المحكمة الدستورية ترد الطعن بدستورية الفقرة 2 من المادة 48 من قانون نقابة المحامين
الوقائع الإخبارية : صدر الحكم رقم 2 لسنة 2024 عن المحكمة الدستورية (برئاسة الرئيس السيد محمد المحادين وعضوية كل من السادة د.أكرم مساعده، تغريد حكمت أ.د.ميساء بيضون، "محمد طلال” الحمصي، هاني قاقيش، محمد اسعيّد، حسين القيسي، باسل أبو عنزه) وقضى ترد الطعن بدستورية الفقرة 2 من المادة 48 من قانون نقابة المحامين.
وفي تفاصيل الطعن المقدم من الطاعن (المدعي المحامي ياسر شقير) بداعي عدم دستورية المادة (48/2) من قانون نقابة المحامين النظاميين وتعديلاته رقم (11) لسنة 1972، التي قامت المحكمة المطعون في حكمها بتطبيقها على الدعوى مدعياً مخالفتها أحكام المواد (6/1، 27، 128/1) من الدستور:
أولاً: أقام المدعي (الطاعن) المحامي ياسر بشير شقير بتاريخ 7/3/2022 الدعوى البدائية الحقوقية رقم (2282/2022) لدى محكمة بداية حقوق عمان بمواجهة المدعى عليه (عبد الودود عبدالرحمن سيدو الكردي)، موضوعها تثبيت واقعة العزل والمطالبة بأتعاب محاماه قدرها (11375) ديناراً مستنداً للوقائع الواردة بلائحة دعواه.
ثانياً: نظرت محكمة البداية في الدعوى على النحو المعين في محاضرها وخلال نظر الدعوى، قدّم المدعى عليه الطلب رقم (1819/2022) لرد الدعوى لعدم الاختصاص النوعي، وبتاريخ 18/12/2022 أصدرت المحكمة قرارها بقبول الطلب وإعلان عدم اختصاصها النوعي بنظر الدعوى البدائية الحقوقية رقم (2282/2022) كون الاختصاص بنظرها ينعقد لمجلس نقابة المحامين النظاميين وفقاً لاحكام المادة (48/2) من قانون نقابة المحامين، وتضمين المدعي الرسوم والمصاريف ومبلغ (569) ديناراً أتعاب محاماة.
ثالثاً: لم يقبل المدعي المحامي ياسر شقير بالحكم البدائي المذكور فطعن فيه استئنافاً، فأصدرت محكمة استئناف عمان قرارها رقم (5455/2023) تاريخ 23/5/2023 تدقيقاً المتصمن رد الاستئناف موضوعاً وتأييد القرار المستأنف وتضمين المستأنف الرسوم والمصاريف ومبلغ (200) دينار أتعاب محاماه عن المرحلة الاستئنافية.
رابعاً: لم يقبل المدعي بالحكم الإستئنافي فطعن فيه تمييزاً بتاريخ 9/7/2023، وبتاريخ 10/12/2023 تقدم المميز بالطلب رقم (5/ط/2023) أثار فيه دفعاً بعدم دستورية المادة (48/2) من قانون نقابة المحامين رقم (11) لسنة 1972 وتعديلاته، وبتاريخ 28/12/2023 أصدرت محكمة التمييز قرارها في الطلب المذكور والمتضمن قبول الطلب واحالة الدفع بعدم دستورية المادة المشار إليها الى المحكمة الدستورية للبت فيها.
خامساً: وبتاريخ (5/3/2024) حكمت المحكمة الدستورية في الحكم رقم 2 لسنة 2024 رد الطعن في دستورية الفقرة 2 من المادة 48 من قانون نقابة المحامين، وقد عللت حكمها وسببته على النحو التالي:
((بالتدقيق نجد أن المادة (48/2) من قانون نقابة المحامين رقم 11 لسنة 1972 وتعديلاته تنص على ما يلي:
(للمحامي أن يعتزل الوكالة لاسباب محقة، بشرط ان يبلغ موكله هذا الاعتزال ولا يجوز له استعمال هذا الحق في وقت غيرمناسب، وللمحامي في هذه الحالة الاحتفاظ بما قبضه من اتعاب، كما يفصل مجلس النقابة في كل خلاف حول مشروعية الاعتزال والنتائج المترتبة عنه).
وأن الطاعن ينعى على النص المذكور مخالفته لجوهر الحقوق المدنية والدستورية واهمها الحق بالمساواة وباللجوء إلى العدالة والحق بالتقاضي على درجتين مخالفة بذلك نصوص المواد (6/1 ، 27 ، 128/1) من الدستور.
وفي ذلك نجد ان المادة (6/1) من الدستور تنص على مايلي:
(الاردنيون امام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وان اختلفوا في العرق او اللغة او الدين).
وأن المادة (27) من الدستور تنص على ما يلي:
(السلطة القضائية مستقلة تتولاها المحاكم على اختلاف انواعها ودرجاتها وتصدر جميع الاحكام وفق القانون باسم الملك).
وأن المادة (128/1) من الدستور تنص على ما يلي:
(لا يجوز أن تؤثر القوانين التي تصدر بموجب هذا الدستور لتنظيم الحقوق والحريات على جوهر هذه الحقوق أو تمس أساسياتها).
ورداً على أسباب الطعن التي أوردها الطاعن:
فإن من المستقرعليه في الفقه والقضاء الدستوري أن الرقابة على دستورية القوانين والانظمة هي رقابة على مشروعية هذه التشريعات وعدم مخالفتها للدستور وبما مؤداه أنه لا يجوز أن تتعرض المحكمة الدستورية لبحث مدى ملائمة التشريعات المطعون بعدم دستوريتها أو الخوض في ماهية البواعث التي أدت إلى سنها إذ أن جميع هذه المسائل تدخل في الاختصاص التشريعي للجهة التي أولاها الدستور هذا الاختصاص، وبهذا تقتصر الرقابة التي تمارسها المحكمة الدستورية على بحث مدى تعارض القوانين والانظمة مع نصوص الدستور وروحه. وتعتبر هذه الرقابه تطبيقاً وتثبيتاً للشرعية الدستورية مناطها تلك النصوص القانونية التي أقرتها السلطة التشريعية أو التي أصدرتها السلطة التنفيذية في حدود صلاحياتها التي بينها الدستور.
فإن من المستقرعليه في الفقه والقضاء الدستوري أن الرقابة على دستورية القوانين والانظمة هي رقابة على مشروعية هذه التشريعات وعدم مخالفتها للدستور وبما مؤداه أنه لا يجوز أن تتعرض المحكمة الدستورية لبحث مدى ملائمة التشريعات المطعون بعدم دستوريتها أو الخوض في ماهية البواعث التي أدت إلى سنها إذ أن جميع هذه المسائل تدخل في الاختصاص التشريعي للجهة التي أولاها الدستور هذا الاختصاص، وبهذا تقتصر الرقابة التي تمارسها المحكمة الدستورية على بحث مدى تعارض القوانين والانظمة مع نصوص الدستور وروحه. وتعتبر هذه الرقابه تطبيقاً وتثبيتاً للشرعية الدستورية مناطها تلك النصوص القانونية التي أقرتها السلطة التشريعية أو التي أصدرتها السلطة التنفيذية في حدود صلاحياتها التي بينها الدستور.
وفي ما يتعلق بحق التقاضي فهو مبدأ دستوري أصيل ، حيث ترك الدستور للمشرع العادي أمر تنظيم هذا الحق شريطة مراعاة الوسيلة التي تكفل حمايته والتمتع به على قدم المساواة وعدم الانتقاص منه.
والاصل في سلطة المشرع في تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية جوهرها المفاضلة التى يجريها بين البدائل المختلفة التى تتصل بالموضوع محل التنظيم لاختيار المناسب من بين مختلف الوسائل والبدائل التي يستقل بتقديرها مستجيباً في كل هذا لمقتضيات الصالح العام وتحقيق المساواة، دون قيد على مباشرة المشرع لهذه السلطة ما لم يقيدها الدستور بضوابط معينة تعتبر حدا لها.
كما جرى الفقه والقضاء الدستوري على أنه ليس ثمة تناقض بين حق التقاضي كحق دستوري وبين تنظيمه تشريعيا، بشرط ألا يتخذ المشرع هذا التنظيم وسيلة لحظر حق التقاضي أو إهداره.
أما المساواة التي نصت عليها المادة (6/1) من الدستور فإنها تتحقق بتوافر شرطي العموم والتجريد في التشريعات الناظمة للحقوق والواجبات وبالتالي فهي ليست مساواة حسابية ذلك لان المشرع يملك بسلطته التقديرية ولغايات تحقيق مقتضيات المصلحة العامة وضع شروط تتحدّد بموجبها المراكز القانونية التي يتساوى بها الافراد امام القانون، بحيث اذا توافرت هذه الشروط في فئة من الافراد وجب اعمال المساواة بينهم لتماثل ظروفهم ومراكزهم القانونية.
وقد جرى قضاء محكمتنا على أن عدم المساواة المخالف لحكم الدستور هو الذي يقوم على التمييز في الحقوق والواجبات رغم تماثل الظروف والمراكز القانونية، وهو ما لم يتوفر في موضوع الطعن.
وحيث أن المادة (48/2) المطعون بعدم دستوريتها بادعاء مخالفتها لأحكام المادة (6/1) من الدستور الباحثة في مساواة الأردنيين أَمام القانون، ليس فيها مخالفة لهذا النص الدستوري.
وحيث أن المشرع أناط بمقتضى المادة (48/2) من قانون نقابة المحامين رقم (11) لسنة 1972 وتعديلاته ، بمجلس النقابة الفصل في كل خلاف حول مشروعية الاعتزال والنتائج المترتبة عنه، فإن غاية تنظيم هذا الموضوع لم تكن سلبا لحق التقاضي أو مساسا به وليس في ذلك ما يعد تجريداً للجانب القضائي بل تعزيزاً له.