المكتبات الجامعية الورقية إلى متى؟
الوقائع الاخبارية:بقلم: أ.د.يونس مقدادي/ جامعة عمان العربية
تٌعد المكتبات الجامعية من مكونات العملية التعليمية والتعلمية الأساسية في الجامعات والمعاهد والرامية إلى توفير مصادر التعلم لمنتسبيها من الطلبة وأعضاء هيئة التدريس والمجتمع المحلي. ولكن من نشهده في ظل التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي بإن دور النشر والمجلات العلمية ومراكز الابحاث العالمية وغيرها قد أوقفت النشر الورقي لما تتمتع به الرقمنة العديد من المزايا والمنافع لصالح المنتفعين منها.
لكن وبالرغم من هذه المزايا إذ لا نجد أي تغيير جذري في قرارارات وسياسات الشراء للكتب والمراجع والدوريات الورقية وحتى أطاريح الدكتوراة والماجستير والمكدسة بكميات كبيرة في الجامعات، ناهيك على أنها باتت بعيدة عن متناول يد المنتفعين منها من الطلبة وأعضاء هيئة التدريس بسبب الانترنت، مما يستوقفنا بالتساؤل عن مدى حاجة الجامعات والمعاهد إلى هذا الكم الكبير من الورقيات والموزعة على مساحات كبيرة وفي مباني خاصة حسب شروط تفرضها متطلبات الاعتماد وضمان الجودة، مع علمنا اليقين بإن رواد هذه المكتبات لايزيد عن 5% من منتسبي الجامعات والمعاهد، ناهيك عن كلفها التشغيلية الباهضة، مما استوقف الوسط الأكاديمي بالتساؤل وخاصة في ظل الرقمنة والانترنت والمصادر المفتوحة والمتنوعة أمام الطلبة وأعضاء هيئة التدريس بشكلٍ خاص.
ومن هنا يتسأل الوسط الأكاديمي عن مدى ضرورة المكتبات الورقية والتي أصبحت مستودعاً للورقيات في زمن الرقمنة والانترنت. وهذا يقودنا إلى سؤالين رئيسين وهما إلى متى سيبقى العمل بالمكتبات الورقية؟ ولماذا التأخير بالتحول إلى مكتبات الالكترونية بالرغم من مزاياها الكثيرة والمعروفة للجميع، وتعمل بموجب بإشتراكات مع دور النشر المحلية والعالمية والمجلات المحلية والعالمية وقابلة للتجديد وضمن شروط معينة والتي أصبحت جميعها مفتوحة عبر الانترنت إيماناً منها بإن عصر الورقيات قد ولى.
إن مساحة الاستفادة من المكتبات الالكترونية كبيرة وعديدة المنافع ومنها عدم الحاجة إلى مباني ومساحات كبيرة مما يوفر على الجامعات والمعاهد تكاليف الشراء للكتب والمراجع الورقية والتي ستنتهي الحاجة منها بعد مدة لتقادمها وبالتالي ستصبح عبء وخسارة مادية كبيرة بالمقارنة بالكتب والمراجع الالكترونية، ناهيك عن سهولة تقديم خدمات المكتبة للمنتفعين الالكترونياً مقابل رسوم رمزية، بالاضافة إلى أن المكتبات الالكترونية تقدم فرصة للجامعات والمعاهد على التطور ومواكبة التطور العلمي والمعرفي من نشر معرفي وبحثي بالمقارنة بما توفره المكتبات الورقية، بالإضافة إلى ذلك تستطيع المكتبات الالكترونية التخلص من الفكر التقليدي في التعليم الجامعي والذي أشارنا اليه في مقال سابق ومنشور بعنوان الجامعات الذكية.
نتطلع سوياً إلى التفكير ملياً في إعادة النظر بشروط الاعتماد الخاص بالمكتبات الجامعية للأرتقاء في جامعاتنا ومعاهدنا في ظل ما يجري الجامعات من حولنا حول العالم وما نشهده من تغيير حقيقي يلامس حاجة قطاع التعليم الجامعي ومرافقه كالمكتبات للتغيير والتحول نحو الحداثة، ولهذا الغرض يتطلب إلى وضع رؤية مستقبلية ثاقبة في إعادة النظر في مكونات مدخلات العملية التعليمية والتعلمية وممثلة بشروط الاعتماد بالتوجه نحو المكتبات الالكترونية كلياً والتخلص من الورقي كلياً إستجابة لمتطلبات عصر الرقمنة والذي أصبح وأقعا لا مفر منه والدليل على ذلك هو ما نشهده من توجهات عالمية نحو التعليم عن بٌعد بكافة أنواعه.