ذل إلى إصابته مباشرة وسقوطه على الأرض بجوار جدار. وتبين أن القتيل هو جهاد محمد جمعة الدردساوي، 50 عاما، من سكان حي التركمان في منطقة الشجاعية شرق غزة.
وأظهر الفحص الأولي لجثة "الدردساوي" تعرضه لعدة فتحات في جسده على الأقل أربعة في الظهر وواحدة في الفخذ إلى جانب فتحت عديدة في الجدار المجاور لمكان سقوطه والدراجة الكهربائية التي كان يستقلها، بفعل استهدافه مباشرة من طائرة دورون إسرائيلية.
وتظهر المعاينة للمكان ومقطع الفيديو، أنه استهدف بصاروخ صغير الحجم تناثرت شظاياها لتصيب الدردساوي وتحدث عشرات الحفر والفتحات في الجدار المجاور.
وأبلغ شاهد عيان باحث المرصد الذي وثق الحادث، أن طائرة مسيّرة إسرائيلية أطلقت صاروخًا تجاه الدردساوي ما أدى إلى مقتله، وأن المنطقة التي وقع فيها الاستهداف لم تكن تشهد أي اشتباكات.
وأكد المرصد الأورومتوسطي رصد عشرات حالات القتل والإصابة الأخرى لمدنيين فلسطينيين في عمليات قنص من الجيش الإسرائيلي وإطلاق النار من طائرات كوادكابتر المسيرة أو من خلال إطلاقها صواريخ موجهة للأفراد منذ بدء الهجوم العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة، مع تزايدها خلال عمليات التوغل البري التي بدأت نهاية تشرين أول/أكتوبر الماضي، لا سيما في الأسابيع الأخيرة.
وتؤكد الشهادات التي جمعها الأورومتوسطي أن الجيش الإسرائيلي يستخدم بشكل منهجي طائرات كوادكابتر في تنفيذ عمليات قتل عمدي وإعدام غير قانونية ضد المدنيين الفلسطينيين، خاصة في المناطق التي تشهد توغلات ومداهمات إسرائيلية ثم تتراجع عنها الآليات الإسرائيلية، بحيث تستهدف عبر هذا النوع من الطائرات أو القناصة الذين يكونون متخفين في المباني المدنيين الذين يحاولون العودة لتفقد منازلهم.
وبالإضافة إلى شهادات شهود العيان، ووفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية في غزة فإن العاملين في القطاع الصحي رصدوا أن أغلب حالات الإعدام والقتل غير القانونية جرت بواسطة أعيرة نارية غريبة؛ حيث تختلف مواصفاتها عن الأعيرة النارية المعتادة، وتترك شكلًا مختلفًا على جسد الضحية عند اختراقها إياه، وهذا يدفع إلى الاعتقاد أن حالات القتل كانت بواسطة طائرات كوادكابتر المسيرة.
وأشار الأورومتوسطي إلى أنه يجري استخدام هذا النوع من الطائرات أيضًا لترويع الفلسطينيين وبث الرعب لديهم والتأثير سلبًا على صحتهم النفسية، نظرًا لوجودها المستمر في الأجواء.
وحوّل الجيش الإسرائيلي هذه الطائرة المسيّرة التي أُنتجت للاستخدام بالأساس في أغراض التصوير إلى سلاح جوي استخباري ومن ثم وسيلة للقتل والإعدام خارج نطاق القانون والقضاء.
وطائرات كواد كابتر هي طائرات مسيرة طورتها شركات صناعات عسكرية إسرائيلية بخصائص وميزات تكتيكية مختلفة، وهي رباعية المروحيات وصغيرة الحجم لا يتجاوز قطرها مترًا واحدًا، وهي سهلة البرمجة وتسيّر إلكترونيًا عن بُعد.
وهذا النوع من المسيّرات مزوّد بكاميرات ذات جودة عالية وأدوات تنصت دقيقة جدًا، ويمكنها القيام بمهام عسكرية إضافية، مثل إطلاق النار وحمل قنابل، كما أنه يمكن تحويلها إلى طائرة مسيّرة انتحارية.
ويؤكد الأورومتوسطي على أن الطائرات المسيّرة، على الرغم من أنها لا تعتبر في حد ذاتها من الأسلحة غير القانونية، مثل الأسلحة المحظورة دوليا، إلا أن استخدامها يجب أن يتم وفقًا لقواعد القانون الدولي الإنساني المعمول بها في سياق النزاعات المسلحة، تمامًا مثل أي سلاح آخر يسمح باستخدامه. ويأتي على رأس هذه القواعد ضمان احترام مبادئ التمييز، والتناسبية، واتخاذ كافة الاحتياطات اللازمة قبل تنفيذ الهجوم العسكري.
ويشدد الأورومتوسطي على أن الغرض الأساسي من استخدام هذه الطائرات المسيرة كأسلحة في النزاعات المسلحة الأخرى كان لمنع أو تقليل حدوث ضحايا مدنيين في الهجمات العسكرية، نظرًا لطبيعة التكنولوجيا المتقدمة المميزة لهذه الطائرات المسيرة، ومزاياها غير المتاحة في أغلب الأسلحة الأخرى، مثل القدرة على الرصد بواسطة الكاميرات والمراقبة في الوقت الحقيقي، والقدرة على التصويب بدقة في الغالب بسبب طبيعة السلاح الذي تحمله، والقدرة على التتبع والتحرك السريع مع الهدف. مع ذلك، فإن هذه الميزات ذاتها تظهر أيضًا أن إسرائيل تستخدمها بشكل متعمد لاستهداف المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، حيث إن معظم الاستهدافات التي وقعت كانت في مناطق مفتوحة يسهل فيها تمييز المدنيين من المقاتلين. وكانت تلك الطائرات تحلق فوق مناطق الاستهداف لفترات تمكنها من مراقبة وتقييم الأوضاع الميدانية، كما أن معظم حالات القتل التي نفذتها هذه الطائرات كانت باستخدام أعيرة نارية ذات مدى الاستهداف القصير والمباشر.
وكان المرصد الأورومتوسطي وثق في نهاية كانون أول/ديسمبر الماضي في ملف أولي قدمه إلى مقررين خاصين للأمم المتحدة ومدعى عام المحكمة الجنائية الدولية، عشرات جرائم القتل والإعدام المباشر غير القانونية التي نفذها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، داعيًا إلى التحقيق الفوري بها لمحاسبة مرتكبيها وإنصاف الضحايا.
وحث الأورومتوسطي الجهات المذكورة وغيرها من الاطراف الدولية، على إعلان موقف من مجمل عمليات القتل الواسعة التي تنفذها القوات الإسرائيلية الإسرائيلية والتي راح ضحيتها عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين، وبشكل خاص عمليات الإعدام والتصفية الجسدية في قطاع غزة.
كما طالب الأورومتوسطي بالإعلان عن تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة خاصة بالهجوم العسكري الأخير على قطاع غزة، وتمكين لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلة التي تم تشكيلها من عام2021 من القيام بعملها، بما في ذلك ضمان وصولها إلى قطاع غزة وفتح التحقيقات اللازمة في جميع الجرائم والانتهاكات المرتكبة ضد الفلسطينيين في القطاع، بما في ذلك عمليات قتل المدنيين الفلسطينيين عمدًا وتصفيتهم جسديًّا.
كما دعا الأورومتوسطي المقرر الخاص المعنيّ بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفًا لإجراء زيارة قُطرية إلى قطاع غزة في أقرب فرصة ممكنة من أجل التحقيق في جرائم القتل غير المشروعة التي تندرج ضمن ولايته الموضوعية.
وشدد المرصد الأورومتوسطي على أن عمليات الإعدامات خارج نطاق القانون والقضاء سواء بالتصفية المباشرة أو القنص وإطلاق النار التي ينفذها الجيش الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين تنتهك حقهم في الحياة وحظر حرمانهم من هذا الحق على نحو تعسفي، وذلك وفقًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، كما تعتبر من الانتهاكات الجسيمة وفقًا لاتفاقيات جنيف، وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وفقًا لنظام رما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، كجرائم قائمة بحد ذاتها، وتشكل ركنًا من أركان جريمة الإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل ضد سكان قطاع غزة منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي.