توقعات بأن يمنح "العفو العام" صفة الاستعجال ويقر قبل حلول عيد الفطر

الوقائع الاخبارية: توقع خبراء قانونيون، أن يمنح قانون العفو العام الذي وجه جلالة الملك عبدالله الثاني أمس، الحكومة لإعداد مشروعه والسير بإجراءاته الدستورية، صفة الاستعجال وإقراره قبل حلول عيد الفطر.

وقد أكد الخبراء أن "العفو العام" المتوقع صدوره الأسابيع المقبلة، من شأنه أن يخفف على المواطنين اقتصاديّاً بدرجة رئيسة، كما أنه يسهم بإعطاء المخطئ "في قضايا معينة" بسيطة فرصة أخرى للتوبة والانخراط في المجتمع.

ويرى آخرون، بأن هذا القانون من شأنه التقليل من اكتظاظ السجون وخاصة من الموقوفين إداريا وقضائيا، وبالتالي تخفيف التكاليف الاقتصاديّة على الدولة، بحيث تقدر تكلفة النزيل الواحد على حوالي 750 دينارا شهرياً.

وشددوا على ضرورة أن يراعي مشروع القانون المصلحة العامة، وأن يحافظ على الحقوق الشخصية والمدنية، وبما لا يتعارض مع مقتضيات الأمن والسلم المجتمعي.

وجاءت التوجيهات الملكية، للحكومة بمناسبة اليوبيل الفضي لتولي جلالة الملك سلطاته الدستورية وجلوس جلالته على العرش.

وأكد جلالة الملك على ضرورة "أن يراعي مشروع القانون المصلحة العامة، وأن يحافظ على الحقوق الشخصية والمدنية، وفق مبادئ العدالة وسيادة القانون، وألا يتعارض مع مقتضيات الأمن الوطني والسلم المجتمعي"

وأعرب جلالته عن أمله في أن يسهم مشروع القانون بالتخفيف من الأعباء على المواطنين، والعمل على مساعدة من حاد عن طريق الحق وجادة الصواب في تصحيح مساره، والمساهمة في بث روح الإيجابية والتسامح في المجتمع وإشاعة مفهوم العدالة التصالحية.

وشدد جلالة الملك على أهمية أن تشكل هذه الخطوة فرصة للتغيير في نفوس ممن سيشملهم العفو العام حال إقراره، من خلال العودة إلى حياتهم الاجتماعية، والانخراط بحيوية في إطار احترام القانون وحقوق المواطنين.

رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب غازي ذنيبات، قال إنّ اللجنة القانونية ستدرس مشروع القانون بعناية واهتمام، وسيشمل كل الجرائم والمخالفات التي تحقق تطلعات جلالة الملك والوطن والمواطن.

وأضاف الذنيبات في تصريح ، إن اللجنة لم تتطلع بعد على الجرائم والمخالفات التي سيشملها العفو العام، وهو بحوزة الحكومة التي ستقوم بإعداده قبل إرساله إلى المجلس والسير بالإجراءات الدستورية لإقراره، وأن اللجنة ستعمل لتحقيق المصلحة العامة به.

وتوقع ذنيبات أن يمنح القانون صفة الاستعجال وإقراره قبل حلول عيد الفطر وقبل صدور إرادة ملكية بفض الدورة العادية الثالثة لمجلس النواب التي تنتهي بــ 11/4/2024.

الخبير القانوني والقاضي الأسبق مستشار ديوان الرأي والتشريع سابقاً د. محمود عبابنة قال، إنه في ضوء المبادرة الملكية بتوجيه الحكومة لإنجاز قانون العفو العام بمناسبة اليوبيل الفضي الذي نحتفل به ، وفي هذا الشهر الكريم الذي يتطلب منا التكافل والتراحم، فإن هذا المبادرة هي مبادرة مثمنة وجاءت في وقتها.

وأكد على ضرورة "ألا تحيد هذه المبادرة عن مسارها الصحيح والمنطقي وهي المحافظة على هيبة القانون وحقوق الناس حتى لا يصبح قانون العفو العام، على أجندة آمال المجرمين والمخالفين للقانون".

وبين عبابنة، أن التوجيه الملكي بالإسراع في إصدار القانون يهدف التخفيف عن كاهل المواطنين وإعطاء المخطئ فرصة أخرى للتوبة والانخراط في المجتمع كعنصر بناء لا هدام، وهذه الفكرة هي التي يجب أن تكون بوصلة القانون.

وأكد على أن قانون العفو العام يجب أن يكون اسماً على مسمى وأن يعكس مفهوم العفو من أوسع أبوابه ويجب أن يشمل ضمن ما يشمله المخالفات، فالتخفيف على الناس يجب أن تأتي في جوهر الهدف المخفي من مبادرة جلالة الملك.

وأشار إلى أن المجتمع الأردني يعاني حالة من الاحتقان والغضب بسبب الظروف الاقتصادية، وعليه، فإن التخفيف عن كاهل شريحة الفقراء والطلبة الجامعيين والعاطلين عن العمل وغيرهم، وإعفاءهم من الغرامات المالية التي تفرضها الدولة على مخالفات السير وغرامات ضرائب المسقفات والتأخير على دفع المستحقات المالية، يجب أن يكون على رأس أجندة الغايات والأسباب الموجبة للقانون وهدف هيئات التشريع التي يجب ألا تستمع لمبررات تيار سلطة الجباية والتوسع في التغريم.

وأضاف أن التوسع بنطاق العفو ينطوي على فائدة مالية تصب في مصلحة الخزينة العامة في ضوء ما آلت إليه السجون من اكتظاظ، يعرقل فلسفة فرض العقوبة التي لم تعد للتشفي والانتقام بل أصبحت للإصلاح والتأهيل كما أن الإفراج عن الآلاف سيخلق وفراً مالياً مفيداً.

ولفت عبابنة إلى أنّه في قوانين العفو العام السابقة، تضمن أحدها استفادة المستثنيين من بعض مزايا العفو، بحيث أن قانون العفو وإن لم يصل إلى حد الإفراج عن المحكوم عليه بالسجن إلا أنه يستفيد من تخفيف العقوبة ومثال ذلك يستفيد المحكوم عليه بالإعدام بأن يتم تخفيف عقوبته إلى السجن المؤبد، أو تخفيض المحكوم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات بتخفيفها إلى مدة ثلاث سنوات وهذا يخفف من غلواء الحقد والضغينة لدى المحكومين وذويهم المدانين بجرائم شملها الاستثناء.

وفي الوقت الذي دعا فيه العبابنة بضرورة توسيع قاعدة الإعفاء، إلا أنه يرى بأن العدالة تقتضي ألا نتسامح مع مرتكبي الجرائم الخطرة والتي تمس كرامة المجتمع، وكثير من فئات الجرائم المستثناة ، ونزيد عليها ألا يتم الإضافة إليها فئات المجرمين المدانين الذين تجري محاكمتهم بجرائم العرض والشرف كجرائم الاغتصاب وهتك العرض والفجور.

نقيب المحامين السابق مازن ارشيدات، أشار الى أن العفو العام عادة ما يكون مقيدا ومحددا، حيث إن هناك الكثير من الأحكام التي تستثنى من هذا العفو، حيث تستثنى عادة قضايا التجسس والإرهاب والمخدرات والحقوق الشخصية.

ويرى إرشيدات، أنّ من شأن العفو العام تسهيل حياة المواطنين الذين يشملهم العفو خاصة في حال كانت الجرائم بسيطة ومتوسطة، ومساعدتهم على عيش حياتهم بشكل طبيعي ويسير، من خلال إعطاء فرصة جديدة لهم.

ولفت إلى أن من شأن العفو العام أن يخفف من الضغط الحاصل في مراكز الإصلاح والتأهيل، التي تضم أعدادا كبيرة من الموقوفين إداريا وقضائياً، وبالتالي تتخفيض الأعباء المالية التي تتحملها الحكومة.

ويشار هنا إلى أنّ آخر قانون للعفو العام، صدر في شباط (فبراير) 2019، واستثنى: جرائم التجسس والخيانة، والإرهاب، والقتل العمد، وتجارة المخدرات، وهتك العرض.

ومنذ تأسيس الدولة الأردنية، صدرت عدة قرارات وقوانين للعفو العام، وصل عددها إلى 18، منها 3 في عهد الملك عبدالله الثاني، الأول عام 1999 والثاني عام 2011 والثالث عام 2019.

وتنص المادة 38 من الدستور على أنّ "للملك حق العفو الخاص وتخفـيض العقوبة، وأما العفو العام فـيقرر بقانون خاص".

وبحسب المادة (50) من قانون العقوبات "يصدر العفو العام عن السلطة التشريعية"، و"يزيل العفو العام حالة الإجرام من أساسها، ويصدر بالدعوى العمومية قبل اقترانها بحكم وبعد الحكم بها، بحيث يسقط كل عقوبة أصلية كانت أم فرعية، ولكنه لا يمنع من الحكم للمدعي الشخصي بالإلزامات المدنية، ولا من إنفاذ الحكم الصادر بها"، كما "لا ترد الغرامات والرسوم المستوفاة والأشياء المصادرة"، بحسب المادة ذاتها.

أما العفو الخاص، بحسب المادة (51) من قانون العقوبات، فنصت على أن يمنحه جلالة الملك "بناء على تنسيب مجلس الوزراء، مشفوعا ببيان رأيه"، و"لا يصدر العفو الخاص، عمن لم يكن قد حكم عليه حكما مبرما"، وفق المادة ذاتها، التي نصت أيضاً على أن العفو الخاص "شخصي ويمكن أن يكون بإسقاط العقوبة أو إبدالها، أو بتخفيفها كليا أو جزئيا".