ضعف التمثيل النقابي للعمال يعزز فقدانهم لحقوقهم وعدم المطالبة بها

الوقائع الاخبارية : أكد خبراء ضعف التمثيل النقابي للعمال، الأمر الذي يعزز فقدان الكثير منهم حقوقهم إلى جانب عدم الوعي بأهمية المطالبة بها.

وبين هؤلاء في حديث لـهم، أن هناك ضرورة لإعادة النظر بالمواد القانونية ذات العلاقة بتنظيم سوق العمل وحق التنظيم النقابي.

من جهته قال الناشط الحقوقي وناشر موقع رنان، حاتم قطيش، يعتبر التمثيل النقابي في الأردن متدنيا جدا حيث أن غالبية العاملين في الاقتصاد المنظم وغير المنظم هم خارج إطار التنظيم النقابي العمالي.

وعزا قطيش تدني التمثيل النقابي لعدة عوامل أهمها ضعف التشريعات الناظمة التي تحد من فاعلية التنظيمات النقابية العمالية ولا تدفع باتجاه حرية التنظيم النقابي، حيث أن الأردن غير مصادق على اتفاقية العمل الدولية 87 والخاصة بحرية التنظيم النقابي، ويشترط لتأسيس النقابات العمالية موافقة اللجنة الثلاثية في وزارة العمل؛ الأمر الذي يعد مخالفة واضحة وصريحة ومؤثرة على حرية التنظيم النقابي للعمال، مما أدى الى جمود النقابات العمالية وعدم استحداث أي نقابة عمالية منذ عشرات السنين وحصرها بــ 17 نقابة عمالية لا يعرف غالبية العمال من هم رؤساؤها أو حتى أعضاء هيئاتها الإدارية.

وتابع: ناهيك عن عدم وجود قانون خاص للعمل النقابي والاكتفاء بتخصيص مواد محددة للعمل النقابي ضمن قانون العمل، ولعل التعديلات الأخيرة التي تمت على قانون العمل دفعت باتجاه عكسي ونحو ضعف العمل النقابي كمنح الوزير صلاحية حل الهيئات الإدارية للنقابات دون الرجوع للقضاء وسلب العمال حرية وضع وتعديل الأنظمة الداخلية لنقاباتهم بحرية واشتراط موافقة وزارة العمل على هذه الأنظمة.

وبين قطيش، يعتبر غياب حرية التنظيم النقابي والتعددية النقابية وحصر حق المفاوضة الجماعية وإبرام عقود العمل الجماعية بالنقابات العمالية الموافق عليها من وزارة العمل؛ نجم عنه عدم رغبة بعض القائمين على هذه النقابات بزيادة التمثيل النقابي وعدد الأعضاء لما له من تبعات تتعلق بزيادة الهيئات العامة لهذه النقابات وبالتالي زيادة احتمالية مطالبة البعض بممارسة دوره بالمراقبة والمحاسبة لأداء الهيئات الإدارية.
وزاد: لذلك نجد أن بعض رؤساء هذه النقابات وحتى أعضاء هيئاتها الإدارية يفوزون بمقاعدهم عن طريق التزكية دون أي منافسة منذ عشرات السنوات، بل إن الغالبية الساحقة من العمال لا يعلمون عن الانتخابات النقابية إلا بعد إقامتها وتسلم الهيئات الإدارية الجديدة لمهام دورتها النقابية التي تمتد إلى 5 سنوات.

أما فيما يتعلق بالعمال، فبين قطيش أن سلبية التشريعات وأداء النقابات المتواضع أفقدهم الحماسة والشغف للعمل النقابي فآثر معظمهم إما الانسحاب أو المراقبة عن بعد دون أي محاولة لممارسة دوره بالمراقبة والمحاسبة للهيئات الإدارية لهذه النقابات ناهيك عن عدم الرغبة أو امكانية خوض الانتخابات النقابية، الأمر الذي يعتبر إضعافاً وتغييباً لما يسمى قوة العمال التي هي- بالأصل- المحرك الأساسي لفاعلية النقابات العمالية.

بدوره قال مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، أحمد عوض، إن الحق في التنظيم النقابي ضرورة لتنظيم أسواق العمل، وهو أحد أهم معايير العمل اللائق ويعتبر من حقوق الانسان.

وبين عوض، أن التنظيم النقابي ضروري لخلق حالة من التوازنات في سوق العمل، نظرا لأن سوق العمل فيه ثلاث قوى تحركه أولها الحكومة عبر تدخلاتها وسياساتها وتنظيمها، وثانيها أصحاب الأعمال عبر المنظمات النقابية وثالثها العمال أيضا عبر "المنظمات"، ولكي يصبح هناك توازن يجب أن يكون هناك حوار اجتماعي بين هذه الاطراف الثلاثة.
وبين أنه جراء غياب التنظيم النقابي في السنوات القليلة الماضية، تم اجراء تعديلات على قانون العمل حصر التنظيم النقابي بقرار من وزير العمل، علما بأنه سابقا كان بقرار من اللجنة الثلاثية ويتعارض مع معايير العمل الدولية ومع منظومة حقوق الإنسان الدولية. 
وقال رئيس اتحاد النقابات العمالية المستقلة الأردني، عزام الصمادي، بدأ التمثيل النقابي للقوى العاملة الأردنية منذ بدايات خمسينيات القرن الماضي وأخذ البعد القانوني بعد صدور قانون النقابات رقم (35) لسنة 1953 والذي صدر استنادا للمادة (23) من الدستور، وبعد ذلك تشكل الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن في عام 1954 من ست نقابات عمالية مؤسسة هي: (نقابات عمال الدخان، البناء، الخياطة، الأحذية، شركة سنجر، مناجم الفوسفات).
وبين الصمادي، بأن النقابات العمالية بدأت بالتكاثر كتمثيل للقوى العاملة الأردنية على اختلاف تواجدها سواء في القطاعين العام والخاص حيث كان هناك نقابة خاصة للعاملين في سلطة المصادر الطبيعية وهي دائرة حكومية، ولقد وصل عدد النقابات العمالية حوالي (37) نقابة عمالية.
وتابع: لكن ذلك لم يرقْ لقوى الشّد العكسي في الدولة الأردنية لكن وبسياسة ممنهجة جرى العمل على تقليص هذا العدد ففي عام 1971 أخذ وزير العمل والشؤون الاجتماعي آنذاك قراراً بتقليص عدد النقابات ليصبح (24) نقابة عمالية ليعود بعد ذلك ويقلص عددها عام 1976 لتصبح (17) نقابة، هي النقابات العمالية المتواجدة حالياً في إطار اتحاد نقابات عمال الأردن تحت ذريعة التصنيف المهني المشوه بشكله الحالي أو المعمول به حالياً لتحديد عدد النقابات العمالية.
وبين  الصمادي، أن هذا العدد لم يتغير منذ عام 1976 رغم تنوع وتعدد قطاعات القوى العاملة حيث لم يعد التصنيف المهني المعمول به والمحدد لعدد النقابات العمالية يفي بالغرض، ما يحتم إعادة النظر به لإعادة الاعتبار لتمثيل القوى الأردنية بشكل يليق بها وبتواجدها لتأخذ دورها في رسم السياسات الاقتصادية والاجتماعية للدولة الأردنية عبر حوار اجتماعي حقيقي بين أطراف الإنتاج الثلاثة (حكومة وأصحاب عمل وعمال).
وقال إن اتحاد النقابات العمالية المستقلة الأردني يدرك تماما بأنه لا يوجد تمثيل حقيقي للقوى العاملة الأردنية، لوجود أنظمة غير ديمقراطية تحكم عمل النقابات والاتحاد العام، ما يحتم على كافة المعنيين بالدولة تصويب واقع تمثيل القوى العاملة على الطاولة عبر وجود قانون ينظم العمل النقابي في القطاعين العام والخاص.