المستشفيات الميدانية الأردنية .. تاريخ عريق من الإنسانية

الوقائع الإخبارية تكشف مسيرة المستشفيات الميدانية الأردنية التي نهضت بها القوات المسلحة الأردنية - الجيش العربي منذ أكثر من عقد من الزمن، عن دورها الإنساني النبيل تجاه الأشقاء والأصدقاء المنطلق من الثوابت الأردنية الوطنية الهاشمية الراسخة والرامية إلى إحلال الأمن والسلام والطمأنينة وتحقيق المعاني السامية.

الأردن وعبر تاريخه المجيد قدم كل ما يلزم من أشكال المساندة لدعم صمود الشعب الفلسطيني ومنع التهجير القسري عن أرضة التاريخية، وجاءت المستشفيات الميدانية العسكرية الأردنية المزودة بطواقم من ذوي الاختصاصات الطبية المختلفة لتمثل أحد أهم أشكال الدعم الأردني في تقديم الرعاية الطبية اللازمة للذين تعرضوا لإصابات متنوعة جرّاء الاعتداءات الإسرائيلية العنيفة والمتكررة.

ففي عام 2000 أرسلت القوات المسلحة الأردنية محطة علاجية ما زالت عاملة حتى وقتنا الحاضر إلى مدينة رام الله، وتم تجهيزها وتزويدها بما يلزم من خبرات ومعدات ومستلزمات طبية، لتضميد جراح الأهالي في الضفة الغربية والوقوف إلى جانبهم جراء الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة.

وبعد الاجتياح الإسرائيلي المُدمر عام 2002، أرسلت القوات المسلحة الأردنية- الجيش العربي محطة علاجية أخرى إلى جنين بهدف التخفيف عن الأشقاء وتقديم المساندة الطبية والعلاج الطبي اللازم للجرحى والمصابين، لتكون بصمة أردنية طبية مميزة شاهدة على عمق ومتانة الأخوة بين الشعبين الشقيقين.

وضمن الجهود الأردنية المتواصلة في مد يد العون والمساعدة لأبناء الشعب الفلسطيني، وفي نهايات عام 2008 ونتيجة للعدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة، وبتوجيهات من لدن جلالة القائد الأعلى للقوات المسلحة الأردنية، أُرسل المستشفى الميداني الأردني غزة/1 في كانون الثاني عام 2009 واستمر مدّة 14 عاماً، واستقبل خلال هذه المدة نحو مليوني مراجع من الأشقاء في قطاع غزة، وكان أول مستشفى عربي يصل إلى القطاع.

واليوم وفي ظل العدوان الإسرائيلي الهمجي المستمر الذي تقوده إسرائيل على القطاع ضاربة بعرض الحائط القوانين والأعراف الدولية والإنسانية، والذي خلف دماراً هائلاً وتسبب في إزهاق أرواح وإراقة دم أكثر من عشرين ألف شهيد بين طفل وشاب وشيخ مسن.

وانطلاقاً من أدوارها المشهودة في التخفيف من آثار العدوان الغاشم الذي تعرض له القطاع بعد السابع من تشرين الأول وخروج مستشفيات قطاع غزة عن العمل، واصل الأردن دعمه المستمر لأبناء الشعب الفلسطيني وقام بإرسال المستشفى الميداني الأردني الخاص/2 جنوب قطاع غزة إلى مدينة خان يونس بسعة استيعابية 41 سريراً، بمختلف الأقسام والعيادات وبسعة 41 حاضنة، تديريها 145 من الفرق والكفاءات الطبية في الخدمات الطبية الملكية، والتي تُجسد سردية أردنية تعبر عن تضامن الشعب الأردني مع الشعب الفلسطيني الشقيق.

ومع تطور الأحداث في الضفة الغربية وتزايد اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين على أبناء الضفة قامت المملكة وبتوجيهات سامية من جلالة الملك عبدالله الثاني بتجهز المستشفى الميداني الأردني نابلس/1 وإرساله للأراضي الفلسطينية، لتقديم الخدمة الطبية والعلاجية والمساهمة في التخفيف من الأعباء عن المستشفيات الفلسطينية.

ومع ازدياد الصراع حدة ووحشية وقيام العدو الإسرائيلي بارتكاب المجازر ضد أبناء شعبنا الأعزل في القطاع وفي ظل شح المساعدات الإغاثية والدوائية والغذائية، عملت القوات المسلحة الأردنية وبالتنسيق مع الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، ووزارة الخارجية وشؤون المغتربين على إرسال مساعدات طبية وإغاثية عن طريق إنشاء جسر جوي من مطار ماركا العسكري إلى مطار العريش في جمهورية مصر الشقيقة، وصل عددها 22 طائرة، تضم مواد طبية وغذائية وإغاثية، بالإضافة إلى تنفيذها لستة إنزالات لمساعدات طبية عاجلة جواً إلى المستشفى الميداني العسكري في مدينة غزة والمستشفى الميداني الأردني الخاص/2 في خان يونس بواسطة المظلات.

وتستمر القوات المسلحة الأردنية ــ الجيش العربي في أداء دورها بمساندة الأشقاء في قطاع غزة وحتى انتهاء العدوان، مجسدةً سردية أردنية تعبر عن تضامن الشعب الأردني مع الشعب الفلسطيني الشقيق، وانطلاقاً من الالتزام التاريخي للقوات المسلحة في حمل هموم الأمة والدفاع عن قضاياها.