معدلات النمو الاقتصادي تمنع تحسين المستوى المعيشي

الوقائع الاخبارية: رغم أن الاقتصاد الوطني ما زال يحقق معدلات نمو إيجابية إلا أن خبراء يؤكدون أن نسب النمو المتحققة لا تخدم عملية التنمية الاقتصادية المستدامة وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين.

ودعا الخبراء إلى دفع معدلات النمو نحو مزيد من الارتفاع عبر تغيير الأدوات والسياسات التي يدار من خلالها الاقتصاد الوطني وتبني سياسات أكثر فعالية، إضافة إلى ضرورة توجيه الاستثمارات المحلية والأجنبية نحو القطاعات ذات القيمة المضافة العالية وإعادة النظر بمجمل النفقات الرأسمالية التي لا تحدث الأثر الاقتصادي المطلوب وإعادة النظر بتوجيه النفقات العامة وضبطها.

ويضاف إلى ذلك ضرورة اتخاذ جملة من الإجراءات للارتقاء بالنمو الاقتصادي ومنها تخفيض نسب الضرائب على القطاعات الواعدة، إضافة إلى تخفيض ضريبة المبيعات لتحفيز الاستهلاك المحلي، وتشجيع التصدير، ومحاربة التهرب الضريبي، علاوة على وجوب معالجة اختلال المالية العامة المتمثلة في مجموعة من التحديات منها تراكم الدين العام وارتفاع كلف خدمته التي أصبحت ناقوسا خطيرا في ظل ارتفاع كلف الاقتراض واحتمالية استمرار ارتفاعها بقية العام الحالي.

إلا أن خبراء أشاروا إلى أن معدل النمو الاقتصاد المتحقق خلال العام الماضي يعتبر مشجعا إذا ما تم قياسه إلى الظروف المحيطة في المنطقة.

وكانت دائرة الإحصاءات العامة أصدرت أخيرا نتائج التقديرات الربع سنوية لمؤشرات الناتج المحلي الإجمالي للربع الأخير من العام الماضي إذ أظهرت النتائج نموا بلغت نسبته 2.3 % بالأسعار الثابتة مقارنة مع الربع الأخير من عام 2022.

وبحسب الإحصاءات، فإن نسبة النمو لعام 2023 مقارنةً بعام 2022 بالأسعار الثابتة قد سجلت 2.6 %.

ويرى الخبير الاقتصادي وجدي المخامرة أن معدل النمو المتحقق خلال عام 2023، متواضع ولا يحقق التوجهات الحكومية في ملف تنفيذ الرؤية الاقتصادية والتوجهات لتخفيض نسب البطالة في الأردن وتخفيض عجز الموازنة الحكومية في ظل تراجع الإيرادات المتعلقة بالنشاط الاقتصادي.

ودعا المخامرة الحكومة إلى ضرورة اتخاذ جملة من الإجراءات للارتقاء بالنمو الاقتصادي ، ومنها تخفيض نسب الضرائب على القطاعات الواعدة، إضافة إلى تخفيض ضريبة المبيعات لتحفيز الاستهلاك المحلي، وتشجيع التصدير، ومحاربة التهرب الضريبي.

ويضاف إلى ذلك وجوب الاستثمار في الاقتصاد المحلي للقطاعات الواعدة التي سيزيد الطلب على منتجاتها خلال الفترة المقبلة، كقطاعات الأدوية والمستلزمات الطبيبة والزراعة والقطاعات اللوجستية، أمر ضروري.

وطالب أيضا بضرورة وضع خطة اقتصادية تقشفية لتخفيض النفقات الحكومية غير المبررة، وتفعيل الشراكة مع القطاع الخاص لإنشاء مشاريع بنية تحتية وإنتاجية ضخمة، تساعد في الحد من ارتفاع نسب البطالة، إلى جانب أهمية إيجاد آلية مختلفة لصرف هذه المساعدات بما يدعم تشجيع الصناعات الصغيرة والمتوسطة، لا سيما في ظل توقع أن تواجه الحكومة تحديات باستقطاب المزيد من المساعدات الخارجية، نتيجة المتغيرات والأزمات الاقتصادية التي يشهدها العالم والتي قد تؤثر على اتجاهات تقديم المساعدات وتخصيصها لدول المتأثرة بهذه المتغيرات.

من جهته، قال الخبير الاقتصادي زيان زوانة " إن نسبة نمو الاقتصاد الوطني المتحققة سواء في الربع الأخير من عام 2023 وفي كامل العام الماضي تعد "إنجازًا حقيقيا" في ضوء الظروف التي خلفها العدوان الإسرائيلي على غزة والتي كان لها انعكاس سلبي على قطاعات رئيسية عدة منها السياحة والنقل، عدا عن تراجع الطلب المحلي بسبب المزاج العام السلبي نتيجة لهذا العدوان".

وأضاف زوانة أن نسب النمو المحققة تشير إلى ما يتمتع به اقتصادنا من " منعة " و " مرونة" و " قدرة على التكيف " والخروج من الصدمات خاصة الخارجية بأقل الاضرار، مشيرا إلى انكماش الاقتصاد في فترة كورونا بنسبة 1.6 % في الوقت الذي انكمشت فيه معظم اقتصادات العالم بنسب أعلى بكثير من ذلك، ما يؤكد أننا نمتلك الموارد لتحقيق نتائج اقتصادية أفضل ومعدل نمو أفضل عندما نعالج تحدياتنا الأساسية.

ويشار إلى أن متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي الأردني خلال السنوات الخمس الماضية (2023-2019) قد بلغ نحو 1.9 %، وفق ما أظهر تقرير مستقبل النمو الاقتصادي للعام 2024 الصادر عن منتدى الاقتصاد العالمي.

ولفت زوانة إلى أن الاقتصاد الوطني لديه الإمكانيات لتحقيق معدلات نمو تتجاوز

3 % في حال ما تم معالجة الاختلالات المالية العامة المتمثلة في مجموعة من التحديات منها: تراكم الدين العام وارتفاع كلف خدمته التي أصبحت ناقوسا خطيرا في ظل ارتفاع سعر الفائدة واحتمالية استمرار ارتفاعها معظم العام الحالي 2024 ، فليس مقبولا أن يصل الدين العام الإجمالي إلى أكثر من 42 مليار دينار، والتي وصلت خدمته إلى أكثر من 20 %من الإيرادات العامة.

بدوره، قال الخبير الاقتصادي حسام عايش عند النظر إلى التداعيات الاقتصادية التي خلفها العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والمستمر منذ نصف عام حرب على غزة وفي ظل المتغيرات التي استجدت على الاقتصاد الوطني على وقع هذا العدوان والتأثير على أداء الربع الرابع ونتائجه، وبالذات في حال التوقف عند تضرر قطاعات حيوية كالسياحة والتجزئة والنقل والعقار وغيرها بذلك، فإن الحصيلة لهذا النمو تعتبر إيجابية تماما، وهي مقاربة لتوقعات الموازنة العامة لعام 2023 والتي قدرت بنحو 2.7 %.

وتابع "محافظة الاقتصاد الوطني على وتيرة نمو إيجابية في ظل الظروف العالمية و الإقليمية المتغيرة كالحرب على غزة وحالة الاضطراب في منطقة البحر الأحمر، إضافة إلى التداعيات المستمرة للحرب الروسية الأوكرانية إلى جانب التداعيات المستمرة لمعدلات التضخم عالميا والتي ما زالت تضغط على أسعار الفائدة وتبقيها مرتفعة، دلالة على تماسك الاقتصاد الوطني ومرونته العالية في الاستجابة للأزمات".

ولفت عايش إلى أنه على الرغم من معدل النمو الإيجابي الذي تحقق في عام 2023، إلا أن عائد هذا النمو على المستوى المعيشي للمواطنين ودخل الأسر والأفراد ما زال متواضعا، و يكاد يكون محايدا ويظهر ذلك في تدني القدرة الشرائية لدى قطاع واسع من المواطنين وتراجع معدلات دخلهم ، مما يستدعي أن يكون المستوى المعيشي محل اعتبار ونظرا فيما يتعلق بالأداء الاقتصادي.

ويرى عايش أن تحسين أداء الاقتصاد المحلي وزيادة معدلات نموه وتعزيزها، يتطلب تغيير الأدوات والسياسات التي يدار بها الاقتصاد الوطني بما في ذلك إعادة النظر بمجمل النفقات الرأسمالية التي لا تحدث الأثر الاقتصادي المطلوب سواء كانت مرتفعة أو كانت منخفضة، والتي تكاد تكون محايدة عن العملية الاقتصادية بنتائجها الاجتماعية المتعلقة بمعدلات البطالة والمستوى المعيشي.

ويضاف إلى ذلك ضرورة إعادة النظر بتوجيه النفقات العامة وضبطها، إلى جانب وجوب تخفيض ضريبة المبيعات ودعم القطاعات الإنتاجية.

من جانبه، اتفق رئيس الاقتصاد في الجامعة الأردنية رعد التل مع سابقيه على أن معدل النمو المتحقق خلال العام الماضي يُعتبر إيجابيًا ومشجعًا، خاصةً مع التحديات الاقتصادية والسياسية في الاقليم وما خلفتهما من متغيرات كان لها انعكاس على اقتصاد بلادنا .

وأكد التل أن مستوى النمو المتحقق يُظهر استمرارية تحسن الأداء الاقتصادي العام، كما أنه يعكس جهود الحكومة في تنفيذ إصلاحات هيكلية وسياسات اقتصادية لتعزيز النمو وتحسين البيئة الاقتصادية مستدركا مع ذلك، يجب أن نلاحظ أن معدلات النمو الحالية قد لا تكون كافية لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة وتحسين معيشة المواطنين بشكل كبير.

وبغية تعزيز معدلات النمو الاقتصاد وتحسين مستوى انعكاسها على الواقع المعيشي للمواطنين طالب التل بوجوب تبني سياسات اقتصادية أكثر فعالية وتوجيه الاستثمارات نحو القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، إضافة إلى تعزيز الابتكار والريادة، وتعزيز التعليم والتدريب المهني لزيادة فرص العمل وتحسين مهارات العمالة، إلى جانب مكافحة الفساد وتحسين بيئة الأعمال لجذب المزيد من الاستثمارات الوطنية والأجنبية، علاوة على أهمية أن تتخذ الحكومة إجراءات لتعزيز الشمول المالي وتحسين البنية التحتية لدعم النمو المستدام، بالإضافة إلى تعزيز الاستدامة البيئية والتكنولوجية لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة.