المشرقي: قبول الأردن توصيات جديدة في الاستعراض الشامل يعزز جهوده بحقوق الإنسان

الوقائع الاخبارية :  كشفت مصادر مطلعة  قبول الأردن لـ8 توصيات جديدة، ضمن آلية الاستعراض الدوري الشامل UPR الرابع الذي نوقش بجنيف في الـ25 من كانون الثاني (يناير) العام الحالي، ضمن الدورة الـ45 لمجلس حقوق الإنسان، ليصبح عدد التوصيات التي قبلها الأردن 204 بدلا من 196. 

وشهدت الجلسة النقاشية في حينه، تقديم 101 دولة 279 توصية، تتعلق بقضايا حقوق المرأة والطفولة والحريات العامة وكبار السن وذوي الإعاقة وجرائم التعذيب، فيما أحاط الأردن علمه حينها بنحو 83 توصية. 

و أن من أبرز التوصيات الجديدة التي قبلت لتدرج في التقرير النهائي الذي سيرفع إلى مجلس حقوق الإنسان الشهر المقبل، تتعلق بجريمة التعذيب والمنظمات غير الحكومية وقانون الجمعيات والتمويل الأجنبي والتعليم الأساسي والثانوي.

وكان رئيس وحدة حقوق الإنسان في رئاسة الوزراء د. خليل العبداللات، قال في نيسان (إبريل) الماضي، إن هناك توجها للحكومة بقبول مزيد من التوصيات الأممية قبل رفع التقرير النهائي للمنظمة الأممية.

من جهته، قال المختص بآلية الاستعراض كمال المشرقي، إن هذا القرار الإيجابي يعكس جهود الأردن المستمرة بتعزيز حقوق الإنسان، عبر تحسين التشريعات من جهته، والسياسات المتعلقة بمكافحة التعذيب، وحماية حرية التعبير، ودعم المنظمات غير الحكومية، وتعزيز الحق في التعليم.

وبين أن الاستعراض يبرز استعداد الأردن للتفاعل البناء مع ملاحظات المجتمع الدولي، وتطوير المجالات التي تحتاج للتحسين، ما يعزز مصداقيته والتزامه بتعزيز حقوق الإنسان على المدى الطويل.

ورأى المشرقي في حديث  أن التوصيات الجديدة التي قبلت، كانت مدرجة على قائمة التوصيات التي أحاط الأردن بها علما يوم المناقشة، وأنها لم تحظ بالقبول الكامل، مضيفا أن هذا القرار يأتي، كجزء من الخطوات التحضيرية لاعتماد تقرير الفريق المعني بالاستعراض الخاص بالأردن من مجلس حقوق الإنسان الشهر المقبل في جنيف، تمهيدا لبدء تنفيذ التوصيات للفترة المقبلة بين العامين 2024 و2029.

وأضاف، إن قبول هذه التوصيات يمثل التزاما واضحاً من الأردن بتحسين أوضاع حقوق الإنسان على أرضه، إذ شملت المعتمدة منها: تعزيز التشريعات المتعلقة بمكافحة التعذيب، حماية حرية التعبير، دعم المنظمات غير الحكومية، وتعزيز الحق في التعليم.

وبحسب المعلومات الراشحة، فإن التوصيات الجديدة التي قبلت هي: تعديل قانون العقوبات الأردني لمواءمة تعريف التعذيب مع التعريف الوارد في المادة 2 من اتفاقية مناهضة التعذيب الصادرة عن ألمانيا، وتوصية تجريم جريمة التعذيب وفقا للمادة 1 من اتفاقية مناهضة التعذيب، بحيث يعاقب عليها، وقد صدرت عن تشيلي.  

كذلك توصية حماية حرية التعبير عبر مراجعة قانون الجرائم الإلكترونية، ليتوافق مع الالتزامات الدولية للمملكة، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

ومن التوصيات الأبرز التي تقبل للمرة الأولى، "ضمان بيئة آمنة وداعمة للمنظمات غير الحكومية من خلال مراجعة قانون الجمعيات لعام 2008، لتتمكن من التسجيل والحصول على التمويل الأجنبي دون عوائق، وضمان قدرتها على العمل بحرية دون خوف من الانتقام"، و"تيسير عمل منظمات المجتمع المدني عن طريق تبسيط العمليات الإدارية، والحد من القيود المفروضة على العمل، ولا سيما فيما يتعلق بالتمويل الأجنبي".

ومن التوصيات أيضا "ضمان ما لا يقل عن 12 عاما من التعليم الابتدائي والثانوي المجاني، وتوسيع نطاق الوصول لمن يعيشون في أكثر الأوضاع ضعفا، كالفتيات واللاجئين وطالبي اللجوء، وقد صدرت التوصية عن الباراغواي"، بالإضافة إلى توصية تقضي بتعزيز الحق في التعليم عبر ضمان 12 عاما على الأقل من التعليم الابتدائي والثانوي المجاني، والصادرة عن البرتغال. 

ولفت المشرقي إلى أن التوصيتين المتعلقتين بمناهضة التعذيب تندرجان في سياق إجراءات وتشريعات تحسين العدالة الجنائية، وتسلط الضوء على الحاجة لتعزيز التشريعات الوطنية لمواءمة تعريف وتجريم التعذيب مع المعايير الدولية. 

وقال "هذه التوصيات تعكس اهتمام المجتمع الدولي بضمان عدم إفلات مرتكبي التعذيب من العقاب وضمان حماية حقوق الإنسان، وتعديل قانون العقوبات الأردني وتجريم التعذيب الذي يؤدي لتحسين الشفافية والمساءلة في النظام القضائي. 

ما يعزز الثقة بالمؤسسات الحكومية، ويحد من حالات التعذيب وسوء المعاملة، بالإضافة للتأثير الدولي من ناحية التزام الأردن بتعديل قوانينه، لتتماشى مع المعايير الدولية، وتعزيز صورة اتحترام المملكة دوليا لحقوق الإنسان"، مشيرا لأهمية مساهمة تفعيل هذه التوصيات بتحسين العلاقات الثنائية والدولية، وجذب استثمارات أجنبية وتوفير بيئة حاضنة لها. 

وبيّن المشرقي، أن إنفاذ هذه التوصيات والالتزامات الدولية، يتطلب مراجعة التشريعات الناظمة وتعديلها بما يتناسب مع مفهوم الحماية من جريمة التعذيب، بما يتضمن عقوبات صارمة وواضحة عليها، وفق المادة 1 من اتفاقية مناهضة التعذيب، وتشكيل لجنة قانونية تضم خبراء قانونيين وقضاة وممثلين من المجتمع المدني والمؤسسات الوطنية لصياغة التعديلات المطلوبة لقانون العقوبات، وإطلاق مشاورات عامة تشمل أنشطة متنوعة ودورات تدريبية وورش عمل واجتماعات مع جهات معنية، تتوافق والتعديلات مع المعايير الدولية والمحلية.  

ويتطلب إنفاذ هذه التوصيات، تنفيذ برامج تدريبية للمسؤولين القضائيين والأمنيين حول التعريف الجديد للتعذيب وآليات التعامل معه، وتقديم الإفصاح الإعلامي باستمرار، ونشر التعديلات الجديدة عبر وسائل الإعلام، وتوزيعها على الجهات القضائية والأمنية، وإنشاء هيئة مستقلة لرصد حالات التعذيب وتقديم التقارير الدورية، تضم ممثلين عن: القضاء، المجتمع المدني، الأكاديميين، والمركز الوطني لحقوق الإنسان لمتابعة تطبيق القانون ورصد حالات التعذيب، والتأكد من محاسبة المتورطين، وفقا للمشرقي. 

وبشأن توصية حماية حرية التعبير، رأى أنها تعكس القلق من أن القوانين الحالية قد تقيد حرية التعبير، وتطالب بتعديلها لتتوافق مع الالتزامات الدولية، باعتبار هذا الأمر حيويا في العصر الرقمي والتواصل والفضاء الإلكتروني.

وأضاف إن "مراجعة قانون الجرائم الإلكترونية لتعزيز حرية التعبير، قد يؤدي لزيادة المشاركة السياسية والتفاعل البناء، ما يسهم بتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتشجيع المواطنين على التعبير عن آرائهم دون خوف من العقاب، والامتثال للمعايير الدولية المتعلقة بحرية التعبير، ما سيعزز من ترتيب الأردن ضمن مؤشرات الحريات العامة وحرية الصحافة كمجتمع مفتوح وديمقراطي.

ودعا لمراجعة قانون الجرائم الإلكترونية بتشكيل لجنة مختصة، تضم خبراء في القانون وتقنية المعلومات وحقوق الإنسان لمراجعته وتقديم توصيات لتعديله، وتنظيم جلسات استماع مع الصحفيين، والإعلاميين والأكاديميين، ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الوطنية للحصول على ملاحظاتهم، لصياغة تعديلات تضمن توافق القانون مع العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والالتزامات الدولية، وتنفيذ حملات توعية حول حرية التعبير والمسؤولية على وسائل الإعلام.

وحول توصيات دعم المنظمات غير الحكومية والحد من قيود الإجراءات الإدارية في الحصول على التمويل الأجنبي قال، إنهما تعززان البيئة القانونية التي تعمل فيها المنظمات غير الحكومية، والسماح لها بالعمل بحرية والحصول على التمويل.

ونوه إلى أن قبولها  يعني "التأكيد" على أهمية المجتمع المدني بدعم الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتحسين البيئة القانونية للمنظمات غير الحكومية، بما سيعزز من قدرة هذه المنظمات على تنفيذ برامجها ومشاريعها بفعالية أكبر، ما يسهم بتطوير المجتمع المدني وتعزيز حقوق الإنسان، والعمل التطوعي والمشاركة المجتمعية والمسؤولية والمواطنة الفاعلة العالمية. 

ولفت المشرقي إلى أن أهمية دور المنظمات غير الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني المحوري، تتطلب إعادة النظر بالبيئة التشريعية الناظمة لعمل المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية، وتوحيدها في إطار يسمح للتنظيم ولا يعترف بالتقييد، وأيضا لتوحيد مرجعية العمل مع المنظمات غير الحكومية.

ولتنفيذ هاتين التوصيتين، شدد على أهمية مراجعة قانون الجمعيات وتبسيط الإجراءات لتيسير تسجيلهات والحصول على التمويل دون قيود مفرطة، وإطلاق حوار وطني مستمر مع منظمات المجتمع المدني، لتحديد التحديات وحلها، وتطوير نظام إلكتروني لتسهيل الإجراءات الإدارية وتوفير الوقت والجهد، وتدريب الموظفين الحكوميين على كيفية التعامل مع منظمات المجتمع المدني بفعالية وشفافية.

أما بشأن التوصيات الخاصة بتوسيع نطاق التعليم من الباراغواي والبرتغال، فقال إنها تتماشي مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، التي تسعى لضمان تعليم جيد للجميع، وتعليم مجاني لـ12 عاما، وتوسيع نطاق الوصول لتعليم الفئات الضعيفة، بما سيقلل الفجوة التعليمية بين شرائح المجتمع، وتعزيز مكانة الأردن كمثال إيجابي بتحسين حقوق الإنسان والتنمية الاجتماعية، وترسيخ المفاهيم الحديثة في قطاع التعليم، خصوصا التعليم التحويلي والتعليم في الأزمات واستثمار الفضاء الإلكتروني. 

وحول العمل على تنفيذ التوصيات، قال المشرقي إنها تتطلب الاستثمار بتطوير البنى التحتية التعليمية، وفتح المجال للتوزيع العادل للموازنات بالضخ في قطاعات التعليم، وتعزيز مسؤولية القطاع الخاص فيه، وإعمال الحق والتطلع لتوفير الأدوات المتطورة والاستفادة من التكنولوجيا وتطويعها، لتحسين التعليم ونوعيته وجودته، وإتاحته للجميع. 

كما يتطلب إنفاذها، تخصيص ميزانية كافية لبناء وتجهيز المدارس وتدريب المعلمين وضمان جودة التعليم، وإطلاق حملات توعية لتشجيع الأسر على إرسال أطفالهم للمدارس، بخاصة في المناطق الريفية والمهمشة، وتوسيع التعاون مع المنظمات والمؤسسات الدولية والجهات المانحة للحصول على الدعم المالي والفني، وتوسيع نطاق التعليم المجاني.

كما بيّن أن "على الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الوطنية، تنظيم حملات توعية للتعريف بأهمية هذه التوصيات وفوائدها"، داعيا لإنشاء آليات متابعة مستقلة لرصد تنفيذها وتقييم تأثيرها على حقوق الإنسان في الأردن، وتشكيل فرق عمل متخصصة لكل منها، لمتابعة تنفيذها وضمان التزام الجهات المعنية بالخطط الموضوعة، وتقديم تقارير دورية عن تقدم العمل بتنفيذها مع إشراك المجتمع المدني في "الإنفاذ".