هل ستحدث صفقة بين الكيان وحماس.. أم ستستمر الحرب على القطاع؟

الوقائع الإخبارية :  في وقت يواصل فيه كيان الاحتلال الصهيوني، حرب الإبادة والتدمير على قطاع غزة، فإن حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، تواصل عملياتها العسكرية القائمة على الكمائن والمباغتة وتكبيد الكيان مزيدا من الخسائر البشرية والعسكرية على نحو يومي متواصل.

وبالرغم من أن الطرفين يسعيان لكسب هذه الحرب، بفرض شروطهما السياسية عن طريق التفاوض في إطار صفقة لم تتحقق حتى هذه اللحظة، إلا أن خبيرين أحدهما عسكري والآخر سياسي، استبعدا أي اتفاقيات ستوقع بين الطرفين لإنهاء الحرب، وانسحاب جيش الكيان من القطاع وتبادل الأسرى، في حين أن خبيرا أمنيا أوضح بأن الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأميركية، وما يواجهه الكيان من ضغوطات، بالإضافة إلى احتمالية توسع دائرة الحرب، سيدفع باتجاه صفقة خلال الأسابيع المقبلة.

خبير الدراسات الدفاعية والإستراتيجية اللواء المتقاعد مأمون ابو نوار، بين ان هذه الحرب ستستمر طويلا بين الطرفين، ولا حلول في الأفق، سوى أن تكون هناك تسوية سياسية، مشيرا إلى أن الخيار العسكري غير مجد لكلا الطرفين، فالكيان وصل في حربه الإبادية إلى أعلى سقف في هجومه العسكري الدموي، ولم يحقق أهدافه، بينما "حماس"، لم تقدم أي جديد في عملياتها العسكرية، بعد أكثر من تسعة أشهر من المقاومة، ولم تستطع إجبار الكيان وجنوده على الانسحاب من غزة.

وفي نطاق ما يطلق عليه محللون من أن ما يجري هو حرب استنزاف، قال أبو نوار ان "حروب الاستنزاف، تعتمد على قوة الموارد وسهولة التزويد والإمداد واستدامتها، فالعمليات التي تنفذها حماس، قد تؤثر على قرار الصفقة بين الكيان وحماس، لكن الكيان يعتبر هذه الحرب، حرب وجود، وبالتالي فإن عملية التنازل ستكون شبه مستحيلة، ما دام هناك دول عظمى تمده بالسلاح والموارد القتالية، وتدعم اقتصاده كما يجري حاليا، لهذا فإن الكيان ماض في حربه الاستنزافية، لذلك هل تستطيع حماس مواصلة مقاومتها المسلحة؟".
وأضاف إن الكيان لن ينسحب من غزة، بخاصة من المناطق العازلة في محور فيلادلفيا ونتسريم (منطقة عازلة)، فهو يتحكم عبرها بالقطاع أمنيا، الى حين حدوث تسوية مع حماس، وهو ايضا سيمنع قيام دولة فلسطينية، ويسعى لإقامة ما يشبه الحكم الذاتي في غزة، يقوده وجهاء محليون من القطاع.
وقال أبو نوار إن الكيان يرى أن احتلال القطاع سيكلفه غاليا، وسيكبده خسائر بشرية واقتصادية عالية، الى جانب اعادة اعمار القطاع، لذا يذهب إلى الوصول لضمانة سياسية، يتمكن فيها من إزالة حماس، ونزع سلاحها وقيام كيان في غزة، يدار بأيد محلية تشبه السلطة الوطنية الفلسطينية.
ويرى أستاذ العلوم السياسية د. محمد القطاطشة، ان كل التحليلات والمؤشرات والتجارب مع حكومة الكيان اليمينية المتطرفة، تفضي الى انه لا يمكنها عقد صفقة في الفترة القريبة المقبلة، كون الشرط الرئيس لحماس، يتمثل بخروج قوات الكيان الى خارج حدود قطاع غزة، واذا حدث ووافق على ذلك، فسيكون هذا نصرا لحماس، ثم إذا وافقت حماس على أي إطلاق لسراح الأسرى من دون تحقيق هذا الشرط، فهذا سيغير قواعد اللعبة ويعني هزيمتها، وبالتالي فإن المشهد يشير إلى أن أيا من الطرفين يرفض إعلان هزيمته أمام الآخر، ولا أحد منهما قادر على أن يحقق الضغط على الآخر ليصل إلى النتيجة التي يتطلع اليها، كما ان الولايات المتحدة، لن تستطيع الضغط على الكيان لوقف الحرب، وكذلك العرب، لن يمكنهم الضغط على حماس للقبول بما يريده الكيان.

واليوم، يضيف القطاطشة، نحن أمام حالة جديدة، فالكيان الصهيوني يسيطر على القطاع، وبرغم قوة المقاومة وعملياتها المباغتة والتي تكبده خسائر فادحة، لكن قدرات المقاومة العسكرية، تبدو أنها تختلف عما كانت عليه في بدايات الحرب، وتحديدا ما يتعلق بقوة وكثافة إطلاقها للصواريخ، التي تهدد أمن عاصمة الكيان تل أبيب. لهذا؛ فإن أمام حماس تحديات كبيرة بشأن ديمومة فاعلية مقاومتها، بخاصة وان هناك مليوني فلسطيني في غزة من دون مأوى، وبلا غذاء أو ماء.

وأشار القطاطشة، إلى أن ما قامت به حماس من ترويج إعلامي، يظهر جرائم الكيان، وبشاعة جرائمه بحق الشعب الفلسطيني في القطاع، فضح جرائم الكيان أمام الرأي العام في أوروبا وأميركا، لكنه لم يجن شيئا على الصعيد السياسي، بل على العكس فإن الكيان الصهيوني زاد من تماديه في حرب الإبادة والتجويع للفلسطينيين في غزة.

مدير مركز جسر الثقافات لدراسات الإستراتيجية والأبحاث، العميد الركن المتقاعد حسين الرفايعة، قال إن العمليات العسكرية المستمرة للمقاومة وقدراتها على الصمود في مواجهة الكيان الصهيوني، وتكبيده خسائر بشرية وعسكرية، دفع الأطراف الفاعلة على الساحة الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة والوسطاء، إلى إعادة عرض صفقة بايدن من جديد، بعد استبدال بعض العبارات فيها، عن طريق تعديلها وإرسالها إلى حماس لغايات القبول بوقف إطلاق النار.

وأشار الرفايعة، إلى أن الظروف الدولية والإقليمية على وشك الانفجار، وكذلك فإن الانتخابات الأميركية تتأثر بالمشهد الفلسطيني والإقليمي المتوتر، إلى جانب عدم رغبة الولايات المتحدة بتوسعة نطاق الحرب الى لبنان، ناهيك عن الوضع الداخلي المتأزم في الكيان، وما يحمله من تأثيرات على حكومة نتنياهو، كل ذلك، قد يؤدي في الاسابيع المقبلة الى عقد صفقة بين الجانبين، مشيرا الى ان المبادئ العامة هناك، أصبح هناك شبه توافق عليها، لكن التفاصيل هي من تحتاج الى توافق بين الطرفين.

واضاف الرفايعة، انه من بين التفاصيل في تلك الاتفاقية، الأسرى والمعتقلون الفلسطينيون، وعملية وقف إطلاق النار، واستئنافها في حال عدم التوصل إلى نتائج في المرحلة الثانية.