المحامية العسكرية للاحتلال تحذّر الجيش : تصرفات الجنود تجاوزت المسموح

الوقائع الإخبارية : أرسلت المحامية العسكرية العامة، اللواء يفعات تومر يروشالمي، خطاباً إلى قادة الجيش الإسرائيلي؛ لتحذيرهم من حالات وتصرفات جنود الجيش أثناء قتالهم في قطاع غزة، والتي تتجاوز الحد المسموح جنائياً على حد وصفها، بحسب ما نقلت قناة N12 الإخبارية، الأربعاء 21 فبراير/شباط 2024.

إذ ذكرت يفعات أن القتال في قطاع غزة "يجري داخل منطقة حضرية مأهولة، وذات كثافة سكانية تُعد من بين الأعلى في العالم". 

كما أكّدت أن الجيش الإسرائيلي صادف أثناء القتال "حالات غير لائقة، تنحرف عن مسار قيم وأوامر الجيش"، حسب قولها.

ويشمل ذلك التصريحات غير اللائقة التي تشجّع على تصرفات غير لائقة، واستخدام قوة غير مبررة عملياتياً -بما في ذلك ضد المعتقلين، والنهب الذي يشمل استخدام أو إزالة عقار خاص دون أغراض عملياتية، فضلاً عن تدمير العقارات المدنية بما يخالف الأوامر"، حسب تصريحها.

بحسب المحامية العسكرية، فإن الأفعال والتصريحات التي أشارت إليها "تُلحق ضرراً استراتيجياً بالغاً بإسرائيل وجيشها على الساحة الدولية، وهو أمر لا مجال للمبالغة في خطورته".

وجاء خطاب التحذير من يفعات في أعقاب جلسة استماع إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، وبعد استخدام الولايات المتحدة لحق الفيتو مرةً أخرى الثلاثاء ضد مشروع قرار من مجلس الأمن لوقف إطلاق النار في غزة.

وأفادت يفعات بأن "الحالات المتعلقة بذلك تجري مراجعتها وتسويتها بواسطة هيئات تطبيق القانون. وفي نهاية عمليات المراجعة، سيصدر مكتب المدعي العسكري القرار بشأن الإجراءات التي سيجري اتخاذها ضد المتورطين المشتبه بهم على المستوى القيادي والتأديبي والقانوني".

يسرقون كل شيء هذه التصرفات المحرمة إنسانياً ودولياً نشرت عنها صحيفة هآرتس الإسرائيلية في مقال عنوانه "النهب الذي يقوم به جنود إسرائيليين في غزة هو جزء من الانتقام".

أحد الجنود في لواء غيفعاتي تباهى أمام مراسل لقناة "كان 11" الإسرائيلية بمرآة كبيرة سرقها من أحد المنازل في خان يونس. 

وعلى منصات التواصل الاجتماعي، نشر جنود مقاطع فيديو لمقتنيات سرقوها من منازل الغزاويين، فهذا جندي يتفاخر بقميص رياضي نهبه من أحد المنازل، وهذا آخر يستعرض وجبات غذائية أعدها هو وزملاؤه من مواد أخذوها من مطابخ منازل أخرى، بحسب مقال الصحيفة العبرية.

كانت الصحيفة ذاتها قد نشرت تقريراً قبل نحو شهر عنوانه "لابد أن يتخذ الجيش الإسرائيلي إجراءات رادعة قبل أن يتحول جنوده إلى عصابات لا تتقيد بأي قوانين"، ألقى الضوء على ما يقوم به جنود الاحتلال من أعمال "غير إنسانية وغير أخلاقية".

وفي الإطار ذاته، كان جيش الاحتلال قد أصدر بياناً زعم فيه أن تحقيقات تجري بالفعل فيما وصفها البيان بأنها "انتهاكات محتملة للقانون الدولي في غزة" تشير تقارير أن قواته يرتكبونها. جاء صدور ذلك البيان كرد على الاتهامات لإسرائيل بارتكاب "إبادة جماعية" في غزة، والتي تحاكم بسببها أمام محكمة العدل الدولية عبر الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا أواخر ديسمبر/كانون الثاني الماضي.

لكن مقال هآرتس، المنشور يوم 19 فبراير/شباط، يؤكد أن عمليات السلب والنهب التي تمارسها قوات الاحتلال لا تزال مستمرة، بل وتحولت إلى ظاهرة عامة، وليست مجرد حوادث فردية متفرقة. "هذا السيل من الشهادات يعكس مشكلة منتشرة، لكن يبدو أن الجيش يواجه مشكلة في محاولة منعها".

كانت هيئة أركان جيش الاحتلال قد ناقشت خلال ديسمبر/كانون الأول ظاهرة السلب والنهب في غزة، وذلك خلال لقاءات متعددة مع قادة الوحدات التي تحارب في القطاع، لكن لم يتم اتخاذ أي إجراء نظامي لمنع تلك الظاهرة، بحسب تقرير إسرائيلي.

وأصدر قائد وحدة التوجيه في الجيش، وهو لا يمتلك درجة محددة في التسلسل القيادي العملياتي، خطاباً لقوات الجيش التي تحارب في غزة، بشأن هذه القضية. وجاءت صياغة الخطاب غامضة وتركز على نقطة وحيدة تقريباً وهي أن "السلب والنهب يضايق الجيش".

ويعني هذا التناول لمسألة النهب والسلب وسرقة ممتلكات المدنيين في القطاع أن ما "يضايق" قيادات إسرائيل هو الضرر الذي تسببه هذه الظاهرة المتفشية لسمعة الجيش وثقة العامة فيه وترابط الوحدات وانعكاس الأمر على صورة إسرائيل داخلياً وخارجياً.

"لكن تظل النقطة الأساسية التي تجاهلها اللواء عوفير ليفيوس (قائد وحدة التوجيه) هي أن السرقة أمر غير قانوني وغير أخلاقي في حد ذاته. لكن من الواضح أن الحديث مع جنود الجيش عن الأخلاق يبدو أمراً صعباً، وبالتالي يتم تجاهله والتركيز على الضرر الذي قد يلحق بصورة إسرائيل وجيشها"، بحسب مقال هآرتس.

تظل مسألة النهب والسلب وسرقة الممتلكات قضية صغيرة عند مقارنتها بعشرات الآلاف من المدنيين الذين فقدوا حياتهم والدمار الهائل لقطاع غزة بشكل شبه كامل، والفرحة التي يبديها جنود الجيش الإسرائيلي وشماتتهم المعلنة في أهل القطاع. لكن السلب والنهب والسرقة هي أمور محرمة دينياً أيضاً، وبالتالي فإن فشل الجيش في منعها أمر يحتاج للتفسير، خصوصاً أن "الصبغة الدينية" حاضرة بقوة في تلك الحرب، كما يقول مقال هآرتس.

وفي الوقت الذي تعيث قوات الاحتلال فساداً وتسرق وتنهب كل ما تجده في منازل الفلسطينيين قبل تفجيرها والتباهي بذلك كله، يعاني سكان قطاع غزة من المجاعة، حيث لم تدخل إلى كل القطاع سوى 9 شاحنات مساعدات خلال الأيام العشرة الأخيرة، وسط تحذيرات متصاعدة من أن تتسبب المجاعة في القطاع بوفيات.

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حربا مدمرة على قطاع غزة خلفت عشرات آلاف الضحايا معظمهم أطفال ونساء، وفق بيانات فلسطينية وأممية، الأمر الذي أدى إلى مثول إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهم ارتكاب "إبادة جماعية".