الانتقال الكبير.. الأردن في القرن الحادي والعشرين ازدهـار ومـنـعـة

الوقائع الاخبارية: شكّل الأردن وسط هذه الظروف المعقّدة الاستثناءَ في المنطقة، إذ حافظَ على قدرته على البناء وتحقيق المزيد من الإنجازات الوطنية في المجالات المختلفة؛ الأمر الذي مكّنَ الدولة من الانتقال الحقيقي للقرن الحادي والعشرين عبر تحديث الاقتصاد الوطني وتدشين المؤسسات الوطنية، في الوقت الذي تضاعفت فيه قدراتُ البلاد في البنى التحتية وواكبت جودةُ الخدمات العامة ونوعية حياة الأردنيين التغييراتِ الديموغرافيةَ والاجتماعية المتسارعة.

أدرك الملك عبدالله الثاني مبكراً أبعادَ التحولات والأزمات في المنطقة ومآلاتها، وظلّ واثقاً بقدرة الأردنيين والأردنيات على الصمود والاستمرار في البناء، فقد آمن بحكمة الشعب الأردني، ورفض دوماً الخضوع للتوقعات اليائسة، وأثبت أنّ الظروف الصعبة من حولنا لن توقف مسيرة الأردن، ولن تثني عزيمة الأردنيين.

* * *

يتضمن الكتاب سبعة فصول؛ يتناول الأول قيمَ الدولة الأردنية ويرصد الاستمرارية والتجديد فيها محاولاً الإجابة عن سؤالَين مركزيَّين؛ الأول حول الطريقة التي حافظت فيها الدولة الأردنية على قِيَمِها السياسية والثقافية وجدّدتها في الوقت نفسه، والثاني حول الكيفية التي ازدهرت بها الهوية الوطنية الأردنية وسط تفتُّت الهويات وصراعها في المنطقة.

ويتتبع الفصل الثاني المنظورَ الاستراتيجي الذي أدارت من خلاله الدولةُ الأردنية تفاعلاتِها مع الأزمات والتحولات في المنطقة، ويشرح النهجَ الذي قاد به الملك البلادَ وسط أزمات كبرى، أبرزها التعامل مع صعود اليمين الإسرائيلي، والحرص على إبقاء القضية الفلسطينية على قمة الأولويات الدولية ومواجهة محاولات تهميشها أو تصفيتها، إلى جانب الحرب على الإرهاب والتصدي لـ»الإسلاموفوبيا».

ويستعرض هذا الفصل العلاقاتِ الأردنية-العربية والعلاقات الأردنية-الدولية، ويوضح النهج الذي اتخذته المملكة لتعظيم المكاسب الوطنية من خلال السياسة الخارجية. وفي السياق الاستراتيجي، يرصد التطورَ في مجال القدرات الدفاعية الوطنية؛ سواء في مجال تحديث القوات المسلحة الأردنية-الجيش العربي، أو في دَور دائرة المخابرات العامة والأجهزة الأمنية في حماية الاستقرار والمصالح الوطنية ومواجهة مصادر التهديد.

وخُصص الفصل الثالث لاستعراض التطورات التي شهدها الاقتصاد الأردني في هذه المرحلة؛ إذ تصدّر الاقتصادُ الأولوياتِ في برنامج الملك، واستطاع الأردن في العقد الأول من هذ القرن أن يقطع شوطاً طويلاً في تطوير البنى الاقتصادية والاندماج في الاقتصاد العالمي والانتقال نحو الأولويات العالمية الجديدة والسعي للاعتماد على الذات؛ الأمر الذي انعكس في مؤشرات النمو وفي حركة الاستثمار وفي سلسلة من الاتفاقيات الدولية التي وقّعها. ويتوقف هذا الفصل عند الصدماتِ التي تعرّض لها الاقتصاد الأردني في العقد الثاني والجهود التي بُذلت لتجاوزها وبناء المنعة الوطنية.

ويتناول الفصل الرابع التحديات التي لازمت الاقتصاد الأردني نتيجةً لعوامل منها: ندرة موارده، والاستحقاقات الاستراتيجية والأمنية التي فرضها موقعه الجغرافي، والتزامه الأخلاقي في توفير الملاذ الآمن للفارّين من ويلات الحروب، واعتماده لفترات طويلة على المساعدات الخارجية غير المستقرة. فقد أسهمت هذه العوامل في إنتاج تحديات في قطاعات المياه، والطاقة، والأمن الغذائي، فضلاً عن التحديات المرتبطة بالفقر والبطالة.

أما الفصلان الخامس والسادس، فيقدمان رصداً للتطورات التي شهدتها الخدمات العامة؛ وبخاصة في قطاعات التعليم العام، والتعليم العالي، والصحة ونوعية الحياة، والنقل، والبنية التحتية، والثقافة، والشباب والرياضة. ويتتبّع الفصلان مساراتِ الانتقال نحو التحديث والشمول والنوعية في هذه القطاعات، والكيفيةَ التي عملت بها على تطوير نوعية حياة الأردنيين خلال الربع الأول من هذا القرن والتي انعكست في العديد من المؤشرات.

ويناقش الفصل السابع العلاقةَ بين المجتمع والدولة، التي اتسمت في سنوات الربع الأول من هذا القرن بالمزيد من النضوج والاستقرار في بيئة صعبة ومعقّدة في الجوار، واستطاعت الدولةُ خلالها أن تعبُرَ بالمجتمع الأردني إلى برّ الأمان وسط كل هذه التحولات، وذلك باستمرار تراكم الإصلاحات السياسية والنهج التدريجي الذي اتُّبع في صيانة المؤسسات السياسية وتفعيل أدوارها ونسج علاقة مرنة مع مطالب المجتمع السياسي، وصولاً إلى مشروع التحديث السياسي.

أما الفصل الأخير فيوثّق التطوراتِ التي مرّت بها الإدارة العامة وبناء المؤسسات وتعزيز سيادة القانون والحوكمة الرشيدة.

آمن الملك عبدالله الثاني بحكمة الشعب الأردني، ورفض دوماً الخضوع للتوقعات اليائسة، وأثبت أنّ الظروف الصعبة من حولنا لن توقف مسيرة الأردن ولن تثني عزيمة الأردنيين