الاحتلال ينقلب على "أوسلو" ويلتهم الأراضي الفلسطينية

الوقائع الإخبارية :  شكلت الإجراءات والقرارات التي اتخذتها حكومة الاحتلال الإسرائيلي بسحب صلاحيات السلطة الفلسطينية في مناطق "ب" بالضفة الغربية ومعاقبة بعض مسؤولي السلطة بتقييد تحركاتهم وإطلاق وشرعنة البناء الإسرائيلي الاستيطاني في مناطق مختلفة بالضفة، بحسب مراقبين انقلابا كاملا ونهائيا على اتفاقات أوسلو، وعودة بالوضع كله إلى ما قبل نقطة الصفر وترسيخا لمنطق الاحتلال الفج.

وقال هؤلاء في تصريحات منفصلة لـ" الغد"، إن تلك الإجراءات والقرارات توضح حقيقة ورؤية حكومة الاحتلال على حقيقتها بوصفها حكومة عنصرية يمينية غير مهتمة بالسلام، وتسعى لتفكيك أي مظهر للسلطة الفلسطينية وترسيخ واقع الاحتلال في كافة مناطق الضفة وشرعنة بناء المستوطنات، ونزع أي سيطرة يمارسها الفلسطينيون على حياتهم، بما في ذلك في المناطق (ب) التي تخضع وفق اتفاق أوسلو لسيطرة مدنية فلسطينية.

وصادق مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر، الخاص بالشؤون السياسية والأمنية الخميس الماضي على خطة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، للتصدي للاعترافات بدولة فلسطينية والإجراءات المتخذة ضد إسرائيل في المحاكم الدولية.

وبحسب الإذاعة العبرية، فإنه بموجب الخطة التي عرضها سموتريتش يتم اتخاذ إجراءات ضد السلطة الفلسطينية وتقنين خمس بؤر استيطانية في الضفة الغربية وسيتم نشر عطاءات لبناء آلاف الوحدات السكنية في المستوطنات.

كما تنص الخطة على أن إجراءات التصدي للسلطة الفلسطينية ستشمل إلغاء تصاريح ومزايا مختلفة لكبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية، وتقييد الحركة ومنع كبار المسؤولين من مغادرة البلاد، ومعاقبتهم بارتكاب مخالفات التحريض، بالإضافة إلى ذلك، يتعلق الأمر بإبعاد كبار المسؤولين الفلسطينيين، وسحب صلاحيات تنفيذية من السلطة الفلسطينية في جنوب الضفة الغربية.

ويقول المحلل السياسي د. صدام الحجاحجة، إن إسرائيل احتلت الضفة الغربية عام 1967 وأقامت عليها المستوطنات، التي تعتبر مخالفة للقانون الدولي، موضحا أن ملف الاستيطان يعد أبرز أوجه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وأحد الأسباب الرئيسة لتوقف آخر مفاوضات للسلام بين الجانبين قبل منتصف العام 2014.

وأشار إلى أن البؤر الاستيطانية الخمس التي صادق الكابينت على شرعنتها تقع في مواقع إستراتيجية في الضفة، وهي أفيتار المقامة في نابلس، وسادي إفرايم وغفعات أساف المقامة في رام الله، وحالتس المقامة في المنطقة الواقعة بين الخليل وبيت لحم، بالإضافة إلى البؤرة الاستيطانية أدوريم المقامة في الخليل.

وتابع: حكومة الاحتلال عبر مواصلتها ارتكاب جريمة التوسع الاستيطاني وتعميق الفصل العنصري، تسعى وتهدف لإغلاق الباب أمام أي فرصة لتجسيد الدولة الفلسطينية، وتحملها المسؤولية الكاملة والمباشرة عن نتائجها وتداعياتها الخطيرة على ساحة الصراع والمنطقة برمتها.

واعتبر الحجاحجة، أن التصعيد الاستيطاني الحاصل في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية هو تحد سافر لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة خاصة القرار 2334، واستخفاف إسرائيلي رسمي بالإجماع الدولي الرافض للاستيطان باعتباره عقبة في طريق تطبيق حل الدولتين.

من جهته، يقول عميد كلية القانون السابق في جامعة الزيتونة د. محمد فهمي الغزو، إن الضفة الغربية بعد عملية طوفان الأقصى والحرب الهمجية الإسرائيلية على غزة، شهدت تصعيدا فيما يتعلق بتسريع انشطة المستوطنات وشرعنتها من قبل حكومة الاحتلال، في ظل انشغال العالم بالحرب.

وتابع : الحكومة الإسرائيلية المتطرفة منذ تشكيلها قبيل نهاية عام 2022، سارعت بإقامة بؤر استيطانية جديدة، وإقرار بناء الآف الوحدات في مستوطنات قائمة، والشروع بإقامة أحياء جديدة في مدينة القدس وضواحيها، موضحا أن هذه السياسات التوسعية تنذر بتداعيات على جغرافيا الضفة الغربية المجزأة بفعل استمرار السياسات الاستعمارية العنصرية المتطرفة.

ويرى الغزو أن استمرار المشاريع الاستيطانية له تبعات متعددة على جغرافية الضفة الغربية، إذ يساهم بمزيد من التفتيت والتجزئة، وما ينعكس على المشاريع السياسية المطروحة، وأبرزها انعدام تام لمنطقية طرح حل الدولتين، والذي وصل إلى طريق مغلق بعد توقف المفاوضات، في ظل استمرار حكزمة الاحتلال بتغيير جغرافيا الضفة الغربية المجزأة أصلاً منذ اتفاق أوسلو عبر زيادة التوسع الاستيطاني عليها.

بدوره، يقول د. علاء حمدان الخوالدة، إن الإجراءات والقرارات التي اتخذتها حكومة الاحتلال الإسرائيلي بسحب صلاحيات السلطة الفلسطينية في مناطق "ب" بالضفة الغربية ومعاقبة بعض مسؤولي السلطة بتقييد تحركاتهم وإطلاق وشرعنة البناء الإسرائيلي الاستيطاني في مناطق مختلفة بالضفة، تعد محاولة إسرائيلية واضحة لجر المنطقة إلى الانفجار الشامل.

وتابع : الفشل الدولي في معاقبة إسرائيل، شجعها على الإمعان في تحدي الشرعية الدولية ورفضها، مؤكدا أن شرعنة 5 بؤر استيطانية جديدة بالضفة الغربية لن تحقق الأمن لأحد.

واستكمل: هذه القرارات الإسرائيلية تأتي في سياق الحرب الهمجية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في جميع الأراضي، في ظل صمت دولي غير مسبوق يشجع حكومة الاحتلال على ارتكاب المزيد من جرائم الإبادة والتطهير العرقي ومعاقبة الفلسطينيين.

وأكد الخوالدة، أن إقامة المستوطنات محظورة وفقا للقانون الإنساني الدولي، وقد تجاهلت إسرائيل هذه القواعد، عبر تبنيها لتفسير خاص بها، وهي غير مقبولة تقريبا على أي شخصية قضائية في العالم والأسرة الدولية، بالإضافة إلى ذلك، فإن إقامة المستوطنات تجر انتهاكا متواصلا وتراكميا لحقوق الإنسان الخاصة بالفلسطينيين.