هل توجه "التربية" بإلزامية الحصول على دبلوم تعليم يطور مهنة المعلم ويحسن مخرجاتها؟
الوقائع الاخبارية : في وقت أكد فيه وزير التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي د. عزمي المحافظة، أنّه لن يدخل في الأعوام المقبلة، معلم إلى وزارة التربية من دون أن يكون حاصلا على دبلوم تربية وتعليم، إلى جانب تخصصه في شهادة البكالوريوس الجامعية، ليتمكن من إدارة الغرفة الصفية بطريقة تربوية ملائمة، أكد خبراء في التربية، أن هذا التوجه الذي اختطته الوزارة، خطوة ضرورية ومهمة من أجل النهوض بالتعليم وتحسين مخرجاته وتطويره.
وبينوا في أحاديث ، أن الخريج الذي يحمل دبلوم تربية، سيكون متمكنا من المهارات والمعارف والخبرات اللازمة، التي تسهم بتعزيز عمله في الغرفة الصفية بمهارة، وتجعله مواكبا لأفضل الممارسات الحديثة في التعليم، وتدفعه لمزيد من الإبداع في عمله، ما سينعكس على مستوى أداء الطلبة والمجتمع.
ودعوا الوزارة الى التوسع بتنفيذ برامج إعداد وتأهيل المعلمين، بالتعاون مع الجامعات كافة، لكي تغطي جميع التخصصات، مشيرين الى ان الدبلوم ما قبل الخدمة، أثبت نجاعته في تأهيل المعلمين لدخول الغرف الصفية، وتعتمده كثير من دول العالم.
وكان محافظة قال في ندوة نظمتها "جماعة عمان لحوارات المستقبل" مؤخرا، إن مشروع "أساس" الذي ينعقد بالشراكة بين الوزارة وجامعات الأردنية واليرموك والهاشمية، يهدف إلى تخريج معلمين يحملون شهادة "معلم"، بالإضافة إلى تخصصاتهم الاكاديمية، في الرياضيات أو اللغة العربية، وغيرها من التخصصات التي تتوجه الى التعليم، ولا علاقة لتخصص "معلم صف" بذلك.
لتخصص "معلم صف" بذلك.
وأكد أنه في السنوات المقبلة، لن يدخل معلم إلى الوزارة بدون حصوله على دبلوم تربية وتعليم، الى جانب تخصصه الاكاديمي في مرحلة البكالوريوس، بالاضافة الى أن هذا التوجه سيسهم بإحياء مشروع أكاديمية لهذا الغرض، بهدف ان يدخل المعلم إلى وظيفته، وهو يحمل شهادة في "التعليم"، ليتمكن من إدارة الغرفة الصفية بطريقة تربوية ملائمة.
الناطق الإعلامي بوزارة التربية والتعليم د. عاصم العمري، بين أن هذا التوجه الذي اختطته الوزارة، ينبع من حرص الوزارة على أن تكون الكوادر التعليمية والإدارية فيها، مؤهلة وقادرة على مواكبة التطورات الرقمية والتكنولوجية في التعليم، ما ينعكس على تمكين المعلم من إدارة الغرفة الصفية بطريقة تربوية موازية لمتطلبات العصر الحالي.
وبين العمري، في تصريح لـ"الغد"، أن الوزارة عينت نحو 850 معلما ومعلمة من حملة الدبلوم العالي لإعداد المعلمين قبل الخدمة، وهم مبتعثون على نفقتها، بالاضافة الى أن هناك 2000 معلم ومعلمة، ما يزالون على مقاعد الدراسة في الجامعات، للحصول على الدبلوم العالي لإعداد المعلمين قبل الخدمة، بهدف تعيينهم وهم مبتعثون على نفقة الوزارة أيضا.
وفي هذا السياق، أكدت الأمين العام بوزارة التربية والتعليم للشؤون الإدارية والمالية السابقة د. نجوى القبيلات، أن توجه الوزارة بإلزامية الحصول على دبلوم تربية، يضاف الى تخصص في مرحلة البكالوريوس للمعلمين الذين سيلتحقون بمهنة التعليم في الأعوام المقبلة، يعد خطوة ضرورية ومهمة في تطوير التعليم وتحسين مخرجاته.
وبينت القبيلات، أن أعداد وتهيئة المعلمين قبل التحاقهم بالعملية التعليمية، خطوة في الاتجاه الصحيح، كون معظم الخريجين الحاصلين على البكالوريوس من الجامعات، لا يمتلكون المعارف والمهارات اللازمة للدخول الى الغرفة الصفية، لأن تخصصاتهم الجامعية علمية بحتة، فمثلا مفاهيم الرياضيات والقوانين، يحصل عليها الطلبة من دراستهم لمواد التخصص والمتطلبات ذوات العلامات، أما الأمور التربوية من إستراتيجيات تدريس وتقويم ومبادئ علم نفس تربوي، فهي ليست من ضمن دراستهم.
وأوضحت أن الخريج الحاصل على دبلوم تربية، سيتمكن من امتلاك المهارات والمعارف والخبرات اللازمة التي تمكنه من دخول الغرفة الصفية، والتعامل مع مفرداتها بمهارة، كما تمكنه من مواكبة أفضل الممارسات الحديثة في تعليم الطلبة، وبالتالي ستسهم بدفعهم نحو الإبداع، ما ينعكس على مستوى أداء الطلبة والمجتمع.
وتابعت، أن الوزارة كانت تخضع المعلم سابقا الى دورة تدريبية مدتها 120 ساعة، في نطاق برنامج تدريب للمعلمين الجدد، لكن ذلك البرنامج بحاجة الى تطوير وليس كافيا لتأهيل المعلمين على نحو جيد يستوفي الدفع الى ممارسة العملية التعليمية بجودة عالية.
وأكدت القبيلات أن دبلوم قبل الخدمة، أثبت نجاحه بتأهيل المعلمين لدخول الغرف الصفية، وهو معتمد في كثير من دول العالم، لافتة الى ضرورة إجراء التوسع في برنامج دبلوم قبل الخدمة الذي تنفذه الجامعات ليغطي التخصصات كافة.
بدوره، قال مدير ادارة التخطيط والبحث التربوي في وزارة التربية سابقا د. محمد ابو غزلة، إن عملية إعداد وتأهيل المعلمين قبل الخدمة وأثناءها، يعد من المتطلبات الأساسية التي تقوم بها المؤسسات المعنية بالتعليم، والتي يجب أن يسعى إليها الراغب في الالتحاق بمهنة التعليم، وهي ضرورة وطنية في ضوء التحديات الحالية والمتمثلة في تراجع أداء النظام التعليمي وفق المؤشرات الدولية، وفي ظل المتطلبات المستقبلية ايضا، نظرا لطبيعة المهارات التي يحتاجها المستقبل، لا سيما وانها أصبحت شروطا اساسية في الكثير من الدول بهدف التعيين للالتحاق بوظيفة التعليم.
واضاف ابو غزلة، ان عملية تأهيل المعلمين واعدادهم قبل الخدمة، لم تغب عن الفكر التربوي الأردني، واستمرت المبادرات في مجال اعداد المعلمين وتأهيلهم قبل الخدمة، وايضا جاءت لترجمة إستراتيجية الموارد البشرية (2025-2016) بحيث جرى إطلاق برنامج الدبلوم المهني لإعداد وتأهيل المعلمين قبل الخدمة، لاستقطاب طلبة الدبلوم الوطني وخريجي البكالوريوس من تخصصات العلوم والرياضيات واللغتين العربية والإنجليزية، الساعين للعمل كمعلمين، بغية دعم مسيرة التعلم والتعليم، لزيادة أعداد المعلمين المؤهّلين بخاصة للصفوف من الـ4 الى الـ10، والذي تنفذه الوزارة بالتعاون مع جامعات: الأردنية واليرموك والهاشمية ومؤتة.
وبين ابوغزلة، ان تصريح الوزير محافظة، يؤكد أهمية إعداد المعلمين وتأهيلهم بالتعاون مع الجامعات المذكورة، بالاضافة الى اهمية تعيين المعلمين المؤهلين الحاصلين على شهادة دبلوم معلم، الى جانب التخصص الاكاديمي، مشددا على اهمية أن تكون النظرة شمولية في وضع الشروط وتنفيذ البرامج وبشكل متزامن وليس "بسكليت تتابعي"، وان تشتمل هذه البرامج موضوعات اكاديمية وتربوية أثناء فترة الدراسة الجامعية، وتنفذ في اطار زمني خلال 5 سنوات، وتتضمن فصولا تجريبية من بعد السنة الثانية، أي أن يسند للمعلم الطالب عدة حصص، تنفذ مع المعلم الأصيل في المدارس، بعد أن تحدد حسب مديريات التربية والمناطق التعليمية والجامعات.
وأشار إلى أن الطالب المعلم بعدها وفي السنة الخامسة، يطبق التدريس بمفرده دون مساعدة من المعلم الأصيل في المدرسة، تحت إشراف معلمين متميزين، وأساتذة جامعات أكاديميين وتربويين، وفي ضوء اجتيازهم للاختبارات العملية لعملية التدريس، يمنحون الدرجة العلمية والتربوية معا، عليه يكون للطالب المعلم المتخرج الحق والأولوية بالتعيين، مع أهمية ألا تكون عملية التطبيق والمتابعة والتقييم، على غرار ما يجري في التربية العملية التي تنفذها الجامعات، وأثبتت بأنها شكلية.
وشدد أبو غزلة، على ضرورة تطبيق توجه وزارة التربية؛ المتمثل بإلزامية الحصول على دبلوم تربية، بالاضافة الى تخصص في مرحلة البكالوريوس للراغبين بالالتحاق في مهنة التعليم، فذلك سيسهم بتطوير الممارسات التربوية والإدارية عند المعلمين، والارتقاء بمستوى أدائهم، وتحسين فرص التميز العلمي والإنجاز الدراسي للمتعلمين، وإحداث تغييرات إيجابية في سلوك المعلمين والمتعلمين واتجاهاتهم، وبالتالي تجويد العملية التعليمية والتربوية، لا سيما وأن المعلم المؤهل والمدرب، هو الركيزة الأساسية لإنجاح النظام التعليمي.
وأكد أهمية السعي إلى مهننة التعليم، لتصبح كمهنة الطب او الهندسة وغيرها ذات الأسس والأصول العلمية، والتي لا يمارسها إلا من أعد لها وحصل على إجازة مهنية فيها، فعملية الإعداد هذه، تربوية تعليمية تثقيفية وتأهيلية من النواحي المهنية والتربوية والعلمية والسلوكية، والمعلمون يمثلون عصبها، وبدونهم لن تتحقق الريادة التعليمية التي نصبو لها.
وشدد على أن هذا الفهم، أكدت عليه كل محاولات الاصلاح التعليمي والتربوي، الى جانب ما أكدته مبادرات الرؤية الاقتصادية 2033 في مجال برامج إعداد وتأهيل وتدريب المعلمين، والترخيص المهني لهم، إذ يجب أن تمنح هذه الرخصة على مراحل وعلى نحو تدريجي، بحيث ترتبط بالأداء، وعدد السنوات واجتياز الاختبارات التي تعد لذلك، شريطة أن تقيم رخصة المزاولة الممنوحة، حسب متطلبات مستوياتها المتدرجة.
وأشار أبو غزلة، إلى أن ذلك يتطلب من الوزارة، أن تربط تدرج مستوى الرخصة أيضا بحوافز مادية، على غرار ما ورد في نظام رتب المعلمين، بمعنى رخص مؤقتة لمعلم مساعد ولمعلم ومعتمدة لمعلم أول ودائمة أو دولية لمعلم خبير، وجميع هذه الرخص مرتبطة باختبارات ومتطلبات مهنية، ما يتطلب من الوزارة أن تتوسع بتنفيذ برامج إعداد وتأهيل المعلمين بالتعاون مع الجامعات، وألا تقتصر على الجامعات الأربع فقط، لضمان توفير معلمين مؤهلين في المناطق كافة، وليس ضمن مناطق الجامعات الاربع، وأن تستفيد من برامج الإعداد التي نفذتها أكاديمية الملكة رانيا، بالاضافة إلى البرامج التي تنفذها الجامعات، والعمل على مأسستها وتقييمها باستمرار وقياس العائد منها.
ودعا أبو غزلة إلى إعادة النظر في التشريعات المتعلقة بتعيين المعلمين، وشروط التعيين والإجازة والترخيص الواردة في القانون، كما عليها ان تكتفي بدور المتابعة لعمليات التدريب في أثناء الخدمة وليس تنفيذها، وأن تسند عمليات تنفيذ التدريب أثناء الخدمة لمزودين مؤهلين، وأن يتفرغ طاقم الوزارة والميدان لتقديم الدعم الفني حسب مهامهم وأدوارهم الفنية والإدارية الداعمة للمعلمين والمدارس، والعمل مع الجامعات على مراجعة برامجها التربوية والأكاديمية، لضمان تحقيق هذه الغايات.
وشاركهم الرأي الخبير التربوي عايش النوايسة، الذي قال إن الوزارة طورت خطة شاملة لتطوير أداء المعلم، تحت ما يسمى: إطار سياسة المعلم لجعل مهنة التعليم خيارا جذابا عبر نظام يشجع التميز والنشاط والإبداع، وإيجاد نظام تأهيل قبل الخدمة، معتمد قادر على توفير القدرات اللازمة للدخول إلى النظام التربوي، وبناء نموذج تنمية مهنية مستدامة فاعل للمعلم، يضمن له فرص تعليم مدى الحياة، وإنشاء نظام فاعل للتنمية المهنية القائمة على المدرسة، يتصف بالتعلّم مدى الحياة، وإيجاد نظام للمتابعة والتقييم في إطار السياسات الشاملة الخاصة بالمعلم، يضمن تنفيذ هذه السياسات بكفاءة.
واضاف النوايسة، ان الوزارة، عملت على بناء إطار متكامل للتنمية المهنية للمعلمين، استنادا على مرجعية متكاملة لإدارة وضع الموارد البشرية والقوى العاملة في التعليم، وعلى رأسها المعلم، وذلك في إطار الرؤية الوطنية الشاملة التي رسمتها إستراتيجية الموارد البشرية (2016 - 2025)، والخطة الإستراتيجية لوزارة التربية والتعليم (2018 – 2025)، التي استلهمت رؤى جلالة الملك عبد الله الثاني في الورقة النقاشية السابعة، ومشروع التحديث.
وبين النوايسة، ان استكمال وثائق ميثاق مهنة التعليم، يعني ذلك أنها غدت أساسا لعمليات اختيار المعلمين وتوظيفهم، وتأهيلهم قبل الخدمة وأثنائها، وإدارة أدائهم وتقييمهم، وتحفيزهم في مسارهم المهني والوظيفي، وقد سبقها في الجزء الأول مدونة السلوك المهني، وفي الجزأين الثاني والثالث، المعايير العامة والتخصصية للمعلم.
وأكد أن الوزارة سعت لإعداد المعلمين قبل الدخول إلى مهنة التعليم عبر تطبيق برنامج تدريبي تعليمي تطبيقي، بالتعاون مع الجامعات، موضحا ان اعداد المعلم قبل الخدمة، هو نظام تعليمي يتألف من مدخلات وعمليات ومخرجات، ومن مدخلاته: أهداف تسعى لتكوين الطالب المعلم، ليصبح معلماً في المستقبل، وخطة دراسية تحتوي على مكونات أربعة هي: الثقافة العامة، والتخصصان الأكاديمي والمهني، والتربية العملية.
وأشار النوايسة إلى أن عمليات هذا النظام، تتمثل بالطرائق والتقنيات وأساليب التقويم المستخدمة، لتحقيق أهداف النظام، أما مخرجات النظام، فهي: المعلم المتمرن الذي يبدأ الخدمة في إحدى المراحل التعليمية حسب ما أُعِدَّ له، لافتا الى أن دبلوم قبل الخدمة، يعبر عن دور وأهمية المعلم وإعداده ثقافيًّا وتربويا وأكاديميا إعدادًا مركزًا، لينجز أهداف العملية التعليمية، ويكتسب المهارات الإيجابية التي تساعده بإعداد الطلبة على نحو مهني تربوي متكامل، ولذلك يرتكز إعداد المعلم على جوانب ثلاثة هي: الثقافة العامة، والإعدادان التخصصي والمهني، وهي مجالات النمو المهني للمعلم.
وأوضح ان الوزارة لها أهداف عدة، من تبني دبلوم قبل الخدمة وتطبيقه، ومن أهمها مهننة التعليم (الرخصة المهنية)، ما يتطلب تبني نظام مهني، يرتبط بأداء المعلم يستند على التحفيز ويرتبط بمسار وظيفي، لذا طرح ترخيص مهنة التعليم عبر التركيز على الأداء المهني لترخيص المعلمين ضمن مسار متنام ومتطور.