"وزارة الري": خطة لضمان الأمن المائي عبر رفع كفاءة الاستخدام

الوقائع الإخبارية : ارتكزت رؤية "الخطة الوطنية للمحافظة على المياه 2024” التي أطلقتها وزارة المياه والري، مؤخرا، بدعم من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، على تحقيق هدف "ضمان أمن مائي عبر تمكين رفع كفاءة استخدام المياه”.

وتضمنت تفاصيل محاور ومبادرات الخطة الوطنية، التي انفردت "الغد” بنشر نسخة منها، مصفوفة الأهداف والمبادرات الاستراتيجية ذات المحاور التشريعية والاقتصادية والاجتماعية، وهي كل من القطاع الزراعي، الصناعي، المنزلي/ التجاري، البيئة الممكنة.

وفي تفاصيلها، تمحور الهدف الاستراتيجي في القطاع الزراعي حول رفع كفاءة استخدام المياه في الزراعة المروية، عبر مبادئ خمسة، وفق الخطة.

ونصت الخطة على أن تلك المبادئ هي تطوير المواصفات والقواعد الفنية الخاصة بتكنولوجيا أنظمة الري وما يرتبط بها ومن ثم إنفاذها وتطبيقها بأفضل الوسائل المتاحة، ومأسسة التدقيق المائي على مستوى المزرعة، وبناء القدرات في التدقيق المائي وتصميم وتنفيذ شبكات الري الكفؤة، وتطوير إجراءات إدارة وحوكمة استخدام المياه الجوفية في الري بما يحقق خفض الاستهلاك الزراعي.

إلى جانب التوسع باستخدام مصادر المياه غير التقليدية في الري لتقليل الاعتماد على مصادر المياه العذبة، وتحسين ممارسات إدارة المياه داخل المزرعة من خلال العمل على تغيير السلوك وتقديم الحوافز.

وأشارت "الوطنية للمحافظة على المياه” لتحسين كفاءة استخدام المياه بالزراعة المروية، باعتبارها من أولويات التنمية الزراعية ومن أبرز أدوات إدارة الطلب على المياه في القطاع الزراعي.

وأضافت أن أولوية ذلك تعود للحاجة لتطوير المنتج الزراعي ورفع تنافسيته وللتكيف مع ظروف شح مصادر المياه، خاصة أن هذا القطاع يستهلك ما يتجاوز 50 % من موارد المياه المتجددة في المملكة.

وتأتي مبادرات القطاع الزراعي لتوفر "لبنات بناء أساسية وضرورية لمأسسة رفع كفاءة الري في ظل تعدد الجهات المعنية بهذا القطاع وتداخل أو عدم وضوح نطاق عملها ومحدودية القدرة على الوصول الى المزارع بشكل فعال بما يكفي لتغيير السلوكيات والتحول واسع النطاق نحو التكنولوجيا الكفؤة في الري”.

وبينت الخطة أن هذه المبادرات تستهدف الأطر التشريعية والإدارية وتوفر الأدوات المؤسسية الممنهجة، وبناء القدرات الفنية والمالية المرتبطة بكفاءة الري، بحيث تغطي نوعية ومواصفات تكنولوجيا الري لضمان انتشار واستخدام ما هو كفؤ منها في سوق تلك المنتجات.

وذلك إلى جانب الأطر التشريعية لاستخدام المياه الجوفية وهي المصدر الأساسي للري، ودعم تبني التدقيق المائي بوصفه أداة فعالة لتقييم كفاءة الري، مع الأخذ بعين الاعتبار بناء القدرات الفنية والمؤسسية اللازمة للتوسع في إعادة استعمال المياه المعالجة، فضلا عن استهداف تغيير سلوك المزارع في الري.

أما عن تفاصيل محور القطاع المنزلي-التجاري، الذي يعد ثاني أكبر قطاع مستهلك للمياه، أو قطاع استهلاك المياه البلدية بفئاته المنزلية والتجارية والسياحية والمباني الحكومية وغيرها من المنشآت، فمن المتوقع أن "يستمر الطلب على المياه للأغراض البلدية بالنمو بوتيرة أعلى نظرا لتزايد عدد السكان وتزايد متطلبات التنمية، مما سيشكل مزيدا من الضغط على مصادر المياه المحدودة وعبئا ماليا أكبر على القطاع العام وشركات المياه لتوفير المزيد من المياه”.

ونتيجة لهذا التحدي، سلطت الخطة ذاتها الضوء على إدارة الطلب على المياه في القطاع البلدي للحد من هدر المياه، ورفع كفاءة الاستهلاك ومستوى الأمن المائي الوطني في هذا القطاع الحيوي عبر مبادرات عدة تتمحور حول وضع أسس تستهدف رفع كفاءة استهلاك المياه لدى كبار المستهلكين في هذا القطاع.

وأوضحت الخطة أن ذلك سيجري عبر مأسسة أداة التدقيق المائي، وتبني التكنولوجيا ذات الكفاءة في استهلاك المياه، ومأسسة تنفيذ إجراءات تسهم في تغيير السلوك الاجتماعي المتعلق باستهلاك المياه، وتعزيز المشاركة المجتمعية في رفع كفاءة الاستخدام للمياه بما يحقق نشر ثقافة مستدامة لدى فئات المجتمع بخصوص أهمية المحافظة على المياه.

وأشارت الخطة لمساعي وزارة المياه والري عبر هذه المبادرات لتفعيل بعض الوسائل والأدوات، كبناء الشراكات مع مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص وتوفير حوافز تشجع على كفاءة استعمال المياه.

وتستهدف الخطة في محور القطاع المنزلي/ التجاري رفع كفاءة استخدام المياه في القطاع البلدي، عبر المبادرات الثلاث الآتية، وهي رفع كفاءة استخدام المياه لدى كبار المستهلكين في القطاع البلدي، وتعزيز تبني تكنولوجيا، وممارسات توفير المياه من قبل كبار المستهلكين والمنازل.

إلى جانب مأسسة التدقيق المائي وتعزيز مشاركة المؤسسات من مختلف القطاعات في رفع كفاءة استخدام المياه.

وفي محورها حول القطاع الصناعي، ورغم أنه من أقل القطاعات استهلاكا للمياه، إلا أنه يعد فرصة اقتصادية يجب العمل عليها بصفة هذا القطاع من أكثر القطاعات مساهمة بالناتج المحلي الإجمالي وباعتبار أن "المياه من أهم مدخلات الإنتاج الصناعي، وبالتالي فإن أثر رفع كفاءة استهلاك المياه في هذا القطاع سينعكس إيجابا على كلف الإنتاج وصورة المنتج الصناعي الأردني بيئيا بما يتناسب مع متطلبات تحقيق الاقتصاد الأخضر وتعزيز فرص تصدير المنتج الأردني”.

وأظهرت الخطة أنه نتيجة "محدودية التواصل بين القطاع الصناعي وقطاع المياه في الأردن”، تم تطوير مجموعة من المبادرات التي تهدف لمأسسة هذه العلاقة بما يخدم مصلحة جميع الأطراف وتحقيق الكفاءة المائية التي ستسهم في تطوير الصناعة وتحقيق الأمن المائي بالنظر الى متطلبات التنمية الصناعية وازدياد الطلب على المياه مستقبلا.

وتهدف هذه المبادرات تحديدا إلى "وضع أسس مرجعية لكفاءة استهلاك المياه في الصناعة ومأسستها، إضافة الى تفعيل دور ومشاركة القطاع الخاص في معالجة وإعادة استعمال المياه وتبني استخدام مصادرها غير التقليدية في الصناعة، ونشر الممارسات الكفؤة باستهلاكها عبر بناء القدرات وتوفير الحوافز المناسبة التي تستهدف السلوك ورفع مستوى التنافسية بين الصناعات الأردنية”.

وتستهدف مبادرات الخطة المرتبطة بالقطاع الصناعي، بحسب تفاصيلها، تحسين كفاءة استخدام المياه في الصناعة، عبر مبادرات ثلاث هي؛ تطوير أداة مرجعية قياسية لتعزيز إدارة واستخدام المياه في القطاع الصناعي، وتعزيز التوجه نحو استخدام مصادر مياه غير تقليدية في القطاع الصناعي، وتطوير شهادة التميز في الكفاءة المائية للمصانع.

وحول البيئة الممكنة، فإن تفاصيل الخطة الوطنية للمحافظة على المياه أكدت هدفها الاستراتيجي، عبر مساعيها في تطوير الأدوات التشريعية والمالية والتكنولوجية والمعرفية والسلوكية لتمكين الأطر الداعمة لإدارة الطلب على المياه.

وأشارت الخطة لإمكانية تحقيق ذلك عبر مبادرات خمس، هي تعزيز وفرة ودقة المعلومات المتعلقة بإدارة الطلب على المياه والاتفاق على هذه المعلومات والعمل على تشاركيتها على المستوى الوطن، وتشجيع السلوك المجتمعي الإيجابي المتعلق بترشيد استخدام المياه والمحافظة عليها وبناء قدرات الجهات ذات العلاقة.

إلى جانب تأسيس سياسة أو إطار تنظيمي أو قانوني لحوافز المحافظة على المياه (التشريعية والاقتصادية والمعرفية)، وتطوير وإطلاق علامة جودة أردنية للمنتجات والأدوات المستخدمة لترشيد استهلاك المياه، وتطوير بيئة تمويلية محفزة لتعزيز الابتكار والتوسع في برامج المحافظة على المياه.

وتسهم مبادرات البيئة الممكنة في معالجة قضايا رئيسية، مثل وفرة المعلومات المتعلقة بالطلب على المياه ودقتها ونشرها، وتعزيز توفر وتبني تقنيات وممارسات توفير المياه مع التدابير اللازمة لذلك من خلال إيجاد آليات تمويلية ومحفزات للشركات والأفراد والمزارعين والصناعيين، والعمل على مأسسة تمييز المنتجات والأدوات الكفؤة في استهلاك المياه عن غيرها.

وذلك إلى جانب تعزيز المشاركة المجتمعية التي تستهدف تغيير السلوك، وبناء قدرات المؤسسات والأفراد، واستعمال الأدوات التشريعية الملائمة للحد من هدر المياه.

وأكدت الخطة في الإطار السابق، ضرورة "وجود شراكات فعالة بين القطاعين العام والخاص وبيئة ابتكارية قادرة على مواكبة التطور والتكيف مع ظروف شح مصادر المياه من خلال الكفاءة التي أصبحت أهم سمات التقدم الاقتصادي”.

وأكد وزير المياه والري رائد أبو السعود، في تصريحات سابقة، أن الخطة الوطنية للمحافظة على المياه 2024 تحدد مجالات العمل والأهداف، والأدوار والمسؤوليات المؤسسية والوطنية من أجل استدامة وحفظ مصادر المياه، كما هو موضح في الإستراتيجية الوطنية للمياه، والسياسات المائية، ورؤية التحديث الاقتصادي، وتسعى لتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص ودعم البحث العلمي، وتطوير التشريعات المتعلقة باستهلاك المياه.

وزاد أبو السعود أن هذه الخطة تمثل خطوة محورية نحو تأمين مستقبل المياه في الأردن، من خلال إعطاء الأولوية لإدارة الطلب على المياه والحفاظ عليها، مشيرا إلى "أننا لا نتعامل فقط مع الاحتياجات الحالية، بل نضمن أيضا توفير المياه المستدام للأجيال المقبلة”.