بعد عام من إقرارها.. تباين الآراء حول أثر تعديلات "الضمان" في الحماية الاجتماعية

الوقائع الاخبارية:  بعد مرور عام على آخر تعديلات أجرتها الحكومة على قانون الضمان الاجتماعي، بين خبيران، أن هناك إيجابيات على التعديلات، بخاصة ما يتعلق بالمؤمن عليهم من العسكريين، لافتين إلى أن هناك تعديلات ليس لها أثر حتى الآن، جراء عدم صدور تعليمات تنظمها، كما أن هناك تخوفا من أثرها السلبي.

الناطق الإعلامي باسم مؤسسة الضمان الاجتماعي محمود المعايطة، قال إنه بعد مضي عام نفاذ أحكام قانون الضمان، فإن التعديلات عليه، كانت إضافة نوعية بخاصة للفصل الخاص بالعسكريين، اتلى جانب تخفيض اشتراك المنشآت التي تشغل شبانا أعمارهم أقل من 30.

وأوضح الطراونة، أن تأمين الحماية الاجتماعية للشباب، تتمثل بتخفيض اشتراكهم وأن يشملهم تأمين الأمومة والتعطل وإصابات العمل، كون أن أعمارهم صغيرة بالنسبة لتأمين الشيخوخة والعجز والوفاء، معتبرا ذلك بـ"الإضافة النوعية للقطاع الخاص، تشجع أصحاب العمل على توظيف الشباب".

أما بالنسبة لتأمين الأمومة، فهناك إضافة نوعية برأيه، وفقا لنص المادة (44)، كما أصبح هناك برامج متعددة لتمكين المرأة، المتضمنة برنامجي الرعاية المنزلية والتشغيل، موضحا أن الرعاية المنزلية للمرأة للطفل، وردت في التعديلات على الكلف التشغيلية للحضانات، بحيث تتحمل المؤسسة 50 % من نسبة الاشتراكات من رواتب المؤمن عليهن، اللواتي يعملن فيها و50 % من نسب الاشتراك أيضا.

وتطرق المعايطة، إلى برنامج استدامة المتعلق بتمكين الشباب ذكورا وإناثا، كالعاملين أدلاء سياحيين وذوي الحيازات الزراعية وسائقي التاكسي، لافتا إلى أن البرنامج مدعوم من حكومات المملكة المتحدة والنرويج وهولندا.

خبير التأمينات والحماية الاجتماعية، موسى الصبيحي، قال "أعتقد بأن التعديلات بشأن المؤمن عليهم من العسكريين جيدة وواضحة، من ناحية المزايا الممنوحة لهم وبعض الأمور المتعلقة بحقوقهم والمنافع التأمينية الخاصة بهم".

وبين الصبيحي أن الاشتراكات أيضا التي تدفعها الحكومة خفضت 4.5 % وهي فاعلة منذ العام الماضي، بيد أنه للأسف سيكون لها عواقب قد تكون غير جيدة على المؤسسة، إذ ستخفض الايرادات التأمينية قياسا بالأعوام السابقة.

وبشأن تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة لمن هم أقل من 30 عاما، ويشتركون في الضمان للمرة الأولى، فلم يفعل بعد، وآمل ألا يفعل، فأنا لست مع أي شمول جزئي في تأمينات المؤسسة.

وأضاف، من حق الشباب أن يشمل بكل التأمينات، لنوفر لهم الحماية الكاملة، بخاصة أن تطبيق ذلك التعديل يظهر تناقضا بين الخطط التي تنجزها الحكومة، كإستراتيجية الحماية الاجتماعية، التي تضمنت الحرص على شمول كل مواطن بالضمان، وتحفيز العمال.

وتطرق الصبيحي لشمول عمال الحيازات الزراعية بتأمين إصابات العمل والأمومة، وفق تعديلات القانون، لكن هذه أيضا لم يجر أي شيء بشأنها، ولم يخرج أي بيان يتعلق بها من ناحية، أو البدء بشمول العاملين في الحيازات الزراعية بتأمين إصابات العمل والأمومة.

ومن ضمن التعديلات، تخفيف شروط استحقاق السيدة العاملة المؤمن عليها في القطاع الخاص بدل إجازة الأمومة، بينما كان القانون يشترط بأن آخر 8 أشهر تشمل بالضمان، إلا أنه جرى التوسع فيها، وبالإضافة لهذا الشرط، فحتى لو توفر للمرأة 6 اشتراكات تأمين الامومة في آخر 12 شهرا، ستستحق بدل إجازة أمومة، وهذا قد بدأ العمل به.

كما تطرق الصبيحي لبدء العمل باستحقاق الابنة أو الأخت التي تنفصل عن زوجها أو من تترمل بعد وفاة أبيها أو شقيقها، فيعاد توزيع الراتب، وتستحق أيضا نصيبا من راتب أبيها أو من راتب شقيقها، وهذه من التعديلات الجوهرية الجيدة، وبرأيه فإنه بعد مرور عام كامل على التعديلات، لم تظهر أنظمة معدلة، برغم أن هناك تعديلات جوهرية، فهل هذا يعني أن هناك مسودة لهذه المشروعات موجودة لدى الحكومة ولم تصدر بعد؟.

أما رئيس بيت العمال، حمادة أبو نجمة، فدعا للأخذ بالاعتبار أن الضمان، عبر طابعه المتمثل بإعادة التوزيع، يضطلع بدور هام في الحدّ من الفقر وتخفيف آثاره، ومنع الإقصاء الاجتماعي وتعزيز الإدماج الاجتماعي، على قاعدة أن الضمان "حق أساسي من حقوق الإنسان ووسيلة جوهرية لإيجاد التلاحم الاجتماعي".

وبين أبونجمة أن الواقع الحالي يشهد انفرادا من الحكومة بوضع المقترحات، وغيابا أو تغييب صوت العمال وأصحاب العمل والمجتمع المدني، الذي يفتقد للأدوات الفعالة أو للخبرة والمعرفة الكافيتين، مشيرا إلى أن المنظمات الدولية تتجنب مواجهة الحكومة حتى لا تتهم بالتدخل في الشؤون الداخلية.

ولفت إلى أن التعديلات فيها تكرار، دون استطلاع لآثار سابقتها، في ظل غياب رؤية واضحة حول الهدف والغاية منها، ودون تشاور وحوار وطني شاملين، ودون استناد على دراسات متخصصة ومعلنة.

وبين أبو نجمة، أنه من المهم الاعتماد على الدراسات الإكتوارية ووضع نتائجها على طاولة الحوار قبل طرح أي فكرة لتعديل القانون، وعبر التشاور والحوار الوطني يجري الاتفاق على إطار وطني للتعامل مع نتائجها، وقد يكون من ذلك إجراء تعديلات على القانون أو تطوير أدوات إجرائية وتحسين أداء إدارة التأمينات أو استثمارات أموالها، أو غير ذلك، فالقانون يوجب إجراء دراسات إكتوارية كل 3 أعوام - على الأقل، وآخر دراسة أعلن عن بعض نتائجها كانت في العام 2013 ولم تنشر للآن، ومنذ أعوام والحكومة تعلن عن دراسات دون نشر تفاصيلها.

كما يجب اعتماد إستراتيجية وخطة عمل وطنيتين خاصتين بالضمان، تراعي الصعوبات التي تعترض تحقيق أهدافه، وأن تستند على مبادئ حقوق الإنسان، وتضع أهدافاً أو مقاصد يراد بلوغها وإطارا زمنيا لتحقيق ذلك، وترتكز على مبدأ المساءلة والشفافية، كما وتعتمد التشاور والحوار بين الأطراف ذات العلاقة على قاعدة من المساواة.

وتطرق أبو نجمة للتحديات والمعيقات التي يجب التنبه لها، بدلا من إجراء تعديلات على القانون، منها استخدام أموال الضمان في غير أهدافه (أوامر الدفاع، معظمها دعم وقروض من صندوق التعطل، ودعم كبار السن والفقراء من صندوق الأمومة، والإنفاق على الصحة والتعليم من صندوق التعطل، وبرنامج استدامة من صندوق إصابات العمل).

ولفت لارتفاع كلف الاشتراك، ما يؤدي للتهرب من الشمول، وإرهاق القطاع الخاص وإضعاف قدرته على الإنتاج وزيادة فرص العمل.

وأشار للاقتراض الحكومي من أموال الضمان، إذ تجاوزت ديون المؤسسة على الحكومة الـ6 مليارات دينار (8.46 مليار دولار) من أصل 11.4 مليار دينار (15.9 مليار دولار) وبنسبة قاربت الـ60 % من المدخرات، ما يعطل استثمار هذه الأموال.

واقترح أبو نجمة اتخاذ تدابير كتوسعة الشمول والحد من التهرب: قطاعات واسعة من العمال ما يزالون غير مشمولين بالضمان، كعمال الزراعة والعاملين بالمياومة أو لحسابهم الخاص، كما أنه ما تزال نسبة شمول العمال الوافدين منخفضة جدا، ولا تزيد على 16 %، وكذلك ضرورة معالجة مشكلة التهرب من الشمول، إذ تقدر الإيرادات المفقودة بسببه بـ100 مليون دينار - على الأقل سنويا، واتخاذ إجراءات فعالة بالتعاون مع الجهات الرسمية الأخرى لشمول من يعملون في الاقتصاد غير الرسمي، وإزالة العقبات التي تحول دون شمولهم، مع ضمان حد أدنى من التغطية ضد المخاطر والحالات الطارئة وتوسيعها تدريجيا.

واقترح تخفيض نسبة الاقتطاع: ضرورة حتمية لزيادة أعداد المشمولين ولتخفيف الكلف على الشركات والعاملين والحد من التهرب من الشمول، وباستطاعة المؤسسة تخفيض الاقتطاع من 21.75 % إلى 12 %، ومعالجة ارتفاع كلف الاشتراك الاختياري، كل ذلك دون المساس بالمنافع التأمينية، ويجب أن تكون التكاليف والرسوم المباشرة وغير المباشرة المرتبطة بتقديم الاشتراكات ميسورة التكلفة، ولا تمس أعمال الحقوق الأخرى، بما يراعي متطلبات تخفيض الاشتراكات التي تعد مرتفعة وتثقل كاهل العمال وأصحاب العمل، وتتسبب بإعاقة تقدم المنشآت وتوسعها في استحداث الوظائف، وبإنشاء الأعمال الجديدة، والحد من تأثيرها السلبي على النمو الاقتصادي، وعدم مراعاتها للفئات الضعيفة من العاملين، وما تشترطه المعايير الدولية من عدم إرهاقها.

وأكد أبو نجمة، وقف التوسع غير المنطقي لقوائم المهن الخطرة التي وصلت لـ100 مهنة، ومعظمها لا تتوفر فيها الشروط القانونية، وهو أمر أدى لزيادة أعداد المتقاعدين مبكرا فيها في الـ45 عاما فأكثر وبشكل كبير، وكثير منهم أحيلوا إلى التقاعد المبكر دون إرادتهم، وبالتالي خسروا الجزء الأكبر من دخلهم ليتقاضوا 40 % منه فقط، ويمكن استبدال تقاعدهم مبكرا بتحويلهم لمهن ليست خطرة.

أما بالنسبة للتقاعد المبكر في القطاع العام، فأكد ابو نجمة ضرورة توقف الحكومة عن إحالة موظفيها للتقاعد المبكر.