بعد ادراج الاجهاض في الدستور الفرنسي.. ماذا سيتغير عالمياً؟

الوقائع الإخبارية : كتب موقع "سكاي نيوز": تزامنا مع اليوم العالمي لحقوق المرأة، تحتفي فرنسا، الجمعة، بمراسم إدراج حق الإجهاض في الدستور، وهو حدث سيقام في ساحة فاندوم أمام وزارة العدل، وسيكون مفتوحا للجمهور لأول مرة، حسبما أكد الرئيس إيمانويل ماكرون في منشور على منصة "إكس"، مرحبا بـ"الفخر الفرنسي"، و"الرسالة العالمية" التي يحملها القرار.

وعقب الحفل سيحمل النص اسم "القانون الدستوري الصادر في 8 آذار 2024"، وستصبح فرنسا أول دولة تدرج رسميا حق الإنهاء الطوعي للحمل في دستورها.

ويقدر الخبير الدستوري عالم السياسية بنيامين موريل، الذي حضر التصويت في فرساي، أن "الأمر سيستغرق سنوات لقياس النطاق القانوني الذي لا يزال غامضا لإدراج الحرية المضمونة في الدستور للجوء إلى الإجهاض".

وتابع موريل في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "حق الإجهاض مكفول بالفعل في القانون الفرنسي بموجب قانون سيمون فيل الذي صدر في عام 1975. والحماية الدستورية موجودة ولو بشكل غير صريح لأن الدستور يعترف ضمنيا بهذا الحق في فقهه. كما أنه لم يعارضه أحد لا من اليسار ولا من اليمين. أي أنه لم يكن مهددا بأي حال من الأحوال".

ولهذا يعتبر مشروع القانون الدستوري الذي ينص على إضافة فقرة جديدة إلى المادة 34 من الدستور تحدد الشروط التي تمارس في ظلها حرية المرأة التي يكفل لها اللجوء إلى إنهاء الحمل طوعا، "رمزيا، يهدف إلى إظهار التزام فرنسا بحماية هذا القانون أمام الفرنسيين من ناحية، لأن استطلاعات الرأي تفيد أن 70 بالمئة من الفرنسيين يؤيدون إدراج الإجهاض في الدستور"، وفق المتحدث.

ومن ناحية أخرى، "يهدف القانون إلى إظهار التزام فرنسا أمام الدول التي سجلت تراجعا بحق هذا القانون خصوصا بولندا والمجر والولايات المتحدة".

تأثير فرنسا

في المجر، أصدرت حكومة الرئيس فيكتور أوربان مرسوما في أيلول 2020 يلزم النساء الحوامل بالاستماع إلى نبضات قلب الجنين قبل إجراء عملية الإجهاض.

وفي بولندا، لا يسمح بالإجهاض إلا في حالات الاغتصاب أو عندما تكون حياة الأم في خطر، وفي عام 2020، انحازت المحكمة الدستورية في البلاد إلى جانب الحكومة الشعبوية القومية، في إعلان أن إنهاء الحمل بسبب تشوهات الجنين "غير دستوري".

وترى عالمة الاجتماع في المركز الأوروبي لعلم الاجتماع والعلوم السياسية المتخصصة في قضايا النوع الاجتماعي في بولندا، أتازا كويلفينيك، أن هذه الخطوة التي وصفتها بـ"التاريخية" يمكن أن تشكل "نموذجا لباقي الدول خصوصا بولندا".

وتضيف لموقع "سكاي نيوز عربية": "رغم أننا بعيدون عن دسترة هذا الحق، لكن يمكن تحويل القرار الفرنسي لحجة تظهر كيف يمكن الخروج باتفاق رغم الانقسامات السياسية".

إلا أن أستاذة الحضارة الأميركية سيسيل كوكيه موكوكو، تستبعد في تصريحها لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "يؤثر هذا القرار الفرنسي على المجتمع الأميركي".

الإجهاض عالميا

وبحسب الأرقام التي أشارت لها مديرة المبادرات الاستراتيجية في مركز الحقوق الإنجابية، ومقره في نيويورك، كاتي مايال، فإن "هناك اختلافات كبيرة في قوانين الإجهاض على مستوى العالم".

وتضيف مايال لموقع "سكاي نيوز عربية": "تعيش 60 بالمئة من النساء في سن الإنجاب على مستوى العالم، في بلدان يكون الإجهاض فيها قانونيا على نطاق واسع، بمعنى أنه متاح عند الطلب أو لأسباب اجتماعية واقتصادية واسعة، ويعيش 40 بالمئة منهن في ظل قوانين إجهاض أكثر تقييدا".

وتابعت: "هناك 21 دولة تحظر الإجهاض تماما، و44 دولة تسمح بالإجهاض حفاظا على حياة الشخص، و47 دولة للحفاظ على صحة الشخص، ودولتان تسمحان بالإجهاض لأسباب اجتماعية واقتصادية واسعة، و77 دولة تسمح بالإجهاض عند الطلب".

وتؤكد المتحدثة أن "هناك حوالي 121 مليون حالة حمل غير مقصود كل عام على مستوى العالم، وحوالي 61 بالمئة منها تنتهي بالإجهاض. وهذا يعني 73 مليون حالة إجهاض سنويا، ويعزى ما يصل إلى 13 بالمئة من وفيات الأمهات في أنحاء العالم إلى الإجهاض غير الآمن، وهو ما يعادل عالميا حوالي 39 ألف حالة وفاة سنويا".

وفي فرنسا، وفقا لما تظهره أحدث الأرقام الصادرة عن إدارة البحوث والدراسات والتقييم والإحصاء، ظل عدد حالات الإجهاض مستقرا نسبيا لمدة 20 عاما تقريبا، أي حوالي 230 ألف حالة سنويا، مع تسجيل الذروة في عام 2022 بإجراء أكثر من 234 ألف عملية إجهاض.

و"رغم أن إدراج الإجهاض في الدستور الفرنسي من شأنه أن يعزز هذا الحق، فإن إمكانية إنهاء الحمل غير المرغوب فيه تظل غير متكافئة في فرنسا، أو أن شروط الوصول إليه من الممكن أن تصبح أكثر تعقيدا. لحد الآن لا يزال الوضع غامضا"، وفق موريل.