الفلسطينيون ينددون بتقرير "رايتس ووتش" ويطالبون بسحبه والاعتذار عنه

الوقائع الإخبارية :  ندد الفلسطينيون بتقرير المنظمة الحقوقية "هيومن رايتس ووتش" الذي اتهم فصائل فلسطينية بارتكاب "جرائم حرب" في 7 تشرين الأول (أكتوبر)، معتبرين أنه يتبنى الرواية الصهيونية بالكامل ويساوي بين الضحية والجلاد، بما يتوجب سحبه والاعتذار عنه، بينما واصل الاحتلال جرائمه في قطاع غزة بارتكاب 4 مجازر وحشيّة أدت لارتقاء زهاء 80 شهيداً فلسطينياً في أقل من 24 ساعة.

وأعلنت حركة "حماس" رفضها للتقرير الذي أصدرته "هيومن رايتس ووتش" بما تضمنه من "ادعاءات، وانحياز فاضح للاحتلال، وافتقاد للمهنية والمصداقية"، داعية المنظمة الحقوقية إلى سحبه والاعتذار عنه.

وقالت "حماس"، في تصريح لها أمس، إن التقرير تبنى الرواية الصهيونية كلها، وابتعد عن أسلوب البحث العلمي والموقف القانوني المحايد، فصار أشبه بوثيقة دعائية صهيونية.

وحمَّلت الحركة هذه المنظمة الحقوقية كامل المسؤولية عن التقرير الذي يبرر جرائم الاحتلال، ويسوغ استمرارها، ويسيء إلى سمعة "حماس"، كما يسيء إلى الشعب الفلسطيني وقواه المقاومة، ودعتها إلى سحب تقريرها والاعتذار عنه.

وأشارت إلى أن التقرير "بدأ بالحديث بأسلوب درامي مؤثر عن شخص "إسرائيلي" أصيب بحروق في أحداث السابع من تشرين أول (أكتوبر)، وختم بالحديث عن امرأة تأثرت نفسياً من الأحداث، بينما لم يتطرق لما أصاب الشعب الفلسطيني في غزة من قتل وتدمير وتجويع وعذاب، في تكريس لفكرة التمييز العنصري بين البشر".

وأضافت إن عدوان الاحتلال المتواصل ضد الشعب الفلسطيني في غزة أفضى لشهداء وجرحى فاق عددهم 120 ألفاً، عدا تدمير المستشفيات والجامعات والمدارس والبنية التحتية بشكل كامل، وما زالت آلة البطش الصهيوني تواصل جرائمها بدعم أميركي وغربي كامل، ولم يجد التقرير أن هذا كله يستحق الذكر".

واستهجنت "حماس" وقوع منظمة "هيومن رايتس ووتش" في خطأ اعتبار يوم السابع من تشرين أول (أكتوبر) بداية القصة، وإهمال ما قبله وكل ما عاناه الشعب الفلسطيني من حروب وقتل وتعذيب وحصار.

ولفتت إلى أن التقرير يتحدث عما زعمه "الجرائم" التي ارتكبتها الفصائل الفلسطينية يوم تشرين أول (أكتوبر)، ولكنه يتجاهل عمدا الجرائم التي ارتكبها جيش الاحتلال النازي في اليوم نفسه ضد أهالي غزة، وما تزال مستمرة حتى الآن.

واعتبرت "حماس" أن معدي التقرير أظهروا انحيازهم اللاإنساني عند الحديث عن أسرى الاحتلال لدى المقاومة الفلسطينية، والتأكيد على ضرورة الإفراج الفوري عنهم والدعوة لممارسة الضغوط على المقاومة الفلسطينية لإطلاق سراحهم.
في المقابل؛ "فإنهم لا يطلبون الإفراج عن آلاف الأسرى الفلسطينيين من الرجال والنساء والأطفال الذين يتعرضون للتعذيب والقتل والتجويع والإذلال في سجون الاحتلال، بل يقدمون تبريراً للاحتلال باعتقالهم تحت ذريعة الاشتباه بعلاقتهم بهجمات تشرين أول (أكتوبر)".

وشددت على أنها لا تقبل الأكاذيب التي تستهدف الشعب الفلسطيني ومقاومته، الذين يصرون على حقهم في المقاومة لتحرير الأرض الفلسطينية، والعيش بحرية وإنهاء الاحتلال وتقرير المصير.

بدوره، وصف الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، مصطفى البرغوثي، تقرير "هيومان رايتس ووتش" بأنه يمثل سقطة خطيرة لمنظمة كان يجب أن تلتزم بصدق بمعايير حقوق الإنسان، مطالباً المنظمة بسحب التقرير وتقديم الاعتذار.

وقال البرغوثي، في تصريح له أمس، إن التقرير فاقد تماماً للموضوعية والمهنية العلمية ويكرر دون مبرر أو إثباتات الرواية الصهيونية المزورة والأكاذيب الصهيونية التي نقضتها وأثبتت عدم صحتها وسائل أعلام غربية، لا يمكن اتهامها بالانحياز للجانب الفلسطيني.

واعتبر أن المنظمة الحقوقية "تبدو أنها رضخت للإرهاب الفكري والضغوط الصهيونية، وربما أميركية، وتحاول عبر تقريرها الجديد إرضاء حكومة الاحتلال التي واصلت انتقاداتها للمنظمة بسبب ما أشارت له سابقا من جرائم حرب صهيونية.

وأكد البرغوثي أن موضوعية ومهنية أي منظمة حقوق إنسان لا تكون بلعب دور شبه محايد بين القاتل والضحية وبين مرتكب الإبادة الجماعية الصهيونية وضحيته الشعب الفلسطيني، بل باتخاذ موقف حازم وثابت ضد مجرمي الحرب المعتدين وجرائمهم.
وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية قد اتهمت، في تقرير لها أمس، الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة بارتكاب "جرائم الحرب" خلال هجومها غير المسبوق على الكيان المحتل، في تشرين أول (أكتوبر)، وفق مزاعمها.

وادّعت المنظمة الحقوقية الدولية أن "قتل المدنيين المخطط له واحتجاز الأسرى جريمتان ضد الإنسانية، مُدرجة حركة "حماس" إلى جانب فصائل فلسطينية أخرى ضمن قائمة الجهات المتّهمة بارتكاب جرائم حرب، بما في ذلك خصوصاً حركة الجهاد الإسلامي.

وعصر أمس وبعد التنديد بتقريرها، أصدرت "هيومن رايتس ووتش" بيانا حاولت فيه الموازنه مع تقريرها الاتهامي للفلسطينيين، قالت فيها إن السلطات الإسرائيلية تستخدم الجوع وسيلة من وسائل الحرب ضد الفلسطينيين، وإن المواطنين في غزة يتعرضون للتجويع المتعمد والعقاب الجماعي.

وبحسب المنظمة فإن إمكانية الوصول إلى الغذاء والماء والوقود والكهرباء والمساعدات الإنسانية في غزة "تخضع لقيود شديدة وتعسفية". وطالبت المنظمة في بيان الاتحاد الأوروبي بعدم التزام الصمت إزاء تلك الفظائع، وضمان وقف تل أبيب "جميع ممارساتها غير القانونية".

وأفاد البيان موجها خطابه لدول الاتحاد الأوروبي: "للأسف، لم تعترفوا بعد بشكل جماعي بجرائم الحرب التي ترتكبها السلطات الإسرائيلية وغيرها من انتهاكات القانون الإنساني الدولي، ولم تدينوها، ولم تتبنوا الإجراءات المناسبة".

وأضاف: "اعترفوا وأدينوا بكل وضوح جرائم الحرب التي ترتكبها السلطات الإسرائيلية وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان الدولية في غزة والضفة الغربية قبل وبعد 7 تشرين الأول (أكتوبر)، وطالبوا بالمساءلة".

وطالب البيان أن يضمن الاتحاد الأوروبي توقف إسرائيل عن عرقلتها "المتعمدة" لتوزيع المساعدات الإنسانية الحيوية بما في ذلك المياه والغذاء والوقود والأدوية، ووقف جميع اعتداءاتها غير القانونية بحق المدنيين والصحفيين والعاملين في المجال الإنساني إضافة إلى المستشفيات والمدارس، وإنهاء انتهاكاتها بحق المعتقلين الفلسطينيين.

كما طالب بتعليق عمليات نقل الأسلحة من دول الاتحاد الأوروبي إلى إسرائيل، وبإعادة النظر في اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل من أجل تعليقها كليا أو جزئيا. ودعا البيان إلى زيادة الدعم السياسي والمالي للجهات الفاعلة الإنسانية، وخاصة وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). وطلب من الاتحاد الأوروبي فرض حظر كامل على التجارة مع المستوطنات غير القانونية.

وفي الأثناء واصل الاحتلال عدوانه ضد قطاع غزة، بارتكاب 4 مجازر وحشيّة جديدة أدت لارتقاء 81 شهيدا و198 جريحاً فلسطينياً خلال الـ24 ساعة الماضية، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.

من جانبه، أدان رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، روحي فتوح، عمليات قصف مدارس الإيواء وخيام النازحين التي ينفذها طيران الاحتلال، وآخرها قصف مدرسة القاهرة في مدينة غزة التي تؤوي مئات النازحين الفلسطينيين.

وأضاف فتوح، في تصريح أمس، أن مجزرة مدرسة القاهرة وأربع مجازر أخرى ارتكبت خلال 24 ساعة هي استمرار للإبادة وعمليات التطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني، ما يشكل تصعيداً خطيراً في مسلسل الجرائم والمجازر غير المسبوقة في تاريخ الحروب والتي ترتكب في قطاع غزة على يد حكومة اليمين الإرهابية.

وأكد فتوح أن جميع المناطق المستهدفة تم تصنيفها كمناطق آمنة من قبل الاحتلال الذي وجه الفلسطينيين للنزوح القسّري إليها، لافتاً إلى أن هذه المجازر، بالإضافة لحصار التجويع وانتشار الأمراض وتدمير المشافي وتلويث المياه، تأتي كتأكيد من حكومة "بنيامين نتنياهو" على مضيها في حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني، منتهكة جميع القوانين الدولية والإنسانية.