تهجير ممنهج.. "القانون الصهيوني" يهدد بـ"ابتلاع" الضفة

الوقائع الإخبارية :  اعتبر محللون فلسطينيون، مصادقة الحكومة الصهيونية على خطة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بشأن تطبيق القانون الصهيوني على البناء جنوب الضفة الغربية المحتلة، استكمالا لنهج التهجير بحق الفلسطينيين.

والجمعة الماضي، قالت هيئة البث العبرية الرسمية إن المجلس الوزاري المصغر "الكابينت" صادق على خطة سموتريتش التي تشمل "شرعنة 5 بؤر استيطانية في الضفة الغربية، ونشر عطاءات (قرارات) لبناء آلاف الوحدات السكنية في المستوطنات".

كما تشمل الخطة سحب صلاحيات تنفيذية من السلطة الفلسطينية جنوبي الضفة، وتطبيق القانون الصهيوني في المناطق "ب"، التي تخضع لسيطرة مدنية وإدارية فلسطينية.

وصنفت اتفاقية "أوسلو 2" عام 1995 أراضي الضفة إلى 3 مناطق: "أ" ويفترض أن تخضع لسيطرة فلسطينية كاملة، وتقدر بنحو 21 بالمائة من إجمالي مساحة الضفة، لكن الاحتلال اجتاحها خلال انتفاضة الأقصى التي انطلقت شرارتها عام 2000.

المنطقة الثانية مصنفة "ب"، وتخضع لسيطرة أمنية صهيونية ومدنية وإدارية فلسطينية، وتُقدر بنحو 18 بالمائة من مساحة الضفة، بينما تخضع المنطقة "ج" لسيطرة مدنية وإدارية وأمنية للاحتلال وتقدر بنحو 61 بالمائة، ويُحظر على الفلسطينيين إجراء أي تغيير أو بناء فيها إلا بتصريح رسمي للاحتلال.

والتصنيفات السابقة موزعة في أنحاء الضفة، وهي مناطق متناثرة ولا تتصل أراضي كل فئة منها ببعضها البعض جغرافيا.
سحب صلاحيات السلطة

ويرى المحلل السياسي أشرف بدر أن المعنى السياسي لإنفاذ القانون الصهيوني على المنطقة "ب"، هو سحب صلاحيات السلطة وإضعافها، وذلك بإلغاء فعلي للتقسيمات الإدارية في اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية والاحتلال.

ويضيف بدر، أن للسلطة صلاحيات إدارية في المنطقة "ب"، لكن مع قرارات سموترتيش ستسحب هذه الصلاحيات تدريجيا، ولن تملك السيطرة على المنطقة المقلصة أصلا.

كما يشير إلى "خطة يتبناها حزب الصهيونية الدينية منذ 2017، هدفها حسم الصراع وليس إدارته، وهؤلاء يعتبرون أن التعامل مع القضية الفلسطينية كان قائما على إدارة الصراع، وهذا خطأ من وجهة نظرهم".

ويوضح أن "الحكومة الصهيونية المتطرفة تسعى للقضاء على أي أمل لدى الفلسطينيين بتشكيل كيان فلسطيني، قد ينظر إليه صهيونيا كخطر على المشروع الصهيوني، لأنه قد يتطور إلى المطالبة بالاستقلال أو هوية وطنية أو تحقيق ذات وطنية أو كيانية سياسية".

ويشير بدر إلى الخطر المحدق بالمنطقة "ج"، موضحا أن "طموح التيار الديني القومي ضمن خطة أعلنت في 2014 هو ضمها، وإعطاء هويات زرقاء (صهيونية) لسكانها والذين هم حسب تقديرات للاحتلال 50 ألفا، وحسب تقديرات فلسطينية نحو 250 ألفا".

وعند إعلان الاحتلال ضم مدينة القدس عام 1980، لم تمنح سكانها الفلسطينيين الجنسية الصهيونية، بل سلمتهم هويات (زرقاء اللون)، وهي بمثابة تصريح إقامة دائمة.

ويؤكد بدر أن معاملتهم تتم كسكان القدس الفلسطينيين، ضمن سياق الهيمنة على الأرض ومقدراتها الزراعية والمائية، فضلا عن موقعها الإستراتيجي ومنها الأغوار".

وبشأن المنطقة "أ"، يقول بدر إن "الجانب الصهيوني "غير معني بأراضي المنطقة، إنما التخلص من إدارة سكانها لجهة ما، كهيئات محلية أو عشائرية أو بلدية أو أي هيئة كيانية أقل من مستوى كيان سياسي ضمن فلسفة صهيونية".

ويضيف أن المنطقة "ليست محصنة، رغم أنها لم ترد ضمن مشروع خطة سموتريش"، مشيرا إلى "استمرار عمليات الهدم فيها لبيوت فلسطينيين يتهمون بتنفيذ عمليات ضد الاحتلال".

مئات المساكن مهددة بالهدم
من جانبه، يقول الكاتب المختص بالشأن الصهيوني هاني أبو سباع إن السلطة لا تستطيع منح تراخيص بناء في المنطقة "ج"، وإن أعطت تراخيص فلا قيمة لها، واليوم يتسع الأمر إلى المنطقة "ب".

ويضيف أن المقصود بإنفاذ القانون على المواقع الأثرية "هو هدم أي بناء فلسطيني في محيط تلك المواقع، وقد تكون أبنية قديمة أو قبورا أو معالم إسلامية".

ويشير أبو سباع إلى أن "جهات أثرية صهيونية هي التي صنفت تلك المواقع وأضيفت بملحق لاتفاق أوسلو، ولا علاقة لها بالتاريخ اليهودي، وحسب خطة سموتريش يتوقع هدم مئات المساكن".

ويحذر من أن "الحكومة الحالية ستهدم كل بناء يؤثر على المناطق الأثرية حتى لو كان مرخصا من قبل السلطة الفلسطينية، كجزء من خطة لتهجير سكان الضفة الغربية".

بدوره، يشير رئيس مكتب هيئة الجدار والاستيطان في بيت لحم حسن بريجية، إلى استهداف مبان أقيمت في منطقة مصنفة محمية طبيعية، يقع جزء منها على أراضي بيت لحم، وتقدر مساحتها بمئات الدنمات (الدونم يساوي ألف متر مربع).

ويضيف بريجية أنه "نظرا لقلة الأراضي شهدت المحمية عمليات بناء واسعة لفلسطينيين من القدس وبيت لحم، ويسكنها حاليا المئات وبها عشرات المنازل وهناك تخوفات بهدمها".
194 عملية هدم

ووفق تقارير شهرية لهيئة مقاومة الجدار والاستيطان، نفذ الجيش اللصهيوني 194 عملية هدم في الضفة الغربية خلال الشهور الخمسة الأولى من 2024، طالت 254 منشأة فلسطينية معظمها مساكن.

وفي 2023، ذكر التقرير السنوي للهيئة أن الجيش الصهيوني هدم 659 منشأة فلسطينية، بينها نحو 300 منزل مأهول، إضافة إلى تهجير 25 تجمعا فلسطينيا كان يقطنه 266 عائلة تعداد أفرادها 1517 اضطروا للهجرة بسبب اعتداءات جيش الاحتلال والمستوطنين.

وبالتزامن مع حربه المدمرة على غزة منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وسع الجيش الصهيوني من اقتحاماته وعملياته بالضفة مخلفا حتى الاثنين 556 شهيدا فلسطينيا، بينهم 133 طفلا، إضافة إلى نحو 5 آلاف و300 جريح، وقرابة 9 آلاف و465 معتقلا، وفق مصادر رسمية فلسطينية.

وتشن إسرائيل حربا على غزة خلفت قرابة 125 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال.

ويواصل الاحتلال حربه رغم قرارين من مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال "إبادة جماعية"، وتحسين الوضع الإنساني المزري في القطاع.