"التعاون الدولي في المسائل الجزائية".. رفض تسليم الأشخاص المعرضين للتعذيب

الوقائع الإخبارية : فيما نشر موقع ديوان التشريع والرأي مشروع قانون "التعاون الدولي في المسائل الجزائية"، الذي كان مجلس الوزراء أحاله في حزيران (يونيو) الماضي إلى الديوان للسير في الإجراءات الدستورية لإقراره حسب الأصول المحلية، فيما رأت أوساط قانونية أن من شأن إقرار هذا القانون أن يجود المنظومة القانونية الخاصة بتسليم المجرمين. 

وجاء في الأسباب الموجبة لمشروع القانون الذي تضمن 62 مادة أنّه جاء لغايات إيجاد تشريع وطني يتضمن الأحكام الخاصة بتنظيم وتسهيل إجراءات التعاون الدولي في المسائل الجزائية التي تشمل طلبات المساعدة القضائية في المسائل الجزائية، وطلبات تسليم الأشخاص، ونقل المحكومين بحيث يشكل هذا التشريع الأساس والمرجع القانوني الوطني لجهات إنفاذ القانون في المملكة والاسترشاد به عند إبرام الاتفاقيات الدولية الثنائية، أو الانضمام إلى الاتفاقيات متعددة الأطراف المتعلقة بهذه المجالات.

وبحسب الخبير القانوني القاضي السابق د. محمود عبابنة فإنّ فكرة تسليم المجرمين جرى تنظميها في الأردن لأول مرة عام 1927 من خلال قانون تسليم المجرمين، الذي لم يعد مؤهلا لتنظيم حالات وطلبات تسليم المجرمين، ولذلك وخلال هذه المدة جرى الاعتماد على الاتفاقيات الثنائية بين الدولة الأردنية وبعض الدول، ثم تم اعتماد اتفاقية الرياض للتعاون القضائي لعام 1983 وهي واجبة التطبيق في حال عدم وجود اتفاقية ثنائية تجمع الدولة طالبة التسليم والدولة المطلوب إليها التسليم بين الدول العربية.

وأشار إلى أنه، ونظرا لتطور وسائل المواصلات، أصبح هروب المجرمين من قبضة السلطات أمرا يسيرا، بالإضافة إلى عدم سيطرة كثير من الدول على حدودها، فكان لا بد من تعاون الدول فيما بينها على الصعيد القضائي والبوليسي.

وأكد أن تسليم المجرمين في الأردن عملية لها مرجعيتها ومشروعيتها في الدستور، حيث نصت المادة 21/2 على: "تحدد الاتفاقات الدولية والقوانين أصول تسليم المجرمين العاديين"، لكن حتى الآن لا يجوز تسليم أي شخص مطلوب من قبل دولة أجنبية ما لم تكن هناك معاهدة أو اتقافية على تسليم المجرمين، وقد تأكد ذلك في قرارت محكمة التمييز الأردنية.

وأضاف أن مشروع القانون الجديد يضع المعايير واجبة الاتباع عند قبول طلبات التسليم من دولة أخرى، ومن أهم ما ورد في القانون، رفض طلب المساعدة القانونية أو طلب التسليم إن كان من شأن الطلب المساس بسياسة وأمن المملكة أو كان مخالفا للقانون والنظام العام، أو إذا كان ذا طبيعة سياسية، أو أن الطلب مبني على ملاحقة شخص على أساس عرقه أو جنسه أو دينه، أو لأي سبب يقع تحت باب التمييز العنصري.

كما تضمن مشروع القانون عدم قبول الطلب إذا كان الشخص تجري ملاحقته والتحقيق معه على الجريمة نفسها، أو كان الطلب متعلقا بجرم ذي طبيعة عسكرية، كما تضمن القانون الشروط الواجب توفرها في طلب تسليم المجرمين، ومن أهمها: تقديم حكم قطعي بالإدانة للشخص المطلوب تسليمه، وتعهد من الدولة طالبة التسليم ألا تتم محاكمته عن جريمة بخلاف ما ورد بطلب التسليم.

وأشار العبابنة إلى أن مشروع القانون حرص على التضييق على تسليم الأردنيين، فـ"العبرة بتحديد الجنسية هو وقت ارتكاب الجريمة، وكذلك لا يسلم إلا إذا كانت هناك اتفاقية مصادق عليها بين الأردن والجهة طالبة التسليم"، وكذلك إذا كانت الجريمة المطلوب التسليم عليها تخالف النظام العام، وجرى النص على عدم تسليم أي شخص إذا كان من الممكن أن يتعرض للتعذيب أو المعاملة المهينة أو القاسية في الدولة طالبة التسليم، وجرى تحديد الجهة التي تتم إحالة طلب التسليم من الجهات المركزية إليها وهي دائرة النائب العام".

وبين أن مشروع القانون هو في جوهره خطوه تنظيمية متقدمة تهدف إلى حماية المواطنين الأردنيين أمام طرق الاسترداد الاسثنائية التي تلجأ إليها بعض الدول المهيمنة، وما جرى عليه الحال بعد أحداث أيلول (سبتمبر) 2001، فالاسترداد الاستثنائي هو سياسة متبعة خارج نطاق إجراءات الاسترداد القضائية، وتختلف عن الاسترداد العادي في أن الهدف منها ليس القبض على المحرم ومحاكمته أو تنفيذ العقوبة بحقه في حال صدر عليه الحكم، وإنما هدفها التحقيق مع المشتبه بتهم الإرهاب من أجل الحصول على معلومات مهمة تخص جرائم معينة يجري التحقيق فيها.

ونصت المادة 9 من مشروع القانون على أنّه "يجوز تبادل المعلومات بين الجهات المختصة في المملكة وأي من الجهات النظيرة، بأي وسيلة من وسائل الاتصال الآمن إذا كان من شأن ذلك أن يؤدي إلى منع وقوع الجريمة أو يحول دون تسهيل ارتكابها أو تتبع الوسائط المستخدمة أو التي كان من المنوي استخدامها في الجريمة".

و"لا يجوز للجهة الطالبة أن تنقل المعلومات أو الأدلة التي وردتها، أو أن تستخدمها في تحقيقات أو ملاحقات أو إجراءات قضائية غير تلك المذكورة في الطلب، دون موافقة مسبقة من الجهة المطلوب منها".

وذكر في المادة 10 أنه "يتم تنفيذ طلبات المساعدة وفقا للإجراءات القانونية والتشريعات النافذة في المملكة"، كما جاء فيها أنه "لأي جهة قضائية مختصة في المملكة أن تقدم طلب مساعدة عبر القنوات الدبلوماسية إلى دولة أخرى. ويرسل هذا الطلب إلى السلطة المركزية في تلك الدولة لتنفيذه من قبل الجهة المختصة".

وجاء في المادة 15 من المشروع أنّه يكون نطاق طلب المساعدة القضائية في أحد المجالات التالية: جمع الأدلة الجنائية بما في ذلك أخذ العينات أو إجراء الخبرة الفنية، وضبط أقوال الأشخاص بشرط أن تدون في الطلب الأسئلة المطلوب توجيهها لهم، وتقديم صور طبق الأصل عن الوثائق والسجلات الأخرى بما في ذلك وسائل الاتصال السلكية واللاسلكية وحركة السفر والسجلات التجارية أو أي وثائق أو سجلات أخرى.

كما يكون نطاق المساعدة القضائية في تحديد موقع وهوية الأشخاص، وتنفيذ طلبات التفتيش وضبط الأشياء، والتحري عن ممتلكات وحجز أو مصادرة أو تجميد متحصلات أو أدوات أو وسائط استخدمت أو كان من المنوي استخدامها في الجريمة، وتقاسم أو رد الممتلكات المطلوب استردادها للجهة الطالبة حسبما تتوافق عليه الجهة الطالبة والجهة المطلوب منها مع مراعاة التشريعات النافذة.
وكذلك "سماع الشهود المتواجدين على أراضي المملكة بشرط أن يكون اسم الشاهد واضحا وكاملا وأن يكون عنوانه مفصلا وأن يبين طلب المساعدة الأسئلة المراد توجيهها للشاهد، على انّه يحق للشاهد الامتناع عن أداء الشهادة".

وأضاف القانون أنّه "يكون نطاق المساعدة القضائية متى كان قانون الجهة طالبة المساعدة يسمح له بذلك في الأحوال المماثلة، وسماع الشهود عن بعد عبر وسائل التقنية الحديثة متى كان ذلك متوافرا وممكنا، واسترداد عائدات أو متحصلات أو أدوات أو وسائط استخدمت أو كان من المنوي استخدامها في الجريمة".

و"تبليغ الوثائق بشرط أن يكون العنوان مفصلا، أي صورة من صور المساعدة غير المنصوص عليها في هذا القانون وتتفق مع أهدافه ولا تتعارض مع تشريعات المملكة النافذة". 

وجاء في المادة 18 أنّه "يجوز لأي جهة قضائية مختصة وبناء على طلب مستعجل من الجهة الطالبة، ولأسباب مبررة يخشى زوالها مع فوات الوقت، أن تصدر قرارا باتخاذ إجراءات تحفظية مستعجلة تستدعيها حالة الضرورة". و"تزول آثار تلك الإجراءات المستعجلة إذا لم تستوف الجهة الطالبة الشروط الشكلية لتنفيذ الطلب المستعجل خلال خمسة عشر يوما من تاريخ استلامه، ويجوز تمديد تلك المدة لمرة واحدة وللمدة ذاتها بناء على طلب مبرر من الجهة الطالبة".

وتتخذ الجهة القضائية المختصة ما يلزم لإلغاء مفعول وآثار ما يترتب على ذلك القرار من إجراءات على أن يخضع هذا القرار لرقابة النائب العام.

وذكر القانون في المادة 19 أنه "للجهة المختصة من خلال السلطة المركزية أن تطلب من الجهة الطالبة أي معلومات إضافية تراها لازمة لتنفيذ الطلب".

وأشارت المادة 20 إلى أنّ "للجهة المطلوب منها أن تطلب الحفاظ على سرية المعلومات أو الأدلة أو عدم الإفصاح عنها أو استعمالها وفقا للأحكام والشروط التي تحددها، وإلّا جاز رفض طلب المساعدة". و"إذا تعذر تنفيذ الطلب دون الإخلال بالسرية فيتعين على الجهة المطلوب منها إبلاغ الطرف الطالب الذي سيقرر، بدوره، تنفيذ الطلب من عدمه، إلا إذا تنازل الطرف المطلوب منه عن السرية صراحة".

ويرفض طلب المساعدة بحسب المادة 21 في الحالات التالية: إذا كان من شأنه المساس بسيادة أو أمن المملكة أو لا يتوافق مع أي من مصالحها، أو كان مخالفا للقانون أو للنظام العام، وإذا كان الجرم موضوع الطلب ذا طبيعة سياسية أو إذا كان هناك ما يبعث على الاعتقاد بأن الطلب قد أعد لملاحقة الشخص بناء على أساس العرق أو الجنس أو الديانة أو الجنسية أو لأي سبب مبني على التميير، وإذا كان الطلب يتعلق بجريمة قيد التحقيق أو الملاحقة القضائية في المملكة".

كما يرفض "إذا كان الطلب متعلقا بجرم ذي طبيعة عسكرية وفقا للتشريعات النافذة في المملكة، وإذا كانت الدعوى الجزائية الناشئة عن الفعل قد انقضت لأحد الأسباب المنصوص عليها في قانون الدولة الطالبة".

وورد في المادة 22 أنّه "يتم حجز أي أموال متحصلة أو ناشئة عن الجريمة أو موجودات متعلقة بها في المملكة تنفيذا لطلب مساعدة بقرار من النيابة العامة، وإذا تم حجز أموال منقولة أو غير منقولة موجودة في المملكة وكانت بحاجة إلى عناية أو إدارة وتتطلب نفقات مالية لإدارتها والمحافظة عليها تصدر النيابة العامة القرار المناسب حيالها بما يضمن المحافظة على هذه الأموال، وفقا للتشريعات النافذة في المملكة".

وذكر أنّه "مع عدم المساس بحقوق الغير حسن النية، يجوز تسليم هذه الأموال إلى الجهة الطالبة بناء على ضمانات قانونية وحكم قضائي مكتسب الدرجة القطعية ما لم تشكل حيازتها جريمة في الجهة المطلوب منها المساعدة".

وجاء في المادة 23 أنّه "على الرغم مما ورد في أي تشريع آخر، للضابطة العدلية، وبقرار من النائب العام المختص، أن تأذن وتحت رقابتها بدخول أموال أو أشياء متحصلة من مصدر إجرامي أو عائدات جرمية أو من أي مصدر غير مشروع إلى أراضي المملكة أو المرور بها أو عبرها أو الخروج منها بهدف التحري عن جريمة ما أو تحديد هوية مرتكبيها أو ضبطهم متلبسين".

و"تتولى الجهات المختصة في المملكة تنفيذ الإذن المشار إليه في الفقرة السابقة، كل في حدود اختصاصه، ويحرر محضر بالإجراءات التي تمت، وتحدد باتفاق الجهتين كيفية التسليم المراقب للأشياء للجهة الطالبة وكيفية استردادها".

وجاء في المادة 24: "إذا كان محل المساعدة طلب شاهد أو خبير للحضور أمام إحدى الجهات القضائية الأجنبية، وصدر قرار بالموافقة من الجهة القضائية المختصة في المملكة، فيجب على الجهة الطالبة اتخاذ الإجراءات أو التدابير التي من شأنها عدم تقييد حرية الشاهد أو الخبير أو مقاضاته والسماح له بالعودة، وألا تسوِّئ مركزه القانوني كشاهد أو خبير".

 كما جاء في المادة نفسها أنّه "إذا تعذر تنفيذ الطلب لأي سبب كان، يجوز للجهة المطلوب منها أن تسمح بتنفيذ الطلب باستخدام وسائل التقنيات الحديثة متى كان ذلك ممكنا".

ونصت المادة 26 على أنّه "للجهات المختصة في المملكة أن تطلب استرداد أي ممتلكات أو مستندات أو سجلات أو وثائق سلمت إلى الجهة الطالبة تنفيذا لطلب المساعدة."

وذكرت المادة 28 أنه "تتم الموافقة على تسليم الأشخاص إلى الجهة الطالبة لملاحقتهم أو لمحاكمتهم أو لتنفيذ الأحكام الجزائية الصادرة بحقهم وفقا لأحكام هذا القانون".

أما المادة 30 فنصت على أنّه يرفض طلب التسليم في الحالات التالية: إذا كان الشخص المطلوب تسليمه مواطنا يحمل الجنسية الأردنية، وتكون العبرة في تحديد جنسيته بتاريخ ارتكابه الجريمة المطلوب التسليم من أجلها، وفي هذه الحالة يتم إحالة الشخص المطلوب تسليمه إلى الجهات القضائية في المملكة لمباشرة الإجراءات اللازمة لمحاكمته أمام المحكمة المختصة، ويمكن الاستعانة بهذا الشأن بالتحقيقات التي أجرتها الجهة الطالبة".

و"في حال عدم وجود اتفاقية تسليم مصادق عليها بين المملكة والجهة الطالبة، إذا كانت الجريمة التي يطلب من أجلها التسليم ذات طابع سياسي أو مرتبطة بها، مع مراعاة الاتفاقيات التي صادقت عليها المملكة".

كما يرفض التسليم إذا كان طلب التسليم يبعث على الاعتقاد بأنه قد أعد لملاحقة الشخص أو معاقبته بناء على أساس العرق أو الجنس أو الديانة أو الجنسية أو لأي سبب مبني على التمييز، وإذا كانت الجريمة المطلوب التسليم لأجلها ذات طبيعة عسكرية أو متعلقة بالإخلال بالواجبات العسكرية، وإذا كان الشخص المطلوب تسليمه قد تمت ملاحقته أو محاكمته عن الجريمة ذاتها المطلوب تسليمه من أجلها في المملكة.

وإضافة إلى ذلك "إذا انقضت الدعوى الجزائية أو سقطت العقوبة عن الجريمة المطلوب من أجلها التسليم وفقا لقانون الدولة الطالبة، وإذا كان الشخص مطلوبا لتنفيذ حكم تقل العقوبة الصادرة بشأنه عن الحبس ستة أشهر/ أو لا تقل الفترة المتبقية منها عن ستة أشهر، وإذا تم تنفيذ الحكم النهائي الصادر بالجريمة محل الطلب، وإذا تم منح الشخص المطلوب تسليمه اللجوء السياسي في المملكة، وإذا كانت الجريمة قد صدر بشأنها حكم نهائي واكتسب الدرجة القطعية في المملكة".

كما يرفض التسليم إذا كانت الجريمة المطلوب من أجلها التسليم ارتكبت أحد العناصر التي تؤلفها أو أي فعل من أفعال الجريمة غير متجزئة، أو فعل اشتراك أصلي أو فرعي على أرض المملكة، وإذا كانت الجريمة غير معاقب عليها في المملكة، وإذا كانت عقوبة الجريمة المطلوب التسليم من أجلها تتعارض مع النظام العام، وإذا كان الشخص المطلوب تسليمه قد تعرض أو يمكن أن يتعرض في الدولة الطالبة للتعذيب أو معاملة لا إنسانية أو مهينة أو لعقوبة قاسية لا تتناسب مع الجرم.

كما نص القانون على أنّه "يجوز رفض التسليم في الحالات التالية : إذا صدر حكم من دولة أخرى عن الجريمة ذاتها ونفذت العقوبة المحكوم بها، وإذا كانت الجهات المختصة في المملكة قد باشرت التحقيق في الجريمة المطلوب من أجلها التسليم، وفي هذه الحالة يتم إعلام الدولة الطالبة بما آلت إليه الإجراءات التي تم اتخاذها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ الرفض".